«مداد»: هناك فرصة لإعادة إنتاج صورة مختلفة للمشهد في شرق الفرات

«مداد»: هناك فرصة لإعادة إنتاج صورة مختلفة للمشهد في شرق الفرات

أخبار سورية

الأحد، ٢٠ يناير ٢٠١٩

اعتبر «مركز دمشق للأبحاث والدراسات– مداد»، أن فواعل «قوات سورية الديمقراطية- قسد» في «مأزق بالفعل» لأن كلّ ما فعلته يتحول ضدها، وأمسى تعبيراً عن مشيئة خارجية. ورأى أن هناك فرصة لإعادة إنتاج صورة مختلفة للمشهد في شرق الفرات، وهذا يتوقف على طبيعة استجابة الفواعل الكردية وشركائها من العرب وغير العرب للموقف في المنطقة، وقدرة الدولة السورية وحلفائها على إدارة الموقف بقوة وفعالية. وفي دراسة بعنوان: «صورةُ مشروع «قوات سورية الديمقراطيّة»، ولادتها وموتها!» تلقت «الوطن» نسخة منها، وأعدها عضو الهيئة العلمية في المركز، عقيل محفوض، قال: يحدث في منطقة الجزيرة السورية شيء من مَكرِ السياسة ومكر التاريخ. ثمة نوع من الالتباس الذي يتطلبُ النظر فيه وتفكيكه، وقد برز مشروع «قسد ومشروع الكيانية في أقل فضاءات ونطاقات المنطقة توقعاً.
وأشارت الدراسة إلى أن الفواعل الكردية، حاولت أن تُقدِّم صورة حداثية مدنية ديمقراطية تعددية، انطلاقاً من رؤية عبد اللـه أوجلان حول الأمة والدولة في الإقليم، وقد تلقفت الولايات المتحدة الظاهرة لتعيد إنتاجها بما يتجاوز بعدها الكرديّ إلى سورية ككل، وإعطاءَها بعداً أو تلقياً عالمياً تحت عنوان محاربة الإرهاب.
ولفتت إلى أن فواعل المشهد المذكور أعلاه، اعتقدت أنها سوف تصل بهم إما إلى كيانية منفصلة خاصة بالكرد، أو كيانية في شرق الفرات تحت قيادة مشتركة كردية-عربية، أو وضعية خاصة مفروضة ضمن توافقات الحلّ في سورية ما بعد الحرب، لكن إكراهات ومسارات الحدث ذهبت بالراعي أو المنتج الأميركيّ الرئيس للصورة إلى تبني خيارات مختلفة، لم تقطع مع الكرد ومشروع الكيانية بالتمام، إلا أنها رجحت مراعاة مصالح الولايات المتحدة مع تركيا، وقد يؤدي ذلك إلى تفكيك الرهانات الأميركية على كرد سورية أو على مشروع الكيانية في شرق الفرات.
ورأت الدراسة، أنه ثمة فرصة لإعادة إنتاج صورة مختلفة للمشهد في شرق الفرات، وهذا يتوقف –في جانب كبير منه– على طبيعة استجابة الفواعل الكردية وشركائها من العرب وغير العرب للموقف في شرق الفرات، وقدرة الدولة السورية وحلفائها على إدارة الموقف بقوة وفعالية، ذلك أن خط دمشق- القامشلي وحتى خط دمشق- قنديل، قد يمثل فرصة جديّة لتغيير الصورة في منطقة شرق الفرات والمشهد السوريّ ككل، مع كل التداعيات المحتملة على المشهدين الإقليميّ والعالميّ.
ووفق الدراسة، فقد قام مشروعُ «قوات سورية الديمقراطية – قسد» في الفضاء السياسيّ والإعلاميّ صورةً أكثر منه واقعاً، وقامت الولايات المتحدة بهندسة صورة فائقة له، بهدف تهيئة المخيال السياسيّ الغربيّ والعالميّ لقبول كيانية ما أو مشروع كيانية تقودها «قسد»، بوصفها بديلاً قائماً أو محتملاً في سورية.
وأضافت: «برزت صورة «قسد» بمثابة صناعة عسكرية أميركية ثقيلة، إذ تم تخصيص الكثير من الموارد في سبيل ذلك، وهذا أمر تقديريّ، ولا توجد معطيات يمكن الركون إليها بهذا الخصوص، ويأتي ذلك في إطار الحرب النفسية أو «الحرب الهجينة».
واعتبرت الدراسة، أن الفواعل الكردية وفواعل «قسد» في مأزق بالفعل، إذ إن كلّ ما فعلته يتحول ضدها، لأنه أمسى تعبيراً عن مشيئة خارجية ولا يتصل كثيراً بأولويات كرد سورية، وقد ذهبت الفواعل المذكورة بعيداً في «تخيّل» أو «تصوّر» مشروع بديل لمنطقة شرق الفرات ولسورية ككل، مرتبط بالولايات المتحدة، وقد يكون من الأصح القول: إن الأخيرة هي التي دفعت تلك الفواعل لذلك، ورطتها، أو إن الفواعل المذكورة «تمثلت» ما أرادته الولايات المتحدة.
ورأت الدراسة، أن «الكرد يبدون أبطال الرهانات الخاسرة. تُولد لديهم الأحلام بسرعة فائقة، وتتلاشى بسرعة فائقة أيضاً، وذلك يخلفُ الكثير من الآلام والخيبات. هذا ما يجعل «علم السياسة» الكردي –إذا صح التعبير– أشبه بعلم يتقصّى تراجيديا ثقيلة الوطأة مفتوحة على تتابع لا ينتهي من الأزمات والمواجهات، وإذ نقول ذلك عن الكرد، إلا أن العرب والترك والفرس لا يختلفون عنهم في ذلك».
وأشارت إلى أن التطورات في شرق الفرات محكومةٌ بديناميات المشهد السوريّ، وكذلك بالمشهدين الإقليميّ والدوليّ، وقد بدا أن اعتبارات الدائرة السورية ثم الدائرتين الإقليمية والدولية «تَغَلَّبَت» على اعتبارات وتقديرات فواعل الكيانية في «شرق الفرات»، ليس في بُعدِها وحاملها الرئيس وهو الكرد أو «حزب الاتحاد الديمقراطي» وشركاؤه المحليون فحسب، وإنما الأميركية والغربية أيضاً.
وأضافت: «هذا يعني أن صورة «قسد» وصورة مشروعها الكيانيِّ أو مشروعها كـ «بديل» للنظام السياسيّ في سورية، أو «ورقة» يمكن استخدامها في رهانات وتجاذبات الإقليم، تعرّضت لصدمة «لا متوقعة»، إثر الإعلان الأميركيّ عن الانسحاب العسكري من شرق الفرات، سواء حدث ذلك الانسحاب أم لا».
ولفتت الدراسة، إلى أن هناك مرتابون كثيرون مما تفعله الولايات المتحدة، وهم على حقّ، ولا يمكنهم أن يصدّقوا الصور التي تقدّمها أو تنتجها، تحديداً تلك الصورة التي تتحول إلى واقع أو ما يشبه الواقع أو «ما فوق الواقع»، «مثلاً كيف يتلقى السوريون والروس مشروع «قسد»، وهم يعلمون نوايا أصحابه ورهاناتهم، هل تعني لهم صورة الفاعل الحداثيّ التعدّديّ الديمقراطيّ شيئاً، وهو يسابقهم للسيطرة على حقوق النفط والغاز، ويتحرك بأوامر أميركية حصرية تقريباً؟».
وتابعت الدراسة: «الصورة بهذا المعنى أو نمط التلقي السوريّ والروسيّ مثلاً، تتحول من فرصة لدى «قسد» إلى «مصدر تهديد»، بوصفها (الصورة/ قسد) سلاحاً أميركيّاً وسلاحاً انفصاليّاً. تتحول الصورة هنا إلى سلاح ضد «قسد» نفسها، لأن كل ما تقوله وتفعله أو تصوره «قسد» سوف يعني شيئاً واحداً تقريباً وهو العداء».
ولفتت إلى أن الفواعل الكردية في مأزق بالفعل، كل ما فعلته يتحول ضدها، لأنه ليس أصلياً، ولأنه نابع من مشيئة خارجية ولا يتصل كثيراً بأولويات ومنطلقات كرد سورية، وقد ذهبت الفواعل المذكورة بعيداً في «تخيل» أو «تصوير» مشروع بديل لمنطقة شرق الفرات ولسورية ككل، مرتبط بالولايات المتحدة، وقد يكون من الأصح القول إن الأخيرة هي التي دفعتهم لذلك، ورطتهم، أو إنهم «تمثلوا» ما أرادته الولايات المتحدة.