انتشار ظاهرة القمار .. تعددت الأسباب والمبدأ واحد

انتشار ظاهرة القمار .. تعددت الأسباب والمبدأ واحد

أخبار سورية

الأحد، ١٣ يناير ٢٠١٩

في الحياة أشكال كثيرة من المقامرة التي يحقق الرابح فيها كسباً معنوياً أو فكرياً، ينعكس بشكل أو بآخر على بيئته وأسرته ومجتمعه، لكن هذا النوع لا علاقة له بفكرة «القمار» التي يسلب فيها الرابح مال الآخرين بطريقة لا تختلف كثيراً عن السرقة.
القمار بكل أنواع الألعاب التي تندرج تحت مفهومه، ظاهرة ممنوعة حرمتها كل الأديان، ومنعتها معظم القوانين، ونبذتها العادات والتقاليد، وكلما قل تمددها في المجتمعات، زادت الكوارث والأحداث والحروب من انتشارها بين مختلف الشرائح والفئات، كما هي الحال في مجتمعنا السوري الذي يعاني اليوم من ويلات الحرب وتبعات الأزمة ومفرزاتها.
أنواع القمار،أشكاله وأسبابه والتأثيرات الاجتماعية والنفسية التي يمكن أن تصل بالمدمن عليه إلى الانتحار، تفاصيل شكلت محاور ملفنا هذا عن ذلك الداء والبلاء الذي لاتزال عقوبته حتى الآن لا تتجاوز الألف ليرة سورية مع الحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر!
أحلام تكبر في الهواء
كثيرة هي القصص التي تنبئ بها أرض الواقع عن أشخاص اعتادوا لعب القمار لأسباب متعددة قد يكون المال والفراغ في مقدمتها، فالشاب و.م.ز.ن لم تكن أسرته تدرك أن ابنها أضحى أسيراً للقمار وبات «سوسة» يومية بالنسبة له، لدرجة أنه منذ بضعة أشهر كما نقل لنا عدد من أصدقائه قام بالرهان على بيع شقته من دون كسوة (عالعظم كما يقول العامة) الذي قبضه بالملايين ظناً منه أن ربحه في اليوم الذي سبق خسارته سيضاعف أحلامه بالربح، ويوسع من مكاسبه المادية فكانت الخسارة المدوية، ولم تجد أسرته أي وسيلة للحد من هذا الإدمان وفقاً لأحد المقربين منه، فتحول لمشاكس للجيران وغير متعاون معهم، ويتصرف بشكل لا يليق بمكانة الجار، لا بل كان يظن عدد من الجيران أن عقوبة السجن التي نالها مع شقيقه مدة أشهر قد تعيده لجادة الصواب كما حصل مع شقيقه، لكنه ثابر على هذه المسألة حتى اللحظة الحالية، ولايزال يقوم بالفعل ذاته.
أما شقيقه العائد لجادة الصواب فكان يتباهي في ذات الأيام أنه خلال وجوده في لبنان خسر على طاولة القمار 18 مليوناً في ليلة واحدة، ولم ترمش له عين وهو يروي الحكاية لأصدقائه، الذين استغربوا منه هذا الفعل.
وغير بعيد عن ذلك كان أبو (س) الذي تقلب في عدد من المهن لتجاوز مطبات اللعب في القمار، ومنعكساتها المادية بالدرجة الأولى، وسداد الديون التي ترتبت عليه من جراء ذلك في الدرجة الثانية، فاضطر في النهاية لبيع محله الأخير «السوبر ماركت»، يصفه جيرانه بأنه «لعيب محترف» على سبيل الاستهزاء لأنه خسر الكثير من ثروته في القمار، ويعدّه «القمرجيه» المحيطون به صيداً ثميناً، فكانوا يتجمعون عنده، أو في بيت أحدهم لإنجاز الطقوس الخاصة بمثل هذه الجلسات.
ومن الحكايا المثيرة للاستغراب والدهشة ما نقله لنا أحدهم بأن أحد المقامرين رهن مزرعته من أجل (300) ألف ليرة، كانت ديناً عليه بسبب القمار، علماً أن مزرعته في حال بيعها تتجاوز (15) مليون ليرة، ليخسر مزرعته ومستقبله ويبدأ في التسكع طالباً المساعدة من الآخرين.
موضوع القمار أعادنا في الذاكرة لتلك الأيام التي كان يذهب فيها عدد من رجال الأعمال إلى بيروت، وتحديداً كما كانوا يقولون «كازينو بيروت» المشهور للعب القمار مع نهاية كل أسبوع.
وإلى آخرين كانوا يذهبون إلى حلب لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في أحد فنادقها المشهورة تاريخياً، لا بل إن هناك من كانوا يقولون: هذه طاولة فلان وأصدقائه الذين يحرصون على مرافقته أو الجلوس إلى جانبه.
ظاهرة قديمة متجددة
للحديث أكثر عن تفاصيل لعب القمار منذ القديم وحتى الآن يقول الدكتور حليم أسمر أستاذ كلية التربية في جامعة حلب:
ظاهرة القمار والميسر قديمة تعود في بداياتها الأولى لمسألة الربح أو الخسارة، والتنافس في الأسواق عموماً، والمراهنات التي كانت تتم وقد سمعنا قصصاً كثيرة عنها في العديد من كتب التاريخ والنوادر والموسوعات، أو تلك التي تعتمد على الظواهر الاجتماعية سواء كانت طبيعية أو التي أوجدتها المناسبات، حيث كان العنوان «بدي جرب حظي» وهذا الأمر كان يتبع بداية ونهاية السنة.
ويضيف د.أسمر: وإذا ما دخلنا في ظاهرة المقامرة الاجتماعية والمجتمعية نرى أنها تتطور وتنمو وتنتشر في زمن الحروب، وخاصة في التجمعات والمجتمعات الفقيرة نسبياً، أو ضمن المجتمعات ذات الدخل المحدود، ويمكن رصدها في مجتمعاتنا المحلية، ولا تقتصر على تلك البيئات فحسب، بل تتعداها للبيئات الزاخرة بالأموال، وهناك أمثلة واقعية على ذلك، وهناك العديد من الهوايات والعادات الشعبية بدءاً من الأمر البسيط المجاني على مستوى لعب الورق –الشدة- والباصرة، التي يمكن أن تتطور وتصبح تحدياً ومقامرة ولا تبقي لديك قرشاً واحداً، وهذا الأمر يتعلق بتركيبة الشخص النفسية ونمط اللعبة عموماً.
ويكاد المقامر أن يكون مدمناً، خاصة مع تطور المقامرة في ضوء تطور التقانة وتطور ما يسمى المقهى ليصبح «كازينو» يملك الآلات الحديثة للعب، ومن يريد اللعب يسعى للربح، وليس كل من يلعب يربح، فالأمر يحتاج أحياناً الخفة والشطارة والذكاء وغير قابل للإيحاء، لأن الشخصية الناضجة والثابتة حتى لو لعبت وراهنت تقف عند حد معين، أما الشخصيات القابلة للاستهواء فيمكن أن تنجر وتنساق وراء اللعب، ويختم الدكتور أسمر: صحيح أن الحياة هي مابين الجد واللعب لكن هذا اللعب علينا أن نضع شروطه وأهدافه وغاياته، وهذه الغايات دائماً ما تكون عقلانية وغير معقدة، ويبقى الميسر أو القمار أمراً مرفوضاً.
أنواع متعددة للمراهنات
الدكتورة في علم الاجتماع سمر علي زادت على ذلك بقولها:
يُعرف القمار على أنه شكل من أشكال المراهنات، والألعاب التي يقوم من خلالها فرد أو مجموعة من الأفراد على تقديم مبلغ مالي معين، والمراهنة عليه ربحاً أو خسارة. ويعتمد مبدأ الحظ والنصيب، بعيداً عن الجهد، وهو السبب في تحريمه شرعاً، وقد تعددت أنواع القمار وأشكاله، إلا أنها كلها تتفق على مبدأ المراهنة والكسب غير المشروع، وأهم أشكال القمار: لعبة القمار بالأوراق والمعروفة بالشدة، لعبة النرد أو طاولة الزهر، وفيها يُدخل الكثير من المقامرين عنصر المال، بناءً على الحظ، ألعاب القمار الحديثة، التي بدأت تنتشر بشكل واسع في العديد من البلدان، وبدأت تقام لها صالات خاصة، ومن أشهرها لعبة «البوكر» المبنية على الحصول على المال بالحظ، أضف إلى ذلك المسابقات التلفزيونية التي زاد انتشارها مؤخراً فهي تعدّ من أشكال القمار، لأنها مبنية على اقتطاع جزء من تكلفة المكالمة للمشتركين في المسابقة، وإجراء قرعة لاختيار الفائز من دون أي معايير واضحة، ومن أنواع القمار أيضاً بطاقات اليانصيب المنتشرة بكثرة في بلداننا العربية، حيث تُشترى بمبالغ مالية محددة، ليتم بعد ذلك عمل قرعة لاختيار صاحب الحظ، من دون أي معايير أو جهد.
يعد الفراغ وقلة أماكن التسلية من أبرز أسباب إدمان القمار عند الشباب، إذ تصبح متنفساً لهم ولكنه ليس الوحيد، فهناك كما رأت د.علي التفكك الأسري الذي يعيشه الفرد، وكثرة المشكلات في العائلة، أو انفصال الأم والأب من أهم الأسباب، لتقف إلى جانبه زيادة الضغوطات الحياتية، التي تدفع بالفرد إلى الإدمان على القمار كمحاولة للهروب من الواقع الذي يعيشه، سعياً للمرح وتفريغ الطاقات، إلا أنه يجد نفسه يزيد الطين بلة، بسبب كثرة الديون التي تتراكم عليه، ولا ننسى بالطبع المخدرات وتناول الكحول بكثرة ورفاق السوء الذين يوهمون الفرد بأنه قادر على تحصيل المال بأسهل الطرق، إضافة إلى ضعف الوازع الديني لدى الأفراد الذي قد يحولهم إلى مدمنين على القمار أو المخدرات أو الكحول في حال تعرضهم لظروف قاسية، ومما شرحته د.علي أن المقامرين يتصفون بميزات عديدة واضحة تدلّ على مواصفات شخصيّتهم، فغالباً ما تبدو البهجة على المقامر الذي يتذكّر في حالات كثيرة مرابحه لا خسائره، ومن صفاته الأخرى الإسراف، فالشخص المقامر بعد ربحه في القمار يبذخ بشكلٍ لا يمكن وصفه، ويؤكّد الطب النفسي أنّ المقامرين في مجالسهم دعاةُ كرم وشجاعة، خاصة عندما يرتبط الأمر بتقديم المال أو توفيره. وفي كثير من الأحيان يقرّ المقامرون دائماً بضرورة ترك القمار، فيما يحضّون على شرب الكحول والتدخين الذي يرافق جلساتهم، وتبدو هذه الصفات جليّة عند المقامرين «الذكور»، بينما المقامرات من النساء يكنّ في حالة مغايرة تماماً، ولعبهن للقمار يقتصر على طاولات نسوية بحتة، تجتمع عليها النساء الصديقات في منزل إحداهنّ، وغالباً ما تكون المبالغ الموضوعة على هذه الطاولة زهيدة أمام طاولات الرجال، ويعدّ بعض علماء النفس المقامرة تعبيراً عن شخص مريض أو عصابي يمكن معالجته فقط من خلال التصحيح النفسي، الذي يتضمّن تشجيع المقامر على استخدام الاستبطان (النظر إلى داخله عميقاً) والنظر إلى طفولته ومخاوفه الراهنة والصعوبات السابقة، وأحياناً باستخدام بعض الأدوية، والسبب في أنّ المقامرين لا يستطيعون الانسحاب وهم يكسبون، هو أنهم يرغبون حقيقةً في خسارة نقودهم، عقاباً على التوترات والصراعات في حياتهم، تلك التوترات والصراعات التي لم تلقّ حلاً.. بكلمات أخرى، وعلى المستوى النفسي العميق، يريد هؤلاء المقامرون الحقيقيون أن يخسروا نقودهم كي يتمكنوا من الوصول إلى حالة من العدميّة واليأس، وتابعت: إن هؤلاء الأشخاص تصبح لديهم رغبة كبيرة بممارسة هذا السلوك، ويلاحظ عليهم توتر شديد قبله وحالة ندم بعده بسبب غياب القدرة على السيطرة على الدوافع أو الرغبة في ممارسة هذا السلوك الذي يقود إلى اضطراب شديد بعلاقات الشخص وإنتاجيته وعلاقته بأسرته وأحيانا يقود إلى الدمار على كل المستويات الاجتماعية والعملية، حيث يصل المقامر إلى مرحلة متقدمة من الإدمان لدرجة أنه يراهن على بيته أو زوجته وغالباً ما تكون لديه اضطرابات الشخصية المعادية للمجتمع. ومن أخطر ما يسببه إدمان القمار هو خراب البيوت والعقول، ولاسيما عقول الناشئة الصغار والمراهقين.
لعب القمار يثير غالباً المشكلات بين الأفراد
ورداً على سؤالها عن آثار الإدمان على القمار وعواقبه ونتائجه، أفادت أن لعب القمار يثير غالباً المشكلات بين الأفراد، ويؤثر في المجتمع بأسره، ويربك التنمية الاجتماعية، كما أن له الأثر الكبير على الفرد، فالقمار يعد عاملاً من عوامل الهياج النفسي عند الأفراد، والذي بدوره يساعد على الكثير من الأمراض كنقص الفيتامينات، وقرحة المعدة، والأمراض العصبية والنفسية الحادة والبسيطة، كما أن المُقامر يعيش في حالة من التوتر، حيث تزداد ضربات القلب لديه، وتزداد عنده نسبة السكر في الدم، ويشحب لونه وتقل شهيته للأكل، والقمار يجعل المُقامر يلجأ إلى الخمور والمسكرات، وفي الكثير من الأحيان يؤدي ذلك إلى الإدمان على المخدرات أو الكحول، وهو يساعد بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على الجرائم والسرقات، فقد يلجأ المقامر للقتل ليحصل على المال، ويمكننا القول: إن القمار تبديد مباشر وجائر للثروات وإهدار للطاقات الإنتاجية للمقامرين، الذين يعتقدون أنه أصبح في إمكانهم الحصول على مبالغ مالية كبيرة من دون عناء.
المقامر يطارد خسارته
وفي هذا تتفق د.علي مع معاون مدير الصحة النفسية في وزارة الصحة محمود العلي، الذي أوضح أن الإدمان على القمار هو إدمان سلوكي متكرر ومستمر أي يكون مر على المقامرة سنة أو أكثر فالمدمن يحتاج مقادير متزايدة من المال من أجل الوصول إلى الإثارة فهو يكون مستثاراً ومتوتراً عند تخفيض المقامرة أو إيقافها ويبذل مجهوداً كبيراً ومتكرراً للتوقف عن القمار ولكنه يفشل، وهو مشغول دائماً بالمقامرة (تخطيط لمقامرة تالية- التفكير بكيفة الحصول على المال) وبعد خسارته غالباً ما يعود لاسترداد خسارته (يطارد خسارته) ويتكل على الآخرين لتأمين المال للخروج من أزمته المالية، وقد تبين أن الآثار الاجتماعية للقمار تتمثل في البطالة والمشكلات العائلية والأسرية وأهمها العنف ضد أفراد الأسرة والطلاق والسرقة والقتل، أما الآثار النفسية للإدمان على القمار فهي القلق والاكتئاب والانتحار، إضافة إلى الاضطرابات السلوكية.
من الحلول البسيطة إلى العلاج النفسي
الإدمان على القمار لا يعني استحالة التخلص منه، والعودة إلى الحياة الطبيعية، لكن علاج إدمان القمار، وفقاً للدكتورة سمر علي، يحتاج إرادة قوية، وقراراً، واتباع العديد من الخطوات فعلى المقامر بداية أن يكون على يقين بأن المقامرة محرمة شرعاً، وفي جميع الديانات السماوية، ويمكن علاج إدمان القمار من خلال الوقوف على الأسباب التي تجعل المقامر مقبلاً عليها، فإذا كان من باب التسلية، فيمكن ممارسة أنشطة أخرى، وإذا كان من باب تحصيل المال بسهولة، فينصح بالاهتمام بالعمل لكسب المال بشكل أفضل وبطرق مشروعة، والخطوة التالية أن على المقامر ملء وقته بزيارة أصدقائه، أو ممارسة الرياضة، حين لا يستطيع مقاومة اللعب ولابد من تذكيره أن هذا المال الذي يهدره هو حق لأولاده وأسرته، وأنه يصرفه على من لا يستحقه، وإذا لم تنفع كل الطرق السابقة في علاج إدمان القمار فعلى الفرد أن يسارع إلى مراجعة إحدى المؤسسات التي تقدم برامج المساعدة الذاتية، أو التوجه إلى استشاري نفسي لمساعدته في علاج المشكلة بالطريقة الصحيحة.
«شرعنة القمار» مرفوضة تماماً
ومع التعقيب على ظاهرة إقبال الشباب السوري على المقاهي للهو ولعب ورق «الشدة»، كنوع من أنواع الترفيه التي تتحول في حالات كثيرة إلى اشتباك بالأيدي ومشاجرات جماعية، ربما تنتهي بموت أحد الأشخاص،ختمت الدكتورة علي حديثها مؤكدة أن المجتمع السوري يستمد مجمل مبادئه من الدين وتالياً «شرعنة القمار» مرفوضة تماماً، ولا يمكن تصنيفها أبداً تحت أنواع الترفيه والتسلية أو كسب المال، وهو ينظر للمقامر كشخصية مريضة تحتاج تشخيصاً وعلاجاً، فضلاً عن وجود نص قرآني يرفض القمار «وهذا أدى إلى إيجاد جزء من منظومتنا القيمية والأخلاقية الرافضة لهذه الظاهرة»، ويمكن أن يساعد افتتاح مصحات مختصة بإتاحة فرصة مهمة لمعالجة المقامر والعمل على دراسة نفسيته ومن ثم محاولة علاجه على مراحل حتى لحظة شفائه من حالة الإدمان، ومنع عودته وانتكاسه لاحقاً، مع العلم أن شخصية المقامر موجودة في كل البيئات السورية على مختلف أنواعها حتى الطبقات والبيئات المتعلمة منها، وللعلم فإن الكبار باتوا يلعبونها في البيوت وفي كل المناسبات أمام الصغار من دون أي شعور بالمسؤولية؟
هناك مشروع قانون لرفع الغرامات!
المحامي فرحان برجاس تحدث عن المواد القانونية التي نص عليها قانون العقوبات السوري فيما يخص القمار وهي المواد 618 و619 و620 فالمادة 618 جاء فيها:
1- ألعاب القمار هي التي يتغلب فيها الحظ على المهارة أو الفطنة.
2- تعد خاصة ألعاب مقامرة، الروليت والبكارا والفرعون والبتي شفو والبوكر المشكوف وكذلك الألعاب التي تتفرع عنها أو مماثلها بصورة عامة.
المادة 619:
1- من تولى محلاً للمقامرة أو نظم ألعاب مقامرة ممنوعة في محل عام أو مباح للجمهور أو في منزل خاص اتخذ لهذه الغاية، والصرافون ومعاونوهم والمديرون والعمال والمستخدمون يعاقبون بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وبالغرامة من مئة إلى ألف ليرة.
2- ويستهدف المجرمون منع الإقامة وإن كانوا غرباء استهدفوا الطرد من البلاد السورية.
3- تصادر، فضلاً عن الأشياء التي نتجت عن الجرم أو استكملت أو كانت معدة لارتكابه، الأثاث وسائر الأشياء المنقولة التي فرش المكان وزين بها، ويمكن القضاء بإقفال المحل.
المادة 620:
كل شخص اشترك باللعب في الأماكن المذكورة أعلاه أو فوجئ بها أثناء اللعب يعاقب بغرامة من مئة إلى مئتي ليرة.
وأضاف المحامي برجاس هناك مشروع قانون لرفع الغرامات ولاسيما أن الغرامات الحالية الواردة في القانون تعود للخمسينيات أيام كانت المئة لها قيمتها، ويميل التعديل باتجاه التشديد لأنه من خلال الأبحاث والدراسات التي أجريت ضمن المجتمع السوري تبين أن أكثر من نسبة 85 في المئة من المجتمع يرفضون رفضاً قاطعاً القمار لأسباب أخلاقية واجتماعية ودينية وعادات وتقاليد، وعادة في مثل هذه الحالات التشريع يلحق المجتمع ولذلك يسعى إلى التشديد.
تعاون وبرامج زمنية لمعالجتها مجتمعياً
ولمعرفة كيفية معالجة المجتمع لهذه الظاهرة كانت لـ«تشرين» محطة في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل حيث أشارت ميساء الميداني- مديرة الخدمة الاجتماعية إلى أن ظاهرة القمار لم يتم تناولها سابقاً، لكونها ليست لافتة للنظر، وهناك قوانين تمنعها إلى حد ما، كما أنها ليست مستفحلة، ورغم أن لها جذوراً تاريخية بتقاليدنا وبمعيشتنا، لكن الأفكار الدينية تؤثر بشكل كبير في رفضها، مبينة أن رعاية الأسرة والطفولة، تأتي ضمن برامج وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، لمعالجة التشوهات الاجتماعية والمشكلات الاجتماعية التي تختلف وتظهر كل يوم بقصة مغايرة، ومن هذا الباب تمكننا دراسة أسباب ظاهرة القمار لنعالج المشكلة من أساسها، وماذا نتج عنها، ولدينا فرصة القيام بدراسات اجتماعية حولها، وبخاصة أننا نقف في هذه الأيام أمام المشكلات الاجتماعية التي تندرج تحت مسمى مفرزات الأزمة على الجيل الجديد، ولاسيما الأطفال المشردين حيث ينتشر الفساد الاجتماعي، وعلينا أن نتنبه لذلك بشكل كبير، لأنهم ينقلون الأفكار فيما بينهم، ومن خلال تجاربنا يمكن أن نعزي إلى تراجع الرقابة الأسرية نتيجة غياب المعيل الأساسي بسبب الحرب أو الأزمة، أي غياب صاحب الكلمة المؤثرة في البيت وخاصة تجاه الشباب في عملية ضبط الأخلاقيات للدخول والخروج، وكثرة النساء المعيلات في أسرهم واللواتي لا يملكن المقدرة للحد من سلوك الشباب، وخاصة في ضوء الإقامة الجماعية في مراكز الإيواء، أو في منازل الأسر الكبيرة، وهو ما يؤدي لانتشار عادات سيئة بالأسرة نفسها، ناهيك بالمسألة التعليمية إن كانت تنفذ بالطريقة الجيدة من خلال مراقبة الأطفال في المدارس والشباب في الجامعات، ومن هذا الباب نجد أن هذه الظاهرة منتشرة في فئة عمرية معينة، ولدراستها ومعرفة أسباب ظهورها وانتشارها، وخاصة أنها نوع من الإدمان التي تحتاج معالجة اجتماعية ونفسية أكثر مما هي بحاجة إلى أدوية، يمكننا الاعتماد على الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان التي تمثل الذراع الأكاديمية البحثية بالنسبة لنا في الوزارة، وعلى البيانات في وزارتي العدل والداخلية، لمعرفة الحالات التي تم ضبطها وتوثيقها وتم الحكم فيها لنصل إلى الحالة، ومن ثم العمل على برنامج زمني بالتعاون مع الجهات المعنية.
تشرين