بتوسعها غربي حلب.. هيئة تحرير الشام تستعجل الحرب عليها

بتوسعها غربي حلب.. هيئة تحرير الشام تستعجل الحرب عليها

أخبار سورية

الثلاثاء، ٨ يناير ٢٠١٩

يدفع الانهيار السريع لمسلحي حركة نور الدين الزنكي أمام هجوم هيئة تحرير الشام للاستنتاج بأن الهيئة كانت قادرة على ابتلاع المنطقة منذ وقت طويل.. انهارت حركة الزنكي الحليف القديم لجبهة النصرة خلال أقل من خمسة أيام. فرّ قادتها إلى عفرين شمالاً وسلم مسلحوها عشرات الآليات الثقيلة ومستودعات السلاح والذخيرة.. نقل مسلحو الزنكي العدوى إلى مجموعات أقل حضورا وقوة: ثوار الشام وبيارق الإسلام الفيصلان الصغيرن المسيطران على الأتارب أخر بلدات ريف حلب الغربي باتجاه الحدود الإدارية مع إدلب. سلمت الأتارب السلاح والمواقع دون قتال إلى الهيئة التي باتت فعلياً على تماس مع الجيش السوري غربي حلب وصولاً إلى دير بلوط ومحور أطمة في محيط عفرين شمالاً وعلى تماس مع مجموعات الجيش الوطني المرتبط بالأركان التركية.
 
بعثر أبو محمد الجولاني في الأسبوع الأول من العام الميلادي مشهداً ميدانياً بقي صلباً منذ عام 2012 رغم المعارك الكثيرة فيه. وبدا واضحاً أن قائد هيئة تحرير الشام أراد تقديم تنظيمه لاعباً مركزياً، إن لم يكن وحيداً أمام القوى الضامنة لعملية أستانة. فرضية تستند إلى تلك الجغرافية التي تتجاوز مساحتها نصف مساحة إدلب وريف حلب الغربي الخاضعة للهيئة، ما يجعل التنظيم الذي تشكل جبهة النصرة عموده الفقري يستبق عملياً أي إجراءات روسية – تركية لحسم مصير إدلب ومحيطها.
 
عمل استباقي مدروس يدحض تصريحات قياديين في هيئة تحرير الشام بأن قرار خوض المعركة ضد الزنكي جاء كردة فعل على مقتل أربعة من مسلحي الهيئة على أيدي مسلحي الحركة في دارة عزة، نتيجة المعارك الساحقة وتثبيت خطوط النار وترجيح نقل المعارك إلى مواقع تابعة للجبهة الوطنية للتحرير، الفصيل الثاني في إدلب، يشي بأنه قرار مدروس وجرى التحضير له منذ أسابيع.
 
اختار الجولاني وشرعيو الهيئة وفي مقدمهم أبو يقظان المصري وأبو عبد الله الدمشقي توقيت المعركة بعناية. استغلوا نقل "الجيش الوطني" التابع لتركيا الجزء الأكبر من قوته من عفرين تحضيرا للعملية التركية شرقي الفرات، واختبروا ضعف اندماج الفصائل ضمن "الجبهة الوطنية للتحرير". توقيت زاد منه حالة الانشغال التركي بملف شرق الفرات ومحاولة أنقرة ملء الفراغ الأميركي في شمال شرق سوريا عبر إطلاق مفاوضات شاقة مع موسكو وواشنطن لم تتبلور نتائجها بعد.
 
في ظل هكذا مناخ وجه الجولاني صفعة مدويّة في وجه الضامن التركي المحرج أصلاً أمام الضامن الروسي من فشله بتنفيذ التزاماته وفق اتفاق سوتشي في أيلول/ سبتمبر 2018.
 
أخفق الأتراك بإبعاد الفصائل التكفيرية عن المنطقة الفاصلة بعمق 15إلى 20 كم عن خطوط التماس مع رفض مسلحي هيئة تحرير الشام وحليفها الحزب التركستاني المغادرة. ولم يتمكن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من تنفيذ تعهده بفتح الطريقين الحيويين إم 4 من اللاذقية الى حلب وإم 5 من حماه الى حلب عبر سراقب شرقي إدلب.
 
الخروقات الضخمة في جسد اتفاق سوتشي وأبرزها من الهيئة وعجز أنقرة عن إحداث أي خرق في مصير التنظيمات التكفيرية، واقتراب الانتهاء من ملف تنظيم الدولة في جيب شرقي الفرات.. كل ذلك وضع ملف هيئة تحرير الشام والتركستاني على نار ساخنة وعزز مخاوف قادة الهيئة من أن قرار القضاء عليها بات مسألة وقت لا أكثر.. فكان قرار الهروب للأمام مع ما يحمله من مغامرة حقيقية بتعجيل شنّ حرب واسعة مرجحة ضد هيئة تحرير الشام والمجموعات المرتبطة بها.
 
لكنه قرار ضيَق إلى حد بعيد مجال المناورة أمام الهيئة. منطقياً لا تستطيع تركيا البقاء مكتوفة الأيدي في ظل تعهداتها أمام موسكو بمعالجة ملف التنظيمات التكفيرية. ما يرجح تحركا عسكريا تتخذه تركيا عبر المسلحين المدعومين منها في "الجبهة الوطنية للتحرير" أو الجيش الوطني "الأقرب لأنقرة. خيار يحدّ منه ضعف تلك الفصائل وعدم قدرتها على مواجهة أكثر من 30 ألف مسلح يتبعون للهيئة أكثر من نصفهم من جبهة النصرة.
 
الخيار الآخر ينطلق من موافقة تركيا وربما مشاركتها مع روسيا بتوجيه ضربة مباشرة للهيئة باتت الظروف مهيأة لها، وهو ما ينسجم مع قرار دولي واضح يدعو لمحاربة التنظيمات الموضوعة على قائمة مجلس الأمن الدولي للتنظيمات الإرهابية.
 
الخيار الأرجح يتمثل بقيام الجيش السوري بحسم ملف إدلب بدعم روسي مباشر يستند إلى نكوث تركيا بتعهداتها للجم التنظيمات التكفيرية.. خيار يستند على الأرض الى تعزيزات ضخمة للجيش السوري في المناطق القريبة من خطوط التماس والتزامه الكامل بما جاء باتفاق سوتشي دون أن يقوم المسلحون بالإيفاء بأي من التزاماتهم.
 
كلها احتمالات واردة، وهي مترابطة ومتداخلة وخصوصاً مع تطورات متسارعة في شرق الفرات تحاول تركيا خلالها مهاجمة الوحدات الكردية داخل الحدود السورية وبعمق يتراوح من 10 إلى 30 كم. محاولات تصطدم بخلافات عميقة مع موسكو وتباينات مع واشنطن وتحرك يتسارع من الوحدات الكردية باتجاه دمشق لإفشال العدوان التركي.