الزواج المبكـّر.. شكل من أشكال العنف ضد المرأة.. من 5% قبل الأزمة إلى 13% خلال الحرب في دمشق وحدها

الزواج المبكـّر.. شكل من أشكال العنف ضد المرأة.. من 5% قبل الأزمة إلى 13% خلال الحرب في دمشق وحدها

أخبار سورية

السبت، ٢٢ ديسمبر ٢٠١٨

دموعها التي ملأت قسمات وجهها الطفولي الجميل، لفتت انتباهي كما لفت انتباه جميع من كان في المشفى هناك، فـ«عبير» تلك الطفلة التي لما يتجاوز عمرها الخمسة عشر ربيعاً، لم يقوَ جسمها الصغير على تحمل آلام الولادة، فبدأت تمسك بيد والدتها لا تريد أن تتركها أبداً، وما هي إلا لحظات حتى جاءت الممرضة لتأخذ «عبير» إلى غرفة العمليات، وهنا تجمد الدم في عروقها وأخذت تنظر إلى والدها ووالدتها وكأنها تحمّلهما مسؤولية أي شيء سيحدث لها، فهما من اتخذا، ومن دون حتى سؤالها، القرار بتزويجها وهي في هذا العمر.
«عبير» ليست الطفلة الوحيدة، ولن تكون الأخيرة التي ستتحول بين لحظة وأخرى من طفلة تحمل على ظهرها حقيبة مدرسية إلى أم تحمل طفلاً بين يديها، في مجتمع لايزال بعاداته وتقاليده يسهم في تزايد حالات الزواج المبكر أو زواج الصغيرات أو القاصرات، تحت ذرائع مختلفة يتخذها الأهل شمّاعة لتبرير قرارهم الظالم الذي اتخذوه بحق بناتهم، فقد بيّن القاضي الشرعي الأول في دمشق محمود المعراوي في تصريح لـ«تشرين» أن إحصاءات المحكمة الشرعية في دمشق دلّت على أن نسبة زواج القاصرات لم تتجاوز 5% قبل الأزمة، وأنها زادت خلال سنوات الحرب لتبلغ في العام الماضي 13%، وأغلب هذه الحالات تكون ناتجة عن الزواج خارج المحكمة والمعروف بالزواج العرفي، ووفقاً للدكتور عهد شهاب اختصاصي نسائية وتوليد وطبيب مشرف في مركز الشاغور- التابع لجمعية تنظيم الأسرة، فإن معظم تلك الحالات تتعرض لأذيات نفسية وجسدية أثناء الحمل والولادة قد تصل في بعض الأحيان إلى الوفاة، فالزواج المبكر، وكما أوضح يكون محفوفاً بالمخاطر، وهو شكل من أشكال العنف الذي يمارس على المرأة، وقضية يجب أن نتحدث عنها ليس في المناسبات فحسب، بل في كل يوم، للوقوف بوجهها أو الحد من انتشارها.
 
تساؤلات مشروعة
أثناء جلسات الحوار التي أقامتها رابطة الغوطة الشرقية لاتحاد شبيبة الثورة بالتعاون مع جمعية تنظيم الأسرة في ريف دمشق، وصندوق الأمم المتحدة للسكان ضمن حملة /16/ يوماً لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي التي حملت هذا العام عنوان- أمان ومساواة في المنزل والعمل وكل مكان- في مدرستي الشهيدين زاهي السمين وهيثم عبد السلام في مدينة جرمانا، بمشاركة 325 طالباً وطالبة بشأن الزواج المبكر وآثاره، ودور الشباب في تخطيه، وأهمية قيامهم ومشاركتهم في الحملات التوعوية ضمن نطاق سكنهم وبين أقاربهم ومعارفهم وجيرانهم، أوردت الطالبات قصصاً متعددة عن الزواج المبكر، منها حديث إحداهن عن زواج ابنة عمها التي لم تتجاوز 16 عاماً بشاب يفوقها بضعف عمرها معتقدة في البداية أنها ستكون سعيدة بالزواج، لكنها مع الأيام القليلة شعرت بالحسرة والندم، نتيجة عدم الوعي من قبلها وكذلك من الأهل الذين اعتقدوا أنهم قد أمنوا لابنتهم الحياة السعيدة مبكراً، لتجد نفسها بعد الخلافات العديدة مع الزوج في بيت أهلها، وكذلك كان حال من تزوجت وهي صغيرة في السن كما روى أحد الطلبة عن قريب له، فلم يدم الزواج سوى ثلاثة أشهر فقط.
ونتيجة عدم التفاهم كما نقلت إحدى الطالبات عن بنت خالتها التي تزوجت مبكراً، والذي أدى لمشكلات عديدة من خلال العنف الذي مارسه الزوج على زوجته كان الطلاق مصير الارتباط بينهما، وأمام هذه الحالات وغيرها لابدّ من التساؤل: هل يمكن لفتاة لم تتخط الـ17 عاماً أن تدير مؤسسة الزواج التي تعدّ شراكة بين شخصين يتمتعان بكامل الأهلية، ماذا يقول الطب والمجتمع والقانون، ومن يتحمل مسؤولية استمرار هذه الظاهرة هل هو تساهل القانون أم إنها العادات والتقاليد وظروف الأزمة، والأهم ما الذي فعلناه رسمياً ومجتمعياً؟
مخاطر قانونية ولاسيما عندما يكون عرفياً!
قبل الخوض في تفاصيل آثار وتبعات الزواج المبكر، لابدّ من التعرف إلى الشروط القانونية لإبرام عقد الزواج، يقول القاضي المعراوي: اشترطت المادة /15/ من قانون الأحوال الشخصية لأهلية الزواج: العقل والبلوغ، وحددت المادة /16/ سن اكتمال أهلية الزواج في الفتى بتمام الثامنة عشرة وفي الفتاة بتمام السابعة عشرة من العمر نظراً لكون بلوغ الفتاة يسبق بلوغ الفتى بأكثر من سنة، إلا أن المادة /18/ أجازت للقاضي إعطاء الإذن بزواج القاصر البالغ ضمن شروط محددة، أولها إكمال سن الثالثة عشرة للفتاة وسن الخامسة عشرة للفتى شرط البلوغ ويمكن للقاضي التأكد من البلوغ بالخبرة الطبية، ثانيها موافقة الولي، ثالثها احتمال الجسم ويمكن للقاضي الاستعانة بالخبرة الطبية، أما رابعها فهو التناسب في السن فإذا لم يتوافر أي شرط من هذه الشروط فلا يجوز للقاضي إعطاء الإذن بالزواج وإنما يجب عليه رفض المعاملة، وقد تم رفض العديد من معاملات زواج القاصرات.
ورداً على سؤاله عن مصير هذا الزواج في حال عُقد خارج المحكمة، أفاد القاضي المعراوي أن القانون أجاز في الفقرة الثانية من المادة 40 تثبيته بعد استكمال الوثائق المطلوبة للزواج إلا إذا حصل ولد من هذا الزواج أو حمل ظاهر، فعندئذ يثبّت القاضي الزواج بعد إبراز شهادة إثبات زواج من المختار وشهادة ولادة وتقرير طبي بالحمل من مشفى وقيد مدني للطرفين فقط من دون الحاجة لبقية الوثائق.. مشيراً إلى أن هناك مساوئ كثيرة ناشئة عن الزواج الجاري خارج المحكمة ومنها زواج القاصرات من دون توافر الضوابط القانونية، وقد وردتنا إلى المحكمة الشرعية حالات عدة منها فقدان الزوج بعد إجراء العقد، ومنها أن الزوجة لا تعلم نسبة زوجها أو محل أو رقم قيده في السجل المدني وكان قد تركها وهي لا تعلم مكانه، ومن المؤكد فإن صدور المرسوم التشريعي رقم 24 تاريخ 24/6/2018 الذي شدد العقوبة على الزواج العرفي ولاسيما على زواج القاصرات سيخفف من نسبة هذا الزواج عرفياً خارج الضوابط التي حددها القانون.
وعن حالات طلاق القاصرات نوه بأن ظاهرة زواج القاصرات وطلاق القاصرات تختلف من محافظة لأخرى، فبينما تقل في المدن ومراكز المحافظات فإنها تكثر في القرى والأرياف، وقد تم إجراء إحصائية في المحكمة الشرعية في دمشق عن عام 2016 وتبين من خلالها أن نسبة طلاق من تزوجن وهن قاصرات بلغت 3%.
المرأة هي المتضرر الأكبر
وفي السياق ذاته، أوضح المحامي هاني وريلي أن هناك مناطق محاصرة خلال الحرب كانت تواجه صعوبات عدة في تثبيت الزواج قانونياً، ما جعلهم يكتفون بالعقود الشرعية التي يبرمها رجال الدين، مكتفين بإشهار الزواج لجعله شرعياً، والمشكلات نفسها واجهت اللاجئين السوريين في الخارج، ولاسيما في الدول الأوروبية التي تعتمد على الزواج المدني لا الشرعي في محاكمها، ما جعلهم يكتفون بإبرام عقد زواج عند أحد رجال الدين، كما أن الشباب الذين يحتاجون أوراقاً رسمية لتثبيت الزواج، ولا يستطيعون تأمينها، يلجؤون للزواج العرفي، ومن هنا يصبح القاضي ملزماً بتثبيت الزواج، لذا لابدّ أن تكون هناك تسهيلات لتثبيت الزواج، وذلك عبر التوكيل الشفهي أو عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وبحضور شاهدين.
وختم وريلي حديثه بالتأكيد أن الطب اليوم يخاطب الأب والأم معلناً مخاطر الزواج المبكر، كما يخاطبهم القانون معلناً عن الأهلية المطلوبة للزواج، متمنياً أن تعيش الفتاة طفولتها ومراحل تكوّن جسمها وتكوّن ثقافتها ووضعها الاجتماعي، حتى تستطيع أن تكوّن أسرة صحيحة وتكون أماً ناجحة.
محفوف بالمخاطر
كثيرة هي العائلات التي تعدّ تزويج بناتها في أعمار صغيرة مسألة عادية، وهو الأمر الذي حوّل زواج الصغيرات من حالة استثنائية إلى ظاهرة تستحق الدراسة والتوقف عندها ملياً بسبب سلبياتها التي يحرص الدكتور عهد شهاب على تكرارها أمام الأمهات والفتيات اللواتي تراجعن عيادة تنظيم الأسرة، فعلى الصعيد التربوي يؤدي الزواج المبكر إلى حرمان الفتاة من حقها في التعليم والمعرفة، أما من الناحية الطبية فالمشكلات المترتبة عليه متعددة، فالفتاة في هذا العمر تكون بنيتها صغيرة وجسمها صغيراً وأجهزتها في معظم الأحيان غير مؤهلة لاستقبال حالة الولادة والحمل الذي يصنّف طبياً في هذه السن ضمن الحمول عالية الخطورة لأكثر من سبب، أضف إلى إمكانية تعرضها لمجموعة من الاختلاطات الطبية التي تؤدي إلى الإسقاطات المتكررة وتسبب حالات من الرضّ النفسي، كما أن هناك احتمالية تعرضها لولادات مبكرة في الشهر السادس أو السابع بسبب عدم اكتمال بنيتها وهذه حالات توليدية خطرة على الأم والجنين الذي إن عاش فهو يحتاج إلى عناية خاصة تكلّف مبالغ كبيرة على الأشخاص وعلى الدولة، ولا ننسى أن الأهم هو ما يصيبها أثناء الولادة من جرّاء الأفكار المشوشة والمفاهيم الخاطئة عن تلك العملية من تشنج وقلق وخوف شديد، ينعكس بشكل سلبي على نفسيتها ويعرضها للعمل الجراحي «القيصرية»، وحتى إذا تمت الولادة طبيعياً فستكون -نتيجة عدم تعاونها مع الطبيب أو الطبيبة- ولادة عسيرة يمكن أن تؤدي إلى تمزّقات قد تصل إلى مناطق تشريحية مهمة يصعب إصلاح مشكلاتها ويمكن أن تولّد مخلّفات تعرضها للمعاناة من الفقر بالدم أو تؤدي إلى حدوث انتانات، ومن المخاطر أيضاً أن المرأة تكون في العمر المبكر عرضة لتسمم الحمل وارتفاع التوتر الشرياني، وهي من الحالات التوليدية الخطرة وفيها نسب وفيات عالية حتى ولو تمت في أحسن المراكز، كما يجب أن نذكّر بأن بدء العلاقة الزوجية في عمر مبكر يعرّض الفتاة للإصابة بسرطانات عنق الرحم.
وعن قضية تزويج الشباب التي تبدو رائجة هذه الأيام أشار الدكتور شهاب إلى أن هناك مخاطر صحية تقف إلى جانبها مخاطر اجتماعية ونفسية، فالفتى في هذا العمر المبكر لن يكون راعياً حقيقياً لهذه الأسرة وزواجه يعد عنفاً ضد الرجل، لذلك يجب توعية الرجل والمرأة معاً لتكتمل خطوات الحل.
اعتداء على حقوق الطفلة
لقد عدّت الأمم المتحدة الزواج المبكر اعتداء على حقوق الطفلة وحرمانها من ممارسة الحياة المناسبة لعمرها، ومضاره -حسب المرشدة الاجتماعية نسرين حسن- غير قابلة للإحصاء، من أهمها عدم نضوج عقل الفتاة الذي يجعلها لا تعرف كيف تتصرف مع زوجها، ولاسيما إن كان فرق السن بينهما كبيراً، أضف إلى أن الرجل قد يلجأ إلى الزواج من فتاة صغيرة لفترة مؤقتة وخلال هذه الفترة يكون تعامله معها وكأنها خادمة له وليست زوجة لها كيانها وشخصيتها، وهو ما يسبب لها جراحاً نفسية ويصيبها بأمراض وعقد تحتاج وقتاً طويلاً للتخلص منها والعودة إلى حياتها الطبيعية، وهذه كلها عوامل غالباً ما تؤدي إلى فشل تلك المؤسسة، ومع وجود طفل أو أكثر مع فتاة لا تعرف كيف تعتني بهم وتربيهم، لأن تربيتها هي لم تكتمل أصلاً، تكون المأساة أكبر وأصعب، وفيما إذا كان هناك من حلول لهذه القضية رأت حسن أن تكثيف الجهود الرسمية والمجتمعية وتكرار هذه المعلومات في الندوات وجلسات التوعية لابد من أن توجه بوصلتنا لتحقيق رسالتنا في تجاوز المجتمع لزواج القاصرات أو الصغيرات ورفضه رفضاً قاطعاً.
لكل منا دور للوقوف في وجهه والمدرسة أولاً
للجانب التوعوي دور مهم في معالجة الزواج المبكر، وهو ما تتقاطع به المدرسة مع الجمعيات المهتمة بقضايا اليافعين، وقد أشارت آمال عبيد- مديرة مدرسة الشهيد هيثم عبد السلام للدور المهم للمدرسة والمدرسين في توضيح الكثير من القضايا المجتمعية للطالبات، ولاسيما أن العديد من المدرسات اتبعن دورات في التثقيف الجنسي وفي العنف ضد المرأة، وعلى مدار العام هناك جلسات التوعية في ساعات الفراغ للتواصل مع الطالبات، وفي الجلسة التي عقدت مؤخراً مع جمعية تنظيم الأسرة طرحت الكثير من القضايا التي لا يمكن طرحها في نطاق الأسرة والمجتمع، لأن هناك خشية من الأب والأم في الحديث عنها لأولادهم.
بدورها المرشدة النفسية لمياء رافع نوهت إلى العمل الدائم للمرشدات في المدرسة من خلال قيامهن بتوعية الطالبات ضد العنف وتقديم الدعم النفسي لهن لتوضيح حقوقهن وواجباتهن تجاه المجتمع، وقالت: نقوم عادة باستقبال الطالبات والتعرف على مشكلاتهن، ونكون بذلك صلة الوصل مع الإدارة في حال كانت الطالبة تعاني من أي مشكلة، وبأسلوبنا وطريقتنا في التعامل مع تلك الحالات نتعاون في المساعدة على الحل.
وخلال جلساتنا مع بعض الطالبات سمعنا عن قصص التحرش والاعتداءات الجنسية من الأقارب كالعم والخال، إضافة إلى العنف القائم على حب السيطرة من الأخ على أخته.
وأضافت المرشدة الاجتماعية منال حبيب: نختار المواضيع العديدة التي تهم الطالبات إضافة إلى الحديث عن العنف القائم على النوع الاجتماعي، وحين تتعرض المرأة للعنف من الأب أو الأخ قد تنقله للبيئة المحيطة بها ولأولادها في البيت أو المدرسة، سواء كانت مربية في المدرسة أو موظفة، وهناك أشكال أخرى من العنف التي تمارس من المدرسين أو المدرسات على الطلبة من خلال أسلوب التعامل معهم في التجريح أو الإهمال في هذه الحصة أو تلك، ولذلك تبرز أهمية الجانب التوعوي في مثل هذه الحالات للتصدي للعنف، لبناء جيل بعيد عن العنف بأشكاله المختلفة.
حق التعليم ونشر الوعي
كلام لاقى صداه عند كرم موسى، عضو لجنة تنظيم الأسرة في ريف دمشق، الذي رأى أن الجلسة الحوارية التي عُقدت اهتمت بالجانب التوعوي وهي تساهم في الحد من الظاهرة وعدم الوقوع بها، وقد تم التركيز على مسألة أساسية تتمثل في حق التعليم ونشر الوعي وهي قضية أساسية بالنسبة للإناث، وللشباب دور كبير في توطيد ذلك، وأيضاً لا ننسى الدور المكمّل للمدرسة والمدرسين في شرح الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والصحية الناجمة عن الزواج المبكر، وتالياً المخاطر التي تحدق بمن يقدم على ذلك.
ونوه موسى بالتفاعل الواسع من قبل الطلبة وتأكيدهم على رفض فكرة الزواج المبكر وحرصهم على استكمال دراستهم وتقديم النصح للأقارب والمعارف، كما عرضوا بعض الحالات المحيطة بهم وتم شرح التفاصيل والأخطار الناجمة عن هذا الزواج، وأهمية التعاون بين الشباب وجمعية تنظيم الأسرة.
البنت سلاحها علمها
أمين رابطة الغوطة الشرقية في فرع ريف دمشق لاتحاد شبيبة الثورة، المشارك في تنظيم الجلسات يزن فروج، تحدث عن دور الشبيبة في تنظيم هذا اللقاء بالتعاون مع جمعية تنظيم الأسرة، لشرح أبعاد العنف ضد المرأة، وكان لافتاً الوعي الذي لمسناه من الطلبة برغم صغر سنهم وقناعتهم في رفض الزواج المبكر والحرص على إكمال تعليمهم منطلقين من عبارة أن «البنت سلاحها علمها».
المحامي مؤيد الحويج رئيس لجنة الشباب في جمعية تنظيم الأسرة في ريف دمشق قال: ركزنا ضمن هذه الاحتفالية العالمية خلال الجلسات التي عقدناها في المدرستين عن الزواج المبكر، فكان الحوار غنياً ومفيداً مع الطلبة وبمشاركة من لجنتي الشباب في دمشق وريف دمشق لتنظيم الأسرة، واستمرت ساعة كاملة، حرص المحاضرون خلالها على تقديم النصائح وتبيان مخاطر الزواج المبكر، كما تم التركيز على أهمية دور الشباب في التوعية، بغية الوصول لمجتمع معافى تنتفي فيه حالات الزواج المبكر.
بدورها وصفت المتطوعة في لجنة الشباب لجمعية تنظيم الأسرة في ريف دمشق مريم عكل- حماس المتلقين بالاستماع لها بشغف كبير بالأمر المهم جداً، ودعت لمكافحة تلك الظاهرة من خلال امتلاك مهارات التواصل مع الآخرين لقيام الشباب بدورهم في شرح أخطارها والأمراض التي تنتج عنها، منوهة بتجاوب الطلبة وتفاعلهم الكبير خلال الجلسة، وحرصهم على طلب المزيد من المعلومات من خلال التأكيد على محاضرات إضافية مع إنهم طلبة في الصف العاشر.
تضيف العكل: حرصنا على أن يكون الحوار تفاعلياً يتحدث فيه الطلبة عن الحالات المحيطة بهم في مجال الزواج المبكر لمناقشتها بصراحة، ونوهنا إلى أن العنف لا يقتصر على الضرب وغيره، فهناك العنف المتمثل بالزواج القسري والعنف اللفظي والجسدي والزواج المبكر الذي يرتب مسؤولية لا يمكن للقاصر تحمّلها فيلجأ للطلاق، وهذا شكل آخر من أشكال العنف يمارس بحق المرأة، وعن اختيار طلبة الصف العاشر في الجانب التوعوي شرحت: استهدافنا لطلاب وطالبات الصف العاشر بغية زيادة الوعي لديهم والتفاعل معهم، فكنا نأخذ منهم ونعطيهم عبر الحوار المشترك وشعرت أن ما أردت إيصاله قد وصل جزء كبير منه، فلم يكن هناك خجل من طرح أي موضوع اجتماعي، لأننا في النهاية نتحدث عن ثقافة عامة ينبغي أن تصل إلى الجميع، وكلنا أمل بوصول مجمل الأفكار لمعظم الناس وبصورة صحيحة من خلال الطلبة.
حملات التوعية تشكل داعماً أساسياً لعملنا
مسك الختام كان في مقر الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، حيث أكد الدكتور أكرم القش قيام الهيئة بإعداد دراسة حديثة عن الزواج المبكر الهدف منها معرفة البيئات المولدة للظاهرة، وقد تبين أن الحرب والنزوح واللجوء خارج القطر أسباب حولت الظاهرة إلى استراتيجيات التأقلم الأسري بسبب سوء الأوضاع المعيشية، أو للبحث عن الأمان للفتاة، وهو ما أدى إلى عدم متابعة الفتاة للدراسة، وأضاف: الظاهرة قبل الحرب كانت في طريقها إلى الزوال ولكنها اليوم عادت وأصبحت سائدة في بعض المجتمعات، خطتنا متكاملة في هذه المسألة ونحن نعدّ الاهتمام بالجانب التعليمي، هو من أهم حيثيات العمل في دراسة هذه الظاهرة لأنه يشجع الأسرة على الاستقرار، وعن دور المجتمع في هذه القضية، ولفت القش إلى أهمية التوعية من المرحلة الإعدادية لأنها تسهم في توعية جيل الشباب وتشكل داعماً أساسياً لعملنا للحد من انتشار هذه الظاهرة.
رفض الزواج المبكر
ما يبشر بالأمل أن جواب كريم وكرم وجلال وعمار وهم طلبة في الصف العاشر بعمر الورود لدى سؤال (تشرين) لهم عن رأيهم بالزواج المبكر بعد مشاركتهم في الجلسات الحوارية، كان برفض الفكرة والحرص على متابعة تعليمهم حتى المرحلة الجامعية، ورغبتهم في شرح مخاطر الزواج المبكر، لمن تغيب من زملائهم، على أسرهم وبيئتهم المحيطة.
ولم يغب عن ذهن سارة وراما وكاريس وإسراء أهمية تلك الجلسات التوعوية في شرح العواقب من جراء الزواج المبكر الجسدية والمجتمعية وآثار ذلك على صحة المتزوجين، ليؤكدن أهمية دورهن في نقل المعرفة وفي تشجيع زميلاتهن للعودة إلى مقاعد الدراسة.