الاستثناء في سورية...ثقافة حياة وحق مكتسب!

الاستثناء في سورية...ثقافة حياة وحق مكتسب!

أخبار سورية

السبت، ١ ديسمبر ٢٠١٨

زياد غصن
"الاستثناء" هو خروج على القانون، أياً كانت مبرراته ومؤيداته وتسمياته.. ومهما حاول البعض تجميل أهدافه وغاياته، إلا أنه يبقى أحد أهم مظاهر الخلل المؤسساتي في بلدنا، وسبباً لكثير من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي نعيشها...
لا أتحدث هنا فقط عن "الاستثناءات" التي تمنح خلافاً للقانون وتمثل خرقاً فاضحاً له، وإنما عن الاستثناءات التي باتت تشرعن بموجب قرارات وأنظمة، وتتحول تدريجياً إلى حق مكتسب لا يمكن وقفه أو إعادة النظر به في يوم من الأيام..
بعض المبررات المدافعة عن "الاستثناءات" المشرعنة تنطلق من فرضية أن المساواة في تطبيق القانون غير منصفة بالنسبة لفئات وشرائح اجتماعية معينة، لذلك يكون "الاستثناء" في مثل هذه الحالة ضرورة لتحقيق العدالة في تطبيق القوانين بين جميع المستفيدين أو الخاضعين له.. أو لمراعاة ظروف خاصة يعود تقديرها للمشرع وصاحب القرار المؤسساتي..!!.
هذه الحجة ليست دقيقة، فهناك خيارات كثيرة من شأنها إنصاف الفئات والشرائح الاجتماعية، ومعالجة الظروف الخاصة... ودون الاضطرار إلى ثقب القانون هنا أو هناك، ولصالح هذه الفئة أو تلك..
والأمثلة على ذلك كثيرة جداً...
إذ لو عدنا إلى "الاستثناءات" الفاضحة، والتي لا يمكن أن نجد لها تبريراً واحداً، تحضر مثلاً "الاستثناءات" الممنوحة من قبل بعض المحافظين لتجار البناء لإضافة طوابق جديدة وتجاوز رخص البناء، "الاستثناءات" الاعتيادية التي تعطى في سياق العمل اليومي داخل المؤسسات الخدمية والاقتصادية، "الاستثناءات" التي تنطلق من الرغبة الإدارية والشخصية بالتغطية على بعض المخالفات والتجاوزات... وغير ذلك.
أما فيما يتعلق بـ "الاستثناءات" المشرعنة بقرارات وقوانين وأنظمة فهي أيضاً ليست بالقليلة.
فمثلاً هناك، ومنذ سنوات عدة، أكثر من مفاضلة للقبول الجامعي بحجج ومبررات تحتاج اليوم إلى دراسة معمقة وإعادة نظر، انطلاقا من المهمة الوطنية الملقاة على عاتق التعليم الجامعي، ومخرجاته الحالية..
كما أن هناك قرارات وتشريعات عديدة تأخذ بمبدأ "الجواز"، فتخص به وزيراً هنا أو رئيساً للحكومة هناك، سواء تم ذلك ضمن محددات معينة، أو ترك تقديره لصاحب "الجواز"..!!.
من غير المتوقع أن ينهى مفعول "الاستثناء" بقرار أو بتعميم يصدر اليوم أو غداً، فهو في النهاية تحول إلى ثقافة وأسلوب حياة في مجتمعنا، يمارسه كل فرد في كل ما يتعلق بتفاصيل حياته الصغيرة والكبيرة..
وتالياً فإن مواجهة هذه الثقافة تحتاج إلى سلسلة إجراءات متراكمة من قبل مؤسسات الدولة والمجتمع، تبدأ بالتشدد في ملاحقة الظاهرة بمختلف أشكالها وصورها قانونياً ومؤسساتيا، لتصل لاحقاً إلى ترسيخ ونشر ثقافة جديدة تقوم على أن القانون فوق الجميع... وبلا استثناء.