هجوم حلب الكيميائي: «اتفاق سوتشي» يهتزّ... ولا يسقط

هجوم حلب الكيميائي: «اتفاق سوتشي» يهتزّ... ولا يسقط

أخبار سورية

الاثنين، ٢٦ نوفمبر ٢٠١٨

لم تسجّل تركيا أي اعتراض على الرد الميداني الذي استهدف موقع إطلاق القذائف «الكيميائية» التي طاولت أحياء حلب الغربية، أول من أمس؛ وبعد اتصالات نشطة مع الجانب الروسي، خلصت إلى أن هدف هذا «الاستفزاز» عرقلة مسار «اتفاق سوتشي»
بقيت أطراف مدينة حلب الغربية مسرحاً للتوتر منذ إعلان «اتفاق سوتشي» الروسي ــــ التركي، مسجّلة اشتباكات وقصفاً متقطعاً خلال الشهرين الماضيين، لم تحدّ منه التهدئة المضمّنة في «الاتفاق» ولا «المنطقة المنزوعة السلاح» المفترضة، التي تشمل الريف المحاذي للمدينة من الغرب والجنوب الغربي. هذا التصعيد بلغ أول من أمس، إحدى ذراه، عبر قصف نفذته الفصائل المسلحة المنتشرة قرب منطقة الراشدين، تسبب في إصابة أكثر من 100 مدني في أحياء الخالدية وجمعية الزهراء وشارع النيل، بحالات اختناق حادة ومتوسطة. الاعتداء الذي استخدمت فيه قذائف تحوي مواد كيميائية (غير محددة بدقة بعد)، أفضى إلى رد ميداني عبر غارات جوية استهدفت مواقع إطلاق تلك القذائف على أطراف حي «الراشدين 4». وأتت تلك الغارات بعد إبلاغ القوات الروسية الجانب التركي عنها بشكل مسبق، عبر قنوات الاتصال المشتركة. ورغم مرور ما يزيد على يوم على الهجوم، لم تخرج أيّ تصريحات غربية واضحة تُدينه، أو تشير إليه في الحد الأدنى، عدا تأكيد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أن بلاده لا تملك معلومات كافية في هذا الشأن. وبينما استنكرت روسيا وإيران هذا الاعتداء، طالبت دمشق مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة بالتحرك وإدانته، وإجبار الدول التي تسهم وتسهّل نقل أسلحة إلى الجماعات المسلحة، على الالتزام بالقرارات الدولية. ووفق المتوقع، خرجت الفصائل المسلحة التي ترعاها تركيا، كما «هيئة التفاوض» المعارضة، لتنفي الرواية الرسمية، وتتهم الحكومة بفبركة الاعتداء، بما يتيح لها بدء عمل عسكري جديد وإعاقة العملية السياسية، على حد تعبير رئيس «الهيئة» نصر الحريري.
وفي مقابل تلك الادعاءات التي ساقتها «الهيئة» المعارضة و«الجبهة الوطنية للتحرير» لنفي المسؤولية عن الاعتداء وتحميلها إلى الجانب الحكومي، كان لافتاً الموقف التركي الرسمي تجاه الهجوم، وتجاه ردّ الفعل الميداني عليه. فتركيا لم تدن الاعتداء ولكنها رأت أن هدفه الإضرار بـ«اتفاق سوتشي»، كما أنها ــــ وبصفتها دولة ضامنة لتنفيذ الاتفاق ــــ لم تسجّل اعتراضاً على الغارات التي استهدفت مواقع في ريف حلب الغربي، والتي تعدّ الأولى من نوعها منذ منتصف أيلول الماضي. ويشير موقف أنقرة هذا إلى عدم اعتراضها على دقة المعلومات التي استندت إليها موسكو ودمشق للرد على مصادر القصف. ورغم حساسية الاعتداء، إلا أنه لن يقود على الأرجح إلى تسخين خطوط التماس بما يفضي إلى معركة واسعة على أطراف مدينة حلب؛ وهذا ما تشير إليه بوضوح طبيعة الرد المباشر والمحدود، والمنسّق مع الجانب التركي. غير أنه سيشكّل نقطة مهمة في سياق الضغط الروسي على تركيا، للالتزام بتنفيذ الاتفاق الخاص بمحيط إدلب، ضمن مهل زمنية معقولة. ويتساوق ذلك مع الاتصالات العسكرية النشطة بين روسيا وتركيا، والتي كان آخرها أمس بين وزيري دفاع البلدين. ووفق المعلومات التي أوردتها وزارة الدفاع التركية، فقد تبادل الوزيران «الآراء بشأن الاستفزازات الأخيرة التي لا هدف منها سوى الإضرار باتفاق سوتشي». وقد يحضر هذا الهجوم في سجالات لاحقة ضمن «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية»، لا سيما أن الأخيرة سوف تعمل في مطلع العام المقبل على «تحديد المسؤولين عن الهجمات الكيميائية في سوريا»، بعدما تم تعديل ولايتها (في نظامها الداخلي) الأسبوع الماضي، لتشمل تحميل المسؤولية لا التحقيق فقط، رغم اعتراض روسيا والصين.
وعلى صعيد آخر، أبدت تركيا بوضوح تخوفها من توجه القوات الأميركية إلى نصب «نقاط مراقبة» على الحدود السورية ــــ التركية في شرق الفرات. وأعرب وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أول من أمس، عن اعتقاده بأن إنشاء نقاط مراقبة أميركية سيزيد من تعقيد الوضع المعقد أصلاً، هناك، مضيفاً أنه أبلغ الجانب الأميركي موقف بلاده السلبي من هذه الخطوة. وأتى ذلك في وقت وسّع فيه تنظيم «داعش» هجماته في محيط جيب هجين، في شرقي دير الزور، ما تسبب في مقتل عشرات من عناصر «قوات سوريا الديموقراطية» في محيط بلدة البحرة وحقل التنك النفطي.
أما ديبلوماسياً، فقد اتفق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، و المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، على ضرورة العمل على تشكيل «اللجنة الدستورية» قبل نهاية العام الحالي. وجاء ذلك في لقاء جمعهما قبل أيام على هامش مؤتمر في روما. ووصف دي ميستورا تشكيل «اللجنة» بأنه «نقطة بداية يمكن أن تغير المعطيات، لأن في ذلك فائدة للجميع، وبينهم الرئيس السوري بشار الأسد».