«للنـاس فيما يعشقون مذاهب»!..تربية الحيوانات الأليفة بين «البريستيج» و«الهوس».. عشــّـاقها: مخلوقات ضعيفة وفيـّة لاتنكر المعروف كبقية البشـر

«للنـاس فيما يعشقون مذاهب»!..تربية الحيوانات الأليفة بين «البريستيج» و«الهوس».. عشــّـاقها: مخلوقات ضعيفة وفيـّة لاتنكر المعروف كبقية البشـر

أخبار سورية

الأحد، ٢١ أكتوبر ٢٠١٨

منال صافي:
تربية الحيوانات الأليفة ليست بظاهرة جديدة في مجتمعنا، لكن مشاهدتها كانت منحصرة بالأحياء الراقية، أما اليوم فنجد أنها زحفت إلى كل الأحياء حتى الشعبية، واتسعت أسواقها التي توفر لأصحابها كل ما يحتاجونه من أدوات وأغذية ولايتردد أغلبية مقتني هذه الحيوانات بتوفير كل وسائل الرفاهية والعلاج لها مهما تكلفت جيوبهم، ماعلينا، فكل شخص حر بماله، ولعشاق تربيتها دوافعهم المتعددة للاهتمام بها، إذ يصل لدى البعض إلى درجة الإدمان.
 
رفاهية /5/نجوم
يرى أبو ليث أن هذه المخلوقات ضعيفة ولا أحد يهتم لأمرها ولا تقوى على الاهتمام بنفسها لوحدها، من هذا المنطلق يتعاطف معها، ويشرف على رعايتها، يتقاسم المنزل مع حوالي /3/كلاب (هاسكي – جيرمان –كلب صالون ) إضافة إلى عدد من القطط والسلاحف.
يقول أبو ليث: نصرف القليل والكثير على أنفسنا، أعباؤها ليست بالكبيرة، فتكلفة الإنفاق الشهري على حيواناتي لاتتجاوز مبلغ/ 20/ ألف ليرة شهرياً، إضافة إلى تكاليف اللقاحات التي تقدر بـ / 10 / آلاف ليرة سنوياً على الكلب الواحد.
ولايقتصر اهتمام أبو ليث على الحيوانات التي تعيش معه، فهو لايتردد باصطحاب أي قطة يراها في الشارع تحتاج رعاية نتيجة إصابتها بكسر أو عمى، فيشرف عليها ريثما تسترد عافيتها، وفي كثير من الأحيان يتواصل معه الجيران والأصدقاء لإنقاذ القطط العالقة في محرك السيارة وخاصة في الشتاء حيث تلجأ لهذه الأماكن بحثاً عن الدفء.
اهتمام أبو ليث بهذه المخلوقات لايغنيه عن الحياة الاجتماعية، لكن، حسب فلسفته في الحياة، فهذه الكائنات أكثر وفاء ولاتنكر المعروف كسائر البشر، وهي تتقن لغة الامتنان وتستجيب للأوامر من دون نقاش، ومع الوقت يحدث انسجام وألفة بين الحيوان ومالكه، غير أن عائلته ترفض تماما هذا الاهتمام من باب الضرر الصحي الذي تسببه للإنسان، إضافة إلى «نجاستها» كما هو متعارف عليه.
أما ربى فخصصت سيارة فارهة لكلابها، وعندما أصيب أحدها بالشلل وعجز أطباء البيطرة في الداخل عن علاجه اصطحبته في رحلة علاج إلى دولة مجاورة تقول: لو كلفني الأمر أن أذهب به إلى أوروبا فلن أتردد فهو طيب جداً ولطيف وتعودت عليه، وأكثر ما يزعجها الثقافة السائدة في مجتمعنا بأن الاهتمام بالبشر أولى من الاهتمام بالحيوان، مبينة أن هذا الأمر صحيح، ولكن أيضاً تجب الرأفة بهذه المخلوقات الضعيفة لأنها لاتجيد الكلام للتعبير عن حاجاتها وأوجاعها على عكس الإنسان، وهي أرواح بالمحصلة.
وتوجهت إلى الأهالي بضرورة رفع الوعي لدى الأطفال لأنهم الشريحة الأكثر تسبباً بالأذى لهذه الكائنات وهم لا يجيدون التعاطف معها.
وعبّرت عن استيائها من إجراءات محافظة دمشق الهادفة لمكافحة الكلاب والقطط الشاردة المنتشرة بإطلاق النار عليها وتسميمها، إذ تمكن معالجتها وإعطاؤها اللقاحات اللازمة في حال كانت مسعورة بدلاً من الإجهاز على حياتها.
استثمار «فيسبوكي»
استثمر مربو الحيوانات الأليفة مواقع التواصل الاجتماعي فعمدوا إلى إنشاء مجموعات كثيرة تحت مسميات مختلفة كـ (مملكة الحيوانات الأليفة – الحيوانات الأليفة رحمة وإنسانية – كلاب وقطط للبيع) وغيرها الكثير من المجموعات التي فاق عدد أعضاء بعضها الـ 2000 عضو ينشرون من خلالها صوراً ومقاطع فيديو لهم ولأطفالهم مع حيواناتهم تبرز مدى الانسجام والمحبة أو الرفاهية التي يعيشها هذا المخلوق، ويروجون عن حيوانات للبيع، وفي حال ضياع حيوان ينشر صاحبه صوره متضرعاً لأعضاء المجموعة الدعاء له بالعودة وألا يمسه أذى وفي بعض الأحيان يعلن عن مكافأة لمن يجده. وهناك إعلانات لمتجر كبير في أحد الأسواق التجارية الضخمة يحوي كل مستلزمات الحيوانات الأليفة من طعام وحقائب وإكسسوارات وألعاب. وهناك صفحات متخصصة للترويج لمستلزمات هذه الحيوانات وبعبارات (لكلابنا المدللة «هبي لايف» العلبة بـ 1400ليرة، رمل لقططنا الجميلة 10كغ بـ 2700ليرة بعد التنزيلات، شوربة للقطط الظرف 450 ليرة).
وللشاردة هواة!
من جانب آخر، يبدو اهتمام سارة أورفلي -رئيسة الجمعية السورية لإنقاذ الحيوانات مسألة جوهرية تكرس لها حياتها، وهي التي نشأت في كنف عائلة تقتني الحيوانات وتساعدها من خلال دفن اللحم المسموم الموزع من قبل البلديات في الأحياء بهدف قتل الكلاب الشاردة وشراء بقايا اللحوم لدى الجزار واستبداله باللحم المسموم، تمضي وقتها لخدمة هذه الكائنات فهي تخرج منذ الصباح الباكر ولا تعود حتى المساء إلى منزلها.
تؤكد أن نشاط الجمعية يشمل أرجاء البلاد كلها، وتختص بإنقاذ الحيوانات التي تتعرض للانتهاك والتعذيب والحد من تكاثرها بما يعود على المجتمع بالفائدة لأن وجود الكلاب الشاردة بين الأحياء غير محبذ.
في الجمعية 800 كلب و250 قطة وبقرة، إضافة لعدد من الخراف والزواحف وبعض الأرانب والتركيز الأساس في الجمعية على الحيوان المنبوذ الذي يعاني التعذيب، تحديداً الكلاب والقطط. 
تحدثت أورفلي عن التكاليف المرتفعة التي تفوق الـ3 ملايين ليرة شهرياً للإنفاق على هذه الحيوانات، والتي تتضمن إيجار المكان ورواتب العمال والأدوية ونشارة الخشب التي توضع للتخفيف من الأمراض وإبقاء المكان نظيفاً، إضافة إلى مواد التنظيف والتعقيم وفواتير الكهرباء وأجور النقل لإحضار الحيوان إلى الملجأ إضافة، الرعاية الصحية واللقاحات الدورية، مشيرة إلى أن أعضاء الجمعية والأصدقاء والمتبرعين هم من يغطي هذه التكاليف.
محمية للكلاب الشاردة
تبين أورفلي ضرورة الاهتمام بهذه المخلوقات انطلاقاً من أنها ضعيفة ليست لديها أياد تفتحها وتجلس على قارعة الطريق للتسول، رافضة الاتهام بأن اهتمامها بالحيوانات سلوك تعويضي للفقدان، فلديها أسرة وأولاد وحياة اجتماعية جيدة، وتدحض فكرة أن الاهتمام بالحيوان يقتصر على الفئات المترفة في المجتمع، مشددة على أن هدفها نبيل، وأنه عرض عليها السفر إلى العديد من الدول الأوروبية للعمل مع جهات تعنى بالحيوانات وبأجور مرتفعة لكنها رفضت لأن الحيوانات الموجودة في البلاد بحاجة لها.
وتطمح أن تكون هناك محمية للكلاب والحصول على أرض مسورة تجمع فيها الكلاب الشاردة للتخفيف من عددها في الشوارع وتحقيق توازن بيئي. وانتقدت من يشتري الكلاب المستوردة بأثمان باهظة بهدف إشباع المظاهر الاجتماعية إذ في إمكانهم إحضار كلب من الشوارع وبذلك يكسبون أجراً، إضافة إلى أن الكلاب المحلية تكلفتها قليلة، مؤكدة أنها لم تصب بأي مرض طوال حياتها نتيجة الاحتكاك المستمر بهذه المخلوقات ولم تتعاط أي لقاح، علما أنها تعرضت للعض من قبل بعض الكلاب الشرسة نتيجة العنف والضرب الذي تعرضت له من قبل أصحابها لكنها نجحت فيما بعد بترويضها وجعلها هادئة ودودة.
ولفتت إلى التعامل السيئ من قبل الأطفال المشردين في الشوارع مع القطط والكلاب إذ يقومون بشنق القطط وقطع أجزاء من جسمها وبينت أنها لجأت لدفع مبالغ لهؤلاء الأطفال لجلب هذه القطط وعملت على تشغيلهم في الملجأ بأجور متميزة واصطحابهم معها في عمليات الإنقاذ والمساهمة في المعالجة بهدف الإحساس والتعاطف مع هذه الكائنات.
وناشدت أورفلي المحافظة والبلديات لإيقاف حملات إطلاق النار والتسميم للكلاب الشاردة لأنها لاتؤذي أحداً إلا إذا تعرضت للتعذيب والاضطهاد.
تهديد للسكان
الانتقادات التي يكيلها جماعة الرفق بالحيوان حملناها إلى الدكتور ماهر ريا -مدير الشؤون الصحية في محافظة دمشق الذي أكد أن الكلاب الشاردة تشكل تهديداً على السكان، وخاصة إذا كانت مسعورة، مضيفاً أن المحافظة تتلقى يومياً شكاوى عن تعرض أطفال للعض من قبل هذه الكلاب وأن الأمر يزداد خطورة عندما تكون مسعورة.
وأشار إلى أن أسلوب مكافحة الكلاب الشاردة معتمد منذ مايقارب الـ40 عاماً، وأن مهمة المحافظة الحفاظ على المدينة واستبعاد كل مايسبب الأمراض والأذى للمواطن، نافياً بأن المحافظة يمكن أن تتعرض لأي كلب لديه صاحب، وأنهم يميزون بين الكلب الذي لايؤذي وبين الكلب المصاب والشرس من خلال مظهره.
ولدى سؤالنا فيما إذا كانت هناك أساليب أخرى أقل قساوة يمكن اتباعها في مكافحة هذه الكلاب الشاردة أجاب: نتمنى أن نجد بدائل وإذا كان لدى المهتمين بالرفق بالحيوان حلول فليتقدموا بها ونحن جاهزون للتعاون، وسبق أن تم الاجتماع معهم لكن لم نتوصل لحلول فيما يتعلق بهذا الأمر، ولاتمكن مقارنة الواقع بالدول الغربية، إذ لا يوجد لديها هذا الكم الهائل من الكلاب الشاردة.
 
النوع والسلالة
يمتلك محمد المصري مزرعة للقطط والكلاب في ريف دمشق وهو متخصص باستيراد وتصدير هذه الأنواع من الحيوانات، يبين أنه خلال فترة سنوات الأزمة يتم الاستيراد من أوكرانيا حصراً عن طريق وسطاء في لبنان وهم موردون معتمدون لديهم شركات خاصة بهذا المجال، نحدد لهم مواصفات الحيوان الذي نريده بالضبط وعمره والشهادات المعتمدة عن منشأ الكلب وسلالته وجواز سفره وبيان خلوه من الأمراض، وعندما يصل إلى الحدود يمر على الجمرك الصحي للتأكد من مواصفاته وخلوه من الأمراض، وتعد كلاب الحراسة والزينة الأكثر طلباً في السوق المحلية نظراً لأن الكلاب ذات المنشأ المحلي لاتفي بهذه الأغراض.
أما هامش ربح الوسيط فيصل حسب المصري إلى 10% من قيمة الحيوان، إضافة إلى أنهم يتحملون أعباء نقله من أرضه إلى البلاد، فعلى سبيل المثال إذا كان ثمن الكلب في أوكرانيا /500/ ألف ليرة يصل إلى الداخل بـ/650/ألف ليرة أي بزيادة بنسبة 30% ولفت إلى أن وزارة الزراعة والثروة الحيوانية هي من تحدد شروط الاستيراد والأوراق الثبوتية المطلوبة.
ويؤكد أن أغلبية زبائنه من الطبقات المترفة التي ترغب باقتناء الكلاب الصغيرة التي لايتجاوز وزنها بين الـنصف كيلو إلى حوالي الـ3كيلو غرامات، ويصل ثمن هذه الأنواع ما بين /250/ ألف ليرة إلى مليون ليرة حسب نوعها وسلالتها.
وعن غذاء هذه الحيوانات أشار إلى أنها تتطلب غذاء محدداً وهو حصراً مستورد لكن الحكومة منعته مؤخراً بهدف الحد من إنفاق القطع الأجنبي، غامزاً بأنه لم ينقطع ومتوفر في المتاجر عن طريق التهريب.
قططنا إلى لبنان
ويستورد لبنان 70% من إنتاج سورية من القطط وذلك بسبب رخص ثمنها وجودتها العالية وأهم أنواعها «الشانشيلا وشيرازي وهمالايا وراكادول وفارسي». ونستورد نوعاً واحداً يسمى «سكوتش فوولد» أصله اسكتلندي يتراوح سعره بين 100 ألف ليرة -200 ألف ليرة ومصروفه الشهري لايتجاوز الـ 5000 ليرة. وأشار المصري إلى أنه قبل الأزمة كان هناك 10 تجار أقوياء يسيطرون على هذا السوق لكن اليوم عددهم لايتجاوز الاثنين، لافتاً إلى ازدياد الإقبال على كلاب الحراسة المدربة خلال سنوات الحرب ويتراوح أسعار العادية منها بين 200-350 ألف ليرة، أما العالية الجودة فيتراوح سعرها بين 2,5 – 7 ملايين ليرة، وهذا النوع من الكلاب يحتاج الشخص الذي سيقوده إلى تدريب لايقل عن الشهر وعادة مايستورد للجهات العامة في المطارات والمعابر الحدودية والمنشآت الخاصة الكبيرة.
مخاطر صحية
لايدرك كثيرون من عشاق تربية الحيوان مخاطرها الصحية وربما يستخف البعض بها معللين ذلك بأنه في الدول الغربية يكاد لا يخلو منزل من حيوان أليف يعيش مع أفراد الأسرة، لكن تكمن الخطورة في تأثير هذه المخلوقات على المرأة الحامل وخاصة إذا كان الكلب غير نظيف ولايعيش ضمن حلقة بيئية نظيفة ومصاب بالطفيليات.
وهذا مايحذر منه الدكتور قصي بربندي اختصاصي أمراض نسائية، أما بخصوص القطط فيحذر من مرض القطط الذي ينتقل من القطة إلى الجنين من خلال الأم وهو إصابة المرأة بطفيل «التكسوبلازما» ففي حال أصيبت به المرأة في المراحل الأولى من الحمل يؤدي إلى الإجهاض المبكر، وإذا أصيبت به في مراحل متقدمة من الحمل يتسبب بإصابة الجنين بتشوّهات في العيون أو في الكبد.
ولفت إلى أن هذا النوع من الطفيليات ينتقل إلى المرأة عبر الطعام، فبما أنه يكون موجوداً في براز القطة، يمكن أن يكون عالقاً في أطرافها أو في وبرها، وإذا قامت المرأة الحامل بلمس هذه المناطق الملوّثة من القطة فيمكن أن ينتقل إليها المرض إذا لمست الطعام الذي ستتناوله بعد ذلك. من هنا فإن تربية القطط خلال الحمل خطيرة وغير مرغوب بها.
لكنه بين أن هذا النوع من الطفيليات يمكن للجسم مقاومته من خلال إنتاج أجسام مضادة له، فإذا كانت المرأة قد أصيبت بهذا المرض من قبل، أي في وقت لم تكن فيه حاملاً، فإن جسمها يكون قد عمل على إنتاج الأجسام المضادة للمرض، وتالياً فإنه سيحمي نفسه منه في المستقبل، وتالياً فإن الطفيل لن يشكل أي خطر على الأم أو على الجنين خلال الحمل وبأنه يمكن للمرأة أن تعرف إذا كانت لديها المناعة لمواجهة هذا الطفيل قبل الحمل من خلال بعض الفحوصات التي يطلبها منها الطبيب مع العلم أنه لا توجد بعد لقاحات للوقاية من هذا المرض.
أما بالنسبة إلى الحيوانات الأخرى كالطيور فيمكن أن تكون غير خطرة على الحامل وعلى الجنين، لكن يجب التأكد من سلامتها وخلوّها من الطفيليات والبكتيريا، والأمر نفسه بالنسبة إلى حيوانات المزرعة.
وينصح الدكتور بربندي بعدم اقتراب المرأة من أي حيوان ميت، وبالابتعاد عن الزواحف والسحالي والبرمائيات التي يمكن أن تنقل لها الكثير من أنواع الفيروسات المؤذية.
صحة نفسية ..بشرط!
تقول الدكتورة مرسلينا شعبان حسن -محللة نفسية: إن تربية الحيوانات في المنازل لها آثار إيجابية على الأطفال فنحن نعلمهم أشياء كثيرة على لسان الحيوانات في القصص وبرامج الأطفال، مراقبة الحيوان تعطي فهماً مهماً للأطفال في مرحلة النمو وتعزز ثقافتهم فطريقة تناسلها تعطي خبرات تعليمية مهمة للطفل.
وأضافت: إن الاقتراب من الحيوانات ورعايتها يؤدي لدى البعض إلى التحرر من الكآبة لكونه يراها مخلوقات أضعف منه، فيشعر بتحقيق ذاته وخاصة أن هذه الحيوانات لاتلومه ولا تزعجه وتساعده بالخروج من عزلته ويحقق من خلال هذه الرعاية إشباعات معينة، ورأت أنه عندما يصل الأمر للمبالغة بالاهتمام فهذا يأتي في سياق تعويضي كأم فقدت ابنها وهو توظيف خاطىء وفراغ عاطفي وفقد لذاتها في اتجاه معين فلا يجوز أن تكون هذه الكائنات سبباً أساسياً لحياتنا.
وبيّنت أن هذا الأمر يعد مقبولاً لدى المسنين بعد أن يترك الأولاد المنزل وينصرفون لشؤونهم فهو يساعد على كسر الوحدة والصمت في المنزل ويملأ الفراغ.
وأشارت إلى أن لتربية الحيوانات أهدافاً نفسية إيجابية لدى المعوقين لأن المعوق في بعض الأحيان يكون مرفوضاً من المجتمع لذلك يمكن أن يكون ذلك جزءاً من برنامج إعادة تأهيله وصلته بالحياة ويشعر بأنه قادر على إنجاز شيء، وشددت على ألا تكون هاجساً لدى البعض لدرجة تحل فيها محل العلاقات الاجتماعية، وعلينا أن نعرف أسلوب حياة الأشخاص المبالغ اهتمامهم بهذا النشاط وماذا يلبي لهم الاعتناء بالحيوانات.
ولفتت إلى أن ازدياد هذه الظاهرة خلال سنوات الحرب يأتي في سياق التعاطف مع الضعيف لدى البعض، أما البعض الآخر فيحاول التشبه بالغرب وخاصة لدى الطبقات الارستقراطية في بلادنا، معللة أن هذا نوع من الاغتراب ربما لمن لا يستطيع السفر فيعيشون طقوساً عصرية، فنرى مراراً في شوارع المدن الراقية سيدة تتجول مع كلبها أو تحمل قطتها بالنقل العام هذا مؤشر لفراغ أو محاولة للتكيف مع الواقع بتزيينات معينة، وربما لمجرد لفت النظر فيمنح الشخص إشباعاً معيناً بأنه متوازن ويجدد طاقة معينة وتعامل هذا الحيوان في المنزل كأنه شريك تصرخ عليه تطعمه وتنظفه فهو يلبي إشباعات عاطفية.
وتخلص الدكتورة شعبان إلى القول: إن العناية بالإنسان وتبنّي أطفال في ظل الحرب وإفرازاتها أكثر أهمية، من دون شك تربية الحيوان والتعاطف معه أمر حضاري لكن تبقى الأولوية لعنايتنا ببعضنا ومدى إمكانية أن نتقاسم العطاءات ونساهم في رعاية المحتاجين والضعفاء وخاصة في هذه المرحلة الحرجة.
مؤلم حقاً
لايمكن القول بعد الاستماع إلى محبي هذه المخلوقات ومدى ارتباطهم الوثيق بها سوى (للناس فيما يعشقون مذاهب)، ولكن المؤلم حقاً أن البعض وصل لمرحلة ربما يحسد هذه الحيوانات المترفة والمدللة على حياتها، ولاسيما عندما يقارن بين حاله وحالها.