سورية والقوة الاستراتيجية.. السر الذي كشفه نصرالله عن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة

سورية والقوة الاستراتيجية.. السر الذي كشفه نصرالله عن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة

أخبار سورية

الجمعة، ٢١ سبتمبر ٢٠١٨

كمال خلف
زادت إسرائيل من وتيرة عدوانها داخل الأراضي السورية ، وهي تكرر بأنها تستهدف أسلحة يتم نقلها عبر الأراضي السورية إلى حزب الله مصدرها ايران . وظلت ماهية المواقع والأهداف التي تقصفها إسرائيل غامضة بسبب عدم إعلان إسرائيل عن التفاصيل ، وكذلك يفعل الجانب السوري الذي يكتفي بإعلان التصدي لهذه الغارات . بالتوازي ضمن التفاهم الروسي الإسرائيلي عدم تدخل روسيا تجاه الإعتداءات الإسرائيلية ، ضمن حدود وضوابط متفق عليها .
خطاب السيد حسن نصر الله أمس في ليلة العاشر من محرم كشف عن لغز الغارات بشكل واضح ولأول مرة منذ بدئها قبل سنوات . لم أكن حقيقة اتوقع ان يصرح بها الأمين العام لحزب الله ، ولكن حسب سيرة هذا الرجل فإنه لا يطلق المواقف إلا بعد دراسة وتعمق، ومن المؤكد أنه كان يقصد إطلاق هذا الموقف . الكشف الذي مرره السيد تصريحا مبينا في جزئية الغارات الإسرائيلية ، هو أن هذه الغارات لا تستهدف أسلحة أو صواريخ ذاهبة إلى حزب في لبنان ، كما تقول إسرائيل إنما إسرائيل تعلم أن التفوق ليس بسلاح الجو مع سوريا إنما التوازن الإستراتيجي وتوازن الردع هو بما تملكه او قد تمتلكه سوريا من قدرات صاروخية ، ولذلك إسرائيل تحاول أن تمنع قيام قوة حقيقية سورية ومنع سوريا من امتلاك قدرات صاروخية كما و نوعا ، والكلام للسيد نصر الله .
أي أن هذه التحركات التي ترصدها إسرائيل ولا تنتظر ولو يوما واحدا للانقضاض لضربها ، هي صواريخ قادمة لسوريا ، ليس هذا فحسب بل هو برنامج متكامل يعكف عليه الخبراء السوريين والإيرانيين وآخرين لتطوير منظومة الدفاع السورية ، وبناء ترسانة صاروخية بكافة المديات والبعيدة منها على وجه التحديد لأول مرة في سوريا ، ما يجعل دمشق قادرة على تغيير موازين القوى مع إسرائيل في المنطقة ، وهو ما دفع إسرائيل مؤخرا إلى اغتيال واحد من أبرز المهندسين لهذا المشروع وهو الدكتور “عزيز اسبر” مدير ملف البحوث العملية في مصياف ، والذي عمل في مجال تطوير الأنشطة الدفاعية، والأسلحة الصاروخية، وهو عالم في وقود الصواريخ، ويحمل كفاءة علمية وخبرة عاليين في مجال تطوير الأسلحة الصاروخية ، “واسبر” كان يعمل ضمن فريق يعكف على هذا المشروع .
ولا تعتبر روسيا نفسها معنية بهذا الجانب الذي لا يدخل في سياق الحرب السورية والأهداف الروسية التي جاءت من أجلها موسكو إلى سوريا ، لذلك نأت روسيا بنفسها أمام الاسرائيليين بما يخص هذا الجانب ، لكن إسرائيل لم تركن إلى هذا الموقف الروسي المحايد فهي تدفع موسكو لمنع السوريين والإيرانيين من إنجاز مشروعهم ، وهو ما لم تستجب له موسكو حتى الآن .
بينما إزدادت وتيرة محركات هذا المشروع بين ايران وسوريا وحزب الله وآخرين ، بل وتتوج في توقيع وزارتي الدفاع الايرانية والسورية لاتفاقية عسكرية خلال زيارة وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي لدمشق في 26 آب أغسطس الماضي ، لتصبح الخبرات الايرانية في مجال تطوير الصواريخ و بناء ترسانة صاروخية بين يدي السوريين ، بالإضافة إلى تفعيل مالدى سوريا من خبرات في هذا المجال توقفت بسبب الحرب الدموية على سوريا خلال السنوات الماضية . وازعم أن هذا التعاون غير مسبوق وهو الأول والأهم من ناحية النوع بين البلدين الحليفين طوال عقود .
وسبق زيارة وزير الدفاع الإيراني حاتمي بأسبوع زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي” جون بولتن ” إلى إسرائيل ، وقال أمامه الاسرائيليون مالعمل لإخراج الايرانيين من سوريا؟ حسب وسائل إعلام إسرائيلية . بينما في ذات التوقيت وبالتزامن أطلق وزير الخارجية الإسرائيلية تصريحا لافتا وقال إن الجيش السوري يستعيد عافيته وسيصبح خلال وقت قصير من أقوى جيوش المنطقة .
وما ذكرناه يقدم تفسيرا لقرار دمشق والمحور عدم الإنجرار إلى الرد المباشر ، والدخول في لعبة التصعيد ، لأنها كانت منكبة على إنجاز مشروعها، بانتظار اللحظة التي ستقف فيه إسرائيل أمام حقيقة جديدة ، تجعل عدوانها يخرس إلى الأبد . وهذا ما أشار إليه الأمين العام لحزب الله عندما قال إن هذا العدوان الإسرائيلي لم يعد يطاق والمحور يدرس وقفه. فهل كان نصر الله يلمح إلا أن المشروع نجح ، وأن هناك مفاجآت ستقلب المعادلة في السماء السورية ، بل في شكل الصراع بين المحور ككل وإسرائيل .
ربما لم نكن لنفكر بالكتابة عن هذا الموضوع لحساسيته ، لولا أن الأمين العام لحزب الله صرح به أمس ، ولم يكن لنصر الله الحديث عنه لولا أن تطورا مهما حصل على صعيد هذا المشروع ، ، فهل رفعت الأقلام وجفت الصحف ، ووقعت الواقعة التي ليس لوقعتها كاذبة . الله أعلم .
رأي اليوم