الانتخابات على الأبواب الشارع السوري يتطلع إلى مجالس كفوءة ونزيهة.. وصناديق الاقتراع ستكون بوابات عبور آمنة من التدخلات المشبوهة

الانتخابات على الأبواب الشارع السوري يتطلع إلى مجالس كفوءة ونزيهة.. وصناديق الاقتراع ستكون بوابات عبور آمنة من التدخلات المشبوهة

أخبار سورية

الأربعاء، ٥ سبتمبر ٢٠١٨

أيام قليلة تفصلنا عن انتخابات الإدارة المحلية التي تشغل الشارع السوري، حيث تكثر التوقعات والتكهنات حول ماهية المجالس القادمة، خاصة مع انتشار القلاقل والشائعات عن تدخلات من قبل أصحاب النفوذ الذين يحاولون وضع بصماتهم المشوهة، وتمرير أسماء غير مقبولة ومرفوضة على جميع الصعد، وهذا ما يعطل ويؤثر بشكل مباشر على الجهود المبذولة من قبل وزارة الإدارة المحلية لإعادة بوصلة العمل في الكثير من المجالس والوحدات الإدارية إلى مسارها الصحيح، وسمتها المتمثّل بمصلحة المواطن عبر جملة من القرارات المتخذة بحق المخالفين في مجالس المدن، وغيرها من الوحدات الإدارية، وتركيزها على تحسين الأداء في القطاع الخدمي لاسترداد ثقة غالبية الناس بهذه المجالس، وتجاوز الخلل الكبير الموجود في عملها الذي تحول بالممارسة إلى عمل استثماري اقتصادي يسهم في تضخيم الأرصدة الشخصية، وبشكل علني دون أن تكون هناك أية رقابة، بل على العكس، هناك الكثير من الأحاديث التي يتناولها الشارع عن شراكات وشبكات عمل عنكبوتية تجمع ما بين مفاصل تسلسلية عديدة في العمل بقصد الانتفاع، أو التغطية المأجورة على مخالفات وتجاوزات المجالس على امتداد مساحات العمل الإداري في كل المحافظات، فهل استطاعت القرارات استئصال الأورام الفاسدة التي تعاني منها منظومة عمل الإدارة المحلية، أم بقيت على حالها تلاحقها الشبهات، وترفع في وجوه أعضائها أصابع الاتهام الذين تتعدد مسؤولياتهم ما بين التقاعس والإهمال في العمل، وضعف الأداء للوصول إلى حكم الفساد بكل مجالاته؟.
 
حكم الشارع
 
(ما بيشبعوا)، هذه العبارة كانت حاضرة على لسان كل من سألناه عن الوحدات الإدارية، وتحديداً البلديات التي باتت في نظر الكثيرين مستثمرة لصالح بعض الأشخاص، ولم يخف الناس أيضاً استياءهم من الأحاديث والتصريحات المشبعة بالمتابعة الدائمة لعمل الوحدات الإدارية، وبأخبار محاسبة المقصرين والفاسدين في هذه المنظومة التي تتراكم الأخطاء في سجلات عمل المئات منها، وتضمحل المعالجات والحلول المتخذة بحقها، والتي تعترضها الكثير من التقاطعات التنفيذية بما يخمد فاعليتها، ويحيل قدراتها الإصلاحية إلى التقاعد المبكر جداً، بشكل يعيق إحداث تغيير حقيقي في منظومة العمل الإداري، والفكر المؤسساتي الذي يديرها، في الوقت الذي يبقى فيه الأداء على حاله، وطبعاً لسنا بصدد تبني طعن الشارع في سلامة ما تم لجهة إعادة تشكيل عدد من المكاتب التنفيذية، لأنها لم تكن على المستوى المطلوب لممارسة مهامها الموكولة إليها بموجب القانون، أو التقليل من شأن قرارات تعيين مكاتب تنفيذية مؤقتة لعدد من مجالس الوحدات الإدارية التي لم تتمكن من ممارسة اختصاصاتها، والقرارات المتعلقة بإعفاء عدد من رؤساء المجالس المحلية الذين لم يتحلوا بالأهلية والكفاءة لممارسة أعمالهم، ولكننا نحاول أن نستجلب الثقة والتوازن لتلك المعادلة التي نرصد من خلالها عمل حوالي 1361 وحدة إدارية: (محافظة، مدينة، بلدة، بلدية)، وحوالي 50 قرار معالجة تقريباً تم اتخاذها بحقها على امتداد فترة زمنية طويلة، ولا شك أن تعميم حكم الإدانة الذي يتداوله الناس بحق الواقع الخدمي، والأداء المشبوه والضعيف للوحدات الإدارية، دون الأخذ بالأسباب المخففة المتعلقة بتداعيات الأزمة، قد يكون خارج الموضوعية.
 
وعبّر الناس عن ثقتهم بأن الخيارات الانتخابية لمجالس الإدارة المحلية ستكون على قدر كبير من المسؤولية والالتزام بمهامها، وخاصة في المرحلة القادمة التي ستكون فيها صناديق الاقتراع بوابات لمرور الكفاءات التي تتصف بالنزاهة والإخلاص.
 
تطور نوعي
 
تواصلنا مع العديد من الجهات أتاح لنا فرصة التعرف على دور المجالس المحلية، حيث جاء المرسوم رقم 107 تاريخ 23/8/2011 الخاص بقانون الإدارة المحلية ليطور عمل مجالس الوحدات الإدارية: (المحافظة- المدينة- البلدة-البلدية)، ومكاتبها التنفيذية، والذي تمثّل في إضافة دور تنموي إلى جانب الدور التقليدي (الخدمي) الذي كانت تمارسه مجالس الوحدات الإدارية ومكاتبها التنفيذية في ظل قانون الإدارة المحلية السابق، حيث تجلى التركيز على الدور التنموي من خلال ما نصت عليه المواد المتضمنة أهداف القانون: (وضع خطط تنموية، وتنمية الموارد لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين، وتطوير فرص اقتصادية وتنموية، وإيجاد حالة من التكامل بين الدور الخدمي والدور التنموي، كما حددت مواد أخرى في القانون آلية القيام بهذا الدور من قبل المجالس المحلية ومكاتبها التنفيذية، وورد ضمن اختصاصات مجلس المحافظة تكليف جهات مختصة في الأجهزة المحلية والمركزية، (وإمكانية الاستعانة ببيوت خبرة محلية أو دولية)، لوضع رؤية تنموية مستقبلية، (اقتصادية، اجتماعية، وخدمية)، وترجمتها إلى خطط طويلة الأجل تضمن الانتقال إلى مراحل تنموية متقدمة اقتصادياً، واجتماعياً، ومؤسسياً، وثقافياً.
 
آليات الضبط
 
ما يتعلق بآلية اختيار الكوادر والمجالس، وكيفية ضبطها، والإجراءات المتخذة، أو التي ستتخذ بحق المخالفين فيها، وخاصة البلديات، تبدأ بانتخاب أعضاء المجالس المحلية، وهو حق وواجب للمقترعين من المواطنين في الوحدات الإدارية، وسيخضع هؤلاء بعد انتخابهم لأحكام قانون الإدارة المحلية الذي أولى (من خلال مواده) عناية خاصة لمراقبة عمل أعضاء المجالس المحلية ومكاتبها التنفيذية، وخاصة في بابه التاسع الذي حمل عنوان: (الرقابة وإنهاء العضوية)، وقد صدرت عدة مراسيم بحل عدد من المجالس المحلية بسبب فسادها، أو تقصيرها، أو ضعف أدائها وسوء استخدامها للصلاحيات الممنوحة لها.
 
بالمحصلة
 
ينتظر الناس أن تفرز صناديق الاقتراع مجالس قادرة على العمل تحت مظلة المصلحة العامة، وبعيداً عن سياسة الانتفاع، وطبعاً ذلك مرهون بوعي الناس لاختيار أصحاب الكفاءات، والكف النظيف، إضافة إلى منع أصحاب النفوذ من تمرير رغباتهم بطريقة غير شرعية ومسيئة للمواطن والمجتمع.
 
ولا شك في أن جميع الأساليب ستكون فاشلة في حال عدم المتابعة والمحاسبة المباشرة للمخالفين والمرتكبين، ولو تم تفعيل مبدأ (من أين لك هذا بشكل فعلي) على صعيد البلديات والمجالس المحلية لكان هناك أكثر من 90% من هذه المجالس في قفص الاتهام، ومن هنا تبدأ خطوة الألف ميل إن كانت هناك نوايا جادة، وإرادة حقيقية لإصلاح هذه المنظومة