«أسمدة حمص» أرقام مُخجلة.. عمل بخسارة وطاقات إنتاجية معطّلة و9 بالألف العائد على استثمار الأصول في الشركة

«أسمدة حمص» أرقام مُخجلة.. عمل بخسارة وطاقات إنتاجية معطّلة و9 بالألف العائد على استثمار الأصول في الشركة

أخبار سورية

الاثنين، ٦ أغسطس ٢٠١٨

إسماعيل عبد الحي:
كانت الهوة كبيرة في المعلومات التي قدمتها إدارة شركة الأسمدة في حمص وما صرحت به إدارة المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية في دمشق وبينهما تقبع الشركة العجوز تنتظر مصيرها في إنقاذ ما يمكن إنقاذه بدءاً من تهالك الآلات وصعوبة الحصول على قطع التبديل في ظل الحصار الذي يشهده بلدنا وتسرب العمالة والأثر البيئي السيئ وما تسببه الغازات بأشكالها المتعددة من ضرر على القاطنين في بلدة قطينة المجاورة ومدينة حمص بشكل عام، أما التباهي بالخروج من عنق الزجاجة والخسارات التي تسببت بها إدارات سابقة فهي لا تساوي شيئاً في حسابات العائد على استثمار الأصول، وفق حسابات المدير العام لمؤسسة الصناعات الكيميائية الدكتور أسامة أبو فخر التي لا تكاد تذكر مقارنة بالشركات الأخرى، وعليه فإن إيجاد شريك في العملية الإنتاجية أصبح أمراً لا مفر منه، ولاسيما أن شركة روسية عرضت على الحكومة تطوير الشركة وتحديثها بمئتي مليون دولار مقابل حصص وأرباح يتفق عليها الجانبان.

مهندسون رفضوا ذكر أسمائهم
قصة التعثر بدأت حينما توقف معمل الأمونيا يوريا عن الإنتاج في الربع الأخير من عام 2015 وحتى بداية الشهر السابع من عام 2017 لعدم تزويد الشركة بالغاز الطبيعي، وكانت التصريحات متناقضة عن جاهزية المعمل الفنية ففي الوقت الذي تؤكد إدارة الشركة جاهزيته المطلقة يؤكد الفنيون في الشركة تكرر حدوث الأعطال والفشل في الإنتاج، وإنتاج 190 ألف طن سماد يوريا في تسعة أشهر رغم توافر مادة الغاز بكثافة، وتحدثوا عن هدر كبير في كل التشغيل عدا عن الفاقد الدائم منه الذي تصل نسبته إلى 20% لا يمكن الاستفادة منها أبداً.
حسب مهندسي الشركة تم إنتاج كمية من السماد في معمل الأمونيا يوريا خلال عام 2017 (ستة أشهر) 46065 طناً، ومن المفترض أن تكون الكمية 130 ألف طن ،ومن بداية العام الحالي وحتى 18 آذار تم إنتاج 10225 من سماد اليوريا، ويفترض أن تكون الكمية المنتجة حوالي 60 ألف طن، وأضافوا: تم استهلاك كمية من الغاز الطبيعي لإنتاج كمية الأمونيا المذكورة قدرت بحوالي 94 مليون طن من الغاز بمعدل 2245 متراً مكعباً لكل واحد طن أمونيا، ورأوا أن التصميم هو 1050 متراً مكعباً والمعياري هو 1520 متراً مكعباً أي بزيادة على المعياري 725 متراً مكعباً لكل واحد طن، ولو أن المعمل يتم تشغيله بشكل نظامي لوصل الإنتاج من تموز 2017 وحتى منتصف آذار إلى حدود 190 ألف طن تقريباً.
وذكر المهندسون أنه ولعدم جاهزية المعمل الفنية وعدم إجراء الصيانات اللازمة والكشف على المعدات بشكل جيد تكرر حدوث الأعطال وإنتاج كميات قليلة، علماً أن المعمل متوقف منذ الربع الأخير من عام 2015 وحتى بداية التشغيل في الشهر السابع من العام الماضي.
ثروة وطنية
الإدارة ترى في الشركة التي تتألف من ثلاثة معامل أساسية معمل السماد الفوسفاتي ،معمل الكالنترو ومعمل الأمونيا يوريا، ثروة وطنية يفترض عدم السماح بالتشاركية فيها، وتجد في التعثر والميزان التجاري المتواضع ما يبرره من ظروف الحرب وغيرها وتسرب أكثر من نصف الفنيين والعمال الخبراء من الشركة.
المهندس محمد رائد درويش مدير معمل «ت س بي» قال: ننتج السماد الفوسفاتي (سوبرتروبل فوسفات) «ت س بي»، ولدينا منتجات ثانوية للمعمل لا تقل أهمية عن المنتج الرئيس كحمض الكبريت وحمض الفوسفور، والسماد دعم للثروة الزراعية،ويتراوح إنتاجنا بشكل وسطي ما بين 300 إلى 350 طناً يومياً على خط إنتاجي واحد، وإذا ما تم تشغيل الخطين الإنتاجيين الموجودين في المعمل، يمكن أن يصل الإنتاج إلى ألف طن سماد فوسفاتي يومياً، والمعدل الوسطي للإنتاج ليس ثابتاً، وهو يتغير إذا كانت هناك صيانة أو توقفات، والتوقفات هي وقتية لأسباب تتعلق بصيانات محدودة.
العمل بشكل متقطع
المهندس نصر الله سليمان مدير معمل الكالنترو قال: إن معمل نترات الأمونيوم الكلسية (الكالنترو)من أقدم معامل شركة الأسمدة تم تدشينه في عام 1971، ويعد نواة الشركة العامة للأسمدة، ويتألف من وحدة الخدمات الإنتاجية وهي تنتج المياه المعالجة بطاقة 720 متراً مكعباً في اليوم، وفيه دارة التبريد بطاقة 2000 متر مكعب /ساعة مياه تبريد، وقسم إنتاج حمض الآزوت ويتألف من خطي إنتاج بطاقة إنتاجية قدرها 280 طن حمض آزوت يومياً، وقسم إنتاج الكالنترو وطاقته الإنتاجية السنوية 123 ألف طن نترات أمونيوم كلسية تركيز آزوت 30%، وفي سنوات الأزمة تراكم المخزون بسبب عدم استجرار السماد بالشكل المطلوب ،ونعمل اليوم بشكل متقطع لتلبية حاجات جهات كل من القطاع العام والخاص ،ويقوم المعمل ببيع بعض المنتجات الثانوية مثل ماءات الأمونيا وحمض الآزوت للقطاعين العام والخاص، والمعمل فنيا جيد جداً، وفيه خبرات متراكمة، وهو يعاني نقصاً شديداً في العمالة وكان قبل الأزمة 400 واليوم 230 عاملاً، وفيما لو استجر المصرف الزراعي الإنتاج فالمعمل يحقق خططه وأكثر.
مليون متر مكعب من الغاز يومياً
المهندس محمد حمشو مدير معمل الأمونيا يوريا قال: الطاقة الإنتاجية التصميمية للمعمل هي ألف طن يومياً من سماد اليوريا، والإنتاج الفعلي هو ألف طن يومياً حتى الآن، علماً أن المعمل أنشىء نهاية السبعينيات وبدأ بالإنتاج أول مرة عام1981، والمادة الأولية هي النفتا المستجرة من مصفاة حمص والماء من بحيرة قطينة ونهر العاصي والهواء الجوي، وفي عام 1988 تم تحويل المعمل من النفتا إلى الغاز الطبيعي المستجر من آبار الغاز المتوافرة، واستهلاكنا من الغاز الطبيعي هو مليون متر مكعب في اليوم ننتج منه ألف طن سماد يوريا وفائض من الأمونيا لزوم إنتاج سماد الكالنترو، ولزوم السوق المحلية كالبرادات والمنظفات، وعدد من المنتجات الثانوية، ولدينا بعض المعوقات، أولها النقص الشديد في العمالة الناتج عن التسرب أثناء الأزمة، وحالياً توجد مسابقة لتعويض النقص، مع الإشارة إلى أن العمالة هرمة بشكل عام.
أضاف حمشو: وضع المعمل بشكل عام جيد، وفي قسم الأمونيا نعاني قدم الآلات والمعدات، وفي أبراج مياه التبريد الأداء حدي إضافة لسوء المياه القادمة من بحيرة قطينة، ووجود الترسبات في المبادلات يؤدي إلى انخفاض في الإنتاج.
لا يمكن تقليل الهدر
المهندس طراف مرعي مدير عام شركة الأسمدة قال :أُعيد إقلاع معمل السماد الفوسفاتي بعد وصول الفوسفات الخام في بداية هذا العام، وهو بصدد إجراء صيانة بسيطة ليعود للإقلاع ثانية بعد أيام قليلة، ومعمل الكالنترو يعمل في التوقيت والزمن الضروري، والشركة تعاني نقص العمالة ،ونحن الآن بصدد إجراء مسابقة لتعيين 800 عامل، وفي حدود شهرين على الأكثر سيتم رفد الشركة بعمال جدد لتدريبهم من قبل الفنيين في الشركة، وبشكل عام تغلبنا على جميع الظروف، وأضاف:هناك قطع تبديل لا تستخدم إلا من قبل الشركات الصانعة، وتصنيعها محلياً أمر صعب، وقد لا تؤدي القطع المصنعة محلياً الكفاءة المطلوبة، وسنحاول أن نقوم بالصيانة قدر الإمكان.
أشار مرعي إلى أن معمل الأمونيا يوريا ومنذ تاريخ تركيبه مصمم على إنتاج ألف طن والهدر يتم عبر البرج غاز، منوهاً بأن الهدر تصل نسبته إلى حوالي 20 %، ولا يمكن التقليل من نسبة الهدر، لأن استخدام الغاز في أشياء أخرى يحتاج أموالاً باهظة ، وعمليات إنشاء جديدة. والمعامل قديمة نسبياً أصغرها تجاوز عمرها الـ 35 عاماً.
الشركة تعمل بخسارة
الدكتور أسامة أبو فخر أشار إلى أن الهدف من استثمار الشركة مع الجانب الروسي هو الوصول إلى الطاقات الإنتاجية التصميمية واليوم ننتج من 350 إلى 400طن يومياً سماداً فوسفاتياً بينما يفترض بنا الوصول إلى الطاقات التصميمية وهي 1600طن, وإذا ربحنا من 1600 طن النسبة نفسها تصبح أرباحنا أربعة أضعاف ما نربحه اليوم، هذا إذا استثنينا المصاريف الثابتة من رواتب وأجور النقل والتدفئة، وهذه سيتم دفعها أياً كان الإنتاج، وإذا حصلت على نصف الأرباح أكون قد حققت ضعفي ما أربحه اليوم والمعمل مهدد بالتوقف في أي وقت، وسيق له أن توقف سبع مرات، والمعامل في الشركة تعمل شهراً ثم تتوقف للإصلاح ،وإن كل إعادة إقلاع عدا عن الصيانات التي نقوم بها تكلفنا حوالي 500 مليون ليرة سورية هي غاز يحرق ويقذف إلى الهواء، وعن موضوع الفاقد الدائم من الغاز والتي تقدر نسبته بـ20 % بشكل دائم قال أبو فخر: هذا صحيح، وهذا يعني أن الشركة تعمل بخسارة، ووفقاً للأصول الموجودة في الشركة وبصناعة كهذه يفترض أن تصل الأرباح إلى 40 %، ولكن ما يحدث هو أن الشركة تعمل بخسارة مع الأخذ بالحسبان أن الشركة ربحت في عام2016 حوالي الـ600 مليون ليرة سورية بسبب بيع المياه الحامضية وحمض الكبريت والمواد الثانوية التي تنتجها الشركة، ونحن نتحدث عن ربح 600 مليون لشركة قيمتها السوقية مليار ونصف المليار دولار، وتحدث أبو فخر عن دراسة قام بها عن واقع المؤسسة تبين أن نسبة استغلال الطاقات المتاحة في معمل اليوريا هي 16 % والكانترو 3 % والفوسفاتي 4 %، وعن القيمة المضافة المحققة قال أبو فخر:في عام 2016 بلغت تكلفة الإنتاج 5 مليارات و700مليون ليرة سورية، وبلغ صافي قيمة المبيعات 7 مليارات ليرة سورية، وبذلك تكون الشركة قد حققت ربحاً تجارياً قيمته مليار و300 مليون ليرة سورية، وفي عام 2017 بلغت تكلفة الإنتاج 11 ملياراً و200مليون ليرة سورية، وبلغت قيمة صافي المبيعات 10 مليارات و700مليون ليرة سورية…إذاً نجد أن الأمر هنا غير طبيعي.
وفي تقييم الشركة العامة للأسمدة قال أبو فخر: إن العائد على استثمارالأصول 9 بالألف، ومقارنة بشركة الدهانات فإن العائد على استثمار الأصول عشرة في المئة، ورغم أن الرقم غير جيد فهو مقبول في هذه الظروف الصعبة والخدمة الاجتماعية التي يتم تقديمها، وكذلك الأمر في شركة تاميكو ومع وجود مئة عامل في حلب هم عمال معمل السيرومات ويتقاضون رواتبهم وهم في بيوتهم، فإن العائد على استثمار الأصول هو عشرة في المئة تقريباً وهو مقبول أيضاً، وفي تاميكو عدد قليل من الآلات والأرباح تجاوزت الـ600 مليون ليرة سورية، ونحن نخطط اليوم لأرباح مليارين و300 مليون بعد أن تم تأمين عدد من خطوط الإنتاج الجديدة، وفي الأسمدة نحن أمام مشكلة حقيقية فالطاقات الإنتاجية في الشركة في معظمها معطل، والعائد على استثمار الأصول متدن جداً، إضافة إلى ضعف استخدام الشركة لموجوداتها لتحقيق أعلى رقم مبيعات، والشركة بوضع مقبول لسداد التزاماتها قصيرة الأجل، وذكر أبو فخر أن اعتماد الشركة على مصادر تمويل خارجية لتمويل حاجاتها مرتفع بحوالي نصف حاجاتها وهذه مشكلة أيضاً، وهذه الحاجات كلها من خارج سورية، وفي الشركة، وفقاً لما قاله أبو فخر لا توجد أي قيمة مضافة محققة.
شريك استراتيجي
قال أبو فخر: حينما نتحدث عن شريك في الشركة يفترض أن يكون شريك استراتيجياً، وعلى سبيل المثال، لا نقبل بشريك لنا في الأدوية لأنها رابحة، ونوه بأن الشراكة لن تؤثر في ملكية الدولة وحقوق العمال وتأمين السوق المحلية من الأسمدة بكل أنواعها، إضافة للمنتجات الثانوية، والأهم من ذلك تخفيف الضرر البيئي، وأضاف: نحن نعمل على عقد متكامل، وسوف نصل إلى 30 % أرباحاً لأن الشريك سوف يطور بما قيمته 200مليون دولار ولخمسة عشر عاماً قابلة للتجديد حفاظاً على حقوق الدولة والأجيال القادمة، والعقد سوف يمر على سلسلة طويلة من الموافقات، وإن الكتاب الذي وردني من رئاسة مجلس الوزراء كان واضحاً وهو لبيان الرأي بما يتناسب والمصلحة العامة، وكمؤسسة نعمل ما أمكننا للوصول إلى هذه الغاية، وأرقام الشركة العامة للأسمدة اليوم مخجلة ومعيبة!.