تتسارع خطوات وضعه في الخدمة معبر نصيب.. شريان تجاري مهم وآمال لدى أبناء السويداء بانتعاش اقتصادي

تتسارع خطوات وضعه في الخدمة معبر نصيب.. شريان تجاري مهم وآمال لدى أبناء السويداء بانتعاش اقتصادي

أخبار سورية

الثلاثاء، ٣١ يوليو ٢٠١٨

عودة العلم العربي السوري يرفرف فوق معبر نصيب الحدودي يحمل رمزية عسكرية وسياسية كبيرة، ويشكّل مقدمة لانتعاش تجاري واقتصادي هام في المنطقة، إضافة إلى الأهمية العسكرية التي حملها تحرير المعبر، حيث حقق أبرز أهداف العملية العسكرية التي انطلقت في الجنوب، ولتحرير معبر نصيب أهمية خاصة لدى أبناء محافظة السويداء، حيث يشكّل شرياناً اقتصادياً مهماً بالنسبة لهم كونه المنفذ الوحيد الذي يربطهم بالأسواق الخارجية لتصريف منتجهم الزراعي، فأين تكمن الأهمية الاقتصادية للمعبر بالنسبة لأبناء المحافظة؟ وما هي إجراءات الحكومة لتحقيق آمالهم؟.
“البعث” في المعبر
خلال جولتنا في المعبر رصدنا ما تعرّض له من عبث وتخريب بمبانيه ومنشآته التي حوّلتها التنظيمات المسلحة إلى مقار لها، ومستودعات أسلحة وذخيرة متنوعة، وأقبية، ومشاف ميدانية، وسجون، وورشات لتصنيع العبوات الناسفة والمفخخات، بالإضافة إلى عتاد حربي من مخلفات التنظيمات المسلحة يضم عربات بي ام بي، وب ردم، ومستودعات ذخيرة متنوعة، ومشفى ميدانياً، مع مستودع أدوية يضم أدوية مصدرها خارجي، إضافة إلى ورشة تصنيع عبوات ناسفة، وسجن.
وكان الجيش بدأ عملية عسكرية في الجنوب في 22 حزيران الماضي ليسيطر على مساحات واسعة من محافظة درعا، وعلى نقاط حدودية مع الأردن، حيث تمت السيطرة على معبر نصيب، ما يعني فتح شريان تجاري بري يساهم في استعادة سورية لقوتها مجدداً.

إنجاز عسكري
رايات عدة ارتفعت فوق المعبر، حيث تناوبت العديد من المجموعات الإرهابية المسلحة للاستيلاء عليه حسب تعليمات مشغليهم في “موك”، فأكثر من 60 تنظيماً إرهابياً عملت في الجنوب، وكان الرهان كبيراً على هذه التنظيمات من قبل غرفة موك الأردنية بتغير مجرى الحرب، فدعمتهم بأحدث أنواع وصنوف الأسلحة بنسخها أمريكية وإسرائيلية الصنع، وأطلقت معارك عواصف الجنوب الخمس، وقبلها معركة مطار الثعلة، واستطاع الجيش السوري التصدي لجميع هذه الهجمات، وتكبيد المهاجمين خسائر فادحة، ومنعهم من تحقيق أهدافهم في توسيع مساحات سيطرتهم، وأجبرهم على الانكفاء في مساحات كانت تضيق يوماً بعد يوم في ظل الانتصارات المتلاحقة للجيش السوري، خاصة في الأيام الأخيرة، وبعد إطلاقه معركة الجنوب، ما دفع معظم تلك الجماعات إلى الاستسلام، وتسليم أسلحتهم الثقيلة، ومناطق تواجدهم للجيش العربي السوري.
وذكر مصدر ميداني بأنه تمت بعزيمة الجيش العربي السوري استعادة المخافر الحدودية من ريف السويداء الجنوبي الغربي، وصولاً إلى معبر نصيب جنوب درعا، ونشر نقاط الحراسة على طول الحدود، وبالتالي إغلاق جميع المنافذ غير الشرعية، وسبل وخطوط التهريب والإمداد للتنظيمات الإرهابية المسلحة، فضلاً عن الأهمية الاقتصادية لاستعادة المعبر.
وبالحديث عن الإنجازات الإقليمية والسياسية لتحرير المعبر، يشير القادة الميدانيون للمعركة إلى أن الكيان الصهيوني خسر نقطة ارتكاز مهمة، وورقة ضغط على الحكومة السورية من خلال خسارته لبعض مواقع الجماعات المسلحة، حيث أصبح هذا الكيان على بعد عدة كيلومترات قليلة وجهاً لوجه مع وحدات الجيش السوري التي أصبح أبطالها يتقنون كافة فنون القتال بمهارات عالية، وهم عازمون السير بخطا ثابتة على تحرير كامل تراب الوطن من براثن الإرهاب، وهذا ما يدب الرعب في نفوس الأعداء، كما يقول عدد من الجنود الذين التقتهم البعث، حيث أعربوا عن المعنويات العالية التي يتمتع بها بواسل الجيش العربي السوري، والعزيمة العالية لمتابعة تأدية واجبهم الوطني في تطهير كل الأراضي السورية من رجس الإرهاب حتى يبقى علم الوطن عالياً.

انتعاش اقتصادي
البيانات الرسمية المتعلقة بالحركة التجارية للمعبر تشير إلى أن السيارات الشاحنة التي غادرت سورية إلى الأردن خلال عام 2010، عدا سيارات الترانزيت، بلغ عددها نحو 4425 سيارة، فيما سجلت الصادرات السورية في العام نفسه، من خلال هذا المعبر، ما يقرب من 35 مليار ليرة، والمستوردات نحو 47 مليار ليرة، أي أن قيمة المبادلات التجارية للمعبر تجاوزت ملياري دولار، وفقاً لسعر الصرف المعمول به في عام 2010.
وكما أن إغلاق المعبر كان بمنزلة حرق لآخر “المراكب” التي تجمع دمشق بعمان، فإن إعادة فتحه يمكن أن تمثّل بداية مرحلة جديدة في مسيرة علاقات البلدين المتوترة طوال سنوات الأزمة السورية، وتحديداً في الجانب الاقتصادي، حيث من المتوقع أن يعود قرار فتح المعبر بمنافع اقتصادية كبيرة على اقتصاد البلدين.
يقول رئيس مجلس محافظة السويداء عصام الحسين: إن المعبر يحظى بأهمية اقتصادية كبيرة، فمن خلاله ستكون الصادرات السورية قادرة على الوصول مجدداً إلى أسواق الخليج العربي، ومصر بكميات أكبر، وكلفة أقل، فضلاً عن إعادة تنشيط حركة تجارة الترانزيت القادمة عبر المرافئ اللبنانية، أو مرفأ طرطوس، لذلك لم تخل توصيات دورة من دورات المجلس خلال السنوات السابقة من ضرورة فتح معبر بديل للمحافظة، لما يشكّله ذلك من حل جذري لأزمة تسويق المنتجات الزراعية التي يعاني منها مزارعو المحافظة، وكذلك استيراد منتجات زراعية تحتاج لها الأسواق الداخلية، فإغلاق معبر نصيب انعكس سلباً على الواقع الزراعي، وأثر على سير العملية الزراعية، وأكد الحسين أن المطلب الأساسي اليوم هو الإسراع بوضع معبر نصيب بالخدمة، وربط المحافظة بهذا المعبر بطريق دولي.

أهمية استراتيجية
معبر نصيب كما يسمى في سورية، أو معبر جابر كما يسمى في الأردن، هو معبر حدودي بين البلدين، يقع بين بلدتي نصيب السورية في محافظة درعا وبلدة جابر الأردنية في محافظة المفرق، بدأ العمل بإنشائه عام 1991 على مساحة تقدر بـ 2867، ووضع بالخدمة عام 1997، وللمعبر أهمية استراتيجية، ووصف بأنه الأهم في منطقة الشرق الأوسط، حيث كانت تنتقل عبره البضائع التجارية بين سورية وكل من الأردن ودول الخليج العربي.
وفي ظل الأحداث السورية سيطر مسلحو ما يسمى “الجيش الحر” على المعبر في 1 نيسان من عام 2015، ليشل بذلك أحد أهم المعابر التجارية في سورية.
يقول صفوان الظاهر،/مخلص جمركي/: إن إغلاق معبر نصيب انعكس سلباً على مزارعي المحافظة، حيث اتجه المصدرون للنقل البحري الذي يحتاج إلى تكاليف مضاعفة لإيصال المنتج إلى الأسواق الخارجية، وطبعاً هذه التكاليف لم تضف على سعر المنتج، بل خفضت من سعره، وهذا انعكس سلباً على دخل المزارعين الذين باعوا إنتاجهم بأسعار أقل من الكلفة، وبيّن الظاهر أن عودة فتح معبر نصيب ستشكّل جرعة أمل جديدة لعملية تصدير الإنتاج الزراعي لمحافظة السويداء، وبالتالي انتعاش الواقع الزراعي بشكل عام في المحافظة.
ويوافقه الرأي عضو مجلس المحافظة بسام الشاطر الذي قال: إن إغلاق معبر نصيب الفترة الماضية أثر كثيراً على الواقع الاقتصادي لمحافظة السويداء التي تعتمد بشكل كبير على تصدير منتجاتها الزراعية عن طريق هذا المعبر إلى دول الخليج ومصر، وبالتالي يشكّل الشريان الاقتصادي الوحيد الذي يربط المحافظة بالخارج، وكان مطلبنا الأساسي هو افتتاح معبر بديل، ولكن الظروف لم تسمح بذلك، ويبقى المهم اليوم، بعد عودة المعبر، الإسراع بوضعه بالخدمة، وربط المحافظة به عن طريق الخط الحدودي، وذلك قبل الموسم الزراعي الحالي.

إجراءات حكومية
الاستجابة الحكومية مع مطالب أبناء المحافظة كانت بالتوجه نحو تنفيذ خط دولي يربطها بالمعبر حدودياً، ولكن هذا التوجه لم ير النور بعد رغم أهميته، خاصة خلال سنوات الحرب، فقوبلت المقترحات المتعددة بالترحيل والتسويف تحت مبررات يجدها أبناء المحافظة واهية، وإذا كان افتتاح المعبر قاب قوسين أو أدنى من الإعلان، يبقى المهم هو ربط المحافظة بهذا المعبر بشكل يحقق العديد من النتائج، أهمها تخفيف تكاليف التصدير بشكل يعود بشكل إيجابي على أرباح المزارعين، ويعوّض خسائرهم الفائتة، وينعش المحافظة اقتصادياً عبر وجود طريق دولي يمر عبرها، فهل ستوضع الدراسات والمقترحات والوعود السابقة لأبناء المحافظة موضع التنفيذ، أم أن متطلبات المرحلة القادمة تقتضي القفز فوق تلك الوعود، وتوجيه الميزانيات المخصصة لتنفيذها باتجاهات أخرى؟!.

رفعت الديك-البعث