لماذا ملائكة الـرحمة خارج دائرة الاهتمـام.. كلية التمـريض في جامعة تشرين خرَّجـت1600 ممرض.. 50 منهم فقط يعملون فـي المشافي!

لماذا ملائكة الـرحمة خارج دائرة الاهتمـام.. كلية التمـريض في جامعة تشرين خرَّجـت1600 ممرض.. 50 منهم فقط يعملون فـي المشافي!

أخبار سورية

الخميس، ١٢ يوليو ٢٠١٨

داود عباس
يساعد الأصحاء والمرضى وصولاً إلى أعلى مستويات الصحة والعافية، ويشكل العاملون في التمريض أكثر من 50 % من العاملين في القطاع الصحي، ووفقاً لمكتب إحصاءات العمل الأمريكي: يعد التمريض ضمن أكبر 10 وظائف نمواً، ونظراً لأهمية الممرض جاء قرار منظمة الصحة العالمية ليؤكد ضرورة أن يكون العامل في قطاع التمريض مجازاً جامعياً، فلذلك قامت الحكومة بافتتاح كليات التمريض وجهزتها بكل مسببات النجاح من الأساتذة والمناهج والمخابر، لتخريج الكوادر العلمية المتخصصة بغية رفع مستوى الأداء… وقد خرّجت جامعة تشرين حتى الآن قرابة /1600/ ممرض وممرضة لا يعمل منهم في مشافي المحافظة أكثر من خمسين خريجاً..!
 
قصص وحكايا!
معظم الخريجين لا يعملون باختصاصهم لندرة مسابقات التعيين، فتشتتوا وذهبت ريحهم، وصارت لكل واحد منهم حكاية، ومن تلك الحكايا: البعض ضاقت به السبل فلم يجد إلا سوق الهال ملاذاً ومكان عمل لتأمين رزقه… وآخر عاد لقريته واستدان ليعيد البقرات التي باعها أثناء دراسته حالماً بوظيفة مرموقة في أحد المشافي ليجلب والدته ويعيشا في المدينة، لكنه عاد لأمه ليعمل في أرضه ويربي المواشي كما كان أجداده.. وآخر يعمل حارساً في الليل وفي النهار يتابع تحصيله الجامعي في التعليم المفتوح ليحصل على شهادة جامعية أخرى تكون مقبولة في الوظائف، وبعضهم يعمل بائعاً في سوبر ماركت، ومن جرب حظه في المشافي الخاصة خابت أمانيه منذ البداية فساعات العمل طويلة والأجر زهيد لا يتناسب مع الدوام والجهد والأغلبية هاجرت خارج القطر ومعها علمها وشهادتها والخبرات التي حصلت عليها من مناهجها الحديثة ومخابرها المتطورة وكوادرها العلمية الكفوءة، وتشكل بالتالي خسارة كبيرة للقطاع الصحي وللوطن في ظرف نحن أحوج ما نكون فيه لهذا الاختصاص المهم جداً.
 
في رحاب الكلية..
وللوقوف ميدانياً على واقع الكلية ، قمنا بزيارة الكلية والتقينا الدكتورة نسرين داود – عميدة كلية التمريض- حيث قالت: افتتحت الكلية عام 1994وتخرجت الدفعة الأولى عام 1998 وقد بلغ عدد الخريجين حتى تاريخه 1580 طالباً وطالبة.
وتعمل الكلية على أن يكون خريج برنامج الإجازة في التمريض قادراً على تقديم الرعاية التمريضية الشاملة للمرضى والأصحاء بكفاءة وأمان باستخدام العملية التمريضية ووفق معايير ممارسة التمريض في مختلف المواقع الصحية، والمشاركة بفعالية في تعزيز الصحة والمحافظة عليها والوقاية من الأمراض بين الأفراد وفي المجتمع ، وتطوير برامج مختلفة للتثقيف الصحي للأفراد والمجموعات المرضى منهم والأصحاء، والحفاظ على بيئة آمنة وصحية لتعزيز الصحة والوقاية من المرض، واستخدام الطرق العلمية في نقد النظريات التمريضية الحالية وفي تطبيقها وتطبيق نتائج البحوث في مواقع منتقاة للممارسة، واستخدام التفكير النقدي الفعال وأسلوب حلّ المشكلات في ممارسته المهنية، والتواصل الفعال الشفهي والكتابي مع الأشخاص وفي العلاقات المهنية مع الزملاء والمرضى والعائلات وبقية أفراد الفريق الصحي.
يبنى التمريض على ثلاث ركائز هي: الممارسة والتعليم والبحث وتضيف عميدة الكلية:
أما الممارسة فهي تقديم العناية الكاملة والشاملة للفرد بالاعتماد على العملية التمريضية كأسلوب منظم لاتخاذ القرار وضمن إطار الفريق الصحي والعمل الجماعي، وكموجه نحو تعزيز الصحة والوقاية من المرض وتقديم الرعاية للصحيح والمريض والمحتضر، وتعتمد الممارسة التمريضية على مهارات التواصل والتفكير النقدي والأسلوب العلمي في حل المشكلات واتخاذ القرارات والسلوك المهني والإنساني المتعاطف مع المريض وأهله، والممارسة التمريضية في بيئة الرعاية الصحية الديناميكية هي ممارسة مستقلة وتشاركية.
التعليم
فالتعليم عملية ديناميكية مستمرة مدى الحياة، وثيقة الصلة باحتياجات المجتمع تتفاعل بقوة مع المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، يتم الحصول فيها على المعارف في جو من الدعم والإرشاد وحرية الاستفسار والتعبير، والمدرس قدوة، وهو ملتزم بمساعدة الطلبة على تطوير مهاراتهم في التفكير النقدي وحل المشكلات وتصميم التداخلات استجابة للحاجات الحالية والطارئة للأفراد والمجتمع والمؤسسات. وينتج عن التعليم تغيير إيجابي في معارف ومواقف وسلوكيات المتعلم.
وتتابع عميدة الكلية قولها: الكلية ملتزمة بتعزيز احترام مهنة التمريض ورفع معايير الممارسة التمريضية.
وبما أن الطالب هو المحور الأساس للعملية التعليمية، فمن أجله يتم وضع المناهج اعتماداً على قدراته وإمكاناته ومن خلال برامج وأنماط وأساليب من التعلم والتعليم تحقق المعايير المطلوبة ولا يتعلم الفرد بمعزل عن بيئته، ونجاح الممرض يعتمد على العلم والمهارات والمواقف التي يكتسبها خلال دراسته وعمله في جو مناسب يتلاءم مع حاجاته الشخصية والعلمية، ويحدث التعليم تغيرات في سلوك الطالب نحو الأفضل نظرا لتعرضه لخبرات تعليمية وحياتية مختلفة.
البحث العلمي
تؤكد د. نسرين أن للبحث العلمي علاقات متكاملة مع التمريض التطبيقي وتساهم نتائج أبحاث التمريض في الارتقاء بالصحة كذلك يضع الخريجون بصماتهم، كما أوضحت، في كل من حقول الدراسات العليا والبحث العلمي والتعليم وأصول التدريس ووسائلها وأساليبها مما تتضمنه اختصاصات الكلية بما في ذلك وضع المؤلفات العلمية وتطويرها وإعداد الأطر التدريسية والإدارية لمختلف مدارس التمريض والمشافي في البلد لتلبية حاجات الممرضين والمؤسسات والمجتمع وللإسهام في ارتقاء مهنة التمريض وتشجيع البحث العلمي في التمريض والمزاولة المرتكزة على البحث العلمي.
أحدث التجهيزات
أما مخابر الكلية فقد جهزت، كما أكدت الدكتورة نسرين، بأحدث التجهيزات التقنية التي من شأنها إحداث تحول نوعي في مجال صقل مهارة الطالب في مختلف التخصصات التمريضية وتضييق الفجوة بين الحيزين النظري والعملي ووضع معايير عالية الجودة لتقويم الطالب. وينتظر أن يكون برنامج التمريض في جامعة تشرين عاملاً رئيساً في تطوير مهنة التمريض في سورية علمياً واجتماعياً لمواكبة التحديات التي تواجه نظام الرعاية الصحية في الحاضر والمستقبل، حيث أضافت عميدة الكلية أن الطرق التعليمية المستخدمة في البرنامج هي طرق رائدة تنمي القدرات الذهنية وتطور المواقف والسلوك المهنيين كما أنها تربط الجامعة بالمجتمع للوصول إلى أعلى صحة ممكنة للفرد والأسرة.
وأضافت الدكتورة: إن الكلية تمنح حالياً درجة الإجازة في التمريض ودرجة الماجستير بكل الاختصاصات والدكتوراه باختصاص تمريض صحة المجتمع لما لهذا البرنامج من أهمية في تطوير القطاعات التعليمية والسريرية ، ومنحت الكلية درجة الدكتوراه لطالبين باختصاص تمريض وصحة مجتمع ، وقد بلغ عدد طلاب الماجستير /220/ طالباً وطالبة في الاختصاصات الموجودة وهي : الأمومة – صحة الطفل – تمريض نفسي – صحة مجتمع – حالات حرجة عام – حالات حرجة /أورام – بالغين – إدارة – تمريض نفسي.
في المشافي
إن الظروف التي عصفت بالبلد وما نتج عنها من هجرة للشباب والكفاءات ضاعفت من حجم العمل وتالياً الحاجة الماسة لترميم النقص ولاسيما في المشافي والسؤال: ما الذي يحول دون ترميم النقص الحاصل من خلال تعيين دماء جديدة؟
في مشفى تشرين الجامعي التقينا الدكتور لؤي نداف – مدير عام المشفى – قال:
يحتاج المشفى لـ 2500 ممرض ، إضافة لـ 500 ممرض سنوياً بشكل مستمر، أما الموجود فعلا فهو 942 ممرضا فقط.
– رئيسة التمريض العام في المشفى الآنسة يسرى حسن قالت: يعمل في المشفى 4 خريجين من كلية التمريض فقط، إضافة لـ 15 خضعوا لعملية تجسير (أي تعميق اختصاص في كلية التمريض مدة عامين)
وبعد زيارة ميدانية لبعض المشافي والهيئات المستقلة ومديرية الصحة للسؤال عن عدد الخريجين العاملين فيها تبين لنا: 4 في المشفى الوطني في اللاذقية و 4 في مشفى جبلة و2 في مشفى الباسل في القرداحة و4 في المراكز الصحية و21 في مديرية الصحة وفي كل هيئة مستقلة بين 1-2 خريج فقط، وتالياً مجموع الخريجين في مشافي الصحة والتعليم العالي لم يبلغ الـ50 خريجاً!!
وهناك / 70/ ممرضاً وممرضة من خريجي المدارس والمعاهد التمريضية اتبعوا برنامج تجسير في كلية التمريض.
نقابة التمريض
وللنقابة رأي إذ تؤكد لوريس سعيد – رئيسة فرع النقابة في اللاذقية:
نقابتنا حديثة التأسيس، وفور تشكيل فرعنا قمنا بالبحث عن هموم المهنة والعاملين فيها، ويقع على رأس الأولويات المطالبة بتعيين خريجي كلية التمريض، وهذا حقهم الطبيعي ينعكس إيجاباً لمصلحتهم ومصلحة الوطن، ولو لم يكن كذلك لما قامت الدولة بإنشاء الكلية، مع ملاحظة أن الخريج لا يمكنه العمل إلا في مجال اختصاصه، وبكونه من الفئة الأولى لا يمكن تعيينه إلا بمسابقة، ومشافي وزارة الصحة لا تستطيع الإعلان عن مسابقة، لأن المسابقات محصورة في الهيئات المستقلة، وهي بحاجة لهؤلاء الخريجين.
والآن تسعى النقابة مع الجهات المعنية لتعديل القرار 4/ت لعام 2017 القاضي بتحديد خريج واحد لكل عشرة أسرّة، ونسعى لجعل خريّج لكل خمسة أسرّة، إنصافاً للخريجين الذين ينتظرون فرصة عملهم منذ وقت طويل، ونأمل أن يكلل عملنا بالتوفيق.
تساؤلات ومقترحات
العالم يبحث عن حملة الإجازة الجامعية في التمريض، لما لهؤلاء الخريجين من أهمية وخدمات جمة في القطاع الصحي، لأن الصحة أهم ممتلكات الإنسان والمجتمعات..
والمنظمات الدولية المعنية تؤكد ضرورة تشغيل حملة إجازة التمريض في المشافي والقطاعات الصحية كاملة، وهذا أمر طبيعي وضروري….
خريجو كلية التمريض في جامعة تشرين منذ التأسيس حتى الآن 1580 ممرضاً وممرضة وهذا الرقم من كل محافظات القطر وتالياً حصة محافظة اللاذقية لا تزيد على 500 خريج في أحسن الأحوال والمعيّن منهم في القطاع العام الصحي لا يزيد على 10%.
نقترح ضرورة الاستفادة من هذه الكوادر العلمية كي لا تهاجر وتكون الخسائر مضاعفة لهم وللدولة التي علَّمتهم ودربتهم وخرجتهم، والمجتمع الذي حرم من خدماتهم وهو أولى بها من الدول التي سيهاجرون إليها..
-ضرورة التزام الدولة بخريجي كليات التمريض أسوة بغيرهم من الخريجين، لأن أعدادهم قليلة قياساً بغيرهم
المشافي ترسل الممرضين عندها لتعميق دراستهم في الكلية مدة سنتين…. والسؤال: لماذا لم تأخذ الخريج الذي أمضى أربع سنوات كاملة في الكلية؟..
لماذا لا تعلن المشافي والهيئات المستقلة عن مسابقات لخريجي كلية التمريض، مع الإشارة إلى أن مشفى تشرين الجامعي وحده يحتاج أضعاف هؤلاء الخريجين؟…
نأمل من الجهات المعنية ضرورة الاهتمام والعمل لرفع الحيف والظلم عن هؤلاء وعن المجتمع أيضاً..
تشرين