في معركة الوجود والسيادة عمال سورية بأيديهم يصنعون النصر.. وبتصميمهم ينتجون مقومات الصمود

في معركة الوجود والسيادة عمال سورية بأيديهم يصنعون النصر.. وبتصميمهم ينتجون مقومات الصمود

أخبار سورية

الثلاثاء، ١ مايو ٢٠١٨

منذ ساعات الصباح وفي كل يوم يتوجّه عمال الوطن إلى منشآتهم ومعاملهم متحدين كل الظروف، فلم يخفهم عدوان، ولم يثنهم تفجير هنا وهناك عن مواصلة عملهم، فحملوا أرواحهم على أكفهم، وثابروا بكل ثقة وإيمان بأن الوطن ومقدراته للدولة وللشعب السوري، وبإصرارهم وعزيمتهم كانوا يداً واحدة مع بواسل جيشنا يكتبون إنجازاً تلو الآخر، وانتصاراً يتبعه انتصار.
يحتفل عمال سورية في الأول من أيار بعيدهم، مستذكرين بكل فخر واعتزاز المكتسبات والإنجازات التي حققتها الطبقة العاملة، وليجددوا التزامهم بمبادئ دافعوا عنها، وضحوا من أجلها، وناضلوا في أعتى الظروف، وبذلوا من أجل ذلك العرق والدم بكفاحهم ونضالهم المشرف.
عطاءات سيد الوطن
تأسست منظمة الاتحاد العام لنقابات العمال للدفاع عن العمال وكرامتهم، وصيانتها أمام أرباب العمل، حسب محمود خدوج، نائب رئيس اتحاد عمال طرطوس، مشيراً إلى أن كل عامل هو رب عمل في عمله، وكان العمال الساعد الأيمن للجيش العربي السوري في حربه ضد الإرهاب، حيث استشهد عدد كبير من العمال دفاعاً عن المعامل والوطن، واحتفالنا هذا العام مزدوج، ذكرى عيد العمال، والإنجازات والنصر الذي يحققه بواسل جيشنا ضد الإرهاب التكفيري الذي دمر البنى التحتية، لكن الحرب زادتنا إصراراً وإيماناً وتضحية فداء للوطن، وكلنا أرقام أمام سلامة الوطن وعزته. ولفت خدوج إلى أن كل المزايا التي تتمتع بها الطبقة العاملة هي من عطاءات سيد الوطن، فكانت لسيادته ثقة مطلقة بالعمال، حيث قال في أحد اجتماعاته: “أنتم العين التي أرى بها، والأذن التي أسمع بها”.
 
رديف حقيقي
وبدوره أيوب إبراهيم، عضو مكتب تنفيذي، أمين الشؤون الاقتصادية والقانونية في الاتحاد، قال: إن عدنا لجذور هذه المناسبة، عندما وقف العمال ضد أرباب العمل في القرن الثامن عشر في الولايات المتحدة الأمريكية مطالبين بإنصافهم، وتحديد وقت العمل، نجد أن لهذه المظاهرات الدور الأساسي بإعطاء هؤلاء العمال حقوقهم، واعتبر هذا اليوم الذي سقط فيه الكثير من العمال قتلى يوماً لعيدهم في الأول من أيار، وتكمن دلالة هذا العيد بأن العمال بقدر ما يعطون من جهد وعرق فهم يستحقون مقابله راحة وأجراً مناسباً، ومن هذا المنطلق كانت للاتحاد العام للعمال في سورية اليد الطولى على كافة المنابر العالمية في إيصال حقوق العمال، ومناقشة قضايا الوطن بجرأة.
 
صمود وتضحية
وأضاف إبراهيم: بالرغم من ظروف الحرب، فإنه في معظم المؤتمرات التي تم عقدها منذ بداية الحرب وحتى الآن، كانت مطالب العمال المحقة مؤجلة لحين تعافي البلد، وكان المطلب الأساسي للعمال هو الحفاظ على كيان الدولة ومؤسساتها لزيادة صمود الوطن، وقوة منعته، وسأذكر هنا حالة لعمال محافظة حمص، والكلام لإبراهيم: في بداية الحرب كان هناك حاجز للمسلحين في منطقة الوعر يستهدفون من خلاله جميع العمال الذاهبين إلى عملهم بعمليات تفجيرية، وفي وقت ومكان محددين، ومع كل ذلك لم ينقطع العمال يوماً عن الذهاب إلى عملهم، وحماية معاملهم ليثبتوا للعالم أن العامل والجندي السوري في خندق واحد.
 
توفير مليارات الليرات
وبرأي أمين الشؤون الاقتصادية فإن الاحتفال بيوم الأول من أيار هذا العام يكتسب معنى خاصاً من خلال الانتصار السياسي والعسكري الذي يحققه جيشنا في الميدان، وعلى الرغم من كافة العقوبات الاقتصادية، والحصار على وطننا، فإن عمالنا استطاعوا أن يوفروا مليارات الليرات السورية من خلال جهدهم واكتفائهم الذاتي من المعرفة، كما حصل في محطة توليد بانياس، وفي عمرة مصفاة بانياس بطرطوس، والتي أدت إلى استمرار العمل في هاتين المنشأتين الاقتصاديتين في هذه الحرب، وبذلك تم توفير كافة احتياجات القطر من الكهرباء، والمشتقات النفطية.
 
الركيزة الأساسية
وحصل عمال سورية وتنظيمهم النقابي على ثناءات، وهنا أوضح إبراهيم بأن كل ذلك لم يتم لولا الميزات التي أعطاها القائد المؤسس حافظ الأسد “طيّب الله ثراه”، من خلال منح العمال الحق بالإشراف على أعمالهم وأموالهم دون تدخل من أي طرف آخر، وفي عهد القائد السيد الرئيس بشار الأسد، زادت هذه العطاءات، وتم في أكثر من مناسبة التركيز على دور العمال، وضرورة إعطائهم الحق في الإشراف على عملهم من خلال اللجان النقابية، وخاصة ما حصل في معمل اسمنت طرطوس عندما التقى السيد الرئيس مع القيادات الحزبية في المحافظة، وسألهم عن مشكلة معمل اسمنت طرطوس، وتثبيت العمال المؤقتين، فبادر بسؤالهم: ألا توجد لجنة نقابية في المعمل؟.. وهذا دليل على اهتمام سيادته بالعمال لأنهم الركيزة الأساسية في أي عمل، وبناء عليه فقد تم تثبيت حوالي 800 عامل في المعمل، وأصبحوا مشمولين بمظلة التأمينات الاجتماعية.
 
المرأة.. تميز وبصمة خاصة
ومن جهتها أشارت فاديا ديب، عضو مكتب تنفيذي، رئيسة مكتب الثقافة والإعلام في الاتحاد، إلى اهتمام القائد المؤسس حافظ الأسد “طيّب الله ثراه” بالمرأة العاملة، وأوصلها إلى مراكز قيادية، ولدينا مثال نحتذي به، السيدة بثينة شعبان، المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية، حيث تمثّل شعبان كل امرأة مناضلة، ودافعت المرأة عن وطنها بعملها، وبعقيدة الانتماء، ومحبة الوطن، فالمرأة في كل الأماكن لها وجود، وتميز، وبصمة خاصة، ولفتت ديب إلى أنه تم تثبيت 40 عاملة في وحدة صناعة السجاد بصافيتا، وبعد أن عملن لمدة طويلة تم إنصافهن، وهناك 11 عاملة نسعى إلى تثبيتهن.
 
إثبات وجودهم
عيد العمال ما هو إلا حق مكتسب، ورمز لنضالهم، وتخليد كفاحهم، وكف يد الاستغلال التي كانت تتحكم بهم، واعتراف صريح بحقهم في العيش الكريم، وصون حقوقهم، إضافة إلى حاجة المجتمع لما يقدمونه من خلال إنشاء اتحاد خاص بهم ومنهم، مهمته رعاية مصالحهم، وصون حقوقهم، وتحسين ظروف حياتهم، هذا ما أشار إليه منذر رمضان، عضو المكتب التنفيذي، رئيس مكتب الثقافة والإعلام والنشر في اتحاد الحرفيين، مضيفاً: إن تخصيص يوم وطني واحتفالي لهم هو تتويج لما يقدمونه للحضارة، وإحساسهم بأن هناك من يقدر عطاءهم، ويتضامن معهم، ويحترم تلك السواعد التي ساهمت في البناء والتنمية في كافة مناحي الحياة.
 
دور تنموي
ورغم أننا نحتفل بعيد العمال في كل عام، إلا أننا نشعر في هذا العام بأنهم يستحقون أكثر من عام للاحتفال بهم، /حسب رمضان/، وذلك لأنهم أثبتوا وجودهم من خلال استمرارهم بعطائهم طيلة سنوات الحرب، وعبّروا عن وطنيتهم ووعيهم لأهمية المرحلة، وضرورة الاستمرار بالبناء، وتحمّل بعض الصعاب وتجاوزها، لأن الوطن يحتاجهم، ويصون جذورهم وجذور أجدادهم المتأصلة في ثناياه كالسنديان، ولا يقتصر دورهم على ما يقدمونه من خلال أعمالهم، بل يساهمون بدور تنموي، وبناء فكري بتحمّلهم لمصاعب الحياة، وتعليم أبنائهم، ومساهمتهم في النهضة والبناء بكافة المجالات.
 
القدوة والمثال
وختم رمضان بالقول: علينا أن نتمسك بموروثنا من خلال استمرارنا بالعمل وتطويره، وألا نسمح لأحد أن يوقف عجلة الحياة لدينا، “أن تكون عاملاً” يعني أنك إنسان، تحمل فكراً وهمة عالية، وهذا ما يحتاجه الوطن منكم، فأنتم القادرون على التطوير، وإعادة البناء في كل مكان وزمان.
 
في خندق واحد
وفي يوم عيدهم بل وكل يوم، يستحق عمال الوطن أن ترفع لهم القبعات تكريماً لصمودهم وعطائهم، وتقديراً لسواعدهم السمراء التي تحاول أن تبدع عاماً بعد عام في جميع ميادين الحياة، وكانوا جنباً إلى جنب مع رجال الله في الميدان، وفي خندق واحد لتحقيق النصر الذي يكتب ساعة تلو أخرى.
دارين حسن