“مونوريل” الفقر السوري في مواجهة سيارات “التمرّد” والبطر المعلن ..

“مونوريل” الفقر السوري في مواجهة سيارات “التمرّد” والبطر المعلن ..

أخبار سورية

السبت، ٢٤ فبراير ٢٠١٨

سيارات

الخبير السوري:
قد تكون إحدى المفارقات الصاخبة التي أنتجها المجتمع السوري ، وعصفت به بكل ما تخبئه من رضوض شديدة ، أن تعود السيارات – سلعة الرفاهية المزمنة في ثقافة عوام الشارع والريف – إلى واجهة الاهتمام الشعبي على إيقاع  تجليات التوجع من وطأة الأزمة ، ومظاهر الفقر والجوع  والتفجّع ؟!!
ولشدّ ما حظيت به كرنفالات إعلان ولادة “بؤر” التصنيع المحلّي من متابعة احتفائية من الجميع ، بما فيهم مجرد هواة التقصّي بدافع الفضول من قصيري الأذرع النقدية و المبتلين بضيق ذات اليد .
ثلاث منشآت تصنيع مزعومة حظيت بالمباركة الرسمية ، وبرعاية “راقية” لمهرجانات الاحتفال بإشهارها ، قدمت نفسها على أنها البديل المحلّي المبتَكر لصنّاع أحلام السوريين ، وكان آخرها و أحدثها النسخة السورية لسيارات / كيا / ذات المنشأ الكوري المرغوبة شعبياً هنا، وفق أدبيات “حلو ورخيص” التي طغت على مفاهيم الجودة التقليدية في الأسواق السورية.
وقد دبّت الحميّة في أحد المتحدثين باسم شركة تجميع محليّة ، ليعلن أن الشركة تسعى للتصنيع الكامل بدلاً من التجميع …و على الأرجح وجد من يصفق له ويصدقة ، لأن الرغبات تذهب عادة بالمدارك وملكات المحاكمة الموضوعية ، وهذا ما حصل لدينا وقفز بأخبار السيارات إلى مقدمة لائحة اهتمامات السوريين ، المكتظة بسلع اليوميات الصعبة ، فاختلطت أخبار البطاطا والفروج والسيارات في سلّة هواجس واحدة ، وهذا أغرب ما يلفت الانتباه في الخصوصيات الجديدة للمجتمع السوري التي تكشّفت بفعل عوامل “الحك و الحت والكحت” .
وسط حالات “الشغف على جوع” ، لم يفت هواة الغناء في مواكب الجنائز ، أن يستثمروا القرارات الارتجالية التي أباحت “بدعة التجميع” ويدخلوا مكونات أفخم الماركات العالمية ليفاجئوا الشارع والمتابع بأحدث “الأطرزة”  تجوب شوارع المدن السورية ، مادّين ألسنتهم سخرية من كل القانطين وجدانياً لأزمة بلدهم وشعبهم.
فأحدث الأخبار يتحدث عن أن جهات حكومية تحقق في وضع عشرات السيارات الفخمة الحديثة، التي يشاهدها المواطن السوري يومياً في شوارع العاصمة، متسائلاً عن مصدرها وكيفية وصولها إلى الأسواق السورية رغم وجود قرار حكومي واضح بمنع استيراد السيارات بمختلف أشكالها.
ووفق المعلومات التي أوردها موقع “سيرياستيبس” فإن التحقيقات كشفت عن وجود إجازات استيراد لقطع تبديل لأنواع معينة من السيارات بقصد تجميعها، الأمر الذي يؤكد ما ذهبت إليه المعلومات المتداولة سابقا من أن بعض الجهات قامت بالتفاف على قرار الحكومة بمنع استيراد السيارات عبر نافذة قطع التبديل بقصد التجميع، وهو ما يعني أيضاً إضاعة رسوم كبيرة على الخزينة العامة، إذ أن المستورد لقطع تبديل السيارات يدفع نسبة من وزن هذه القطع وليس رسم من قيمة السيارات كما كان معمول في استيراد السيارات.
وتؤكد المعلومات أن الملف متابع بشكل شخصي من قبل رئيس الحكومة، وسيصار إلى اتخاذ إجراءات مناسبة تحفظ حق الدولة وتضمن تطبيق القرارات الحكومية وفق ما تفرضه مصلحة البلاد في هذه الظروف .
نتوقع أن تسفر المتابعة التي بدأت بإشراف رئيس الحكومة ، عن قرارات جديدة وضوابط تضع حداً لـ ” مسرحيّة” السيارات التي أعمى دخانها أبصار المتطلعين إلى أفق الخلاص من أزمة متعددة الرؤوس والحراب .