المرأة السورية..قهرت الظروف وأثبتت نجاحها وثباتها وصمودها

المرأة السورية..قهرت الظروف وأثبتت نجاحها وثباتها وصمودها

أخبار سورية

الاثنين، ١٩ فبراير ٢٠١٨

سلاف زهرة
دائما تؤكد المرأة أو الفتاة السورية أنها أقوى من كل الظروف والتحديات وبوقوع الحرب على سورية وما تبعها من ظروف حياتية قاسية فان ذلك
لم يثن عزيمتها ولم يقدر على لي ذراعيها لمواصلة العمل والتغلب على التحديات المعيشية وتكون معيلاً حقيقيا لأسرتها وداعما للاقتصاد الوطني الذي هو جزء من الصمود السوري في وجه الإرهاب والعدوان على سورية.‏
هي المرأة الجبارة أعلنت الحرب على الظروف وصممت على قهرها عندما عزمت على مواجهة التحديات والدخول في معترك الحياة المعيشية القاسية والنضال بشراسة لإيجاد مصدر رزق يؤمن قوت عيالها ويحفظ لها طريقة عيش كريمة تحميها من العوز.‏
المرأة السورية معروفة بصمودها وجبروتها وقدرتها على النجاح والانجاز وقهر المصائب والأزمات فهي وان كانت قد ذاقت ويلات الحرب من تهجير وفقد المعيل الأول لعائلتها الا أنها ومن منطلق إحساسها بالمسؤولية واصلت شق طريقها وقررت خوض معركتها والعمل في كل المجالات حتى التي كانت حكرا على الرجال فقط.‏
تحدي الذات‏
الحرب على سورية كان لها تداعيات منها أنها غيرت من حياة وطريقة تفكير المرأة السورية التي أبدت صمودا وإرادة على خوض مجالات عمل مختلفة خارج إطار ما هو معتاد أو مألوف، أي إن الحاجة إلى العمل لم تترك لها الكثير من الخيارات حتى تقبل أو ترفض وخصوصاً في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة والغلاء الفاحش الذي أرهق المواطنين.‏
وكونها أصبحت المعيل لأسرتها فان ذلك دفعها للعمل في مجالات كانت حكرا على الرجال غير آبهة بالصعوبات الكبيرة ما دام شريفا ويحفظ لها كرامتها.‏
فالمرأة الآن دخلت سوق العمل وبشكل ملفت وبنسبة كبيرة وأصبحت تقوم بالتجارة كالبيع والشراء وعمليات تأجير المنازل أو البيع داخل محال تجارية أو أكشاك صغيرة، فتراها حينا إما تعد الطعام داخل المطاعم أو تنظف أو تحاسب الزبائن، وحيناً آخر تفترش الرصيف مع بضاعتها لبيعها للمارة، فضلا عن عملها كمستخدمة في المؤسسات والدوائر الحكومية و المشافي والمدارس، وكذلك في المكاتب الخاصة وحتى في المقاهي.. تنظف وتعد الشاي والقهوة. ومن الملاحظ أن تلك الأعمال كانت تحدث فقط في مؤسسات القطاع الخاص وضمن حيز محدود فيما قبل الحرب على سورية أما الآن فقد أصبحنا نراها على نطاق واسع وفي كل مكان ودون استثناء بغض النظر عن المستوى التعليمي أو الثقافي للفتاة حيث إن بعض الأخوات العاملات طالبات جامعة أو خريجات، وليس ذلك وحسب وإنما باتت من تحصل على الوظيفة أو العمل بطلة حقيقية في نظر عائلتها والمجتمع.‏
بحثا عن حياة كريمة‏
وخلال وجودنا في أماكن عديدة التقينا عددا من هؤلاء الفتيات أو النساء، وقد رفضت اغلبهن الإعلان عن أسمائهن وإظهار صورهن على صفحة جريدتنا.. ورغم تنوع الأعمال التي يزاولنها واختلاف المستويات التعليمية لدى كل منهن إلا أنهن اتحدن في الغايات والدوافع.‏
فبعد أن يئست خريجات المعاهد والجامعات من المسابقات التي أصبحت بالقطّارة، والنجاح على مبدأ (الخيار والفقوس) لم تستطعن الوقوف مكتوفات اليدين بانتظار حدوث معجزة، وإنما انطلقن للعمل في مجالات متعددة بحثا عن حياة تليق بالإنسانية.‏
بحاجة لوظائف دائمة‏
ومن هؤلاء الفتيات سلمى.ا خريجة علوم وتعمل في احد المطاعم وتعتبر أن حصول النساء على وظائف ضمن مؤسسات ودوائر الدولة هو حق يجب اكتسابه، حيث العمل لم يعد مجرد وسيلة للقضاء على البطالة وحسب بل أصبح حلا لجميع المشكلات النفسية والاجتماعية والاقتصادية والمادية، حيث إن معظم هؤلاء النساء أو الفتيات يتكفلن بأسر كاملة بعد استشهاد أو فقدان معيلها أو أن دخل عائلتها لا يكفي ولا سيما العائلات التي هجّرت من مناطقها بفعل الإرهاب والآن تعاني من تكلفة استئجار منزل بأسعار خيالية، لذا اعتقد انه لا بد أن يكون لهن الأولوية في التوظيف ودون شروط.‏
الطموح والكفاح هو الحل‏
أحلام.ش التي طلبت أن يكتب اسمها الأول، مستخدمة في إحدى المدارس، منذ عامين استشهد زوجها وترك لها ثلاثة أولاد وتم تعيينها بناء على مسابقة أجرتها وزارة التربية، ومع ذلك لم تكتف أحلام.ش بذلك بل تقوم باستكمال دراستها في كلية التربية، والآن تطمح للنجاح ونيل الشهادة الجامعية كي تعدل من وضعها الوظيفي، وتعتبر أن عملها يمثل شرفا لها طالما انه يوفر لها ولأولادها ما يحتاجون إليه.‏
زميلتها ثراء ملحم لم يمض على عملها سوى ستة أشهر أعربت عن سعادتها بهذا العمل قائلة: أعمل بحكم المثبتة وعملي جيد كما أنني اشعر بالراحة ولا يوجد ما يزعجني واعتبر نفسي محظوظة لأنني وجدت عملا في هذه الظروف كي أسدد أجرة البيت وأؤمن لأسرتي حياة كريمة.‏
الحياة صعبة وتحتاج لمواجهة‏
هناء منصور ومريم السيد دفعتهما الحاجة والفقر إلى بيع الألبان والاجبان أمام المحلات وتقول هناء وهي فتاة عزباء توفي والدي بعمر مبكر ولدي أربعة أخوة ولكنهم عاجزين عن إعطائي مصروف خاص بي فحالتهم سيئة وبالكاد يؤمنون مطالب عائلاتهم ولأنني اسكن وأمي في بيت أخي وجدت انه يجب أن اعمل كي اخفف عليهم العب ء وبنفس الوقت أؤمن مصروفي ومصروف والدتي‏
أما مريم العز فلم تكن أفضل حالا فهي أرملة ولديها أربع أولاد فقدت منزلها وتسكن في منزل أجار تتشارك فيه مع أخيها وتقول أن الحياة صعبة جدا وهذا ماجعلني اعمل مراسلة أقدم القهوة والشاي للعاملين في المدرسة لكي أؤمن لأولادي مايحتاجونه‏
قلة الشباب هي السبب‏
ولدى سؤالنا أصحاب المطاعم عن الأسباب التي تدفعهم لتشغيل الفتيات وطبيعة العمل كانت الإجابة هي قلة الشبان حيث أن معظمهم التحق في صفوف الجيش العربي السوري للدفاع عن الوطن ومحاربة هؤلاء المجرمين الإرهابيين التكفيريين مؤكدين ان طبيعة العمل الموكل إلى الفتاة لايتعدى غسيل الأطباق وذلك حرصا عليها من التعرض للإحراج والمضايقات ونحن في اشد الحرص على العاملات في الصالات ونحميهن من أصحاب الفضول أو النفوس الرخيصة‏
العنصر الأنثوي لإضفاء الطابع الحضاري‏
وبغض النظر عن الحالة الاجتماعية أو المادية للفتاة التي ترغب بالعمل فإننا أصبحنا نجد أعدادا لاباس بها من الفتيات اللواتي يعملن في مهن جرى العرف أنها للرجال فقط حيث أصبحنا نرى ذلك في المناطق والأحياء الراقية في مدينة دمشق وغيرها كالحانات والمطاعم والفنادق الفاخرة ذات الخمس نجوم وكذلك في مكاتب الطيران وشركات الاتصالات وغيرها من الأماكن التي يحرص أصحابها على توظيف الفتيات كنوع من البرستيج ولإضافة العنصر الأنثوي ليزيد من جمالية المكان ولإضفاء طابع حضاري له حيث تضمن التعامل اللائق والتصرف بهدوء مع العملاء الأمر الذي يجعلها أكثر قدرة على التواصل معهم والنجاح في ترويج الخدمات على نحو أفضل وأوسع‏
عمل المرأة حق مكتسب كفله الدستور لها‏
ومن منطلق ضرورة تمثيل المرأة في مواقع صنع القرار فانه من الأهمية بمكان إيجاد فرص عمل حقيقية وضمان عمل دائم لها كإحدى الحقوق التي كفلها الدستور للمرأة السورية باعتبارها نصف المجتمع وعلى عاتقها تبنى الأجيال فالمرأة التي تعيل أسرتها في هذه الأيام ستبقى مدرسة في النضال والصمود لغيرها من النساء ولها ترفع القبعات‏
القروض الصغيرة للأسر دعم للاقتصاد‏
د.رانيا زرير رئيسة قسم المصارف والتامين تقول بان المرأة السورية اضطرت في ظل الظروف الاستثنائية للدخول في سوق العمل بعدة أشكال أما بوظائف في القطاع الخاص أو أعمال خاصة ساهمت في دعم الأسرة أولا ثم المجتمع كما قامت الدولة بدعم المرأة عن طريق تقديم قروض صغيرة كنواة لمشروعات صغيرة منتجة للدخل اغلبها مشروعات زراعية أو تربية أبقار أو خياطة وغيرها حيث أصبحت المرأة قادرة على الإنتاج ومن ثم بيع هذه المنتجات في الأسواق المحلية لإعالة أسرتها وبالتالي فان هذه المشروعات الصغيرة انعكست إيجابا على الاقتصاد الوطني وذلك برفد وتزويد السوق بسلع لم تكن متوفرة وبنوعية جيدة والمساهمة في دفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام‏
خطط وورشات عمل لتمكين المرأة‏
رنا خليفاوي مديرة القضايا الأسرية في الهيئة السورية للأسرة ترى أن ازدياد الأسر التي تعيلها النساء نتيجة الحرب اضطرها لمزاولة أعمال عديدة وبنسب كبيرة ومن هذا المنطلق أصبح ثمة جهات وجمعيات وهيئات عديدة تعنى بتمكين المرأة وتسعى لبناء قدراتها وتطويرها فالمجتمع لم يزل بحاجة إلى جهود المرأة وليس الرجل وحسب ولهذا أصبحنا نجد المرأة تعمل في مهن كسائق سرفيس أو تمديد وتصليح الكترونيات ولم يعد المجتمع يستنكر عملها أو يجد فيه أية مشكلة مادام يدر دخلا معينا عليها وعلى أسرتها ونحن كهيئة سورية تهتم بشؤون الأسرة لدينا مهتمين:الأولى في صياغة السياسات والاستراتيجيات والخطط ورفع الوعي وبناء القرارات والمهمة الثانية بناء الخطط حيث يتم العمل على البرنامج الوطني لدعم المرأة بالتعاون مع جميع الجهات الحكومية كي نقدم كل مايدعم المرأة سواء على المدى القصير أو المتوسط اخذين بعين الاعتبار المشكلات التي تخص المرأة كما نسعى لرفع الوعي لدى المرأة من خلال ورشات عمل تخص مواضيع مختلفة بناء على مخرجات هذا البرامج‏
وتضيف خليفاوي:قامت الهيئة بتوقيع مذكرة تفاهم مع عدة وزارات مثل الزراعة ومديرية تنمية المرأة الريفية من اجل منح قروض صغيرة لإقامة مشاريع إنتاجية صغيرة أو متناهية الصغر للنساء الريفيات في عدة محافظات وخاصة بالنسبة للمعيلات.‏