لماذا بدأت الجماعات المسلحة في سورية تتآكل من الداخل بهذه السرعة ؟!

لماذا بدأت الجماعات المسلحة في سورية تتآكل من الداخل بهذه السرعة ؟!

أخبار سورية

الأحد، ٧ يناير ٢٠١٨

سبع سنوات مضت على الأزمة السورية لم تتمكن فيها الجماعات المسلحة وكل الأوساط المعارضة للدولة السورية من أن تنسج لنفسها قوة موحدة قادرة على الوقوف في وجه الدولة بالرغم من كل الشعارات البراقة التي أوهمت بها الشعب السوري في بداية انطلاقها من المطالبة بالإصلاح والحرية وصولا إلى إسقاط النظام السوري عبر العنف واستخدام السلاح الذي لم تبخل أغلب دول العالم القريبة والبعيدة من مدهم به لتدمير بلادهم وتحطيم بنيتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وإضعافها وجعلها دولة فاشلة عاجزة عن القيام بأي دور فعال في منطقة الشرق الأوسط وإرضاخها لقوى عظمة تملي عليها ما تريد من أوامر دون أن يكون لها أي وجهة نظر مستقلة.

ولا أحد ينكر بأن الثورة المزعومة تمكنت من جذب الناس لها في العديد من المناطق السورية ولكنها سرعان ما بدأت باستخدام السلاح وتدمير البنية التحتية للدولة وهنا بدأت شريحة لا بأس بها من الانسحاب والوقوف في وجه هذه الممارسات واستنكارها والتبرء منها ومع ذلك بقيت الجماعات المسلحة في بعض المناطق تملك شريحة مؤيدة لها والسبب هنا يمكن إرجاعه إلى الدعم المالي الغير محدود الذي كان يقدم للمسلحين في تلك الفترة لجذب الناس إليهم وشرائهم عبر المال ولكن هذا الأمر لم يدم طويلا وبدأ ينقلب السحر على الساحر.

السبب في ذلك يعود لكون هذه الجماعات بدأت تطمع بالمال لذلك تعمدت إخفائه عن بعضها البعض وعن الناس وهنا بدأت صوت الناس يرتفع لأنهم بدأوا يعانون من الفقر وشح المواد الغذائية والأدوية فضلا عن الصراعات التي كانت تجري بين المجموعات المسلحة نفسها وتصفية قياداتها بين الفينة والأخرى، هنا خرجت الناس عن صمتها بعد عجزهم عن تحمل المزيد من المعاناة والغلاء والفقر والرعب اليومي وبدأت الناس تحتشد وتتظاهر ضد المجموعات المسلحة مطالبة إياها بالخروج فورا من المناطق التي يعيشيون بها، وجميعنا يذكر ما فعله الناس في دوما في بداية العام 2014 عندما خرج المئات منهم في مظاهرة حاشدة ضد المجموعات الإرهابية المسلحة حطموا خلالها مقر ما يسمى الهيئة الشرعية واستعادوا كميات كبيرة من المواد الغذائية التي سلبها منهم المسلحون، وخرجت مظاهرت أخرى مشابهة لها في كل من الرقة وادلب وحلب.

وتسارعت هذه المسألة بشكل كبير مع نهاية سنة 2016 عندما انتصر الجيش السوري وحلفائه في معركة حلب، هنا بدأ نفوذ المعارضة المسلحة ينحسر بشكل كبير وبدأت الكفة تميل لصالح الدولة خاصة بعد فقدان المجموعات المسلحة أغلب المناطق التي كانت تسيطر عليها، هنا لم يعد بإمكان الناس التي تعيش تحت رحمة المسلحين الصمت عما يجري، خاصة أنهم بداوا يقارنون حياتهم بحياة الأغلبية التي تعيش في كنف الدولة السورية والتي تنعم بالكهرباء والماء وجميع الخدمات الحياتية الأخرى في مقابل ذلك كان الناس في مناطق سيطرة المسلحين يتعرضون إلى قمع الحقوق المدنية تحت شعارات دينية، فضلا عن التجنيد الإجباري والاقتتال بين الجماعات المسلحة، والوضع الاقتصادي الصعب، كل هذا وغيره كانوا أحد أهم أسباب السخط الشعبي.

المظاهرات تتجدد

تجددت المظاهرات المناوئة للمسلحين مع بداية العام الجديد مسببة إحراجا كبيرا للمسلحين الذين خسروا قاعدتهم الشعبية وتمويلهم الخارجي نظرا لعجزهم أمام تقدم الدولة السورية المتسارع والذي بدأ يقترب من تحرير محافظة إدلب بعد أن وسع سيطرته هناك بتحريره لـ51 بلدةً وقريةً في حماة وإدلب.

وخرج مئات المدنيين من أهالي بلدتي ببيلا وبيت سحم في ريف دمشق الجنوبي في تظاهرة حاشدة لمطالبة المسلحين بمغادرة البلدتين وإتمام اتفاق المصالحة، ورد المسلحين بإطلاق النار على المتظاهرين، ما أدّى إلى إصابة عدد من المشاركين وهتف المتظاهرون ضد الإرهاب والتكفير.

هذه الأمور تصب أولا وأخيرا في صالح الدولة السورية وتقدمها بعد فقدان المسلحين أي بريق أمل لإمكانية استمرارهم خاصة بعد أن لفظتهم الحاضنة الشعبية التي يحتمون بها، حيث وصلت هذه الحاضنة على مايبدو إلى قناعة بأنه لا بديل عن الدولة المدنية التي ترعى حقوق الجميع.

أمر أخر يعزز تقدم الدولة وقوتها أنه في السابق، وبسبب التمويل العربي والغربي للجماعات المسلحة كان هناك بحبوحة اقتصادية للمقاتلين وعوائلهم، وهو الأمر الذي انعكس ايجاباً على الموطنين، ولكن مع شحّ الدعم الغربي، وحصول سرقات كبرى من قبل قيادات هذه الجماعات، عادت الأوضاع الاقتصادي إلى أسوء مما كانت عليه.

الأمر الثالث الذي يعزز مكانة الدولة، الانفتاح الغربي على الدولة السوريّة والذي سيعزّز بدوره من خروج الشرائح الشعبية من تحت وطأة المسلحين، وبالتالي اذا صحّ ادعاء الغرب بحرصه على المدنيين لا بدّ من التقارب مع الدولة السورية.

في الختام؛  الدولة السورية، مع الغرب أو دونه ستستعيد جميع المناطق التي لا تزال تحت وطأة المسلحين، وهذا ما أكده الرئيس السوري، بشار الأسد عندما قال: "الحرب على الإرهاب في سوريا لن تنتهي إلا بالقضاء على آخر إرهابي بغض النظر عن المسميات، وعندما يحدث ذلك يمكننا الحديث بشكل واقعي عن الانتصار".