مزارعو التفاح في طرطوس.. خيبات أمل تتكرر كل موسم وضياع حصيلة جهد عام كامل…!!

مزارعو التفاح في طرطوس.. خيبات أمل تتكرر كل موسم وضياع حصيلة جهد عام كامل…!!

أخبار سورية

الأربعاء، ٢٥ أكتوبر ٢٠١٧

لم يدخر مزارعو التفاح في محافظة طرطوس جهداً في الاهتمام بالشجر، وأبت أياديهم المباركة ترك الأرض المنتجة مهما كانت العواقب، فما زالوا متشبثين بأرضهم، وبأشجارهم وحقولهم التي تساقط تفاحها، وعيونهم تترصد بعين الرعاية والعطف لتسويق محصولهم الذي جنوه بعرق جبينهم، فكانت حصيلة الموسم 22067/ طناً، وبعد أن استدان مزارعو التفاح مئات الآلاف من الصيدليات الزراعية ثمن مبيدات لرش محصولهم على أمل سدادها عند تسويق المنتج.. اصطدموا بتأخر فرع السورية للتجارة بالتسويق، والشروط “التعجيزية” التي وضعتها لتسويق المنتج، وبالتالي ترك المادة عرضة لتحكم السماسرة، وسوق الهال، وأصحاب البرادات الخاصة …!.

ماذا يضيف المزارعون على أهم مشكلة لديهم “التسويق” …؟ وأين اتحاد الفلاحين من معاناتهم..؟ وما الكميات التي سوّقها فرع السورية للتجارة؟.

بيانات

تحتل محافظة طرطوس المركز الثالث على مستوى القطر بإنتاج التفاح، وتعتبر مناطق الدريكيش وصافيتا وبانياس مناطق الإنتاج الأولى في المحافظة… هذا ما أكده المهندس تيسير بلال مدير زراعة طرطوس، وبيّن أن المساحة الكلية المزروعة بالتفاح في المحافظة للموسم بلغت /3417,8/ هكتار، والعدد الكلي للأشجار المزروعة المروية /266648/ شجرة، والعدد المثمر منها /247072/ شجرة، والعدد الكلي للأشجار المزروعة بعل /806873/ شجرة، والعدد المثمر منها /74106/ شجرة، وصل إنتاج المحافظة من المادة لهذا الموسم /22067/ طناً، بينما وصل إنتاج العام الماضي إلى /25009,7 / طن، وحقق صنف غولدن أعلى نسبة إنتاج.

وحول الخدمات التي قدمتها الزراعة لمزارعي التفاح، أفاد بلال: نشر البرامج الفنية للإدارة المتكاملة لآفات التفاح عن طريق الوحدات الإرشادية، إضافة إلى القيام بجولات ميدانية إلى حقول المزارعين، والاطلاع على واقع الزراعة، والحالة العامة لأشجار التفاح، وتقديم الدعم الفني إن لزم.

نظافة المنتج

يزرع التفاح في منطقة الدريكيش الأكثر إنتاجاً للمادة في المحافظة، في أمكنة يزيد ارتفاعها عن 800 متر عن سطح البحر، ويعتمد على الأمطار الشتوية، ما يعطي نوعية جيدة من حيث النوعية والطعم والقابلية للتخزين، وتنتج الدريكيش ثلثي إنتاج المحافظة من التفاح /حسب عزت أحمد رئيس الرابطة الفلاحية في المنطقة /، وأضاف: يبلغ عدد الأشجار المثمرة 1,513,370 شجرة مثمرة من الأصناف المعتمدة بمساحة 1316 هكتاراً، ويزرع في القرى الجبلية المرتفعة، يعتمد الفلاح على زراعة أصناف متعددة، لكن أشهرها صنفاً كولدن وستاركن، وفي المنطقة شجر معمّر يصل عمره لـ 40 سنة منتج لذلك الصنفين، وأكد أحمد على نظافة تفاحنا من الأثر المتبقي للمبيدات بنسبة 90%.

خيبة أمل …!

واستناداً إلى تقرير زراعة طرطوس، فقد كان إنتاج منطقة الدريكيش من التفاح خمسة آلاف طن، وهو يقارب إنتاج العام الماضي بزيادة أو نقصان 20 -30 طناً، ويلعب المناخ عاملاً في الزيادة أو النقصان، ولفت أحمد إلى عدم وجود توسع بالزراعة، إنما يوجد ترميم بنسب قليلة، وعلل ذلك بعدم تشجيع الفلاح الذي يستدان مئات الآلاف ثمن أدوية زراعية من الصيدلية على أمل أن يسدد ديونه عند تصريف المنتج، ليتفاجأ بأن الجهة المعنية غير معنية، أو تتأخر، أو غير قادرة على التسويق، إضافة إلى غلاء مستلزمات الإنتاج من فلاحة وتقليم وسماد ومبيدات…!.

تأخر وشروط تعجيزية…!

وأهم الصعوبات التي واجهت مزارعي التفاح هي عدم تسويق المنتج الذي تساقط أرضاً بعد نضجه، وأضاف أحمد متسائلاً: “هل بعد الموتة عصة قبر” ..؟ هذا ما حدث مع فلاحنا الذي اشترى مستلزمات إنتاجه بسعر مرتفع، وتفاحه على الأرض، وعلاوة على ذلك فالفلاح الذي سوّق المادة، ولو بقيمة خمسة آلاف ليرة ملزم بقبض قيمة إنتاجه شخصياً بعد إجراء المطابقة في طرطوس /أبو عفصة/ وإعطائه شيكاً لقبض المستحقات المالية، ويمنع على رئيس الجمعية الذي يمثل الكادر الفلاحي بقطاعه أن يفوض لقبض قيمة محصول الفلاحين، معتبراً أن الموضوع تعجيزي للفلاح!.

لم ينف رئيس الرابطة وفرة الصناديق التي سلّمها فرع السورية للتجارة إلى الجمعيات الفلاحية، حيث وزع للفلاحين 8066 صندوقاً، سوّق منها 508 صناديق، وبقي عند الفلاحين 3 آلاف صندوق ؟ وبسبب تأخر المؤسسة بتسليم الصناديق لم يسوق الإنتاج المتوقع تسويقه…!.

مقترحات

واقترح أحمد التهيئة والتحضير من قبل الجهات المعنية، وتأمين مستلزمات التسويق في وقت مناسب، وقبل البدء بعملية التسويق، وإعلان الجهة المسؤولة عن مدى جاهزيتها من عبوات، ووسائط نقل، وأن تكون تعليمات التسويق المراد تسويق المادة على أساسها تنسجم مع واقع الثمار لكل عام، على سبيل المثال، في قرية فجليت العام الماضي أصيب التفاح بالبرد بتاريخ 28/5/2016، وقد أخذ العمل بتعليمات العام الماضي، هذا عامل مناخ، ما ذنب الفلاح الذي لم يقصّّر في حقله؟!.. المفروض أن توضع تسعيرة للتفاح المصاب، وتسعيرة للتفاح الذي أصابه الجرب، وطالب أحمد بتفويض رئيس الجمعية باستلام قيمة محصول التفاح للفلاحين أسوة بالمستلزمات الأخرى التي يؤمنها رئيس الجمعية للفلاحين في قطاعه، إضافة إلى تأمين مبيدات زراعية بأسماء علمية لا تجارية، وتخفيض أسعار السماد، وخاصة سماد سلفات البوتاس 50%، حيث وصل سعر الكيس منه إلى 20,600 ليرة، يؤمنه الفلاح بصعوبة بالغة، ولابد من إحداث معمل مربيات ومخللات لاستيعاب كامل الإنتاج، وبالتالي تأمين فرص عمل.

توزيع السماد بوقت أبكر

أشار العديد من الفلاحين الذين التقينا بهم إلى إصابة شجر التفاح هذا الموسم بمرضي دودة الثمار والجرب بسبب تكرار استخدام مبيدات زراعية غير فعالة، وأكدوا على توفر السماد، ولكن يوجد تأخر بتسليمه للمزارع، ويجب أن يستلم مزارعو التفاح السماد في الشهر 11، ومزارعو الزيتون بالشهر 12، وذلك استناداً إلى التنظيم الزراعي، متسائلين: السماد متوفر في المصارف، والفلاح مثقف، ومن خلال احتكاكه بالأرض يعلم موعد الرش، كما لابد من أن تطبق المكافحة الحيوية على التفاح والزيتون أسوة بالحمضيات، كونهما أشجاراً استراتيجية واقتصادية؟!.

 

الشراء بالدولار والتسويق بالليرة؟!

عدم رضى الفلاحين عن عملية التسويق وشروطه أكده لنا المهندس محمود أسمر نائب رئيس الوحدة الإرشادية في فجليت، معتبراً أن شروط التسويق تعجيزية للفلاح من حيث تحديد درجة الصنف، وهو ما لفت إليه المزارعون: ناظم سعد، وعلي الأسمر، ومالك سعد، وأوضحوا أن كلفة سعر الكيلوغرام تفوق المئة ليرة، منوّهين إلى انعدام الرقابة على أسعار الأدوية وفاعليتها، فالمزارع في المناطق الجبلية المرتفعة يرش 15 رشة خلال الموسم، وعبّروا عن استغرابهم من أن الفلاح يشتري الأدوية بسعر الدولار، في حين يسوق منتجه بالليرة السورية؟!.

مبررات

عزا علي سليمان مدير فرع السورية للتجارة بطرطوس تأخر عملية التسويق إلى أن سيارات المؤسسة موجودة في محافظة دير الزور، وبالتالي تأخرت أسبوعاً فقط؟!.. كما اصطدمت اللجنة بعدم فرز الفلاح لتفاحه، ما اضطر اللجنة لعمل ساعات إضافية مع الفلاح، وقيامها بعملية الفرز، وتعمل المؤسسة على تسويق كامل كميات التفاح القابل للتسويق ضمن المواصفات المحددة بالاتفاق مع اتحاد الفلاحين، حيث تم توزيع 15 ألف صندوق حقلي للجمعيات الفلاحية، وتم تسويق 150 طن تفاح مطابق للمواصفات، حيث تم تسويق التفاح الأحمر والأصفر والموشح، النوع الأول بأسعار تراوحت بين 210- 220- 230، والنوع الثاني 180- 190- 200، أما الصنف الثالث 90- 120 ليرة للكيلوغرام.

الاتحاد رفض التصريح؟!

تحدثنا مع مضر أسعد رئيس اتحاد فلاحي طرطوس عن التسويق، ودور الاتحاد في التخفيف من معاناة الفلاح، وكيف يدعمه، فقال لنا حرفياً: “لماذا نتحدث؟”، ثم قصدنا مكتب رئيس قسم التسويق في الاتحاد علي مهنا فأفادنا بأن عليهم قبل الإدلاء بأي تصريح، “وتحديداً للتفاح”، التحدث مع الاتحاد العام المركزي لتأتي الموافقة، وبعد ثلاثة أيام اتصلنا هاتفياً مع مهنا فقال بأنه لم ير رئيس الاتحاد بعد، وبدورنا تحدثنا مع رئيس الاتحاد أسعد فقال وبالحرف: “ليس لدينا شيء نتحدث به؟!.

على أمل

يبقى أمل الفلاح كبيراً بوقوف الدولة، ممثّلة بفرع السورية للتجارة، إلى جانبه، كونها صمام الأمان، مؤسسة غير ربحية تهدف للوقوف إلى جانب الفلاح أولاً، والمواطن المستهلك تالياً، ولأن من ركائز دعم الاقتصاد دعم الإنتاج الزراعي الذي يمثّل الفلاح عماده، ويجب التوجه إليه، ودعمه، والاستماع إلى مطالبه، والصعوبات التي تعترض مسيرة يومه الشاق الطويل، بل وتأمينها بأيسر السبل، إكراماً لمن يشقى ليؤمن سلة أمننا وغذائنا اليومي.

دارين محمود حسن