زحف خطر على الأراضي الزراعية و تشكل الغابات الإسمنتية 300 ..مخطـط تنظيمي لتنظيم البناء في اللاذقية ودراسة للتوسع الشاقولي

زحف خطر على الأراضي الزراعية و تشكل الغابات الإسمنتية 300 ..مخطـط تنظيمي لتنظيم البناء في اللاذقية ودراسة للتوسع الشاقولي

أخبار سورية

الاثنين، ١٨ سبتمبر ٢٠١٧

يوسف علي - سراب علي  
يبدو أن خطط الجهات المعنية بالتخطيط والإنشاء والبناء والتعمير وحرصها في ضوء ذلك على حماية الأراضي الزراعية ومنع التعدي على مساحاتها إلا ضمن الضروري والمعقول لا تبدو كافية للحؤول دون تقليص مساحة تلك الأراضي في محافظة اللاذقية، عدة جهات تتشارك في وضع الخطط وتنفيذها وتسير كما تؤكد تلك الجهات بخطا حذرة عند التخطيط والتنفيذ، لكن البناء العشوائي والأفقي إضافة للاستملاكات السياحية تبقى عقبة، والأخطر من ذلك إقبال الفلاحين على بيع أراضيهم الزراعية الخصبة مقابل مبالغ مالية لحاجتهم الماسة والضرورية وفقرهم …فضلاً عن تشكل الغابات الإسمنتية بدلاً من الخضراء… وهنا يبقى السؤال: ما الآلية التي تعمل بها تلك الجهات لحماية الأراضي الزراعية من التقلص والانحسار؟.
مشروعات استصلاح
في البداية توقفنا عند أولى الجهات المعنية بهذا الموضوع (مديرية الزراعة)، إذ أكد مدير الزراعة في اللاذقية المهندس منذر خير بيك أن وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي تعمل على زيادة مساحة الأراضي القابلة للزراعة من خلال مشروعات استصلاح الأراضي على مستوى المحافظة، مضيفاً: أن كل اللجان التي تمنح التراخيص للمنشآت السياحية والزراعية والصناعية حتى المخططات التنظيمية إضافة إلى لجنة البلاغ رقم 4 وكل اللجان الأخرى التي تمنح التراخيص التي ستقام على الأراضي الزراعية ويكون وفق عدة معايير، من أبرزها أن أراضي الصف الرابع وما دون يمنع منعاً باتاً قيام أي منشأة عليها، أما الأراضي التي يتم تصنيفها من الصف الخامس وما فوق تحتاج إلى موافقات لتتم إمكانية إقامة منشآت وأبنية عليها، وفيما يخص المشروعات الزراعية الحيوية فيسمح بإقامتها فقط على الأراضي المصنفة من الدرجة الرابعة وما دون التي تخدم القطاع الزراعي، وهنا يحرص مندوبو الزراعة بالمخططات التنظيمية على عدم التفريط بأي شبر من الأراضي الزراعية إذا كانت خصوبتها من الصف الرابع وما دون.
العقارية ترتفع والزراعية تنخفض
وتابع المهندس خير بيك قوله للأسف تعرضت الأراضي الزراعية خلال السنوات الأخيرة الماضية للزحف، ولكن حالياً تم ضبط هذه الظاهرة الخطيرة من قبل مندوبي الزراعة على مستوى المحافظة بالكامل.
(هنا الكلام لتشرين) للفلاح يد في هذا الزحف.. فارتفاع أسعار الأراضي العقارية مقابل انخفاض أسعار الأراضي الزراعية دفع بعض الفلاحين للتوسط لبعض الجهات لتشميل أراضيهم ضمن المخططات التنظيمية بغرض تجاري بحت، علماً أن هذه الأراضي هي بساتين حمضيات وأراضي الأشجار المثمرة وغيرها، ويرجع ذلك للحاجة المادية و ضعف مردود الإنتاج الزراعي، وعقّب مدير الزراعة: أنه تجب توعية المزارعين و تنبيههم لخطورة تشميل أراضيهم الزراعية بالمخططات التنظيمية في بلديات المحافظة التي يتجاوز عددها الـ 400 بلدية، وهذه الظاهرة خطيرة جداً حيث ساهمت في تقليص مساحة الأراضي الزراعية ومنتجاتها الزراعية وتالياً تقليص الغذاء بشكل عام، وأضاف إن اللجان التي تضم مندوبي الزراعة تجابه هذه المشكلة حرصاً منها على حماية هذه الأراضي قدر الإمكان وعدم المس بها وخاصة الخصبة منها باستثناء بعض الحالات الخاصة الضرورية جداً بما يتعلق بتوسيع الطرق الرئيسة حيث يتم السماح بعمق محدود جداً، مضيفاً: أنه منذ إدراج مندوبي الزراعة في هذه اللجان تم كبح التمدد على الأراضي الزراعية الخصبة المصنفة من الدرجة الرابعة، مبيناً : أن 6 آلاف هكتار فقط غير قابلة للزراعة من أصل 108 آلاف هكتار، و تبلغ نسبة الأراضي الخصبة حوالي 80 %، مشيراً إلى أنه من خلال مشروعات استصلاح الأراضي يتم إدخال أكبر مساحة ممكنة ضمن الأراضي القابلة للزراعة وفق خطط سنوية. وأضاف: بالنظر إلى محدودية الأراضي الزراعية في المحافظة وقلة الحيازات الزراعية يكون الحرص كبيراً للحفاظ على كل شبر منها، وفيما يتعلق بالبيت الزراعي لا يتعدى الطابقين على عقار لا تقل مساحته عن 4 دونمات ووصفه بالواقع الصعب في ظل الحيازات الصغيرة جداً في اللاذقية، فهناك حيازات لاتتعدى مئات الأمتار نتيجة تقسيم الأراضي الزراعية بسبب الإرث.
تأطير المنشآت .. والتعدي لن يسمح به
كما أن للعشوائية التي تعيشها المنشآت الصناعية والحرفية وغيرها دوراً في الزحف على الأراضي الزراعية، حيث أكد المهندس أيهم كحيلة مدير التخطيط الإقليمي الشامل ودعم القرار أن الهدف الأساس من تنفيذ المخطط الإقليمي الشامل للمنطقة الساحلية هو تأطير نشاط الصناعات والمعامل المختلفة والاستثمارات في مناطق صناعية وحرفية محددة، مشيراً إلى أنه لم يتم العمل به حتى الآن والموضوع متوقف حتى انتهاء المخطط الإقليمي في طرطوس ليكون الانطلاق في المنطقة الساحلية بشكل عام، وبناء على ذلك فقد تم إحداث ثلاث مناطق صناعية و حرفية جديدة ليصبح عددها 7 مناطق حرفية و صناعية على مستوى المحافظة، وأضاف: تتم حالياً دراسة أولية لإقامة منطقة حرفية في منطقة اللاذقية (على محور طريق كسب) وهدف هذه المناطق الحرفية هو الحفاظ على الأراضي الزراعية وعدم الانتشار العشوائي للصناعات.
وعن معالجة وتنظيم وتأطير المعامل والمصانع والمنشآت الصناعية و الحرفية المختلفة الحالية في المحافظة أكد كحيلة أن الأمر متوقف حتى انتهاء محافظة طرطوس من إنجاز المخطط الإقليمي الشامل وحسب تعليمات البلاغ رقم 4 لعام 2017 فإن الترخيص لأي منشأة يتم بشكل مؤقت على أراض تصنيفها في الخصوبة من 5 إلى 9، وتابع قوله: التوجه دائماً للتوسع الشاقولي وهناك لجنة مشكلة من المحافظة وكل الجهات المعنية لمنح و تدقيق التراخيص للمشروعات الصناعية والاستثمارات المختلفة حيث إن المخالفات مكلفة جداً للدولة و لن يسمح نهائياً بالتعدي على الأراضي الزراعية.
إعادة النظر في الاستملاكات السياحية
كما أثرت الاستملاكات السياحية لعشرات الآلاف من الدونمات في تقلص الأراضي الزراعية، إذ إن شريط الاستملاك يصل إلى عمق مئات الأمتار على طول الشريط الساحلي ومنذ بداية السبعينيات لم تنجز مشروعات سياحية، وخسر العديد من الفلاحين أراضيهم الزراعية، وهنا أشار رئيس اتحاد الفلاحين في اللاذقية هيثم أحمد إلى أن الاستملاك السياحي للأراضي الزراعية أثر في تقلص مساحتها وأن التعويضات التي أعطيت هي أقل بكثير من القيمة الحقيقية للمزارعين، مؤكداً أن الاتحاد مع دعم السياحة ولكن ليس على حساب التمدد في الأراضي الزراعية مشيراً إلى ضرورة معالجتها بتشكيل لجان على أرض الواقع.
مطالبة من دون جدوى
وأضاف رئيس الرابطة الفلاحية في اللاذقية عبد الكريم مرتكوش أنه تمت المطالبة في عدة اجتماعات و مؤتمرات بمعالجة هذا الموضوع عن طريق الكتب الرسمية ولكن من دون جدوى، مشيراً إلى أن المنطقة الصناعية الجديدة والمقامة حالياً كانت تابعة لقرية (الشير) وكانت من أخصب الأراضي في المحافظة ولكن تم وضع فيها معامل رخام و بلوك رغم أن هناك توجيهات للابتعاد عن النهر الكبير الشمالي بمسافة 400 متر حفاظاً على مجرى النهر وعلى الأراضي المجاورة ولكن لم يتم الالتزام حيث إن المسافة الفاصلة حالياً بين المعامل والنهر هي فقط 70 متراً.
(السامية) مثال
بلدة السامية إحدى بلدات المحافظة التي تقام فيها أبنية بالتمدد الشاقولي أوضح رئيس مجلسها المهندس هشام إبراهيم أن التوجه والتوجيهات من المحافظة و اللجنة الإقليمية تتمثل بالتمدد الشاقولي والحد من التوسع الأفقي فقد سمح بإقامة طابق إضافي في البلدة، فمثلاً في السكن الحديث أصبحت العمارات والبنايات تتألف من 4 و5 طوابق.. وفي السكن القديم فهي ثلاثة طوابق لحين تصديق المخطط التنظيمي من خلال اللجنة الإقليمية، وأضاف إنه وحسب توجيهات المحافظ معالجة المخالفات هي في الحدود الدنيا والتوجيهات تتركز في عدم التعدي نهائياً على الأملاك العامة والأراضي الزراعية، ويلاحظ الآن توجه المستثمرين ومتعهدي البناء إلى تشييد الأبنية الطابقية بشكل شاقولي حيث تقدم لهم كل التسهيلات بحسم رسوم المرافق العامة بنسبة 50% وذلك على العقار المبني فقط، والبقية يؤخذ منه لحين بناء المساحات الملاصقة للمبنى المشيد، وضرورة زيادة نسبة البناء في المساحة المسموحة حيث تبلغ المساحات المسموح بالبناء عليها من 350 متراً مربعاً إلى 800 متر مربع .أما نسبة البناء المسموح بها فتتراوح بين 40 و50 % فقط وفي البلدة القديمة حوالي 70 % وتتباين هذه النسب بين بلدة وأخرى إذ إن المساحات المتبقية هي للطرق والخدمات والمرافق العامة.
التمدد الشاقولي اهتمامنا
مديرية الخدمات الفنية وهي الجهة المعنية الأساسية بواقع البناء والتنظيم و المخططات العمرانية في المحافظة أوضح مديرها المهندس وائل الجردي أن المناطق الزراعية لا تقترب منها المديرية فتحددها مديرية الزراعة من خلال مندوبيها في اللجان حيث يمنع البناء عليها، أما البقية من الأراضي فتتم دراستها بالتنسيق مع مديرية التخطيط الإقليمي ودعم القرار والجهات ذات العلاقة وفق أسس التخطيط المعمول بها في القطر حيث يراعى الحفاظ على الأراضي الزراعية ما أمكن بالتنسيق مع اللجان في وزارة الأشغال والإسكان.
بدوره المهندس وائل صالح -رئيس دائرة التخطيط العمراني في المديرية أكد أن عمل المديرية هو إشرافي فقط وليس بالضرورة إنجاز المخططات التنظيمية، لكن انخفاض تكاليف ما تتقاضاه المديرية من البلديات مقارنة مع المكاتب الفنية الخاصة يدفعها إلى إنجازها بالخدمات، وتقترح الوحدات الإدارية التوسع الشاقولي لتصل إلى 7 طوابق خاصة في المدن، وهناك أيضاً نظام بناء عام الاستثمار الذي يصل بالتوسع الشاقولي إلى 14 طابقاً وتتم معالجة المخالفات بالتعاون بين وزارتي الإدارة المحلية والبيئة والإسكان والمحافظة، مشيراً إلى أنه وصل عدد المخططات التنظيمية في اللاذقية إلى أكثر من 300 مخطط تنظيمي، وهو مؤشر جيد لتأطير وتنظيم البناء و الحد من التوسع الأفقي، وتالياً الحفاظ على الأراضي الزراعية وهذا العام أنجز 13 مخططاً تنظيمياً جديداً حيث إنه يسمح بإنجاز مخطط تنظيمي لمجمع سكاني بـ 500 نسمة وما فوق وهي خطة الوزارة والمحافظة لإنجاز المخططات التنظيمية لكل التجمعات السكانية في المحافظة، أما تعديل أي مخطط تنظيمي فيكون من خلال اللجنة الإقليمية وفق إجراءات المرسوم رقم 5 لعام 1984 والمعدل بالقانون 41 لعام 2002 ، وأضاف: إنه صدر تعميم في الشهر الخامس من العام الحالي من وزير الأشغال والإسكان بدراسة إمكانية التوسع الشاقولي بما لا يتعارض مع الأسس التخطيطية والبرنامج التخطيطي للتجمع السكاني.
وتنفذ المؤسسة العامة للإسكان مشروعات (سكن الشباب و الادخار و العمارة الخضراء)، وفي هذا السياق أوضح المهندس رحاب دعدع -مدير المؤسسة العامة للإسكان في اللاذقية أنه تقام مشروعات سكنية في (بشلاما) في القرداحة ضمن مفهوم العامرة الخضراء بحوالي 1500 شقة سكنية وذلك بالتوسع الشاقولي والعمودي والحفاظ ما أمكن على الأراضي الزراعية وأيضاً المرحلة الأخيرة من سكن الشباب في موقع (ست مرخو) بتشييد حوالي 1500 شقة سكنية، إضافة للشقق التي سيتم توزيعها بسكن الادخار و أيضا ضاحية السكن العمالي بإقامة 500 شقة، والأمر ذاته بالنسبة لاتحاد التعاون السكني، حيث إن كل المشروعات، كما قال محمد أديب إبراهيم -رئيس اتحاد التعاون السكني ضمن مفهوم الضواحي أو الجزر والأبنية الشاقولية وذلك بهدف الحفاظ على الأراضي الزراعية.
مقترحات موحدة
الحلول التي قدمتها الجهات السابقة الذكر تتلخص بإقامة مجمعات سكانية وضواح سكنية على اعتبار أنها تحد من تدهور الأراضي الزراعية وليس التوسع بالمخططات التنظيمية الحالية التي إذا استمرت فسوف تلتهم كل الأراضي الزراعية، إضافة لضرورة زيادة نسبة البناء في المساحة المسموح بالبناء عليها، وتشجيع المزارعين وبالحفاظ على أراضيهم الزراعية وذلك بإعطائهم دعمهم بتأمين مستلزمات الإنتاج وتخفيض التكاليف وتقاضيهم أسعاراً مجزية لمحاصيلهم وفيما يتعلق بالحمضيات مثلاً ثمن كيلو الحمضيات مع تكاليف الإنتاج والنقل مما يباع أحياناً وإرشادهم وتوجيههم بتنويع زراعاتهم بمحاصيل اقتصادية وأساسية أقل بكثير، هذا ما تضعه هذه الجهات برسم الجهات الوصائية.