«النصرة» تلهث لتفادي مصير داعش وسيناريوهات إدلب لا تزال غامضة

«النصرة» تلهث لتفادي مصير داعش وسيناريوهات إدلب لا تزال غامضة

أخبار سورية

الأحد، ٢٧ أغسطس ٢٠١٧

محاولة جديدة لـتنظيم «جبهة النصرة»، الذي تعتبر إدلب المعقل الرئيس له، لتفادي ما وصل إليه نظيره داعش في الموصل والرقة والبادية الشامية، وذلك بالإعلان عن استعداده لـ«حل نفسه»، لكن غموضاً يكتنف مصير المدينة في ظل الحديث عن سيناريوهات تدخل دولي في إدلب، باعتبار أن «هيئة تحرير الشام» التي تتخذ منها «النصرة» واجهة جديدة مصنفة على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية.
ويبدو من إعلان القائد العام لـ«تحرير الشام»، هاشم الشيخ الجمعة أن الـ«هيئة» مستعدة لـ»حل نفسها شرط أن تحل كل الفصائل العاملة في الشمال نفسها تحت قيادة واحدة»، وفشلها بالتغطية على نفسها بـ«مؤسسات مدنية»، أن التنظيم يتحسب لما هو قادم، بعد بروز إدلب كقضية رئيسية على طاولة البحث الدولية، إثر دحر «النصرة» لميليشيا «حركة أحرار الشام الإسلامية» وسيطرته على معظم المحافظة.
واللافت في الإعلان أنه جاء بعد أيام قليلة من اقتراح سربته صحفٌ مقربةٌ من الحكومة التركية لتجنيب محافظة إدلب عملية عسكرية تحضر لها أربع دول، ويتمثل بـ«تشكيل هيئة إدارة محلية مدنية للمدينة تتكفل بإدارة شؤونها الإنسانية والحياتية، مع تحييد التنظيمات المسلحة عن إدارتها»، إضافة إلى «تحويل العناصر المسلحة في المعارضة السورية إلى جهاز شرطة رسمي يتكفل بحفظ الأمن»، و»حل هيئة تحرير الشام في شكل كامل»، ما يشير إلى تنسيق بين انقرة و»النصرة» وأن الأولى ما زالت تمتلك ورقة الثانية وتريد المحافظة عليها لتخرجها في التوقيت الذي تتعرض «الغوتا» الخاصة بها للخطر.
سيطرة «النصرة» على إدلب فتحت أبواب سيناريوهات تدخل دولي في المحافظة، باعتبار الـ«هيئة» مصنفة على قوائم الإرهاب الدولي، وذلك أن الولايات المتحدة الأميركية، بدأت منذ ذلك الحين في التركيز على المحافظة في الخطاب السياسي والإعلامي وتمهد الأرضية لـمعركة كبرى قادمة،
أولا أشارت تمهيد واشنطن جاءت في آذار الماضي، من المبعوث الأميركي إلى سورية مايكل راتني في بيان قال فيه: «إن المكون الأساسي لهيئة تحرير الشام هي جبهة النصرة، وهي منظمة مدرجة على لائحة الإرهاب»، مؤكداً أن التصنيف «ساري المفعول بغض النظر عن التسمية التي تعمل تحتها وأي مجموعات أخرى تندمج معها، وأن هيئة تحرير الشام هي كيان اندماجي وكل من يندمج ضمنه يصبح جزءاً من شبكة القاعدة في سورية».
لكن الإشارة الأوضح جاءت من تصريح المبعوث الأميركي لـ»التحالف الدولي» بريت ماغورك مؤخراً بأن إدلب هي «أكبر معقل لتنظيم (القاعدة) في العالم بعد 11 سبتمبر 2011، حيث ركز تنظيم «القاعدة» على إدلب»، ليتبعه بيان، لراتني اعتبر فيه أن الهجوم الذي شنته «تحرير الشام» ضد «أحرار الشام» في إدلب «يعرض مستقبل شمال سورية لخطر كبير». وأكد أنه في حال هيمنة «النصرة» على إدلب سيكون من الصعب على الولايات المتحدة إقناع الأطراف الدولية باتخاذ الإجراءات العسكرية اللازمة». وأضاف: «يجب أن يعلم الجميع أن الجولاني وعصابته هم المسؤولون عن العواقب الوخيمة التي ستحل بإدلب».
ولم تفلح مساعي زعيم «النصرة» أبو محمد الجولاني بعد السيطرة على إدلب بالاتصال مع كتل وشخصيات في «المعارضة» والمليشيات المسلحة لإقناعهم بتشكيل «إدارة مدنية» في إدلب، بتغيير الموقف الأميركي ذلك أن الرد جاء من راتني بأن «خطة «النصرة» الاختباء وراء إدارة مدنية مجرد أساليب مراوغة… وهذه الإدارة مجرد واجهة زائفة»، وتحذيره «من الصعب إقناع الأطراف الدولية بعدم اتخاذ الإجراءات العسكرية المطلوبة» ضد إدلب.
في مقابل، الإشارات الأميركية، بمهاجمة إدلب، عادت الحرارة إلى العلاقات ما بين شركاء أستانا (روسيا، إيران، تركيا) الذين تباعدت مواقفهم في أعقاب اتفاق موسكو واشنطن على إقامة منطقة تخفيف توتر في جنوب غرب سورية.
واكتملت الصورة بزيارة مفاجئة لرئيس هيئة الأركان الإيرانية محمد حسين باقري إلى العاصمة التركية أنقرة، وزيارة لنظيره الروسي فاليري غيراسيموف ناقشوا مع زميلهم التركي خلوصي آكار إقامة منطقة تخفيف توتر في إدلب، سبقها اجتماع لخبراء الدول الضامنة لعملية أستانا في طهران.
فطهران تخشى توسع نفوذ أميركا في الخريطة السورية عبر أداتها «قوات سورية الديمقراطية- قسد»، التي تقودها «وحدات حماية الشعب» الكردية الأمر الذي سيكون له انعكاسات خطيرة على الأمن القومي الإيراني لناحيتين، الأولى ترسيخ وجود أميركي معاد في الهلال الخصيب، والثانية، سحب واشنطن الورقة الكردية من يد جميع الأطراف الدوليين والإقليميين ولعبها ضدهم بما يهدد وحدة أراضيهم.
أما روسيا فإنها ترصد محاولات واشنطن تعديل مهمة «التحالف الدولي» الذي تأسس لقتال تنظيم داعش الإرهابي حصراً إلى قتال «النصرة» عبر عملية تطلقها «حماية الشعب» من مواقعها في عفرين بريف حلب الشمالي باتجاه إدلب، ما يشكل خروجاً عن تفاهمات غرب/شرق نهر الفرات خصوصاً أن الأخيرة تقع في غرب سورية وتشرف على الساحل السوري على البحر الأبيض المتوسط، كما سيؤدي ذلك إلى حرمان الروس من الاستثمار في الورقة الكردية بالشرق الأوسط، فضلاً عن أن النجاح في إدلب سيؤدي إلى تشكل كيان جديد في المنطقة تخشى موسكو أن تستخدمه واشنطن كمخلب قط لابتزاز الدول الإقليمية، العراق، سورية، إيران، تركيا، وضبطها، ولجمها ضمن الإستراتيجية الأميركية الشاملة.
وأما تركيا المستشيطة غضبا من واشنطن لدعم الأخيرة للأكراد، فقد بات موضوع إدلب يحظى بأولوية لتخوفها من توسيع الأكراد لدائرة سيطرتهم على حدودها الشمالية.
ورغم كل ما رشح عن سيناريوهات وخط لضامني عملية أستانا وإعلان «قسد» رأس حربة أميركا في شمال سورية نيتها تحرير إدلب، إلا أن مصير تلك المحافظة يبقى غامضا حتى الآن.