مواطنون يتعرضون للابتزاز.. ومعقبون يتظاهرون بـ«الدروشة»!..ثلاث سنوات ولائحة أسعار تعقيب المعاملات مازالت مُغيبة

مواطنون يتعرضون للابتزاز.. ومعقبون يتظاهرون بـ«الدروشة»!..ثلاث سنوات ولائحة أسعار تعقيب المعاملات مازالت مُغيبة

أخبار سورية

الأربعاء، ١٢ يوليو ٢٠١٧

إبراهيم غيبور  
منذ صدور المرسوم التشريعي رقم 12 لعام 2014 المتضمن تنظيم عمل معقبي المعاملات والشروط الواجب توافرها والأجور التي يتقاضونها لمزاولتهم المهنة، لم يتغير الحال كثيراً باستثناء بعض المسائل التنظيمية، أما لائحة الأسعار فمازالت غائبة أو بالأحرى مُغيبة، فالمعقب هو من يحدد تسعيرة إنجاز المعاملة وعلى المواطن الرضوخ.
نصت المادة التاسعة من المرسوم التشريعي 12 لعام 2014 الخاص بتنظيم مهنة معقبي المعاملات وكتَّاب العرائض على أن تحدد أجور المعاملات بقرار من وزير الصناعة بناءً على اقتراح المكتب التنفيذي للاتحاد العام للحرفيين، وللأسف لم تجد هذه المادة طريقها إلى التنفيذ حتى تاريخه، ما يعطي دلالة على تقصير وإهمال واضحين من جانب الأطراف المعنية بتطبيق المرسوم، فبقي المواطن عرضة للابتزاز من هذا المعقب وذاك بدلاً من حمايته تحت مظلة قانونية، وهو الهدف الرئيس من صدور المرسوم 12.
وجه آخر للفساد
وبما أن الأغلبية العظمى من المواطنين يلجؤون إلى الاستعانة بمعقب معاملات لإنجاز معاملات الشراء أو البيع أو التنازل مقابل مبلغ معين، فإن غياب لائحة محددة لأسعار تعقيب المعاملات حسب نوع كل معاملة، يجعل المعقب يزيد من فرص استغلال حاجة المواطنين لإنجاز معاملاتهم، ناهيك بأن الأغلبية العظمى من المعقبين تطلب من المواطنين مبالغ مالية كبيرة قد تصل إلى 100 ألف ليرة لإنجاز معاملة واحدة تحت ذريعة أنها تأخذ وقتاً طويلاً، وتحتاج إلى «إرضاء خاطر» هذا الموظف وذاك، لتتحول هذه المهنة من بعض ضعيفي النفوس من المعقبين إلى وجه آخر للفساد، بل إلى وجود شبكات من الموظفين يعملون كخدم لدى المعقبين مقابل مبالغ مالية، أما المعاملات التي يقوم أصحابها بإنجازها فربما تنام في أدراج المكاتب أياماً.
تسعير حسب الزبون
يقول بعض المعقبين ممن سألتهم «تشرين» عن الأسعار التي يتقاضونها لقاء إنجاز معاملات المواطنين: إن تكلفة إنجاز المعاملة الواحدة تتراوح بين 3000 – 5000 ليرة، حسب طبيعة الزبون، وفي المقابل يؤكد بعض الموظفين في إحدى المديريات الخدمية أن بعض المعاملات لا تستهلك من الوقت أكثر من 10 – 15 دقيقة لإنجازها، ما يعني أن طبيعة الزبون هي من يتحكم في تحديد سعر المعاملة وليس نوع المعاملة، فهل من المعقول أن يتقاضى المعقب مبلغ 5000 ليرة ثمن إنجاز معاملة لا تستغرق من الوقت أكثر من 15 دقيقة…؟
اعتماد لائحة محددة
أما عن سبب عدم اعتماد لائحة أسعار محددة لإنجاز المعاملات يلتزم بها المعقبون وكُتّاب العرائض حسبما هو منصوص عنه في المرسوم 12، يؤكد شحيدة عليا رئيس جمعية المعقبين في دمشق أن هناك أكثر من 5000 ملاحظة على وجود لائحة للأسعار، وتساءل عليا: هل من المعقول أن أضع تسعيرة المعاملة 2000 ليرة، والمصروفات النثرية تصل إلى 10 آلاف ليرة، بمعنى أن تكلفة إنجاز المعاملة هي أقل بكثير من النثريات المقدمة لإنجازها.
الواقع يفرض تحديد الأسعار
وقال عليا: الواقع الراهن يفرض علينا مناقشة المادة التي نصت على تحديد لائحة أسعار لتعقيب المعاملات، مشيراً إلى أن تضمين هذه المادة في المرسوم التشريعي 12 جاء بما وصفه بـ«الغفلة»، حتى إن اللجنة التي صاغت مشروع المرسوم كانت تفتقد إلى عضو ممثل عن الاتحاد العام للحرفيين، أما بالنسبة له كرئيس للجمعية فتم استدعاؤه في ذلك الوقت كخبير، مع تأكيده أن مهنة تعقيب المعاملات هي مهنة خدمية ولا تحتاج تحديد لائحة للأسعار، لذلك لابد من تعديل نص المرسوم الحالي، مع العلم أن الاتجاه كان يسير نحو عقد مؤتمر نوعي على مستوى جمعيات معقبي المعاملات في المحافظات لمناقشة المادة التاسعة، ولكن الظروف المحيطة منعت عقده في ذلك الوقت، أما اليوم فنحن بإمكاننا الدعوة لعقد المؤتمر.
لم ترد أي شكوى
وعاد رئيس الجمعية ليوضح أن مسألة تحديد سعر إنجاز المعاملة تحكمها العلاقة بين المواطن والمعقب، وعلى الجمعية أن تتخذ الإجراءات اللازمة في حال أساء المعقب أو خالف قانون تنظيم المهنة وشروط الممارسة، مؤكداً أنه لم ترد إلى الجمعية أي شكوى ضد أي معقب.
وفي المحصلة، قد لا نستغرب أن يدفع المواطن للمعقب مبلغاً كبيراً من المال تحت الضغط واستغلال الحاجة، أو تحت ستار دفع الرشا للموظفين فالمتابعة والمراقبة الدقيقة باتت ضرورية، ووجود لائحة أسعار محددة من شأنها حماية المواطنين من الاستغلال والابتزاز، والقضاء على ظاهرة المعقب الناقل للرشوة.