أثقلت أعباء الناس موجة الحر.. أفكار وإجراءات احترازية للتخفيف من سخونتها.. ولهيبها يكوي الجيوب

أثقلت أعباء الناس موجة الحر.. أفكار وإجراءات احترازية للتخفيف من سخونتها.. ولهيبها يكوي الجيوب

أخبار سورية

الجمعة، ٧ يوليو ٢٠١٧

تنتشر اليوم في أسواق دمشق وعلى بسطاتها مراوح صغيرة الحجم، تعمل على البطاريات القابلة للشحن، وتتراوح أسعارها بين الـ 2000 والـ 5000  ليرة سورية بحسب نوعية وكفاءة هذه المستوردات والقطع الالكترونية، ويجد فيها بعض السكان حلاً مقبولاً  لتخفيف درجات الحرارة المستعرة في شهر تموز وموجة الحر الأخيرة التي أثقلت عليهم، في حين باتت السخرية والتهكم على صفحات الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وسيلة أخرى من وسائل التخفيف عن الضغط، والتعبير عن هذه الموجة، والتأقلم معها، إحدى تلك الطرائف الملفتة صورة لمجموعة شبان يتجمعون حول قالب ثلج و”يتدفؤون” عليه مجازاً، ومع توقعات بانحسار هذا المرتفع بحسب صفحات الطقس العديدة، لا يبدو أن أي مرتفعات أو موجات حر أخرى ستكون في حسابات الدمشقيين، فالحلول موجودة دائماً عندهم، وما مر عليهم وعرفوه أصعب من ذلك بكثير.

أفكار لافتة

أفكار لافتة ومبتكرة، رصدتها تقارير إعلامية في دول مجاورة عن كيفية تعامل سكانها مع موجة الحر كالعراق الشقيق مثلاً الذي يعرف سكانه ظاهرة “الدوش” ومرشات المياه والرذاذ في الشوارع والأماكن العامة للمارة، محاولين قدر الإمكان تخفيف قيظ درجات الحرارة التي قاربت لديهم الـ 50 مئوية، في المقابل قامت محافظة دمشق بمبادرة جميلة خلال الأيام الماضية باستخدام سيارات لرش المياه في الشوارع والطرقات العامة لتخفيف حرارة الجو في فترات الذروة، وربما تبدو خيارات وحلول المواطن السوري ملفتة أيضاً رغم محدوديتها، وضعف الإمكانيات، وواقع الكهرباء، ولدى عدي مثلاً مروحة صغيرة تعمل على بطارية قابلة لإعادة الشحن، قام بتحويلها لمكيف صغير باستخدام قوالب ثلج وعلبة بلاستيكية، واصفاً الاختراع بالعملي والمفيد، أما أبو عبد الله سائق الميكرو الذي التقيناه، يقود سيارته على أحد خطوط مواصلات مدينة دمشق، يقاوم حر الصيف عبر مروحة صغيرة، ركّبها في سيارته الخالية من التكييف، ووصلها على كهرباء البطارية، ويضيف: رغم أن الهواء المنبعث عن تلك المروحة ساخن، لكنه أفضل من لا شيء في هذا الجو الحار، وأحاول أيضاً الاحتفاظ بزجاجة ماء مثلجة وقطعة قماش مبتلة للصمود في درجات الحرارة المرتفعة تلك، ولا يجد مازن الطالب الجامعي بديلاً عن المزاح والتندر في ظل الأجواء الحارة، إذ يقول: “هذا الجو “أزعر” بدو يانا نشلح”، ويتبع مزحته بأخرى: “صحيح أن سورية ليست على خط الاستواء، لكنها الآن أصبحت على خط الانشواء”.

أرقام قياسية

يؤكد الراصد الجوي  محمد كلش أن ارتفاع درجات الحرارة وتحقيقها لأرقام قياسية جديدة هذه السنة، يمكن أن يفسر في إطار ظاهرة الاحتباس الحراري، وارتفاع درجة حرارة الأرض بشكل ملحوظ، ويضع عدة أسباب محتملة لهذا الارتفاع، منها دور الإنسان (التقدم الصناعي)، وتلاعبه بالدورة الطبيعية للأرض بالتزامن مع زيادة النشاط الشمسي وظاهرة الاحتباس الحراري، يقول كلش: اعتماد الإنسان على أنواع الوقود المختلفة مثل البترول والفحم الحجري والغاز الطبيعي كمصدر أساسي لتوليد الطاقة يزيد انبعاث الغازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي عن الحجم الطبيعي الذي يحتاجه الغلاف، وهذا يؤدي إلى ارتفاع كبير بدرجات الحرارة، ومثال ذلك استخراج الفحم يسبب خروج غاز الميثان، محطات الطاقة، غازات المصانع، كما يحدث التلاعب بالطقس من خلال مشاريع ومنشآت كبيرة، وأهمها مشروع دولي يسمى (هارب)، يقوم بالتلاعب في دورة الحياة، ما يؤدي إلى كوارث طبيعية مقصودة، وارتفاع لدرجات الحرارة أو انخفاضها، وعن زيادة النشاط الشمسي يقول: تؤدي الرياح الشمسية المنبعثة عن الشمس بمساعدة المجال المغناطيسي لها للحد من كمية الأشعة الكونية التي تخترق الغلاف الجوي للأرض، والتي تحتوي على جزيئات عالية الطاقة، تقوم بالاصطدام بجزيئات الهواء، لتنتج جزيئات جديدة، تعد النواة لأنواع معينة من السحب، وتساعد على تبريد سطح الأرض، وبالتالي فإن وجود هذا النشاط الشمسي يعني نقص كمية الأشعة الكونية، أي نقص السحب التي تساعد على تبريد سطح الأرض، وبالتالي ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض، وعند انخفاض هذا النشاط المؤقت ستعود درجة حرارة الأرض إلى طبيعتها، ولكن هذا أمر شبه مستحيل بسبب الزيادة الهائلة لانبعاث غاز ثنائي أكسيد الكربون، وأيضاً بسبب الانفجارات الشمسية المتتالية التي نتائجها قريبة من نتائج الرياح الشمسية، ويختم كلش: ارتفاع الحرارة سوف يتكرر مرة ومرتين وثلاث مرات، وقد نشهد حالات مماثلة في الأعوام المقبلة ما دام الإنسان يتلاعب بالحياة الطبيعية، ولا يترك لمسارها الطبيعي دوره.

اتبعوا هذه الإرشادات

ورغم كل ما قيل ومهما تكن الأسباب التي أدت إلى موجة الحر التي شهدناها، ونشهدها في هذا الشهر، فالثابت أن الحرارة العالية والشديدة التي يكتوي السوريون بلهيبها مع كل همومهم والمترافقة مع رطوبة عالية مع الحر تتوجب وقاية خاصة، والعمل بنصائح وإرشادات طبية، وهو أمر دفعنا لاستشارة أخصائي لتقديم نصائح بسيطة يمكن من خلالها تجنّب مخاطر هذا الصيف، يقول خبير التغذية علي الأسعد: إن جسم الإنسان يخسر كميات كبيرة من السوائل في هذا الفصل، لذا يتوجب العمل على تعويضها بصورة مستمرة من خلال شرب كميات وفيرة من المياه بما لا يقل عن الـ 10 أكواب يومياً، بالإضافة لشرب العصائر الطبيعية واللبن، وتناول الخضروات الطازجة والفواكه لتعويض نقص المعادن والفيتامينات، مع الابتعاد عن مأكولات السوق والطعام الجاهز، لأن الفصل الحار مع الرطوبة العالية بيئة مناسبة جداً للجراثيم والأوبئة التي يمكن أن تنتشر في هذا الفصل، وفي المقابل يحذر الأسعد من إضافة البهارات إلى الطعام أو تناول الأطعمة الحارة، وينصح بالتقليل من كميات الملح نظراً لكونها تسبب احتباس السوائل في الجسم، ومن النصائح التي قدمها أيضاً تجنّب التعرض للشمس في فترات الظهر، والمثابرة على المشي، خاصة في أماكن الظل للمحافظة على توازن الجسم وعمل وظائفه، كما نصح بالابتعاد عن ارتداء الملابس الضيّقة، والإكثار من الاستحمام، أو الاحتفاظ بمناديل رطبة يمسح بها الوجه واليدين باستمرار.

محمد محمود