الطاقات المتجددة.. مشاريع استثمارية خجولة وعائدية اقتصادية متواضعة

الطاقات المتجددة.. مشاريع استثمارية خجولة وعائدية اقتصادية متواضعة

أخبار سورية

الثلاثاء، ٦ يونيو ٢٠١٧

ساهمت عوامل عديدة في تسريع خطوات التوجه نحو استخدام الطاقات البديلة، وخاصة لجهة ارتفاع تكاليف الطاقة الكهربائية، ومع ما يعانيه القطاع الكهربائي المتأثر بالاعتداءات المتكررة على محطاته والتقلبات الاقتصادية لأسعار استيراد الوقود، والعائدية الاستثمارية، وانخفاض تكلفة إنتاج الكيلو واط الساعي المنتج شمسياً، أو من أشكال أخرى من الطاقات المتجددة، بات من الضروري الإسراع في إطلاق خطة وطنية تتضمن نشر ثقافة الاعتماد على الطاقة النظيفة، والترويج لها لما يحققه هذا المشروع من فوائد كبيرة اقتصادياً وبيئياً واجتماعياً وخدمياً، والعمل بخطوات حثيثة وجدية للبدء بتنفيذ مشاريع استثمار مصادر الطاقة النظيفة، مثل طاقة الرياح، والطاقة الحيوية،  والسخان الشمسي لما لها من آثار بيئية نظيفة، وما تحققه من وفر اقتصادي ومادي ينعكس إيجاباً على واقع استهلاك الطاقة.

هذه المواضيع كانت محور حديثنا مع الدكتور المهندس يونس علي مدير مركز بحوث الطاقة الذي تشاركنا معه في الكثير من الأفكار والرؤى المندرجة ضمن مجال استثمار الطاقات المتوفرة في بلدنا، والخطط الموضوعة لذلك، وما تم تنفيذه حتى الآن.

< ما هي المشاريع المنفذة من قبل المركز الوطني لبحوث الطاقة في الطاقات المتجددة؟.

<<  الاستثمار  والاستفادة من مصادر الطاقات المتجددة في أي بلد من بلدان العالم، يتطلب توفر الظروف المناسبة وإلى مجموعة من العوامل،  أهمها: توفر مصادر الطاقات المتجددة، أي مدى توفر الكمون المناسب للاستثمار في هذا المجال، ووجود التشريعات التي تشجّع على الاستثمار في مجال الطاقات المتجددة، ووجود توجه وخطط محددة للاستثمار في مجال الطاقات المتجددة، وجميع هذه العوامل الثلاثة أصبحت متوفرة ومتاحة في القطر، والى جانب ذلك يتمتع بلدنا بكمون ريحي نظري لإنتاج الطاقة الكهربائية يقدّر بحوالي (40000) ميغا واط، وقد قامت وزارة الكهرباء من خلال  المركز الوطني لبحوث الطاقة في السنوات الماضية بتقييم، وتحديد المناطق الواعدة ريحياً والتي تصلح لإنشاء مزارع ريحية لتوليد الطاقة الكهربائية، من خلال تركيب محطات خاصة لرصد قيم سرعة الرياح في هذه المناطق، وقد بيّنت هذه القياسات بأن هذه المناطق تملك كموناً جيداً من طاقة الرياح، ويمكن إنشاء مزارع ريحية عليها، وتعتبر تكاليف إنتاج الطاقة الكهربائية من مزارع الرياح منافسة لتكاليف الإنتاج من المحطات التقليدية، إلّا أن هذه المزارع تتميز بأنها تساهم في توفير الوقود فقط، ولا يمكن اعتبارها مصدراً  بديلاً عن المحطات التقليدية، كونها تتميز بعدم الاستقرار، وارتباط إنتاجيتها بمدى توفر الرياح خلال الأوقات المختلفة،  وقد تم خلال عام 2010 الإعلان من قبل وزارة الكهرباء عن طلبات عروض لإنشاء مزارع رياح في كل من محافظة حمص/ بحيرة قطينة باستطاعة /50/ ميغاواط، ومحافظة حمص/السخنة باستطاعة /50- 100/ ميغاواط، ومحافظة ريف دمشق/الهيجانة باستطاعة /50-100/ ميغاواط.

أما كمون الطاقة الشمسية في بلادنا فهو كبير جداً، وقد قام المركز الوطني لبحوث الطاقة خلال السنوات الماضية بتنفيذ العديد من مشاريع تجريبية وريادية للاستفادة من الطاقة الشمسية، سواء لتسخين المياه، أو لتوليد الكهرباء، ولأغراض الإنارة، وضخ المياه، وآخرها  تنفيذ العديد من المشاريع الكهروضوئية على سطح  بعض المباني الحكومية خلال 2014-  2016، وتنفيذ مشروع لضخ المياه باستخدام اللواقط الكهروضوئية في دمشق على أحد الآبار باستطاعة /13/ ك.واط لصالح المؤسسة العامة لمياه الشرب في عام 2016، وتنفيذ مشروع توليد كهروضوئي على سطح مدرسة جودت الهاشمي باستطاعة /18/ك.واط عام 2016.

< ماذا عن السخان الشمسي، وهل استفدتم من تجارب بعض الدول في هذا المجال؟.

<< طبعاً يعتبر السخان الشمسي من أهم وأنجع وأجدى تطبيقات الطاقة الشمسية على الإطلاق، كونه يتميز بتكاليفه المنخفضة بالمقارنة مع باقي التطبيقات، وبسهولة تركيبه واستثماره، وخاصة في القطاع السكني، كون أن المياه الساخنة هي حاجة يومية لكل منزل في الوقت الذي يتم استخدام الكهرباء، أو المازوت لتأمينها في الحالة التقليدية، حيث أثبتت الدراسات التي قام بها المركز الوطني لبحوث الطاقة في هذا الإطار أن كل سخان شمسي يمكن أن يوفر سنوياً حوالي /300/ لتر مازوت، أو /1800/ كيلوواط ساعي، وبالتالي في ظل سياسة الدعم الحكومي المقدم لسلعة الكهرباء والمازوت، يصبح استخدام الطاقة الشمسية لأغراض تسخين المياه في القطاع المنزلي مجدياً اقتصادياً بالنسبة للمواطن وخزينة الدولة  في الوقت نفسه، ما سيعود  بالنفع على الاقتصاد الوطني بالإضافة إلى المنعكسات الإيجابية على البيئة نتيجة تخفيف  الانبعاثات الضارة الناجمة عن حرق الوقود التقليدي.

وضمن هذا التوجه الحكومي للتوسع في استخدام السخان الشمسي في القطاع المنزلي صدر القانون رقم /17/ لعام 2013 والذي يتضمن إحداث صندوق خاص لدعم انتشار السخان الشمسي المنزلي، وذلك من خلال تقديم منحة مالية لكل مواطن يقتني السخان الشمسي، ويركبه على سطح منزله، حيث تقدّر هذه المنحة بـ/20/ ألف ليرة سورية.

لاشك أن مبلغ المنحة الذي حُدد وفق أحكام القانون /17/ لعام 2013، تمت صياغة مشروعه وإعداده من قبل وزارة الكهرباء والجهات الأخرى، في حينها لم تكن كلفة السخان الشمسي كما هي الآن بسبب الانخفاض الحاد الذي شهدته الليرة السورية بسبب ظروف الحرب الحالية، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السخانات الشمسية في السوق المحلية إلى حوالي عشرة أضعاف، وبهدف تفعيل عمل الصندوق تُدرس حالياً عدة خيارات بخصوص آليات التمويل اللازمة، حيث يتم التنسيق مع فعاليات القطاع المصرفي الخاص والعام للتعاون في هذا المجال، بحيث يتم تشميل قرض السخان الشمسي المنزلي ضمن قائمة المشاريع ذات الأولوية والتي تحظى بقروض محددة وفق ضوابط تضمن تحقيق الأهداف المرجو ة لإنجاح مشروع السخان الشمسي ويعود بالنفع اللازم للاقتصاد الوطني بشكل عام.

< ماذا قدمتم في مجال استثمار طاقة الكتلة الحيوية؟ وهل لديكم تجارب في هذا المجال؟

<< تعتبر طاقة الكتلة الحيوية أحد مصادر الطاقات المتجددة المتاحة لدينا في القطر، حيث أظهرت الدراسات التي قام بها المركز الوطني لبحوث الطاقة، بالتعاون مع بعض الجهات المعنية، أن هناك كموناً متاحاً من طاقة المخلفات الحيوانية (الأبقار، المواشي) وبعض المخلفات النباتية (مخلفات القطن وتفل الزيتون) والنفايات البلدية (القمامة، ومحطات الصرف الصحية)، حيث قُدر هذا الكمون عام 2011 بحوالي /2.3/ مليون طن مكافئ نفطي، أي ما يعادل 10% من إجمالي استهلاك الطاقة الأولية في القطر لنفس العام، وهذا يدل على أن هناك إمكانية فعلية للاستفادة من هذه الطاقة في المرحلة الحالية والمستقبلية..

وبهدف التشجيع على الاستثمار في هذا المجال، فقد تم تنفيذ مجموعة من الدراسات والمشاريع التجريبية والريادية، وأهمها: إقامة/22/ هاضماً حيوياً لإنتاج الغاز الحيوي باستخدام روث الأبقار في محافظات السويداء وريف دمشق وطرطوس خلال الفترة من 2010-2016، وجميع هذه الهواضم وضعت بالخدمة وقيد الاستثمار من قبل المزارعين الذين تم تنفيذ هذه الهواضم لصالحهم، حيث يتم تزويد منازلهم بالغاز الحيوي لاستخدامه في الطبخ وتسخين الحليب والتدفئة وتسخين المياه، الخ..

إن العائق الوحيد أمام انتشار تقنية الهواضم المنزلية وخاصة في المناطق الريفية يعود إلى ارتفاع تكاليفها التأسيسية، وبالتالي التشجيع على الاستثمار فيها يتطلب وجود برامج وطنية تضمن تأمين التمويل اللازم لمثل هكذا مشاريع، وذلك من خلال منح قروض ميسرة للإخوة المزارعين عن طريق المصارف الخاصة والعامة ولاسيما المصرف الزراعي المختص بدعم النشاطات ذات الطابع الزراعي. في هذه الحالة فقط ربما يتكون لدى الفلاح والمزارع السوري الحافز اللازم لإقامة هواضم للاستفادة من المخلفات الحيوانية والنباتية لإنتاج الغاز الحيوي في قراهم ومزارعهم.

< ماهي الرؤية المستقبلية للطاقات المتجددة ؟

<< الرؤية المستقبلية بخصوص الطاقات المتجددة، تتلخص بضرورة الاستفادة المثلى منها خلال المرحلة القادمة، لاسيما أن الطلب على الطاقة سواء النفط أو الكهرباء سيزداد بشكل كبير وحاد، وخاصة خلال مرحلة إعادة الإعمار، حيث تتطلب كافة القطاعات تأمين مصادر الطاقة لها، وكون المتاح من المصادر التقليدية (النفط والغاز) لن يكون كافياً لتأمين هذا الطلب، هذا يعني أن الواقع الطاقي في القطر سيشهد عجزاً في الطاقة، أو ما يعرف بالفجوة الطاقية في جميع السيناريوهات التي تمت دراستها، ومن ضمن الخيارات الممكنة لسد هذا العجز هو زيادة مساهمة الطاقات المتجددة ولاسيما الطاقة الشمسية والريحية، وقد أعدت  وزارة الكهرباء والجهات التابعة لها خطة استراتيجية في هذا المجال حتى عام 2030، لتنفيذ مشاريع طاقات متجددة لتوليد الكهرباء مع الأخذ بعين الاعتبار مساهمة القطاع الخاص الفعالة في الاستثمار في هذا المجال وفق أحكام قانون الكهرباء رقم /32/ لعام 2010 وقانون التشاركية، وقد بدأت الوزارة بالإعلان عن بعض هذه المشاريع، منها:

– مشروع المزرعة الريحية باستطاعة/7,5/ ميغاواط في منطقة السنديانة.

– مزرعة ريحية في منطقة قطينة باستطاعة /50/ ميغاواط.

– مزرعة ريحية في منطقة غباغب باستطاعة /50/ ميغاواط.

– محطة كهروضوئية باستطاعة /1/ ميغاواط في منطقة الكسوة.

– محطة كهروضوئية باستطاعة /5/ ميغاواط في منطقة دير عطية.

– محطة كهروضوئية لاستطاعة /10/ ميغاواط في منطقة جندر.

– مشروع تركيب منظومات كهروضوئية باستطاعة إجمالية /10/ ميغاواط على أسطح المدارس الحكومية خلال الـ 5 سنوات القادمة ابتداء من عام 2017.

محمد الجمال