المعاهد الخاصة.. استثمارات رابحة لجيوب الأهالي

المعاهد الخاصة.. استثمارات رابحة لجيوب الأهالي

أخبار سورية

الاثنين، ٢٩ مايو ٢٠١٧

باتت المعاهد الخاصة ظاهرة معروفة في استثمار التعليم العام الذي كان لسنوات طويلة يحقق العدل والمساواة بين الطلاب، ويلغي الفوارق بمجانيته وإلزاميته، فقد انتشرت في السنوات الأخيرة المعاهد المرخصة وغير المرخصة بهدف تقوية الطلاب في بعض المواد الدراسية، أو دراسة مقررات المناهج بأكملها، ولكن هناك تساؤلات، لا حصر لها، تبدأ بأسباب انتشار هذه المعاهد، ولجوء معظم الطلاب إلى التسجيل فيها، واستغناء البعض عن المدارس النظامية، وتنتهي بالحلول والتدابير الممكنة للمساهمة في إعادة إنجاح المسيرة التعليمية بعيداً عن اللجوء إلى المعاهد الخاصة، وتوفير دفع أموال طائلة تؤرق جيوب الأهالي.

تجارة رابحة

مشكلة معاهد الدورات التعليمية مشكلة قديمة، ومرت في حالات من المنع والسماح والتغاضي، وانتهت إلى الترخيص للمعاهد اللغوية، والسماح لها بتعليم اللغات والمواد العلمية، وأصبحت تشكّل تجارة رابحة يجب أن تبدأ معالجتها الأساسية بأهم سبب، وهو سوية التعليم ضمن المدرسة والتي يجب الاهتمام بها على نحو أكبر، كما يجب تكثيف جهود المراقبين واللجان لإيجاد آلية متابعة للتسعيرة التي تتفاوت بين معهد وآخر وشروط الترخيص لضمان حقوق الطالب، وقد  أصبحت هذه المعاهد ضرورية في ظل ترهل التعليم العام، وهي مرعبة، وتؤثر سلباً على المنظومة التربوية.

آراء مختلفة

فور انتهاء العام الدراسي يسارع معظم الأهالي لتسجيل أبنائهم في المعاهد الصيفية، وخاصة طلاب الثالث الثانوي لتقويتهم، وتعويضهم عن النقص الكبير الذي سيعانون منه في فهم المنهاج وإنهائه لدرجة أن ذلك بات الهم الأكبر لديهم، ويزيد، ويتناقص هذا الهم حسب القدرة المادية المتوفرة، وتتعدد الآراء حول دور هذه المعاهد، فبعض الأهالي يفضلون تدريس أولادهم فيها توفيراً لدفع أموال لا حد لها على الدروس الخصوصية في المنازل والتي أصبحت في السنوات الأخيرة واقعاً، لا يمكن إنكاره، واستفحلت بشكل مخيف، وبعض الأهالي أكدوا  أن العملية التعليمية في المدارس لم تعد كما كانت سابقاً، والمدرسين نتيجة تركيزهم على الدروس الخصوصية والمعاهد التي تحقق لهم دخلاً إضافياً، أصبح وقتهم مضغوطاً ما يجعل أداءهم في المدرسة أداء واجباً، أو تحصيلاً حاصلاً لأنهم يحصلون على الدخل الشهري مع بذل الجهد أو دونه.

ونقلاً عن أبنائهم يلفت البعض الآخر إلى أن بعض المدرسين يمضون فترة من الحصة الدرسية في حالة استرخاء لتحقيق بعض الراحة ليبدؤوا بعدها بممارسة واجبهم في إعطاء الدرس دون اكتراث.

فروق واضحة

ظاهرة تراجع مستوى أداء المدرسين في المدارس ليس وليد اليوم بل استشرى منذ سنوات طويلة ما اضطر الأهالي لاعتماد الدروس الخصوصية في المعاهد أو المنازل وخاصة بعد ارتفاع معدلات القبول الجامعي التي تتطلب من جميع الطلاب الذكاء الخارق والاجتهاد المرهق لتحصيل الدرجات التي يحتاجونها للفروع العلمية كالطب والهندسة ولهذه الأسباب بات الشغل الشاغل للأهل عملية البحث عن معاهد أو مدرسين خصوصيين حيث يؤكد الكثير من الأهالي أنه  ثمة فرق واضح في مستوى التعليم والتدريس وكفاءة المدرسين بين المدارس قديماً والمدارس حديثاً، ما يضطرهم لتسجيل أبنائهم بالدورات الصيفية والمناهج صعبة جداً والكادر التدريسي ليس بنفس السوية والتأهيل، وعدد طلاب المدارس المهجرين زاد من كثافة الشعبة التي يصل عدد طلابها إلى 60 طالباً أو أكثر، وكل تلك الحالات أثرت على مستوى التعليم، فكان لابد من اللجوء إلى المعاهد الخاصة، وهناك آراء أخرى تقول إن المعاهد التدريسية رغم أقساطها المرتفعة هي رديفة للمدارس الحكومية وتقوم بعملية ترميم وصقل لما يأخذه الطالب من معلومات في المدرسة، كما أنها وعلى عكس المدارس تتميز بقاعاتها المريحة والتي تضم أعداداً قليلة من الطلاب ما يسهّل عملية إيصال المعلومة.

رأي المعنيين

يقول معين راعي، رئيس دائرة التعليم الخاص في تربية اللاذقية: المخبر اللغوي مؤسسة تعليمية تقيم دورات لتعليم اللغات الأجنبية أو المواد التعليمية للشهادتين التعليم الأساسي والثانوية حصراً خارج أوقات الدوام الرسمي وهي ملزمة بتدريس كتب اللغات الأجنبية المعتمدة من قبل وزارة التربية بهدف تقوية هذه اللغات لدى الدارسين، إضافة إلى تدريس المنهاج الرسمي للشهادتين المذكورتين.

وأضاف: يوجد في اللاذقية 55 مخبراً لغوياً و26 مركزاً مهنياً مرخصاً، وأغلب المعاهد طبقت الشروط والمعايير الخاصة بالمعاهد الخاصة، بأن يكون المدرس من خارج الملاك وحائزاً على إجازة جامعية معترف بها والدوام قبل الساعة الثالثة، وأن يوجد في المخبر ثلاث قاعات صفية على الأقل لاتقل مساحتها عن 20 متراً، وبهو داخلي لايقل عن 25 متراً ويتسع لـ 60 دارساً.

وتابع راعي: تقوم دائرة التعليم الخاص بجولات مكثفة على هذه المخابر من خلال تكليف لجان فنية تخصصية للتحقق من مدى تقيدها بالقوانين والأنظمة النافذة للاطلاع على الأبنية وسجلاتها، وقد تم مؤخراً إغلاق 76 مركزاً غير مرخصة في محافظة اللاذقية، مؤكداً على أن المسؤولية عن انتشار المراكز غير المرخصة التي أسماها (بيوت القمار) تعود للترهل الذي أصاب إدارات المدارس، وعدم متابعتها لدوام الطلاب بشكل منتظم، وكذلك إهمال بعض الموجهين الاختصاصيين عند زيارتهم للمدارس العامة مسألة غياب الطلاب، وطريقة إعطاء المعلمين للدروس.

 

تحديات بالجملة

وعن الصعوبات التي تواجه التعليم الخاص، ذكر راعي بأنها تتلخص بمعرفة الطلاب النظاميين من الطلاب الأحرار في المعاهد المرخصة، حيث إنه رغم الجهود المضنية توجد بعض الثغرات التي يجب تلافيها، وهي التأكد من الطلاب من خلال أرشفتها في مديرية التربية، ما يسهل علينا عملنا، وحتى المدرّس يقول إنه من خارج الملاك.

حلول

في الماضي اعتمدت التربية إقامة دورات تقوية ضمن المدارس الحكومية، وخارج أوقات الدوام، وبأسعار رمزية ليستطيع الطالب تعويض ما ينقصه من معلومات، فلماذا غابت هذه الحالة المنظمة والمراقبة تدريسياً وتربوياً؟.

ولا شك في أن أول الحلول يكمن في إعطاء دروس إضافية في المدرسة نفسها، وتحت إشراف مديرية التربية، وكي يتم ذلك لابد من إيجاد آلية لضبط العملية التربوية أولاً، والقضاء على مسبباتها ثانياً، لأن استمرارها بهذا الشكل الفوضوي يهدّد هيبة وسمعة مدارسنا الحكومية التي أصبحت أمام تحد حقيقي يتطلب من وزارة التربية أداء متميزاً يعيد الثقة إلى المدارس الحكومية كما كانت أيام زمان، حيث كان يتم دفع التكاليف بطريقة التقسيط بما يتناسب مع ذوي الدخل المحدود الذين لا يستطيعون اللجوء إلى البديل والتسجيل في المدارس الخاصة، أو الاعتماد على الدروس الخصوصية في المنازل، ولابد من أن تعود المعاهد الخاصة لشكلها الطبيعي، وتلتزم بترخيصها الأساسي كمخابر لغوية، أو معاهد موسيقا، ورسم، أو كمبيوتر دون أن تعلّم المنهاج، وأن يكون دوامها محصوراً في  الفترة المسائية، وأيضاً لابد من الاهتمام بوضع أعداد كبيرة من الخريجين الباحثين عن فرصة عمل الذين وجدوا في المعاهد الخاصة، مرخصة أو غير مرخصة، الملاذ الوحيد لهم، إضافة إلى إعادة النظر بصعوبة المناهج، وتمكين المدرّسين من إيصال المعلومة كاملة ضمن العام الدراسي.

عائدة أسعد