شــهر البركـة.. استعدادات وتأهب ليوميات إيمانية.. ومخاوف من بطش الأسعار

شــهر البركـة.. استعدادات وتأهب ليوميات إيمانية.. ومخاوف من بطش الأسعار

أخبار سورية

الخميس، ٢٥ مايو ٢٠١٧

لقد كان شهر رمضان الشهر الفضيل، ولا يزال منبعاً ثراً لنشر الألفة والمحبة والتواصل بين الأهل والأحباب والأرحام والجيران والناس جميعاً، حيث تزداد مشاعر المودة والترابط والتسامح والألفة والعفو فيما بينهم، وتزداد الحسنات، وتكثر فيه العطاءات والصدقات والزكاة، وفي هذا الشهر الفضيل يشعر الغني بجوع الفقير، فيبره مما أعطاه الله عز وجل، ولكن للأسف من يدقق يجد أن الشهر الفضيل بدأ يفقد شيئاً من الهدف الذي وجد من أجله، وتحوّل من شهر عبادة وصيام وعطاء وزكاة ومساواة وتسامح وعفو إلى طقس اجتماعي، تكثر فيه الاحتفالات والسهرات لتناول المزيد من الأشربة والأطعمة والمبالغة في اللذات. ‏

‏من باب الله إلى باب الله ‏

رئيس الجمعية الخيرية في حي الحقلة بدمشق، استذكر معنا  حكاية الجدة أم حامد  مع شهر رمضان التي تقدّم يومياً نصف طعامها للجمعية لإيصالها لأقرب محتاج، وهي على هذا الحال منذ سنوات، فدفعني الفضول للالتقاء بها، والاستماع اليها، وفعلاً تم اللقاء بمقر الجمعية،  حيث قالت أم حامد، فاطمة المصري، التي تبلغ من العمر ما يزيد على السبعين عاماً: يا ابني أكلت أشهى الطعام، وشربت ألذ الشراب، ولبست أجمل الثياب، واقتنيت أغلى الأساور، ولكن لم أحس بالمتعة، كما أنني لن أحمل معي شيئاً، لماذا أُخزّن وأجمع الطعام والمال.. هناك من يحتاجون.. دعوة من أرملة، أو يتيمة تساوي مال الدنيا عندي، ولو حصلت على مال قارون، فسوف أنفقه على من يحتاجونه، وعندما سألناها عن أولادها، قالت: هم زينة الحياة الدنيا فقط والآخرة، تريد عملاً صالحاً وزكاة وعبادة وصياماً ونظافة قلب وبسط يد، وهذا رمضان الحقيقي، وليس التفنن بصنع الحلويات والطعام والشراب، وفي نهاية اليوم يُرمى في سلة المهملات، وهناك مئات المحتاجين ينامون وهم جياع. ‏‏

الأسعار صاروخية

مع اقتراب شهر رمضان تغص أسواق دمشق، كما غيرها، بوفرة كثيفة من السلع العامة والغذائية المتزاحمة على أرصفة الشوارع وباعة البسطات المتجولة والثابتة، وإذا كنا نشهد للطاقم التمويني بحضوره الضاغط في كل مواقع الثقل التجاري والتسويقي، ولكن هذا الحضور والاستنفار الكثيف لم يتمكن من ضبط الأسواق، ولاسيما بعد تحرير الأسعار وقانون العرض والطلب الذي استغله الباعة لابتزاز المستهلك، خاصة في مثل هذه المناسبة، يُضاف إلى المحددات والنواظم والتعليمات التي صدرت لمصلحة البائع والتاجر، وقيدت حركة المراقب التمويني، وهذا زاد من غلاء الأسعار، بل فلتانها، وتزداد هذه الفوضى كلما اقترب العيد أكثر، وها هي أسعار كل مستلزمات المواطن بدأت بالارتفاع والتصاعد، وكأن إطلالة رمضان تحمل ضريبة ملزمة سيدفعها المواطن للتاجر الذي ينتهز هذه المناسبة لزيادة أرباحه على حساب ذوي الدخل المحدود الذين هم بأمس الحاجة إلى دعم ورأفة ومساعدة لكي يستطيعوا شراء حلويات العيد، وبعض الثياب البسيطة، ومن ماركات النجمة، أو نصف النجمة، وخلال جولتنا الميدانية الراصدة لعملية البيع والشراء في أسواق الألبسة، والأحذية، والحلويات، واللحوم، والخضار والفاكهة، تبيّن لنا أن أسعار ألبسة الأطفال تزايدت، فالطقم الولادي لطفل عمره ثماني سنوات يباع ما بين 10000 و 15000ل.س، والحذاء للطفل ذاته لا يقل سعره عن 5000 ل.س، والبلوزة بـ 4000 ل.س، وفي ضوء هذه الموجة غير المسبوقة من الغلاء فإن الموظف وأمثاله يضطرون لتخصيص كامل راتبهم لتأمين ثياب العيد لطفلين فقط، فكيف الحال إذا كانت أسرته مؤلفة من /4/؟!.. أما إذا توجهنا إلى أسواق الخضار والفاكهة، واللحوم، والحلويات فنجد أن الباعة يتسابقون برفع أسعارهم على كيفهم، فالبطاطا أصبح سعر الكيلو بـ 200 ل.س، وكيلو الفروج بـ 1100 ل.س، وصحن البيض العادي بـ 1200 ل.س، وكيلو لحمة الخروف بـ 6000 ل.س، والثوم بـ 300 ل.س، والبندورة بـ 400 ل.س، أما الحلويات المطبوخة بالسمن العادي فحدث ولا حرج، فكيف بالمطبوخة بالسمن العربي على ذمتهم، فقد باتت حلماً وحكراً على الطبقة المخملية، وعندما سألنا بعض المارة عن الأسعار قالوا: إن الأسعار صاروخية، وعلى ما يبدو أن الرقابة “صايمة”؟!. ‏

بلا مواربة ‏

الرقابة الناجعة تتطلب تنسيقاً مع كل الجهات ذات الصلة، أي التجارة الداخلية مع الشؤون الصحية، مع حماية المستهلك، مع الجمارك، للوقوف على أية حالة مرضية، لأن كل النشاطات الفردية، وإن أدت واجبها، إلا أن يداً واحدة لا تصفق، والأسواق شاهدة على ذلك، وكل الإجراءات الأحادية المتخذة لم تحد من ارتفاع الأسعار والتلاعب بها قبل هذا الشهر الفضيل!.

عارف العلي