حدائقنا.. من مساحات خضراء «بالاسم».. إلى فضاءات حمراء ..أماكن لتشييد محولات كهربائية وآبار مياه ولا تخلو من المشردين

حدائقنا.. من مساحات خضراء «بالاسم».. إلى فضاءات حمراء ..أماكن لتشييد محولات كهربائية وآبار مياه ولا تخلو من المشردين

أخبار سورية

السبت، ٦ مايو ٢٠١٧

 معذى هناوي
تشكل الحدائق بمفهومها الشائع كمسطحات خضراء رئات بيئية طبيعية لما لها من دور مهم في تحسين المناخ وخفض درجات الحرارة التي أخذت في السنوات العشر الأخيرة منحى الارتفاع عما هو مألوف وزادت من حدة تأثيرها السلبي على المناخ بشكل عام كما تشكل رئة حقيقية لتوليد هواء نقي وبما يزيد من الأوكسجين الذي تطرحه ويساهم في تنقية البيئة من التلوث المتزايد والسؤال: هل ماتبقى لدينا من حدائق وحتى ماكان موجوداً منها قادر على أن يلعب الدور الحيوي البيئي والاقتصادي لها إذا ماعلمنا أن حصة الفرد وفق النورمات العالمية 20 متراً على الأقل ولاسيما مع تدني هذه النسبة لدينا وهل باتت الحدائق في أعين المواطن تشكل لوحات خضراء جميلة بعد التلوث البصري التي شابها من جراء الاعتداءات على مكوناتها ومساحاتها سواء كان من مواطن عابث أو من الجهات المعنية القائمة على رعايتها باستغلال تلك الحدائق والمساحات الخضراء أبشع استغلال.
البيئة للجميع وعلى الجميع لحفاظ عليها بموجب الدستور
لم تعد الحدائق ترفاً أو مجرد مساحة لهو ورفاهية إنما هي جزء أساسي من عمل المخططين والدارسين وواضعي أسس التخطيط العمراني وهي مسؤولية مشتركة تقع على جميع الجهات المعنية بانشاء المخططات العمرانية باعتماد دليل المساحات والمسطحات والحدائق الخضراء وفق معايير محددة تضمن حق الفرد من هذه المساحات فهل مابقي لدينا من مساحات داخل المدن والبلدات يحقق المساحات المطلوبة خاصة أن الحدائق تعرضت للانتهاك والسطو عليها من قبل جهات عامة لإقامة محولات كهربائية ومولدات وحتى باللجوء إلى حفر آبار مياه بداخلها بذرائع مختلفة وبحجة عدم توافر مساحات للمرافق العامة والخدمات داخل المخططات التنظيمية نتيجة التجاوزات والمخالفات التي ترتكبها مجالس المدن والبلدات سواء كان في التعدي على الأملاك العامة والمرافق أو لجهة التغاضي عن المخالفات التي تشيد على المرافق العامة والمساحات الخضراء الملحوظة على المخططات التنظيمية التي تتآكل بالتقادم وعدم الإسراع في تنفيذ المخططات التنظيمية بحيث تصبح تلك المخالفات واقعاً وأمراً يستحيل التعامل معه أو إزالته وكل ذلك على حساب المساحات الخضراء.
زيادة الإنتاجية
ومن المهندسين من يرى أن للحدائق أهمية اجتماعية وحتى اقتصادية من خلال التأثير النفسي على المواطن وتحسين إنتاجيته من خلال تحسين مزاجه والراحة التي تبعثها المساحات الخضراء في نفسيته ويرى بعض المهندسين أن الأحزمة الخضراء وأشجار الحدائق والطرقات عوامل مساعدة في خفض درجات الحرارة في الصيف ومن شأن زيادة المساحات الخضراء رفع درجة الرطوبة وأن زراعة أسطح المباني من شأنه أن يؤمن الاحتياجات المنزلية من الخضار والنباتات العطرية ويساهم في تلطيف المناخ، ويؤكدون على إنشاء المباني الصديقة للبيئة بحيث يتجاوز مفهوم الحدائق المفهوم الشائع كالحدائق العامة ويتعداها ليشمل جميع المساحة العمرانية المحيطة ووجائب الأبنية لزيادة المساحات الخضراء بين الأبنية واستغلالها بالشكل الأمثل.
باختصار، يتجه العالم اليوم بعد التغيرات المناخية الحاصلة وزيادة مساحات الجفاف والتعدي الجائر على الطبيعة إلى اعتماد الأبنية الصديقة للبيئة وزراعة أسطح المنازل والعمل على استغلال الفراغات بين الأبنية والشوارع لزيادة المساحات الخضراء وبما يحافظ على البيئة من التلوث المتزايد وزيادة حصة الفرد من هذه المساحات فأين نحن من ذلك وأين نصيب حدائقنا من الاهتمام والرعاية بعيداً عن التعديات الحاصلة عليها بإقامة المحولات الكهربائية عليها ووضع بعض الخدمات العامة فيها باقتطاع أجزاء منها تحت ذرائع وحجج واهية ولعدم توافر مساحات للأملاك العامة داخل المخططات التنظيمية تلحظ وجود أماكن مخصصة للمحولات الكهربائية وغيرها وفي ظل تحول بعضها إلى مأوى للمشردين والمهجرين تحت أعين المعنيين.