هل تنطلق معركة تأمين «حلب الكبرى»؟

هل تنطلق معركة تأمين «حلب الكبرى»؟

أخبار سورية

السبت، ٢٢ أبريل ٢٠١٧

واصل الجيش العربي السوري أمس وللمرة الثالثة في غضون أسبوع عمليات تمهيد ناري كثيف على مناطق سيطرة المسلحين شمال وجنوب وغرب حلب، بينما يبدو أنه إيذان لانطلاق معركة شاملة الهدف منها تأمين حلب الكبرى التي لا تقتصر حدودها على ما هو قائم ميدانياً الآن.
ورأى خبراء عسكريون تحدثت إليهم «الوطن»، أن عوامل موضوعية عديدة حالت في السابق دون استمرار الجيش العربي السوري وحلفائه في عملية تحرير المناطق المحيطة بحلب والتي تؤرق سكان المدينة وتشكل تهديداً جدياً كنقطة انطلاق لهجمات قد يشنها المسلحون باتجاهها، وأهمها التفرغ للانتشار في الأحياء المطهرة شرقي المدينة لتأمينها ونزع الألغام والعبوات الناسفة منها وتوفير عوامل عودة السكان إليها منذ تطهيرها بالكامل في 22 كانون الأول الفائت.
ومن المسببات المهمة التي أخرت عملية الجيش لتأمين ما يصطلح عليه «حلب الكبرى» أسوة بـ«دمشق الكبرى»، استجابة الدولة السورية لمتطلبات المبادرة الروسية في محادثات الأستانا بجولاتها الثلاث وللجولة الرابعة من مباحثات جنيف وما تمليه من تثبيت وقف إطلاق النار كبادرة حسن نية منها لإيجاد حل للحرب الدائرة منذ أكثر من 6 سنوات بغية حقن الدم السوري وتوفير الأمن والاستقرار اللازم لبدء عملية إعمار ما دمرته الحرب.
لكن نكوص المسلحين بعهودهم ونزعتهم للتصعيد بهدف انتهاز فرصة وقف الأعمال القتالية بعد رص صفوفهم كما حدث في جوبر والقابون بدمشق وريف حماة الشمالي، دفع بالجيش العربي السوري للرد وتأمين جبهات القتال الجديدة التي فتحها المسلحون وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل حدوث الخروق الميدانية.
ورأى الخبراء بأن الظرف مناسب راهناً لبدء عملية عسكرية واسعة وشاملة للجيش في أرياف حلب الجنوبية والغربية والشمالية بعد أن بات زمام المبادرة بيده وبعد أن ألحق هزيمة نكراء بالمسلحين في دمشق وحماة أفقدتهم خيرة قياداتهم الميدانية وثبتت القناعة في نفوسهم بأن لا مجال بعدئذ للانصياع إلى توجيهات الدول الداعمة لهم بافتعال التصعيد الذي ينهكهم ويؤكد أن لا ناقة ولا جمل لهم في مواجهة الجيش العربي السوري سيد الميدان.
وتشير المعطيات العسكرية، بحسب مصادر ميدانية تحدثت لـ»الوطن»، إلى أن المسلحين ضعفاء لدرجة تمكن الجيش من صدهم عن أسوار حلب وإبعادهم عنها لتأمين المدينة نهائياً وانطلاق ورش العمل الحقيقية لإعادة إعمارها. وأكدت عمليات «جس النبض» التي نفذها الجيش في الآونة الأخيرة وشملت جميع الجبهات أن بمقدوره إطلاق عمليته الواسعة المرتقبة في أي لحظة.
أما الجبهات المرشحة لإطلاق العملية العسكرية للجيش فيها فتمتد على مدار نصف قوس يبدأ من الجهة الجنوبية الغربية حيث منطقتي الراشدين الرابعة والخامسة اللتين تعتبران مصدر خطر وقلق من احتمال شن هجمات انطلاقاً منهما نحو حلب مروراً ببلدة خان العسل ثم بلدة المنصورة والبحوث العلمية غرباً، والأخيرة لا تبعد سوى مئات الأمتار عن حي حلب الجديدة.
كما تشكل تلة شويحنة غرب منطقة الفاميلي هاوس في الجهة الغربية من المدينة أهم جبهة للجيش والقوات الرديفة على اعتبار السيطرة عليها تشكل نقطة تحول في المجريات الميدانية للمعركة الحاسمة لأن السيطرة عليها يعني قطع خطوط إمداد الريف الغربي لحلب والمتصل مع أرياف ادلب عن الريف الشمالي للمحافظة ومحاصرة البلدات القليلة المتبقية فيه وهي كفر حمرا وحريتان وعندان وحيان وبيانون تمهيداً لفرض إنموذج المصالحات الوطنية الذي حدث في الغوطة الغربية لدمشق بعد أن فشلت جميع الجهود إلى الآن في إلحاق مناطق سيطرة المسلحين في حلب بركب المصالحات التي أثبتت نجاعتها.
ومن الجبهات المهمة التي تتسبب بصداع مستمر لسكان حلب حي غرب الزهراء الذي تطلق منه القذائف على المدينة ويعد جزءاً منه الوحيد الذي لا تزال تسيطر عليه الجماعات المسلحة إلى جانب الصالات الصناعية في الليرمون وضهرة عبد ربه وهما المنطقتان المجاورتان للحي من جهة الشمال الغربي لحلب، وباستعادة السيطرة على تلك المناطق يعطى للجيش الأفضلية والسبق في مواصلة تقدمه نحو بلدة كفر حمرا أول بلدات الريف الشمالي عند التخوم الشمالية للمدينة. إن إلحاق الهزيمة بالإرهابيين المنتشرين في أرياف حلب الجنوبية والغربية والشمالية والتي تسيطر عليها «هيئة تحرير الشام» التي تعتبر «جبهة النصرة» أحد أبرز مكوناتها، يشكل هدفاً مشروعاً وحيوياً للجيش لفرض الأمن والاستقرار وإبعاد شبح تنظيم القاعدة عن عاصمة الشمال السوري وعاصمة الاقتصاد التي يعول عليها في لعب دور كبير في المرحلة الحالية والمقبلة من عمر الحرب على سورية.