تناقض واضح الاستثمار في محافظة حماة..  إجراءات معطلة للمشاريع.. وحلول متواضعة خارج دائرة التنفيذ

تناقض واضح الاستثمار في محافظة حماة.. إجراءات معطلة للمشاريع.. وحلول متواضعة خارج دائرة التنفيذ

أخبار سورية

الاثنين، ١٧ أبريل ٢٠١٧

في مؤتمر الاستثمار الأول الذي افتتح في حماة قبل أيام، حضر الأكاديميون، وغاب المستثمرون.. حضرت العراقيل والصعوبات، وغاب أصحاب الحلول، ومع ذلك ما ميز هذا الملتقى ما طرح فيه من أفكار ورؤى مستقبلية،  نأمل أن يتم الأخذ بها ليحقق هذا المؤتمر أهدافه بشكل صحيح، وفي أقرب فترة ممكنة، ولاشك أن  الحضور الكثيف والمنوع أغنى أطروحاته خاصة  مع طرح  مشروعات استثمارية، ومنها حوالي 70 مشروعاً كانت أضابيرها جاهزة.. فماذا قدّم هذا المؤتمر، وماذا قيل فيه، وما هي التوصيات التي خلص إليها؟.

 افتتح في حماة

انعقد مؤتمر الاستثمار في الفترة الواقعة من الخامس والعشرين إلى السابع والعشرين من شهر آذار الفائت في محافظة حماة والتي كانت فرصة حقيقية للنقاش والحوار المباشر بين عدة جهات، وبشكل أتاح فرصة  التعرف على خطط كل جهة والحلول التي في جعبتها، فمعاون وزير السياحة محمد رامز مارتيني وجد في المؤتمر فرصة للحديث  عن الواقع السياحي في سورية قبل الأزمة وازدهاره، وما شهده هذا القطاع من تراجع  خلال الأزمة التي تعيشها سورية، باعتباره أول المتضررين وآخر المتعافين على حد تعبيره، وأضاف: إن هذا القطاع كان يشكل في الناتج القومي من 8-10 بالمئة، وإن عدد الزوار وصل في مرحلة من المراحل في عام 2010 إلى خمسة ملايين سائح.

وأوضح مارتيني أن الوزارة وضعت خطة عام 2013 – 2014 لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ومعالجة المشاريع المتوقفة، وتأهيل مراكز التدريب، والحفاظ على الموارد الذاتية، ومحاولة تقديم البديل المعقول والمقبول، مشيراً إلى أن الوزارة حاولت ما استطاعت إليه سبيلاً تقديم الدعم والحفاظ على المشروعات السياحية واستمرارها، وقد تجلى ذلك بدءاً من عام 2015 من خلال مظاهر الاستثمار، وإعادة الإقلاع في العديد من المشروعات السياحية التي بقيت على قيد الحياة تعمل، حيث تم تقديم المساعدات اللازمة لها لاستمرارها.

وأوضح معاون وزير السياحة إلى ما لحق بالأوابد الأثرية في سورية من قبل الإرهابيين من تخريب ونهب وسطو وتهريب، وهذه القضية تم توثيقها، ووضعها بعهدة المنظمات الدولية المعنية، إلّا أن أهم ما طرحه المارتيني، كما قال عدد من رؤساء الوحدات الإدارية ومجالس المدن، ما يتعلق بوجود مشروع قانون شامل حول  الاستثمار السياحي، والذي قد يساهم في تشجيع هذه الاستثمارات، خاصة أن هناك تعثراً كبيراً للعديد من المشروعات جراء التشريعات الحالية، كما تتم دراسة  الإعفاء الضريبي عن ما لحق بهذه المشروعات، مطالبين بضرورة التشاركية في العمل، منوهاً إلى أهمية السياحة الدينية والمحلية في الظروف الراهنة وأن عدد السياح قد بلغ عام 2015 /65 / ألف سائح، والعام الماضي بلغ العدد الضعف، وختم حديثة مخاطباً رجال الأعمال ورؤساء الوحدات الإدارية إذا ما أرادوا طرح أي مشروع سياحي للاستثمار، ما عليهم سوى أن يعدوا أضابير هذه المشروعات.

تعليقات محقة

في مداخلاتهم الطويلة ركز رؤساء الوحدات الإدارية ومجالس المدن بأن ما سمعوه من معاون وزير السياحة يشي بأن الأمور بألف خير، لكن الواقع يختلف تماماً لدرجة قال أحدهم  مخاطباً معاون الوزير وهامساً في إذني: “أنت فين والقوانين والأنظمة والتشريعات فين”، فلا يمكن إقامة أو إنشاء مشروعات سياحية وغير سياحية بالقرب من المواقع الحراجية أو الأراضي الزراعية وفقاً للتصنيف، فصعوبة الحصول على الترخيص يشكل عائقاً كبيراً لأي ترخيص، ولا بد من تعديل التشريعات وقانون الحراج بما ينسجم والعصر الحالي إذا ما أردنا للاستثمار أن ينهض.

وهذا ما أكده الدكتور حسن حزوري من جامعة حلب، حيث قال:البيروقراطية والروتين ومعوقات الترخيص كانت، ولا تزال تشكل حجر عثرة في وجه أي مشروع استثماري، بل تشكل عائقاً كبيراً في وجه التطوير السياحي، متسائلاً أين السياحة المستدامة؟.

أما الدكتور حسام الأسود وزير سابق، وأستاذ في جامعة حماة، فقال: بداية دعوني أسأل سؤالاً، هل وزارة السياحة جادة فعلاً في تنشيط السياحة ومنح مشروعات استثمارية سياحية جديدة، ومن وجهة نظري أن هذا المؤتمر هو بمثابة تخدير مؤقت ولا يشكل شيئاً، كفانا تخديراً، دعوني أسوق لكم مثالاً قبل الأزمة، زار رئيس الحكومة ومعه وزير السياحة حماة، ووعدوا بإقامة منشآت سياحية في محافظة حماة نظراً لغناها بالمواقع الأثرية، والسياحية، والغابات، والينابيع، ولم نر شيئاً من كل هذه الوعود، رغم وجود عدة مواقع مطروحة للاستثمار في مدينة حماة: “قصر الأرناؤوط- جرف الشريعة”، ولا نعوّل على هذا المؤتمر شيئاً من هذا القبيل!.

قانون الحراج

عضو المكتب التنفيذي لمدينة حماة رفيق عاقل أكد أنه في ظل قانون الحراج الحالي لا يمكن إقامة أي مشروع سياحي في مجال الجبال الغربية من مدينة حماة، فأي قطعة أرض تريد إقامة مشروع سياحي أو غير سياحي، تصطدم بقانون الحراج، بل يأتي المساح ويقول لك: هذه الأرض صالحة للزراعة، حتى وإن كانت صخرية تماماً، إذاً شخص واحد يوقف أي مشروع، وهنا يتجلى دور وزارة السياحة لجهة التنسيق مع وزارة الزراعة، وإعادة النظر بهذه القوانين والأنظمة المعمول بها!.

 

دور الوحدات الإدارية

رئيس الوحدة الإدارية لبلدية قصية وتوابعها إبراهيم معلا طرح قضية في غاية الأهمية مؤداها أن من غيب العمل بالمرسوم التشريعي لعام 2011 الصادر عن السيد الرئيس، لا يريد أن يكون هناك دور للوحدات الإدارية، لافتاً إلى أن المرسوم الناظم لعمل الوحدات الإدارية من أهدافه تطبيق لامركزية السلطات والمسؤوليات، بل تركيزها في أيدي فئات الشعب تطبيقاً لمبدأ الديمقراطية، كما جاء في المرسوم من خلال توسيع وتحديد واضح وغير مزدوج لسلطات وصلاحيات مجال عمل الوحدات الإدارية بغية تمكينها من تأدية اختصاصاتها ومهامها في تطوير العمل الإداري خدمة للقضايا الاقتصادية، والاجتماعية من خلال وضع الخطط، ومتابعة تنفيذها لضمان التنمية المتوازنة والمستدامة في الوحدة الإدارية، هذا بعض مما جاء في المرسوم، مشيراً إلى أن دور رئيس الوحدة الإدارية الآن لا شيء أبداً، مجرد نواطير لحماية وتطبيق قانون..!.

توصيات دون المستوى

في نهاية أعمال المؤتمر خلص المجتمعون إلى عدد من التوصيات، والتي من وجهة نظرنا لا ترتقي إلى مستوى الطروحات التي قدمت، والحوارات التي دارت أثناء المداخلات كضرورة التركيز على قانون التشاركية بين القطاع العام والخاص، والتخطيط لمشاريع تنموية تعتمد على إمكانيات الوحدات الإدارية، والطبيعة الجغرافية، والسكانية، فضلاً عن اعتماد التخطيط الإقليمي، /خارطة متكاملة/: سياحية، صناعية، تجارية ضمن المواصفات الدولية.

ولعل من أهم هذه الطروحات يتمثّل في تفويض المحافظين بصلاحيات التراخيص المؤقتة لإنشاء المعامل، في الوقت الذي نشهد فيه سحب العديد من الصلاحيات، والتركيز على المركزية، وكذلك تقديم قروض ميسرة بسعر فائدة أقل من السعر السائد في البنوك التجارية، مع فترة سماح تتناسب مع كل مشروع، شريطة أن تكون كثيفة العمالة، وتخصيص المحافظات بأراض مناسبة لإنشاء المشروعات الصغيرة، سواء ضمن المدينة، أو في المناطق التابعة لها ضمن المحافظة.

صياغة أكاديمية

القراءة المتأنية لهذه التوصيات تشير إلى أنها ذات طابع أكاديمي، فما طرح أهم بكثير منها، إذ لم نلاحظ ذكراً لتخفيض إجراءات الترخيص، والتسهيلات الواجب تقديمها للمستثمرين.

ونختم لنقول: لو كان في التشريعات والأنظمة المعمول بها قدر من المرونة، وليست بهذه التعقيدات والتشدد، لكانت المشروعات الاستثمارية قد غطت 60 بالمئة من مختلف المحافظات السورية، وتحديداً في ظل غياب المدن الصناعية، مع تأكيدنا على إيجاد ناظم لكل ترخيص بعيداً عن عشرات الموافقات، فإن رفض أي منها يعني إلغاء المشروع، وقس على ذلك، ومع كل ذلك نستطيع أن نقول بأن المؤتمر طرح أفكاراً ورؤى مستقبلية من شأنها أن تنهض بالواقع الاقتصادي التنموي، إلا أنه في ظل الواقع القائم الحالي، الإرهاب من جهة، والتشدد بصلب التشريعات، فهذا غاية الصعوبة.

محمد فرحة-البعث