أين المواطن…الحكومة سمعت نداء الصناعي بأذن واحدة فوافقت على الإعفاء وطنّشت رفع القدرة الشرائية للمواطن

أين المواطن…الحكومة سمعت نداء الصناعي بأذن واحدة فوافقت على الإعفاء وطنّشت رفع القدرة الشرائية للمواطن

أخبار سورية

الجمعة، ١٤ أبريل ٢٠١٧

أروى شاهين:
قراءات اقتصادية متعددة تحوم حول موافقة الحكومة على مشروع قانون إعفاء البضائع المنتجة محلياً من رسم الإنفاق الاستهلاكي عند تصديرها، فبين مؤيد للقرار ومعارض له تتعدد الأسئلة المطروحة حول جدوى إصداره، فما العائد الاقتصادي المرجو من إلغاء ضريبة الإنفاق في حال التصدير؟ وما الذي سيجنيه المستهلك عند تطبيق هذا القرار؟.
«تشرين» رصدت آراء الجهات المعنية بالقرار، ومعظمها أكدت إيجابيته بالنسبة للمصدّر والصناعي والتاجر، ليبرز رأي لافت يحذر من وجود آثار سلبية إن لم يتم الانتباه لها أثناء وضع تعليماته التنفيذية ستقلب أهدافه رأساً على عقب.

تصحيح للخطأ
رئيس اتحاد المصدرين محمد السواح بيّن أن فرض ضرائب على المصدرين يعوق عملية التصدير، وهناك مرسوم جمهوري بإعفاء المصدرين من أي ضريبة منذ 2001، لذا فإن قرار فرض أي ضريبة على الصادرات يخالف المرسوم المذكور، وتالياً فإن ضريبة الإنفاق الاستهلاكي على البضائع المنتجة في حال التصدير غير مدروسة، لذا فموافقة الحكومة على الإلغاء هي بمنزلة تصحيح للخطأ، علماً أنه – حسب السواح – في كل دول العالم لا توجد قيمة مضافة على الصادرات، و تدعم كل دولة بحدود 12% إلى 18% صادراتها، لذا فإن فرض ضرائب على التصدير مخالف للتوجه العالمي، ويؤثر سلباً حتى في المنتج السوري لجهة المنافسة في الأسواق الخارجية.
يشجع التصدير
يبدو أن تأييد قرار الإعفاء لم يلق تأييد المصدرين فحسب بل الصناعيين أيضاً، حيث أكد عضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها محمد أكرم الحلاق، أنه عندما تم إقرار رسم الإنفاق الاستهلاكي على البضائع المصدرة لم يتم أخذ رأي اتحاد غرف الصناعة على الرغم من أنها شريحة معنية بذلك بشكل أساسي، لذا بقي القرار المذكور يتيماً إلى أن عادت الحكومة عنه ووافقت على إلغاء رسم الإنفاق الاستهلاكي على بضائع التصدير، مؤكداً ما قاله السواح عن تأثير الرسوم على حركة تصدير المنتجات المحلية ففرض رسم إنفاق استهلاكي على بضائع الصناعي أو المصدر يزيد من تكاليف إنتاجه ويخفض القدرة التنافسية مع المنتجات الأخرى المعفية من الرسوم في السوق العالمية، لذا فإن قرار الإعفاء يشجع التصدير ويخفف تكاليف الإنتاج قولاً واحداً.
الحكمة في كيفية التطبيق
المحلل الاقتصادي الدكتور محمد الكوسا بيّن أن القرار يحمل وجهين الأول، إيجابي: من حيث التصدير وتسويق المنتجات السورية في الخارج، والآخر، سلبي: وتتوقف تداعياته السلبية على كيفية تطبيق القرار، موضحاً أن تشجيع التصدير وإلغاء الرسوم على البضائع المصدرة سيؤدي في حال عدم الضبط إلى تصدير كميات كبيرة من المنتجات المحلية ولا سيما ذات الصنف الممتاز والجيد، ما قد يتسبب في فقدانها من السوق المحلية وحرمان المواطن منها، أو ارتفاع سعرها بما لا يتناسب مع القدرة الشرائية له، لذا يجب أن تخصص حصة معينة من المنتجات المذكورة للسوق المحلية ويسمح بتصدير الفائض منها وذلك يحمي المواطن والدولة من الاضطرار إلى استيراد سلع بديلة نتيجة نفادها من الأسواق، لذا يجب أن تراعي آلية تطبيق القرار المذكور المبدأ الاقتصادي القائل: إن الإنتاج يحدد التصدير، وإن حاجة السوق المحلية ولاسيما في الظروف الراهنة خط أحمر.
تفعيل الإنتاج
وعند السؤال عن أهمية التصدير في زيادة القطع الأجنبي بيّن الكوسا أن التصدير ليس الطريقة الوحيدة لتحصيل القطع الأجنبي رغم أهميته، ولا يمكن الاعتماد عليه وحده على حساب الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للمواطن، وطرح الكوسا عدة اعتبارات يجب أخذها بالحسبان أثناء تطبيق القرار يأتي في مقدمتها إجراء دراسة كاملة وحقيقية لحالة الاقتصاد الراهنة وتشخيص ظروف تصديرية لا تضغط على السوق المحلية وحاجة المواطن من حيث تأمين المنتج ومستلزمات الإنتاج والسعر، وبناء على ذلك يتم إعداد قوائم تصديرية مناسبة تحقق زخماً في التصدير لكن بعد تفعيل الإنتاج أولا ً، وبذلك يتم تجنب التداعيات السلبية للقرار وتحصين إيجابياته.
لا بد من الموازنة
تقاطعت وجهات النظر بالنسبة لموضوع تأثير القرار على حاجة السوق المحلية من المنتجات المحلية ومستلزمات إنتاجها، فما تحدث عنه الكوسا من احتمالية نفاد المنتجات المعدة للتصدير من السوق المحلية في حال عدم ضبط التصدير نفاه السواح عبر التأكيد أن جميع المنتجات المحلية تعاني أصلاً من الفائض، بسبب انخفاض القوة الشرائية إلى 10% تقريباً، هناك أصوات مطالبة يومياً بالتصدير ولاسيما الحمضيات والتفاح والألبسة وغيرها، مؤكداً أن وجود حركة بيع وشراء في السوق المحلية يغني المصدر عن التصدير ولا سيما في ظل الصعوبات المفروضة ضارباً مثلاً منتج زيت الزيتون المسعر عالمياً بما يعادل 30 ألف ليرة للصفيحة الواحدة في حال سعرها في السوق المحلية بـ 28 ألف ليرة، فمن المنطقي أن يفضل المصدر بيعها في السوق المحلية وتجنب الوقوع في فخ معضلات الشحن والتمويل وغيرها. وهنا بيّن السواح أن عملية الموازنة بين تكاليف الإنتاج والقوة الشرائية المواطن والتصدير أمر ضروري جداً.
رفع القدرة الشرائية مطلوب
أما بالنسبة لمستلزمات الإنتاج أكد السواح أن أمات الدواجن والعلف والطاقة المدفّئة على سبيل المثال جميعها مستوردة، إذ نحن نأكل دجاجاً بالدولار وندفع بالليرة وهذا لا يمكن أن يقبله أي منطق اقتصادي، حيث إن 90 % من مستلزمات الإنتاج مستوردة فكيف يكون البيع بالليرة؟!،  لذا يجب عدم مطالبة المنتج الزراعي أو الصناعي أن يخفّض أسعاره بل يجب أن تتم المطالبة برفع القدرة الشرائية للمواطن لأن منع التصدير لمصلحة تخفيض أسعار المنتج المحلي لا يحل الأمر بل يعقده في حال عدم رفع القدرة الشرائية، في حين أن تشجيع التصدير يقوم على دعم مطلق للصادرات بدءاً من مرحلة التصنيع إلى تأمين المنتج وشحنه، وحماية الصادرات من جشع بعض أصحاب القرار الذين يقومون بمنع تصدير سلع معينة للحصول عليها بشكل شبه مجاني من خلال حظر تصديرها لمصلحة تخفيض سعرها ليصبح دون سعر التكلفة وتالياً خسارة المصدر والمنتج أيضاً.
أين المواطن؟
بين الليرة والدولار وتأثير القرار إيجاباً أو سلباً، يزداد المشهد تعقيداً أمام المواطن المغلوب على أمره، فالصناعي والمصدّر يريان في القرار تشجيعاً وحقاً لهما، ويطالبان برفع القدرة الشرائية للمستهلك حتى تضاهي تكاليف إنتاجه، ولربما سمعت الحكومة نداءهما لكن بأذن واحدة وافقت على الإعفاء و«طنشت» عن رفع القدرة الشرائية للمواطن الذي يبدو أنه سيغيب هو الآخر عن الوجود في السوق المحلية في حال لم يضبط التصدير ولم تراع الأسعار مدخوله المتواضع، ليتسيد المشهد في نهاية المطاف سؤال: أين المواطن؟.