هل أنابيب الطاقة والغاز هي سبب الحرب في سورية؟

هل أنابيب الطاقة والغاز هي سبب الحرب في سورية؟

أخبار سورية

الجمعة، ١٤ أبريل ٢٠١٧

تناولت صحيفة "لو موند" الفرنسية كلام المرشح لانتخابات الرئاسة الفرنسية جان لوك ميلونشون الذي اعتبر أن الحرب في سورية عبارة عن "حرب أنابيب الطاقة والغاز".
الصحيفة نقلت عن المرشح قوله أن "هذه الحروب اتّخذت من الدّين ذريعةً أحياناً، لكنّها ليست شيئاً آخر سوى صراع للهيمنة على المواد الأوليّة، فقوافل الجيوش والإرهابيون والعصابات المُدجّجة بالأسلحة، لم تفعل شيئاً آخر سوى تدمير أنابيب النفط والغاز".
وأضافت "مرشّح اليسار كان دافعَ عن هذا الطرح في عام ٢٠١١، فيما يتعلّق بأفغانستان، السّنة السّوداء للجيش الفرنسي الّذي خسر هناك ثمانين عسكريّاً. وكان قد رأى حينها أن فرنسا كانت مطيّة للأمريكيين، لوجودها في أفغانستان فقط لحماية أنبوب طاقة".
وذكرت الصحيفة أن "هذه النّظريّة لم تُطرح من قبل جان لوك ميلونشون وحده، بل هي تعود أساساً إلى أحداث ١١ أيلول، و اندلاع الأزمة السوريّة منذ عام ٢٠١١. ونجدها أيضاً منذ آب ٢٠١٢، ضمن مقال نُشِر على موقع الجزيرة، رسم الخطوط الأولى لنظرية أنابيب الطاقة".
وتابعت: "توجد عدّة مشاريع لمد أنابيب الطّاقة، يطرحها لاعبون مختلفون لكنّ جميعها مجمّدة حتى الآن: مشروع قطر: تطرحه شركتا (قطر بتروليوم وإكسون موبيل إيست ماركيتينغ ليميتد كومباني)، هذا المشروع من المفترض أن يكون بديلاً للسفن التي تنقل الغاز الطبيعي المُسال، ومن المفترض أيضاً أن يمر ّ إمّا عبر الأراضي السورية والسعودية، وإمّا شرقاً عبر العراق فقط، مُستثنياً سورية".
"مشروع نبوكو: الغاز القادم من أذربيجان وتركمنستان ويمر عبر إيران وتركيا ودول البلقان ( بالتالي، دون المرور بسورية والعراق). يُشير الباحث سيدريك ماس في مدوّنته إلى أن هذا المشروع يعود تاريخه إلى العام ٢٠٠٢، لكن  المجلس الفرنسي للطاقة ذكر في عام ٢٠١٠ أن روسيا قد عطّلت هذا المشروع تلقائيّاً".
وتابعت: "مشروع إسلاميك غاز بيبيلين: آخر مشروع في المنطقة والّذي وقّعت عليه إيران وسورية والعراق اتّفاقاً مبدئيّاً منذ تموز عام ٢٠١١. وإذا كان التوقيع عليه قد جرى بعد اندلاع الأزمة السورية، فالأكيد أن مفاوضاته قد بدأت قبل ذلك التاريخ بكل تأكيد".
واعتبرت الصحيفة أن "كل هذه المشاريع لديها هدفاً واحداً أن تُنوّع أوروبا مصادرها في إمدادت الطّاقة وألّا تعتمد على المستوردات الروسيّة بشكل خاص"، مشيرة إلى أن مؤيّدي نظريّة أنابيب النفط يرون أنه توجد علاقة بين رفض دمشق في أيلول ٢٠٠٩ للمشروع القطري واندلاع الإحتجاجات في آذار ٢٠١١.
مشيرة إلى أن هذه الرّؤية لم تأخذ بالحسبان أن إحدى خطط المشروع القطري كانت استبعاد سورية والمرور عبر الأراضي العراقية فقط. من جانب آخر، يلفت سيدريك ماس أن هذه الخطط لم تقِمْ مُطلقاً اعتباراً للتوقيع الثلاثي الإيراني السوري العراقي في تموز ٢٠١١، أي بعد أربعة أشهر على بداية الأزمة. هذا المشروع لم يُطلق بعْد ولم يموّل حتّى لأن خطّ مساره يمر بمناطق عارمة بالفوضى.
وتحت عنوان فرعي "مشاريع وُلِدت مَيْتة وعوائق جيو سياسيّة"، قالت الصحيفة: "هذه المشاريع لمد أنابيب الغاز لازالت مجمّدة حتّى اللحظة. المشروع الأحدث(إسلاميك غاز بيبولين) من الصّعب أن يكتب له النجاح لأن مساره يمر ببلدين عارمين بالفوضى، العراق وسورية، كما أنه يمر ّ بمناطق خضعت لسيطرة داعش فيما بعد. وبحسب سيدريك ماس، هذا المشروع لم توضع له دراسة جدوى اقتصادية، كما لم يُرصد له أي تمويل. إذ لا يجب أن نرى فيه شيئاً آخر سوى اتفاقاً مبدئيّاً بين البلدان الثلاثة".
وتابعت: "مشروع نبوكو يصطدم بإرادة أوروبية بعدم متابعة المحادثات مع إيران حول مسألة الغاز الطبيعي، وانسحاب أذربيجان وتركمنستان، اللذان يفضّلان التعامل مع الجارة روسيا. بمعنى آخر، البلدان لم يعد يمتلكان مزيداً من الغاز لمدّه عبر أنابيب".
ونقلت الصحيفة ما كتبه ماس على مدوّنته قائلاً :"أن المشروع القطري الّذي يمرّ إمّا عبر سورية بمساره الطويل وإمّا عبر العراق بمساره الأقصر، يصطدم بعدّة عوائق سياسيّة غاية في الأهميّة يُشكّل الرّفض السّوري جزءاً منها. العائق الّذي يأتي في المقام الأول هو أن هذا المشروع يُفترض أن يمرّ إمّا عبر السّعودية أو عبر مياهها الإقليمية. إلّا أن السعوديّة هي منافس مباشر لقطر منذ أواسط التسعينيّات، وتعارض أي زيادة في الصّادرات القطريّة، ما يعني أنّه حتى لو وافقت دمشق وأنقرة على المشروع، فقد يصطدم برفض الرياض".
وتحت عنوان فرعي آخر "مصلحة الدّول الكبرى بإمداداتهم من مصادر الطّاقة"، تكمل الصحيفة: "بين مشروعين غير قابلين للتنفيذ لأسباب استراتيجية، سواء ما تعلّق منها بالإستقرار وعدم التفاهم، ومشروع آخر حديث العهد- إسلاميك غاز بيبولين- الّذي يخطّط لمد أنابيب غاز تمر في بلدين تعصف بهما حرب، من الصّعب أن نعرف أي بلدان أو أي شركات ستستثمر هناك.
ترجمة: بشار جريكوس