الجيش السوري يُجلس أردوغان على خازوق حماة .. ودمشق أيضاً

الجيش السوري يُجلس أردوغان على خازوق حماة .. ودمشق أيضاً

أخبار سورية

السبت، ٢٥ مارس ٢٠١٧

ماهر خليل

 عندما أعلنت الفصائل الإرهابية التي تقودها "جبهة النصرة" معركتها الأخيرة في ريف حماة الشمالي، والتي استطاعت خلال ساعاتها الأولى من تحقيق "تقدّم واسع" وسط انسحاب "منظّم" للجيش العربي السوري من الخطوط الأولى، والقرى التي يُشكّل البقاء فيها "انتحار مجّاني" أمام آلاف "الإنتحاريين، قلنا آنذاك أن النظام التركي يقف وراء هذا الهجوم بدعم سعودي - إسرائيلي، حينها اتّهمنا البعض بـ"التضخيم" في محالة منّا لـ"بلع" انسحابات الجيش المتتالية في المنطقة، إلا أن الصور التي نشرتها "جبهة النصرة" أمس والتي تُظهر "أبو محمّد الجولاني" وبجانبه أحد قيادات "أحرار الشام" التي من المفروض أنها تُشارك في "محادثات أستنة" تؤكد ما قلناه حينها، فالملفت في الصورة هي "تشويه" وجه الشخص الثالث الذي يحضر "الاجتماع العسكري"، ما دفع المتابعين لتأكيد نظرية حاولت الفصائل المتشددة نكرانها على مدى الأيام الثلاثة الماضية وهي أن الصورة تعود لضابط "تركي" موجود في ريف حماة لتنسيق الهجمات على المناطق التي يسيطر عليها الجيش العربي السوري في المنطقة.

انسحابات الجيش "السريعة" من الخطوط المتقدّمة في شمال حماة لم يكن عبثياً، على الأقل هذا "التكتيك الدفاعي" الذي التزمه الجيش العربي السوري مع نهاية العام الماضي خاصة في "مدينة تدمر"، عندما انسحب الجيش سريعاً أمام تقدّم داعش، ليعود الجيش بهجوم عسكري واسع أدّى بنهايته لانهيارات متسارعة في قوات التنظيم الإرهابي، وهو ما ينطبق على الذي حصل في ريف حماة حتى مساء الخميس، قبل أن تبدأ وحدات الجيش هجوم عسكري متعدد الجبهات أفضى بالدرجة الأولى إلى إيقاف زخم الهجوم، ثم امتصاص "انغماسيي" جبهة النصرة الذين وجدوا أنفسهم وكأنهم "يقاتلون طواحين الهواء"، في الوقت الذي كان الجيش يستهدف تجمعاتهم عن بعد، ما دفعهم للانسحاب تارةً، و"الانتحار" تارةً أخرى كما حصل أمس على تخوم بلدة "قمحانة"، التي صد الجيش بمساعدة الأهالي فيها 10 هجمات متتالية، لينجح بمنعهم من التقدّم على تخوم البلدة التي تعتبر "مفتاح" مدينة حماة، حيث تزامن ذلك مع التفاف وحدات الجيش على بلدة خطاب الاستراتيجية ورحبتها الاستراتيجية للسيطرة عليها، والسيطرة على قرى أخرى خلال ساعات.
المفاجئ في هجوم النصرة لم يكن الحجم "البشري أو الناري" الذي استخدمته، فهذا التكتيك بات الجيش العربي السوري مُعتاد عليه، ويمتلك الحنكة اللازمة في امتصاص قوّته، إلا أن المفاجأة كانت في استقدام تركيا في اليوم الثاني للهجوم، المئات من مقاتلي "درع الفرات" المدعوم من نظام رجب طيب أردوغان بشكل مباشر، حيث يرى متابعون أن استقدام النظام التركي لمقاتلي "درع الفرات" يأتي ضمن خيارين فقط: 1- هو محاولة النظام التركي وبعد خسارته جبهة حلب بأكملها، وتجميد عمل قواته المعتدية في مدينة الباب على يد الجيش العربي السوري الذي دخل تادف بدايةً، ثم أكمل إلى منبج ومن ثم دير حافر وصولاً إلى تخوم مطار الجراح "شرق حلب"، محاولته تعويض هذه الهزيمة بـ"قفزة" عسكرية إلى حماة لتفعيل عمل "درع الفرات" هناك بوجه الجيش السوري، خاصة وأن معركة هذه الميليشيات أمام الأكراد باتت خاسرة، بعد أن أمّنت كلاً من روسيا والولايات المتحدة إضافةً إلى الدولة السورية، الحماية الكاملة لـ"قوات سورية الديمقراطية" في منبج..
2- يرى المراقبون أن مشاركة "درع الفرات" في معارك شمال حماة "ضمن المرحلة الثانية" التي أطلقتها غرفة عمليات "وقل اعملوا"، جاءت بعد خسارة الميليشيات المهاجمة التي يقدّر عددها بـ6000 مُهاجم، عدداً كبيراً من مقاتليها، خاصة على تخوم مدينة محردة وبلدة قمحانة، إضافةً إلى محيط خطاب قبل أن ينسحب منها الجيش في اليوم الثاني، حيث يقول مصدر خاص لشبكة عاجل أن "المدنيين" في إدلب جُنّ جنونهم بعد وصول أكثر من 100 جثة منهم أجانب ومنهم الآخر من أهالي إدلب ومقاتلين منسحبين من أرياف دمشق وحمص وحلب"، هذا في اليوم الأوّل، ما دفع النظام التركي للتدخل بشكل مباشر لزيادة زعم المعارك في وجه الجيش الذي ثبُت أن انسحابه من بعض البلدات والقرى والنقاط العسكرية الثابتة كان تكتيكاً عسكرياً هدفه امتصاص الهجوم، وقراءة الموقف العسكري، فيما كانت تحشّداته العسكرية في الخطوط الخلفية تتجهّز لبدء عملاً عسكرياً "واسع" في المنطقة، فيما يبدو أنه لن يتوقف عند النقاط التي انسحب منها الجيش فقط، وهو ما يؤكد أن الجيش تمكّن من استنزاف القوات المهاجمة بدلاً من "استنزاف قواته" كما كان مخطط للعملية المعادية التي شنّتها جبهة النصرة وحلفائها من التنظيمات الإرهابية المتشددة في المنطقة.
الثابت في العملية العسكرية في ريف حماة وشرق العاصمة دمشق بعد أيام على بدء تلك المعارك المتزامنة هو، أن جلسة جنيف التي عُقدت أمس كانت الهدف الرئيسي لها، وهو ما فهمته القيادة السياسية والعسكرية في دمشق جيّداً، فزامنت إعلان انتهاء معركة "جوبر" لصالح قوات الجيش العربي السوري مع بدء جلسة "جنيف"، لتكون ضربة قاصمة على ظهر الوفد الإرهابي، وبالتزامن أيضاً، مع انحسار معارك شمال حماة أو "تجمّدها" إن صح التعبير، فلا "مفتاح مدينة حماة" بات بيد الميليشيات الإرهابية، ولا "مفتاح دمشق"، بينما ما زالت "مفاتيح" جنيف وأستنة بيد الدكتور بشار الجعفري سفير سورية الدائم لدى الأمم المتحدة شخصياً..
لا نعرف إن كان أردوغان قد شاهد أهالي دمشق وهم في شوارع مدينتهم يرشّون الأرز على رؤوس "حرّاس العاصمة" الذين ما خيّبوا ظنّهم منذ بداية الأزمة وحتى يوم أمس، لكن ما نعرفه جيّداً ونثق به، أن ذات الأرُز سيُرش على رؤوس مقاتلي الجيش العربي السوري في الأيام القليلة القادمة في مدينة حماة، بعد أن يستعيد الجيش ما انسحب منه قبل أيام، وربما يستعيد مناطق أكثر من ذلك، كما فعل الجيش في دمشق أمس ..

عاجل الاخبارية