مسؤوليات الأم العاملة.. عمل دائم لإسعاد أسرتها ومشاركة فاعلة لدعم موارد رزقها

مسؤوليات الأم العاملة.. عمل دائم لإسعاد أسرتها ومشاركة فاعلة لدعم موارد رزقها

أخبار سورية

الخميس، ٢٣ مارس ٢٠١٧

بخطا نشيطة وسريعة تبدأ يومها بهمة عالية في منزلها الصغير، لتؤدي دورها كأم لثلاثة أطفال منذ الصباح الباكر، ولتكن الأم الحاضرة في يومياتهم من تحضير، وتوضيب لأمورهم قبل خروجهم إلى المدرسة، كجميع الأمهات اللواتي نذرن حياتهن من أجل أطفالهن، لكن يومها لا يشابه أيام باقي الأمهات غير العاملات، فلها دور هام خارجه يوازي مهمتها الأولى، ويرسم مستقبلها المهني، فبعد ارتقاء مستواها العلمي والمهني في المجتمع، تعددت أدوارها، وزادت أعباؤها الملقاة على عاتقها، وبالرغم من الضغوطات الكثيرة في محطات حياتها، إلا أنها تؤكد ضرورة إيمان المرأة بدورها خارج المنزل، إيماناً منها بأهمية علمها وعملها في بناء الأجيال، وتطور المجتمع، حسب رأي المهندسة ناديا العلي التي بيّنت أن المرأة العاملة تتحمّل الكثير في ظل تواجدها بعملها معظم الوقت، إلا أنها قادرة على العطاء داخل منزلها أيضاً، والموازنة بين واجباتها، واعترفت بشعورها بالذنب في بعض الأحيان، أو التقصير تجاه أسرتها، إلا أنها تعمل على تميز الوقت الذي تقضيه مع أسرتها، على أن يكون نوعياً ومميزاً يضيف إلى حياتهم من خبراتها ومهاراتها المكتسبة في حياتها العملية، لتصبح الأم العاملة خير مثال للتضحية والعطاء.

أثر إيجابي

وثمة وجهة نظر تسود المجتمع تفيد بوجود أثر سلبي على صعيد الأسرة لغياب الأم العاملة اليومي عن المنزل، وخاصة على الأطفال من حيث التربية والاهتمام بهم أو بشؤون المنزل، ولكن الدراسات الحديثة لاحظت التأثيرات الإيجابية لعمل الأم خارج المنزل على الأبناء، حيث تبيّن الدراسة تمتع أبناء الموظفات بمهارات وقدرات حياتية يكتسبونها من نمط حياتهم، سواء في تنظيم الوقت، أو الاعتماد على النفس، والمساعدة في داخل المنزل، وهذا ما أكدته معظم من التقيناهن من الأمهات الموظفات، حيث بيّنت الصحفية هناء بأن أطفال الأم العاملة يتمتعون بشخصية قيادية، وبإحساس بالالتزام أكبر من أطفال تلازمهم والدتهم طوال الوقت لاعتمادهم الكبير عليها في معظم الأمور، ومنها الشخصية، حيث يستطيع أبناء الأم العاملة ممارسة حياتهم بمفردهم خلال غياب الأم، وبقاؤهم في المنزل لفترة وحدهم يجعلهم قادرين على أداء واجباتهم المدرسية، والمساعدة في بعض المهام المنزلية الموكلة إليهم، وشعورهم بأهمية التعاون الذي يسود الأسرة بوجود من يتفهم ويقدر أهمية عمل المرأة ومستقبلها.

أمثلة مشرقة

وقد رصدنا حالات وأمثلة كثيرة لأمهات عاملات وناجحات في المجتمع، ولم تتأثر حياتهن الأسرية بطبيعة عملهن، وساعات غيابهن عن المنزل، فقد رأت الدكتورة شعلة خاروف، عضو هيئة تدريس في جامعة الفرات، أهمية كبيرة لعمل المرأة الذي انعكس إيجاباً على نمط حياتها، وعلاقتها بأسرتها ومحيطها، حيث بيّنت أن نجاح المرأة في عملها يزيدها ثقة بالنفس، ومهارات تتجلى في طريقة تربية أبنائها، وتوجيههم بالشكل الصحيح، نتيجة لخبرات ومهارات تكتسبها من العمل، واحتكاكها اليومي بمختلف شرائح المجتمع، تتجسّد في معالجتها لمشاكلها العائلية والشخصية بفكر منفتح، وتفكير عقلاني أكثر من المرأة غير العاملة، ولكنها تشير إلى ضرورة وجود دعم وتقدير لعملها لتتغلب على شعورها بالضغط الذي قد تعاني منه في بعض الأحيان.

طبيعة المرأة

ومن وجهة نظر علم النفس فإن المرأة بطبيعتها تمتلك فكراً تفرعياً قادراً على القيام بأكثر من مهمة في آن واحد، بحسب الدكتورة رشا شعبان، وهو ما يجعلها قادرة على العطاء داخل المنزل وخارجه، والأقدر على الصبر وتحمّل الألم تبعاً لطبيعتها، وتستطيع تحمّل أعباء الحياة أكثر من الرجل، وتوضّح د. شعبان أن المرأة العاملة تستطيع النجاح في أسرتها وعملها عند وعيها لأهمية الوقت، وتنظيمه ببرنامج يومي يساعدها على إنجاز مهماتها دون الشعور بالضغط، أو الوقوع في التقصير أو الإهمال، فتكون حياتها ممنهجة وناجحة حتى على الصعيد الاجتماعي لافتقاد المرأة غير العاملة الإحساس بأهمية الوقت، وعدم تنظيمه، بالإضافة إلى أن الخبرات، وكم الثقافة، والمهارات المكتسبة على المستوى الفكري، لابد أن تنعكس في نمط تفكيرها، وطريقة تربية أبنائها، لنرى في المجتمع أبناء الأمهات العاملات منظّمين، وناجحين، ويمتازون بشخصيات مستقلة مختلفة عن أقرانهم، ولفتت شعبان إلى ضرورة إدراك المرأة لأهمية عملها على مستوى وجودها الإنساني، وكيانها، بعيداً عن اعتبار العمل فقط تلبية لحاجة اقتصادية، لترتقي بفكرها، وعقلها، وتستطيع مواجهة من يعارض عملها، أو يقلل من أهميته أولاً من المجتمع الذكوري، ولتتوازن في حياتها الأسرية، ولابد أيضاً من وجود دعم مجتمعي، بالإضافة لوجود زوج  يمتلك فكراً واعياً ليدعم مسيرتها، ويعمل على إيجاد صيغ تعاون داخل الأسرة للوصول إلى ضفة الأمان والاستقرار.

بالمحصلة

إن الأم العاملة هي منارة المستقبل، وأملنا في إنشاء جيل قادر وفاعل في المجتمع، لذلك يجب على المرأة أن تتحمّل الأعباء والضغوطات، وألا تنسحب من ميدان العمل مهما كانت الظروف، لأنها بانسحابها يخسر المجتمع فرصة للارتقاء بالأجيال القادمة.

فاتن شنان