في ملحمة الوطن أولاً… الأحمد: المرأة السورية صنعت مقومات الصمود والانتصار.. وحضورها الفاعل كسر عقيدة الإرهاب

في ملحمة الوطن أولاً… الأحمد: المرأة السورية صنعت مقومات الصمود والانتصار.. وحضورها الفاعل كسر عقيدة الإرهاب

أخبار سورية

الثلاثاء، ٧ مارس ٢٠١٧

المرأة السورية، كما قالت رغدة الأحمد التي تم تكليفها بقيادة المنظمة النسائية: أثبتت وجودها وجدارتها في مختلف مجالات الحياة، مؤكدة صحة مقولة “المرأة نصف المجتمع”، فبرهنت على أنها لا تقل تضحية وشجاعة عن أي رجل عندما وهبت النساء السوريات حياتهن في دروب الشهادة لمواجهة الإرهاب.

وطبعاً هذه المرحلة المفصلية في حياة المجتمع السوري عامة والمرأة خاصة، فرضت عملية بحث مدججة بالكثير من التساؤلات حول  دور المنظمة النسائية، ومدى مساهمتها في احتضان قضايا المرأة ومساعدتها على تجاوز الأزمات، وهنا لابد من التأكيد على أن لغة التشكيك بالفاعلية واتهامات الغياب عن ساحات العمل، حاصرت ولسنوات طويلة، واقع  الاتحاد العام النسائي الذي يعمل اليوم حسب ما يتم التصريح به من قبل قيادته النسائية على دحض تلك النظرة السلبية السائدة، وتقديم نفسه على أنه الممثل الوحيد للمرأة السورية على امتداد ساحة الوطن من خلال بنيته التنظيمية المؤسساتية المتواجدة، والقادرة على العمل رغم كل الصعاب.

حضور الاتحاد العام النسائي وواقع عمله، كان محور حديثنا مع الأحمد، التي هنأت المرأة السورية بيومها المرأة العالمي، ورفضت تهمة الغياب، وقدّمت الدلائل على استمرار عمل المنظمة داخل المجتمع، إلّا أنها لم تنكر أيضاً تذبذب الأداء، واضمحلال الفاعلية في فترات معينة.

يجب ألّا تُعطى الجنسية السورية لأبناء الأب السوري  أو الأم السورية ضمن حالات الزواج من أجانب إلّا وفق أسس تتركز على الهوية الوطنية والتدقيق فيها

حضور دائم

يُخطىء البعض عندما يسألون.. أين المنظمة في الحرب؟ ولكن مع ذلك سنجيب عن هذا السؤال من خلال الانتشار الكبير للمنظمة النسائية في المدن والأرياف عبر الوحدات النسائية والروابط والفروع التي تؤدي دوراً ميدانياً هاماً كرديف للجيش العربي السوري حتى في المناطق الخارجة عن السيطرة رغم خسارة ما يقدّر من 40% من الجهاز التنظيمي، ويتبع للمنظمة  169 روضة أطفال، تضم حوالي 30 ألف طفل، خرج منها عن الخدمة 72 روضة منذ عام 2011، منها 42 روضة هي اليوم مقر إقامة مؤقتة لأهلنا الذين أجبرهم الإرهاب على ترك مناطقهم، حيث نستضيف أكثر 13 ألف أسرة، تضم حوالي 70 ألف شخص، غالبيتهم نساء وأطفال، يؤمّن الاتحاد لهم  مستلزمات الحياة اليومية.

وتابعت الأحمد حديثها: يتبع للمنظمة 18 مركزاً تدريبياً وإنتاجياً وتشغيلياً، خرج منها عن الخدمة 11 مركزاً كانت تشغل أكثر من 4500 سيدة وفتاة داخل المنشآت وفي البيوت، وهناك أيضاً 59 نقطة طبية في أقاصي الريف السوري تخدم 1200 سيدة في قضايا الصحة الإنجابية، خرج منها اليوم 33 نقطة، وتم اتباع الباقي لمديريات الصحة، ويتابع الاتحاد منح القروض الصغيرة الدوارة للسيدات اللواتي يؤسسن لمشروعات صغيرة مدرة للدخل بعد تدريبها وتأهيلها، وخاصة أمهات الشهداء وأسرهن،  كما تم تأمين فرص العمل، حيث 70% من عقود العمل كمربيات خصصت لذوي الشهداء، وتستقبل رياض الأطفال أبناء الشهداء بشكل مجاني.

مسعف في كل حي وبيت

وتعمل المنظمة، والكلام للأحمد، على رفع مستوى الوعي عند المرأة في جوانب الحياة كافة (السياسية – الصحية – الاجتماعية – الاقتصادية التربوية – البيئية والقانونية من خلال الندوات والملتقيات والأسابيع الثقافية والمؤتمرات والنشرات المتنوعة، وتنفذ سنوياً ما لايقل عن 5000 دورة متنوعة، يستفيد منها عشرات آلاف النساء والفتيات، وبعضها يستقبل الشباب، أهمها دورات الإسعاف والتمريض التي تخرّج سنوياً  حوالي 13000 مدرب ومتدربة لتحقيق شعار طرحته المنظمة (مسعف في كل حي وبيت)، كما تم عقد الندوات الثقافية والملتقيات النوعية والمباريات والمشاركة في الأيام “بيئية وحملات التشجير”، حيث  تم  في هذا العام زراعة الغراس بأسماء الشهداء في كل منطقة – رابطة – روضة – حديقة عامة أو خاصة يهتم بها الأطفال والمنتسبات وأهالي الشهداء، وبلغ عدد الغراس حتى اليوم 11600 غرسة.

ولفتت إلى أن المنظمة تنجز الدراسات الراصدة لواقع المرأة، وتبني خطط عملها على نتائج هذه الدراسات من حيث التوجه جغرافياً واجتماعياً، وتقدّم الآراء والمقترحات للجهات المعنية ليصار إلى لحظها في برامج العمل، وأهمها التعليم والحد من التسرب – إدارة المشروعات، وتسويق المنتجات.

وفيما يخص الجمعيات النسائية، أكدت ضعف أدائها ودون المستوى المطلوب، وهو عمل موسمي وبمبادرات خجولة،  لافتة إلى  أنه  كان هناك 15 جمعية نسائية لغاية 2013.

حقوق مصانة

وفيما يخص الحاضنة القانونية للمرأة، أكدت الأحمد أن الحديث عن حقوق المرأة في  القوانين المستمدة من الدستور يندرج ضمن ثلاثة محاور، أولها مواد عديدة تصون حقوق المرأة، ولكن للأسف لا تعيها ولا تستفيد منها، وهناك المواد الحامية للحقوق، ولكن العادات والعرف الاجتماعي  تغيبها، أما المحور الثالث، فيتعلق بمواد معيقة وظالمة ومستهلكة لحقوق المرأة مثل /حقوق الزوجية/  كالوصاية التي نطالب بإعادة النظر فيها، ومنحها لمن يحقق مصلحة الأطفال كالأم، وهي جديرة بالوصاية.

وللاتحاد رأي في موضوع زواج القاصرات، ويطالب أن يكون سن الزواج 18 عاماً، وبشكل يحقق الأهلية الواردة في الدستور (إدارة المنزل والإنجاب).

وتمنت  الأحمد ألا تعطى الجنسية السورية لأبناء الأب السوري  أو الأم السورية ضمن حالات الزواج من أجانب إلا وفق أسس تتركز على الهوية الوطنية والتدقيق فيها ولفتت إلى وجود حوالي 19 ألف حالة اغتصاب داخل وخارج القطر.

دور رائد

وتحدثت الأحمد عن حضور المرأة في السلطة التنفيذية لافتة إلى أن  نسبة حضورها الوزاري تتراوح بين 7-9٪  وفي الإعلام، وعلى الرغم من وجود نسبة لا تقل عن 45٪ في ميادين العمل الإعلامي المقروء والمنظور والمسموع، إلا أن النسبة في موقع القرار الإعلامي ما زالت تراوح بين 5-12٪ وفي المجال الاقتصادي تنامت المشاركة لتصل إلى 24٪ مع نهاية التسعينات، ثم انخفضت بشكل ملحوظ لتصبح أقل من 12٪ مع اندلاع الحرب الإرهابية التي يقودها فكر وهابي إقصائي يعيد المرأة إلى مرحلة ما قبل التاريخ وفي التربية والصحة والتعليم العالمي والثقافة والصناعة والشؤون الاجتماعية تمثل النساء نسبة مرتفعة في مجالات العمل الإداري، لكنها في المواقع الإدارية العليا ضعيفة، والسلطة القضائية دخلتها المرأة لأول مرة في العام الدولي للمرأة 1975، بمكرمة من القائد المؤسس حافظ الأسد، الذي اهتم بقضية المرأة على أنها قضية مجتمع وقضية حياة واعتبر أن لا تنمية ولا ديمقراطية طالما المرأة بعيدة عن الحياة العامة، وصلت المرأة السورية إلى 14٪ في مختلف درجات التقاضي، وأولها مجلس القضاء العالي- محكمة النقض، ولكنها لم تصل إلى القضاء الشرعي ولا حتى لجان التحكيم في القضايا الأسرية، وهي الأقدر على فهمها والحكم فيها، وصلت إلى موقع النائب العام للجمهورية في العام 1998 وتميزت المرأة القاضية بدقتها ونظافة يدها لأنها تخشى المحيط وتريد أن تثبت نفسها في ميدان هام كان مغلقاً في وجهها ولا يزال كذلك في معظم الدول العربية، وفي السلك الدبلوماسي تمثل المرأة اليوم ما يقرب من 12٪ وتحقق المزيد من النجاح، ومع ذلك لا تزال أمامها الكثير من القيود والأوامر الإدارية التي تميز بين حقوقها وبين حقوق الرجل الدبلوماسي، عولج بعضها في العام 2010 إلا أنها لم تتمتع بها جراء ما أصاب سورية من إرهاب غير مسبوق.

وتابعت الأحمد حديثها، لتؤكد على أن التعليم أحد أهم القطاعات التي يمكن خلالها تحقيق الغايات الوطنية التي تستهدف تمكين النساء، وتوفر مجمل وسائل وسبل المعرفة التي تتيح لها الفرص للحضور الفاعل في الهيئات والمؤسسات وميادين العمل والإبداع كالفنون والآداب، للمرأة السورية دور مهم وأساسي فيها (كاتبة- شاعرة- مخرجة- ممثلة- فنانة تشكلية- صحفية- ناقدة) وتحظى بالاحترام والتقدير والتشجيع ما يدل على مستوى الوعي الشعبي والنخبوي للسوريين حاملي الحضارة لكل العالم.

وقالت: إذاً التعليم هو المدخل الأساس للنهوض والمشاركة الفاعلة، وهو الضرورة الحتمية لتحقيق العدالة والتكافؤ عبر التوسع في الحضور النوعي في الميادين كافة السياسية والاقتصادية، وفي تقوية قدراتها وتمكينها من ممارسة حقوق كثيرة أتيحت لها، ومن استمرار السعي للحصول على حقوق أخرى أو استحداث قوانين أكثر ملاءمة واستجابة لطموحاتها التي تحاكي قدراتها الكبيرة.

تحديات ومعيقات

تحدثت الأحمد عن استمرار سيادة العقلية الذكورية في بعض المناطق وضمن بيئات محدودة والتي أخذت بالتوسع بعد اقتحام الفكر التكفيري الإقصائي الوهابي القاتل للحياة والمهدم للقيم والأخلاق باسم الدين، وهو منه براء، إلى جانب بعض العادات والأعراف السائدة التي لا تزال تنكر أو تهمش إمكانيات المرأة وتحاول تطويقها بمهمة الإنجاب، بينما هي تؤدي الأدوار العديدة (تنظيم- تربوي- صحي- تأهيلي- سياسي- بيئي ثم إنجابي).

وأضافت، تعدد المهام وحجم الأعباء المناطة والمطلوبة من المرأة طيلة دورة حياتها، أضيف لها الأعباء العامة جراء انخراطها في ميادين العمل، بحيث تجتهد كي تنجح أسرياً ومجتمعياً دون أن يعاد النظر بالأدوار المطلوبة من كلا الجنسين تماشياً مع احتياجات المجتمع، فبقيت المسؤولة عن الأعباء الأسرية منفردة، رغم مشاركتها بتحمل أعباء الحياة الاقتصادية إلى جانب الرجل دون أن يتقبل مشاركته في وظائف ومهام يومية تحمل الكثير من الإرهاق، إضافة لعدم توفر القدرة المالية للمرأة والتي لاتسمح لها بولوج عوالم المشاركة بالحياة العامة وخوض الانتخابات والتنافسية مع الرجال ولن ننسى الفهم الخاطئ للدين والذي يسخره أعداء الدين لتدمير طاقات وقدرات البشر ومنعها من بناء المجتمع وسيادة العلاقات الوطنية الحاملة للخير.

بالمحصلة

ما يميز المرأة السورية في رأي المنظمة النسائية هو عمق الانتماء والتعلق بالوطن والرغبة في حمايته وتحصينه وتعزيز منعته والدليل آلاف الأمهات اللواتي يودعن أبناءهن الشهداء بالزغاريد ويحفزن الشباب المرابض في مواجهة أوغاد العصر بصمود أسطوري وبسالة نادرة.

وهذا الفهم عبرت عنه الأحمد بالتأكيد على أن الاتحاد العام النسائي أمامه مهام تستلزم الدقة في فهمها والتفاني في تحليلها أكثر من أي وقت مضى، والعمل على تفعيل حضور المنظمة في المجتمع وتعزيز إرادة الصمود لدى المرأة السورية.

بشير فرزان