معركة الرقة: عروض كثيرة بانتظار كلمة السر الأميركية

معركة الرقة: عروض كثيرة بانتظار كلمة السر الأميركية

أخبار سورية

السبت، ٢٥ فبراير ٢٠١٧

ماهر الخطييب

لا تزال الولايات المتحدة تتلقى المزيد من العروض، بالنسبة للمشاركة بمعركة تحرير مدينةالرقةالتي تعتبر المعقل الأبرز لتنظيم "داعش" الإرهابي على الساحة السورية، من دون أن تصدر كلمة السرّ الخاصة بانطلاق المعارك الفعلية نحوها، مع العلم أنها كانت قد أطلقت قبل أشهر، في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، معركة حصار المدينة، عبر "قوات سوريا الديمقراطية"، ذات الأغلبية الكرديّة، التي تخوض المعارك في ريفها الشمالي، لكن هذا لا يلغي الخلافات التي لا تزال قائمة بين كافة "الوكلاء"، الراغبين في حجز موقع لهم في هذه المعركة الإستراتيجية، نظراً للتداعيات الكبيرة التي ستتركها على المشهد السوري العام.

في هذا السياق، يشبه الواقع الذي يحيط في هذه المعركة ذلك الذي كان قائماً قبل إنطلاق عمليات تحرير مدينة الموصل العراقية، بسبب تعدّد اللاعبيين الإقليميين والدوليين، بالإضافة إلى أن وجود رغبة لدى كافة حلفاء الولايات المتحدة في تقديم أوراق إعتمادهم إلى الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، في حين أن روسيا تسعى إلى إبرام تسوية مع واشنطن تستطيع من خلالها الدخول على الخط، بعد أن بات واضحاً أن الرقة من حصّة واشنطن في تقاسم منطق النفوذ بين القوتين العظميين.

على هذا الصعيد، تبرز "قوات سوريا الديمقراطية" التي تعتبر أن الأولوية لها من أجل الدخول إلى المدينة، حيث تخوض معركة حصارها من الناحية الشمالية، بالرغم من الإعتراضات التي تبديها الحكومة التركية، التي تعتبر هذه القوات من أبرز أعدائها، تحت عنوان ضرورة أن تكون الفصائل المشاركة في تحريرها عربية، وهي تسعى إلى تكرار تجربة عملية "درع الفرات" في ريف حلب الشمالي بعد السيطرة على مدينة الباب الإستراتيجية.

من وجهة نظر أنقرة، التي كانت توجه الكثير من الإنتقادات إلى الإدارة الأميركية السابقة، هناك فرصة لإطلاق مرحلة جديدة في العلاقة مع واشنطن بعد تسلم ترامب زمام الأمور، عبر تخليه عن القوات الكرديّة مقابل أن تتولى هي تغطية النقص الذي سينتج عن ذلك، في حين أن الولايات المتحدة تدرك جيداً أن مثل هذا الخيار يعني خسارتها الحليف الأقوى على الساحة السوريّة، بعد سنوات من التعاون والتنسيق، الأمر الذي تنتظره روسيا بفارغ الصبر لتقديم نفسها كبديل إلى تلك القوات.

بالتزامن، برز في اليومين الماضيين العرض السعودي القديم الجديد، من خلال كلام وزير الخارجية عادل الجبير، الذي جدد استعداد بلاده لإرسال قوات خاصة إلى سوريا لمحاربة تنظيم "داعش"، بمعيّة دول خليجية أخرى، مشيراً إلى ضرورة التنسيق مع الولايات المتحدة لتحديد الخطط وسبل تنفيذها، بينما دعا وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى خطوات روسية أميركية ضد تنظيم "داعش" في الرقة.

على هذا الصعيد، لا يبدو أن الولايات المتحدة مستعدة لقبول العرض الروسي الأخير، لا سيّما أن وزير دفاعها كان قد أكد عدم جاهزية بلاده لإطلاق عملية عسكرية مع موسكو، لكن كل العروض الأخرى قابلة للدرس، خصوصاً أن ترامب كان قد تشاور مع الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز والرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول هذا الموضوع، من خلال طرح خيار المناطق الآمنة، التي يريد من الدول الخليجية أن تتولى تمويلها، نظراً إلى أن السلطات الأميركية تسعى لإعادة التوازن مع نظيرتها الروسية على الميدان السوري، لضمان حل سياسي متوازن في المستقبل يرضي كافة الأفرقاء.

في ظل هذا الواقع، تقف واشنطن أمام معضلة رئيسية لا يمكن تجاوزها بسهولة، تكمن في العداء الواضح بين أبرز حلفائها، أي الأتراك والأكراد، في حين لا تريد الإستغناء عن أي منهما، بسبب التداعيات التي ستترتّب عن ذلك، والتي ستكون روسيا المستفيد الأول منها، مع العلم أنها في الأيام الماضية كانت قد دفعت "قوات سوريا الديمقراطية" لفتح جبهة جديدة في مدينة دير الزور، بهدف قطع الطريق الذي يربطها بالرقة، في حين تتقدم "قوات النخبة" التابعة لرئيس "تيار الغد السوري" أحمد الجربا المجوعات المهاجة.

في المحصلة، تزداد القوى رغبة في الدخول على خط هذه المعركة مع "داعش"، نظراً للقيمة المعنوية التي تمثلها المشاركة في الإنتصار على التنظيم في أحد أبرز معاقله، لكن هذا لا يلغي أن الحرب على الإرهاب هي جزء من صراع نفوذ قوي بين كافة الأفرقاء، فهل تنجح واشنطن في إيجاد الصيغة التي تسمح لها في إطلاق المعركة الفعلية في وقت قريب؟

النشرة