راتب الزوجة.. بوابة للخروج من حياة العنوسة.. ومواجهــات عنيفــة بيــن شــركاء الزوجيــة!

راتب الزوجة.. بوابة للخروج من حياة العنوسة.. ومواجهــات عنيفــة بيــن شــركاء الزوجيــة!

أخبار سورية

الخميس، ٢ فبراير ٢٠١٧

يأتي مسرعاً مطلع كل شهر إلى المنزل ليهمّ عليها بالسؤال عن راتبها إن كانت قد قبضته أم لا كي يحصل عليه، ويجمعه مع راتبه في جيبه تحت ذريعة أنه هو من يجلب احتياجات المنزل، ويترك لها مصروفها مطلع كل أسبوع، كأن لا حقّ لها في راتبها الذي تتقاضاه جراء تعبها طوال الشهر في المؤسسة التي تعمل بها؟!.
أحمد ليس الرجل الوحيد الذي يجد أنه الأحقّ براتب زوجته كونها تعيش معه في المنزل نفسه، وكون المرأة شريكة للرجل في السراء والضراء، وهذا ما يدفعه كباقي الرجال للتسلّط على راتب زوجته حتى لو دفعه الأمر للضرب أحياناً في حال ممانعتها إعطاءه الراتب، فلم يعد اختيار الزوجة اليوم يتوقف على مستوى علمها وأخلاقها، بل على مستوى راتبها الذي تتقاضاه نهاية كل شهر، وفي حال لم تكن الفتاة ذات وظيفة وراتب، فإن باب العنوسة سيكون في انتظارها!.
تسلّط
كثيرة هي الحالات التي نجدها، خاصة في الأرياف، حيث يقوم الأهل بوضع شروط معقدة عند تزويج بناتهم الموظفات، ظنّاً منهم أنهم الأحق براتبها الذي تتقاضاه بعد أن صرفوا عليها أجور التعليم لسنوات طويلة، فمن غير المعقول تزويجها لأي رجل يطرق الباب قبل أن يستفيدوا استفادة كاملة من راتبها، وفي المقابل نجد أن أغلب المنازعات بين الأزواج تكون على راتب الزوجة، ومن هو الأحق في صرفه، علماً أن أغلب النساء يقمن بالمشاركة بشكل كبير في مصروف المنزل برغبتهن، لكن الرجال لا يقبلون إلا بأن يكون كامل الراتب بأيديهم، فلا مجال هنا للسؤال عمن يكون راتب الزوجة، أو من حق الزوج أن يحصل على جزء منه، بالطبع سنجد الإجابة التنظيرية بأنه حق لها، ولكن في حقيقة الأمر ما الذي يقوله الواقع؟!.

حق للأسرة
أغلب الأزواج الذين حاورناهم وجدوا أن الحياة الزوجية تقوم على المشاركة، وبالتالي يجب الترفّع عن الأمور المادية التي يجب أن تنتهي بالتفاهم والتشاور، فالحياة الزوجية تفرض واجبات على الرجل، وتبعات على المرأة، فإذا لم تلتزم الأسرة بما عليها من واجبات، ستنهار الأسرة، والقضية الأساسية لا تقوم برأيهم على راتب الزوجة، فراتبها كبقية الأمور في المنزل التي يجب التوافق والتفاهم عليها من قبل الزوجين، ودون التوافق تحدث مشاكل كثيرة تؤدي إلى الطلاق، وتجنباً لهذه المشكلات لابد برأيهم من الاتفاق بين الزوجين من البداية، ووضع النقاط على الحروف، فيعرف مسبقاً من المسؤول عن الإنفاق، وإذا كان هناك تعاون من الزوجة، فما حجم هذا التعاون الذي ستقدمه؟ وماذا سيحدث في حال ترك الزوجة لعملها؟.. إلى غير ذلك من أمور حتى يسير مركب الحياة الزوجية بسلام، وفي المقابل نجد الكثير من الزوجات يعتبرن أن راتبهن ملكهن، ومن حقهن صرفه على أنفسهن، ويتذرعن بحجة أنهن غير مطالبات بالمساهمة بمصروف البيت، فترفض الكثير من الزوجات صرف راتبهن على المنزل والأولاد ليتحولن في النهاية إلى آلات عاملة مرهقة طوال الوقت دون مقابل، والمرأة العاملة برأيهن مستقلة اقتصادياً عن زوجها في مجتمع شرقي يرفض أن تقوم المرأة فيه بإعالة زوجها، وبالتالي يكون راتب الزوجة لها، ولخصوصيتها، وهو أمان لها في المستقبل، ولا يستطيع أحد أن يجبرها على الصرف على أي بند خارج نطاق اختصاصها إلا بإرادتها.

التعاون أولاً وأخيراً
عمل المرأة خارج المنزل هو ضرورة حتمية، ليس من منطلق توفير الوضع الاقتصادي الأفضل بالنسبة للمرأة، فعملها برأي الدكتورة رشا شعبان، “علم اجتماع”، هو مكانة اجتماعية بامتياز، فهو الذي يكسبها المهارات الحياتية والاجتماعية اليومية الضرورية للتفاعل مع الحياة عامة، واليوم ونتيجة الظروف الاقتصادية، وزيادة تكاليف المعيشة، كثيرات دخلن سوق العمل ليشاركن أزواجهن أعباء تلبية احتياجات الأسرة، وثمة كثيرات هن أكثر فاعلية من الرجل في تحمّل الأعباء من الزوج نفسه، فتصرف كل راتبها على بيتها وأطفالها، وثمة رجال يحاسبون المرأة على كل ليرة تصرفها حتى لو كان راتبها الخاص، ولا يمكن أن نعمم هذه الحالة على جميع الرجال، فهناك صنف من الرجال يؤمنون بضرورة مساهمة المرأة في المجتمع لتحقيق ذاتها، والإفادة من قدراتها في نفع الآخرين، لاسيما إذا كانت متخصصة في مجالات يحتاج إليها المجتمع، وهنا لابد للمرأة من تلقاء نفسها من القيام بمساعدة زوجها في مصاريف بيتها برضى منها دون أن تجبر، فالحياة العصرية تتطلب التعاون فيما بين الزوجين، والمشاركة في مسؤوليات البيت، وتوزيع المهام، ويكون الاحترام في تأدية الواجب هو أساس العلاقة، ومن وجهة نظرها ينبغي على الزوجين أن يراعي كل منهما حقوق الآخر ومصالحه، ولا يطغى جانب على حساب جانب آخر، ولا ينظر أحدهما إلى مصالحه بمعزل عن مصالح الطرف الآخر، فالحياة الزوجية مبنية على المودة، والألفة، والسكن النفسي لكلا الزوجين، والرجل الذي يستغل راتب زوجته، ويتهرب من المسؤوليات، ويلقي بها على عاتق زوجته، هو رجل يفتقر للأخلاق، والمشكلة هنا لا تكمن في عمل المرأة وراتبها، بل تكمن في شخصية الرجل، والأخلاق، والبيئة التي ربي ونشأ فيها.
ميس بركات