وزير التجارة الداخلية يعلن مصافحة دافئة مع المستهلك: طي حقبة مديدة من الخلل وتصويب آليات التدخل الإيجابي عبر «السورية للتجارة»..

وزير التجارة الداخلية يعلن مصافحة دافئة مع المستهلك: طي حقبة مديدة من الخلل وتصويب آليات التدخل الإيجابي عبر «السورية للتجارة»..

أخبار سورية

الأحد، ٢٩ يناير ٢٠١٧

لم تستغرق فترة جسّ النبض التي لجأ إليها وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور عبد الله الغربي للتعرف على مكامن الضعف والقوة الموجودة في الوزارة وقتاً طويلاً، إذ بدأت قناعات الوزير تترسّخ بوجود ملفات فساد  في مؤسّسات الوزارة، وعلى وجه التحديد في مؤسسات التدخل الإيجابي، وبحسب هذه القناعات كان لابد من المواجهة بسلاح النهوض والذي يتمثّل في إعادة الهيكلة لهذه المؤسسات، وإما يبقى خيار الانحدار والغرق في الهاوية قائماً والاستمرار في الفساد.. وإلى غير ذلك!.

افتقار لمقومات العمل

وما طرحه الغربي أمس خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده بمناسبة إطلاق المؤسّسة السورية للتجارة الوليدة من دمج مؤسّسات التدخل الإيجابي “الاستهلاكية، وسندس، والخزن” من بيانات ومؤشرات مالية، يؤكد افتقار بعض هذه المؤسسات لأبسط مقومات العمل المالي، ومنها تقديم بيانات مالية دون الاعتماد على ميزانية حسابية، كل ذلك بحسب رأي الوزير سرّع في عملية الدمج وليس من أجل أن يقال عنها موضة وصرعة تتبعها الوزارة بين الفينة والأخرى.
وأمام هذا الواقع المترهل الذي أصاب مفاصل بعض هذه المؤسّسات نتيجة التكلس الإداري والمالي، يؤكد الغربي أن الحلّ الوحيد للخروج من هذا المستنقع كان دمج هذه المؤسّسات الثلاث في مؤسّسة واحدة هي “السورية للتجارة”، وهذا القرار لم يكن ليحصل لولا وضوح الرؤية الحكومية تجاه التعاطي مع هذا الملف، ولاسيما أنه يتعلق بالشأن الخدمي والمعيشي بالدرجة الأولى، وبالشأن الاقتصادي بالدرجة الثانية.

تخبط

ولم يخفِ الغربي حال المشهد الذي كانت تعيشه هذه المؤسسات، ووصفه  بالمتخبط إدارياً ومالياً، وأن المؤسسة العامة للخزن والتسويق لم تقدم ميزانية حسابية منذ أعوام، كاشفاً عن وجود شيكات من دون رصيد، مع وجود تشابكات مالية عديدة لهذه المؤسسة مع جهات أخرى، فضلاً عن القيمة الكبيرة لخسائر المؤسّسة.
التاجر الأكبر

وبالعودة إلى الوليد الجديد “السورية للتجارة” والتي يُراهن على أن تكون التاجر الأكبر في سورية، والقادر على كسر الاحتكار من خلال السماح لها بالاستيراد المباشر، قال الغربي: واجهنا اعتراضات بالجملة ومن داخل هذه المؤسسات، تتمثّل بعدم الرغبة لبعض العاملين في تطوير العمل والخروج من المستنقع، مراهناً على نجاح هذه المؤسسة وقدرتها على تسديد كل الديون المترتبة على المؤسسات الثلاث والمقدّرة بـ 40 مليار ليرة،  والتي أصبحت هي المسؤولة عن حلّ التشابكات المالية لتلك المؤسسات، مشيراً إلى أن المؤسسة الجديدة تمتلك أكثر من 1700 صالة في مراكز المحافظات، إضافة إلى مولات عملاقة ستبيع المواد الاستهلاكية كلها.
وأوضح الغربي أن المؤسّسة الجديدة تضمّ مديرية التسويق التي من شأنها تحديد واقع السوق ودراسته، كما تضمّ المؤسسة الجديدة مديرية خاصة بالمعارض ترفع شعار من المنتج إلى المستهلك، وقد تمّ العمل خلال الفترة الحالية للحصول على وكالات ذات سمعة عالية لتكون حصرية في  المؤسسة الجديدة، وأنه تمّ الاتفاق مع غرف الصناعة على إقامة معارض للألبسة بأقل من السوق بـ 40%، مشيراً إلى أن تأجير الصالات التي تمتلكها المؤسسة سيكون وفق السعر الرائج.

استقصاء سعري

وكشف الغربي عن إحداث الجهاز الاستقصائي السعري والتي ستكون مهمته مراقبة توازن الأسعار في الصالات وأسعار السوق، موضحاً أنه إذا لم يكن باستطاعة الوزارة كسر الأسعار، سيتمّ الاستيراد كعلاج بديل لحالة كسر الأسعار، وهنا يجب أن تعمل المعامل الوطنية على إيجاد طرق لكسر أسعارها، متوقعاً أن تساهم الدورة الإنتاجية من خلال عودة المعامل الوطنية بإيجاد كافة المواد، وأن المنافسة ستكون شديدة على تصريف المنتجات وبالتالي انخفاض الأسعار، مشيراً إلى أنه يتمّ حالياً دراسة واقع مؤسسة العمران من حيث ضرورة تعديل مرسوم إحداثها، وأن إعادة هيكلتها تتمّ وفق متطلبات مرحلة إعادة البناء والإعمار، وأن يكون عملها في جانب التدخل الإيجابي بتأمين المواد اللازمة للبناء والإعمار، وأنه من غير المقبول أن تقوم المؤسسة بالشراء من التاجر وتنافسه في الوقت نفسه.

حسم الجدل

وفيما يتعلّق بالجدل القائم حول مؤسّسة التجارة السورية، وزميلتها المؤسسة العامة للتجارة الخارجية، ولاسيما من جهة التقاطع في عملهما، أوضح الغربي في تصريح خاص لـ”البعث” أن الأخيرة تتبع لوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية والتي لها باع طويل في هذا المجال، وتعمل على استدراج العروض، ويتمّ من خلالها تأمين المواد والسلع، إلا أن الاعتماد عليها بكسر الاحتكار لم يكن بالشكل المطلوب، في حين أن المؤسّسة السورية للتجارة المحدثة سيكون عملها هو القيام بالشراء بشكل مباشر من المنتج  دون وسيط.
وحول ما أُثير من امتناع التجارة الداخلية عن بيع الأعلاف “النخالة” لمؤسسة الأعلاف قال الوزير: إن مؤسّسة الأعلاف لم تسدّد المستحقات المالية المترتبة عليها للوزارة، علماً أن المؤسسة تقوم باستجرار مادة النخالة من التجارة منذ سنوات وبيعها للفلاحين بشكل مباشر وتقبض ثمن هذه المادة دون تسديد ما يترتب عليها للوزارة، مقدّراً قيمة النخالة المباعة إلى مؤسسة الأعلاف بـ 23 مليار ليرة تمّ تحصيل 5 مليارات ليرة فقط، موضحاً أن الوزارة تبيع للقطاع الخاص النخالة السكرية فقط.
محمد زكريا-البعث