زيت الزيتون المغشوش إلى الواجهة مجدّداً.. وأرباح تقدّر بعشرات الملايين للمتاجرين بالصحة العامة

زيت الزيتون المغشوش إلى الواجهة مجدّداً.. وأرباح تقدّر بعشرات الملايين للمتاجرين بالصحة العامة

أخبار سورية

الأربعاء، ١٨ يناير ٢٠١٧

لعل من الأجدى لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وبدلاً من تأكيداتها لمن هم بحمايتها على ضرورة توخّي الحذر عند شراء السلع والمواد ولاسيما الغذائية منها، أن تصدر قوائم بأسماء المنتجات المغشوشة وأماكن توزيعها، وآخر تحذيرات الوزارة هو التحوّط من بعض ماركات زيت الزيتون المغشوشة كماركة “غص الزيتون”، ويؤكد مصدر مطلع في الوزارة لـ”البعث” أنه ونتيجة الفحص المخبري تبيّن أن هذه الماركة مخالفة للمواصفات، وأن الزيت الموجود فيها ليس زيت زيتون وإنما زيت نخيل مضاف إليه بعض المنكّهات والملوّنات، مشيراً إلى وجود العديد من الماركات لمادة زيت الزيتون المخالفة للمواصفات كانت الوزارة قد ضبطتها في الفترات الماضية.

آلية الغش
وأشار المصدر إلى أن آلية الغش لمادة الزيت تتم وفق طرق احترافية يصعب كشفها بالعين المجردة من خلال استقدام زيت نخيل من أسوأ وأرخص الزيوت ويوضع في خزان بلاستيك وخارجه موتور ماء، حيث يمزج زيت النخيل مع قليل من عكر زيت الزيتون وأصنص زيت زيتون وتخلط الزيوت بواسطة الموتور الكهربائي ليخرج مزيج زيتي يطابق زيت الزيتون بالشكل والنكهة، ويُباع بأضعاف السعر الحقيقي له، حيث إن لتر زيت النخيل لا يتجاوز سعره 250 ليرة بينما سعر لتر زيت الزيتون حوالي 1300 ليرة.
وفي هذا السياق يؤكد المهندس الزراعي فيصل فرواتي من هيئة البحوث الزراعية، وجود دراسة مبتكرة تعتمد على ثلاثة اختبارات من شانها كشف الغش في زيت الزيتون السوري، حيث يمثل الاختبار الأول تحليل الغليسيريدات الثلاثية بواسطة جهاز (HPLC)، والثاني بتحليل عناصر النكهة بجهاز (GC-MS)، وهما تحليلان دقيقان عاليا التقنية إلا أنهما يحتاجان إلى تأهيل وخبرة علمية وعملية عالية المستوى، إضافة إلى تكلفتهما المرتفعة، ويمكن تنفيذهما مخبرياً فقط، لذلك كان لابد من البحث عن اختبار آخر يمكّن الباحث أو المشتري من التأكد من سلامة زيت الزيتون من الغش قبل شرائه أو تخزينه مباشرة دون الرجوع إلى المخبر، لذا تمَّ تطوير كاشف لوني يدلّ على التغيّرات التي تطرأ على لون زيت الزيتون المغشوش، يمكن تطبيقه فوراً قبل عملية الشراء أو التخزين، وهو اختبار بسيط وعملي ومنخفض التكلفة.
نسب الغش
وأوضح الفرواتي أن الدراسة المذكورة حدّدت نسب الغش في زيت الزيتون السوري، حيث إن زيت الزيتون النقي المأخوذ من محافظات (إدلب وحمص واللاذقية ودرعا)، يفترض بأنه يمثل نسبة غش 0%، بينما  يفترض أن تكون الزيوت النباتية المستخدمة في عملية الغش وهي زيت بذور الصويا، وعباد الشمس، والذرة، والقطن، تمثل نسبة غش 100%، ومزائج من زيت الزيتون البكر من محافظات (إدلب وحمص واللاذقية ودرعا) المغشوشة بكل من زيت بذور (الصويا وعباد الشمس والذرة والقطن) كلُّ على حدة وخمس نسب غش هي: 1.0% و2.5% و5.0% و10.0% و20.0% وزناً، وذلك بواقع ثلاثة مكررات لكل عينة، مبيّناً أن غشَّ الزيت يتم عن طريق إضافة المنكهات التي تحمل مذاق زيت الزيتون، وتسخينه بشكل بسيط، ومن ثم وضع الزيت البلدي والزيت الأبيض، مشيراً إلى أن فترة ما قبل الأزمة لم تشهد حالات غش زيت الزيتون فيها لأن سعر “تنكة” الزيت الأبيض كانت مقاربة لسعر زيت الزيتون، ومعتبراً أنه من خلال غش زيت  الزيتون استطاع  المتاجرون فيه تحقيق أرباح هائلة، إذ يصل الربح في “الصفيحة” الواحدة من زيت الزيتون المغشوش إلى عشرة آلاف ليرة، وفي حال باع ألف “صفيحة” فإنه سيحقق أرباحاً في الموسم الواحد لا تقل عن عشرة ملايين ليرة..

حالة الأسواق
وأكد فرواتي أن الأسواق المحلية مليئة بزيت الزيتون المغشوش، إذ إن هناك صفيحة زيت زيتون سعة 16 كيلوغراماً تباع بـ15 ألف ليرة، ويوجد أخرى تباع  بعشرين ألف ليرة، متسائلاً: “كيف أصبح هناك سعران للمادة نفسها في سوق واحدة؟”.
يذكر أن الأزمة رفعت تكلفة إنتاج زيت الزيتون من 75 ليرة للكيلوغرام قبل الأزمة إلى ألف ليرة أثناءها، أي بمعدل ارتفاع يصل إلى عشرة أضعاف، أما المبيع فقد ارتفع من 150 ليرة قبل الأزمة إلى 1300 ليرة أثناءها، أي بمعدل ارتفاع 333%، كما يبلغ معدل استهلاك الفرد من زيت الزيتون في سورية سنوياً ما بين 5 إلى 6 كغ، وهو منخفض مقارنة مع باقي الدول، وبالتالي هناك فائض من الزيت يتراوح سنوياً بين 40 و50 طناً، علماً أن زيت الزيتون السوري البكر له مواصفات عالمية، إذ لا يستخدم فيه أي نوع من أنواع المذيبات الكيميائية، كما أنه غير ممزوج بزيوت أخرى.
محمد زكريا-البعث