الأساسيات تدخل نفق المحسوبيّات..!! رحلة شاقة لتأمين مستلزمات الحياة اليومية.. والمواطن يشكك في الإجراءات

الأساسيات تدخل نفق المحسوبيّات..!! رحلة شاقة لتأمين مستلزمات الحياة اليومية.. والمواطن يشكك في الإجراءات

أخبار سورية

الخميس، ١٢ يناير ٢٠١٧

في رحلة المواطن اليومية التي تبدأ عادة مع بداية الصباح الباكر، والتي باتت اعتيادية جداً، تبدأ بالوقوف ضمن طابور من الانتظار، تستمر لساعات لكي يظفر بربطتين من الخبز الطازج، وقبل أن يلتحق بعمله الوظيفي، سواء كان مدنياً أو عسكرياً، معلّماً كان أو موظفاً، وحتى بلا عمل، وما إن ينتصف النهار، ويعود لمنزله، حتى يعاود رحلته بالبحث عن اكسير التدفئة، وتأمين اسطوانة الغاز، والتي تستمر لساعات مماثلة، حيث تزداد ساعات تقنين التيار الكهربائي، وينخفض معدل  الإنارة إلى أكثر من النصف.. بكل أسف هذا هو حال المواطن الطرطوسي كغيره في هذه الفترة الباردة والماطرة من أشهر السنة، وفي ظل عجز عن ابتكار آليات أكثر نجاعة وعملية، يفترض بالحكومة وأجهزتها التنفيذية، أن تكون قد استحضرت كل عدتها وعتيدها، لكي لا توقع المواطن الفقير والمغلوب على أمره في كل هذه المعاناة  التي يتعرض لها في رحلة بحثه هذه، وطرق أبواب هذه الفرقة، وتلك الشعبة الحزبية لتسجيل اسمه  في قائمة قد يطول الانتظار لها ..!!.

حال الناس
يقول المواطن أبو محمد الذي أمضى أكثر من ثلاثين سنة من عمره الوظيفي، بعد تردد أراد البوح فيما يعتصره من ألم وحرقة، وهو لا يستطيع أن يقدم أكثر من قدرته على شراء عشرين لتراً من مادة المازوت لأسرة مؤلفة من خمسة أشخاص، نظراً لارتفاع سعر اللتر بحدود 200 ليرة، لفترة زمنية لا تتجاوز الأسبوع في أحسن الأحوال، أي بمعدل وسطي4000 ليرة، وهذا يفوق إمكانياته المادية، بالإضافة لأسطوانة الغاز بمعدل ثلاثة آلاف ليرة، وأيضاً لمدة قد لا تتجاوز 20 يوماً، وهكذا، ويتابع أبو محمد بالقول: ما يزيد الوضع سوءاً وألماً عندما ترى صهاريج محملة بالمازوت تفرغ كل ما لديها لأشخاص، وكأن لا مشكلة، ولا أزمة، ولا نقص بالسيولة، وحتى بالمادة، وعلى قاعدة الظلم بالسوية عدل بين الرعية، وهذا ما نفتقده ونشعر به في ظل هذه الظروف والمعاناة القاسية، ويضيف بأنه في كل مرة يأتي للتسجيل على أسطوانة الغاز يسمع النغمة ذاتها بأن الغاز ليس للتدفئة، وإنما لأعمال الطبخ، وبالتالي لا يعطى المواطن أكثر من أسطوانة خلال عشرين يوماً، وعليه أن يتدبر أمره لأننا في أزمة، وهو القائل: لو كانت “الجلّي” متوفرة- وهي عبارة عن روث البقر– وبالرغم من ضرره الصحي، لما امتنعت عن استخدامه مقابل تأمين التدفئة لأطفالي الصغار، فما بالك بالبحث عن الغاز أو غيره؟!.
كذلك قال المواطن إبراهيم علي من قرى الدريكيش: أنا أستغرب لما تأخرت الجهات المعنية في إيصال مادة التدفئة طوال الفترة الماضية، وانتظرت قدوم موسم البرد الشديد، ولاسيما في قرانا الجبلية لكي تقوم بالعمل على توزيع المازوت من خلال مخصصات قليلة جداً 100 لتر للعائلة الواحدة، ويتابع إبراهيم: صحيح بأن المواطن قد اضطر للجوء إلى نشر الأخشاب من المناطق المحيطة، ومع ذلك فإن شراء الطن الواحد قد وصل إلى حدود 50 ألف ليرة، الأمر الذي يفوق طاقة صاحب أية أسرة متوسطة الحال، وتعتمد على مصدر دخل كالموظف، ولفت إبراهيم إلى أن عمليات التسجيل مخترقة، وليست عادلة على الإطلاق، وأشار إلى أن الكثير من المواطنين قد حرموا من الحصول على مادة المازوت، ولم يحصلوا سوى لمرة واحدة جراء التلاعب بالكميات، وحصول البعض الآخر على أكثر من مستحقاته بعلم وتواطؤ اللجان المستلمة والمعنية، سواء كانت الفرق الحزبية أو غيرها، كما تساءل المواطن عدنان حمد من منطقة الدريكيش عن غياب أعضاء قيادات الشعب عن مواكبة عمليات التوزيع، لاسيما أن بعض أمناء الفرق تدور حولهم الكثير من الشكوك، وعدم المصداقية، وتنظيم قوائم غير صحيحة، ومعدة مسبقاً، ولا تعكس حقيقة الأسماء المدونة فيها، والكميات المسلّمة!.

بيع الفائض
أيضاً في أكثر من حالة سمعنا عن قيام هذه اللجان ببيع الكميات المخصصة لبعض الفرق الحزبية، وتوزيعها للمواطنين بحسب قوائم، ولكن تم بيعها إلى أصحاب معامل وأفران خاصة بسعر يتراوح بين 200 و225 ليرة، تم تقسيمها مناصفة بين السائق وأمين الفرقة الحزبية، أو المعني بعملية التوزيع، والمؤلم أن بعض أمناء الفرق قد برر بيع الكميات المفترض توزيعها للمواطنين بأنه لم يأت لأخذ مخصصاته من مكان التوزيع، ما اضطره لبيع الفائض إلى أحد هذه المعامل، ولكن من المهم السؤال: بأي سعر، ولمن عاد فارق السعر، لاسيما أن المعامل تستجر مخصصاتها بآلية مختلفة، وحتى بسعر أعلى من السعر المدعوم للمواطن.. “أسماء بعض المعنيين موجودة لدينا”؟!.

ولكن الأخطر..!!
في كل هذا “التقتير” فإن المواطن لسان حاله يسأل كيف يتوفر المازوت والغاز في أي لحظة، وبالكمية المطلوبة من خلال ما بات يطلق عليه بالحر أو السوق السوداء من قبل تجار الأزمة من المعتمدين ومن خلفهم وأين الجهات الرقابية والحزبية  المعنية العليا!!.. ومن جانبه قال أحد الرفاق البعثيين القدامى : كان من الخطأ القاتل أن يتم تكليف أمناء الفرق الحزبية والجهاز الحزبي بعملية التوزيع والاستلام لمواد المازوت والغاز، حيث كان الأجدر بالجهات المعنية تكليف البلديات والجمعيات الفلاحية وغيرها  من المخاتير بهذه القضايا والتي تحمل في الكثير من الأحيان شبهات الفساد الأمر الذي يسيء بشكل مباشر لسمعة الحزب وتاريخه، وكان بالإمكان أن يكون دوره المراقب والمتابع بشكل غير مباشر من دون أن  يتم إقحامه  بهذه المسؤولية، وبدورهما قال كل من الرفيق سمير خضر أمين شعبة المدينة الثانية، والرفيق علي شعبان، أمين شعبة المنطقة الثانية للحزب، بأن عمليات التوزيع تجري بشكل اعتيادي وقد تحصل بعض المشاكل نعمل على معالجتها بوقتها ولا نسمح بوجود  أي تجاوزات سواء فيما يخص مادة الغاز أم المازوت، حيث تم تسليم الأحياء ضمن قطاع شعبة المدينة الثانية بحدود 28800 ألف اسطوانة غاز شهرياً، في حين الحاجة الفعلية أكثر من 40 ألف أسطوانة، كذلك يتم تسليم قطاع الشعبة ما يقارب 80 ألف ليتر مازوت للتدفئة في حين تشكل الحاجة الفعلية أكثر من 200 ألف ليتر، وذلك لتأمين كافة طلبات المواطنين ونأمل زيادة الكميات المخصصة خلال الفترة المقبلة، وبخصوص قطاع شعبة المنطقة الثانية فأشار أمين الشعبة إلى أن الحاجة الفعلية لقطاع الشعبة من مادة الغاز المنزلي إلى أنه تم توزيع خلال شهر كانون الأول الماضي حوالي 42 ألف أسطوانة في حين الحاجة الفعلية أكثر من 58 ألف أسطوانة، كما تم توزيع حوالي  652 ألف ليتر من مازوت التدفئة في حين الحاجة الفعلية أكثر من مليون و380 ألف ليتر، كما تم توزيع حوالي 35,500 ألف ليتر مازوت لأغراض المشاريع الصناعية والحاجة الفعلية أكثر من 190 ألف ليتر.

زيادة المخصصات
من جانبه رأى ثائر العاتكي، عضو المكتب التنفيذي المختص، بأنه يجب زيادة مخصصات المحافظة من المشتقات النفطية، نظراً لكون الكثير من الشركات الاقتصادية مثل مرفأ طرطوس الذي يعمل لخدمة القطر بالكامل، وهو يأخذ ما يخصص له من مخصصات المحافظة، كما أن طرطوس تشكل نقطة عبور لشاحنات الترانزيت، وغيرها، ووجود مئات آلاف العائلات السورية الوافدة، ووجود بعض المنشآت الصناعية المحدثة أو التي هي قيد التنفيذ والإنشاء، فليس من المعقول ألا يتم تأمين ما تحتاجه أو يتم احتساب حاجتها من مخصصات المحافظة، وجميعها بالمجمل تأخذ مما يتم تخصيصه لطرطوس، وهذا ظلم كبير وقد أثر سلباً على نصيب المواطن، ولا سيما من مادة المازوت، ومن دون الأخذ بعين الاعتبار كل هذه العوامل   والمبررات الموضوعية.

الوضع المستهجن
أمام هذا الوضع الشاذ والمستهجن لبعض أمناء الفرق الحزبية المعنية، فإننا نضع كل هذه المخالفات المرتكبة أمام الرفيق مهنا مهنا، أمين فرع الحزب لمحاسبة كل مرتكب ومتجاوز لمهمته الحزبية، وما يلحق من  إساءة متعمدة بسمعة الجهاز الحزبي على مستوى المحافظة..!! كما أننا نضعها أمام المحامي  صفوان أبو سعدى، محافظ طرطوس، للتحقيق في كل هذه التجاوزات، وإحالة من تثبت التهمة عليه إلى القضاء لينال جزاءه العادل، وكفى المواطن هذه المعاناة، في حين يأتي بعض المتاجرين والفاسدين لحرمانه من مواد كثيرة تؤمنها له الدولة.

لؤي تفاحة