65 بالمائة من مياهه العابرة تذهب هدراً ومحاصيله الزراعية نجوع لها وإليها..؟! منذ تجفيفه منتصف الستينيات.. سهل الغاب يغرق شتاء ويعطش صيفاً

65 بالمائة من مياهه العابرة تذهب هدراً ومحاصيله الزراعية نجوع لها وإليها..؟! منذ تجفيفه منتصف الستينيات.. سهل الغاب يغرق شتاء ويعطش صيفاً

أخبار سورية

الأحد، ٨ يناير ٢٠١٧

 يبدو أن وزارة الزراعة تناست القضية الجوهرية على مستوى محافظة حماة ومؤداها عملية الغمر التي تطال المساحات الزراعية في سهل الغاب والتي تحول في كثير من الأحيان تنفيذ الخطة الزراعية المقررة إلا بعد حين، في وقت تصر على بند وحيد مخصص في جدول أعمال اللجنة الزراعية ألا وهو حث المزارعين على زراعة أراضيهم، خاصة تلك الواقعة تحت سيطرة الحكومة دون الولوج في تفاصيل أخرى إلا ما يستجد من أمور؟!.
منذ منتصف الستينيات مازال سهل الغاب يغرق شتاء ويعطش صيفاً عبر محاصيله الاستراتيجية الهامة، حيث تعبره 65 بالمائة من المياه التي تذهب هدراً إلى البحر وتتم الاستفادة من 35 بالمائة فقط، وهذا التقييم قدمته وزارة الزراعة مع بداية الأزمة، ما يبيّن أنه ليس لدينا أولويات فغالباً ما تأتي المطالب مجتمعة حزمة واحدة وإما ألا تأتي. “نريد زراعة كل شبر في سورية” شعار في غاية من الأهمية والضرورة الملحة لكن يقابل ذلك ضرورة الاستفادة من كل قطرة مياه تعبر أو تسقط وهو شعار كان طرح منذ منتصف السبعينيات فلا زراعة منتجة وغلة وفيرة بلا مياه كافية.
وهذا يعني بالضرورة تأمين المياه اللازمة لهذه الزراعات أولاً وليس العكس وألا نبقى تحت رحمة الهطولات المطرية، بمعنى أوضح أن تحاول الجهات المعنية إقناع من هو مقتنع بالعودة إلى القطاع الزراعي والعمل فيه.
مدير هيئة تطوير سهل الغاب المهندس غازي العزي قال: دائماً نقع أسرى أمرين هنا في سهل الغاب إما أمطار غزيرة تغرق الأراضي الزراعية وتغمر المحاصيل وإما قلتها صيفاً عند حاجتها لإرواء المزروعات، فالغلة الوفيرة وزيادة الإنتاج تحتاج إلى التوافق بين الأمرين الاثنين، فالأمطار التي هطلت قبل أيام غمرت الأراضي الزراعية بما فيها المحاصيل، ما ألحق أضراراً بالغة بها وبمزارعيها، ولم نستطع حتى الآن حصرها، فالأمر يحتاج لعدة أيام ريثما تنخفض مناسيب الغمر والمستنقعات المائية، والأهم من كل هذا وذاك فتح بوابات القرقور لتصريف المياه، مشيراً إلى أنه تمت زراعة 20 ألف هكتار بالقمح من أصل 56 ألف هكتار هي الخطة المقررة في مجال سهل الغاب وزاد على ذلك أنه يمكن للمزارعين العودة إلى أراضيهم دون تحريض أو طلب من أحد فلا يوجد مزارع لا يريد زراعة أرضه؟.
كثيراً ما تأتي المستلزمات الزراعية في الوقت غير المناسب، فالتسعير يأتي متأخراً، وكذلك الأسمدة وعدم أخذ أسعار التكلفة بعين الاعتبار فأي تسعير يجب زيادة 25 بالمائة فوق ذلك ليشكل هامش ربح، فليس هناك تحفيز مهم للمزارعين أكثر من ذلك.
من جهته يذكر مدير موارد حماة المائية أزهر أزهر أن معلوماته “التازة” تشي أن بوابات القرقور قد تم فتحها لتصريف أكثر من 13 مليون متر مكعب من المياه العالقة في البوابات الواقعة تحت سيطرة الإرهابيين، مبدياً قلقه من الانخفاض الكبير وغير المسبوق في تدني نسبة تخزين المياه في السدود والتي لا تتعدى الـ 20 مليون متر مكعب من أصل 230 مليون متر مكعب، فمازال الوضع مقلقاً لجهة تزويد محاصيل الخطة الصيفية بما تحتاج إليه من المياه، إلا أن سد محردة له خصوصيته، حيث تبلغ نسبة التخزين فيه إلى 33 مليون متر مكعب.
باختصار الكل يتحدث عن القطاع الزراعي لما يشكله من رافعة للاقتصاد الوطني وتأمين الأمن الغذائي، وهذه خطوة تستحق التقدير لكن لا يمكن أن يتم ذلك بمنأى عن توافر مستلزمات القطاع بما يكفي فعلاً لا قولاً ولعلنا هنا ندفع ثمن السياسات الزراعية الحكومية الخاطئة التي أغفلت الاهتمام بالسدود لتخزين المياه، خاصة في السفح الغربي من سهل الغاب كما كان مقرراً قبل الأزمة والبالغة سعتها 40 مليون متر مكعب، أما أن يبقى المعنيون يطالبون بعودة العاملين في الزراعة إليها، فهذا لا يحتاج إلى دعوة وإضاعة الوقت فهم يحاولون إقناع المقتنع أساساً.