إسقاطات حياتية على صفحات التوقعات بأبراجها المتعددة.. وتنازع بين حقائق الماضي وتطلعات القادم الجديد

إسقاطات حياتية على صفحات التوقعات بأبراجها المتعددة.. وتنازع بين حقائق الماضي وتطلعات القادم الجديد

أخبار سورية

الجمعة، ٣٠ ديسمبر ٢٠١٦

“تتعرض لأزمة مالية، ستؤجل مشروعاً كبيراً، هناك ارتباط عاطفي ..” وغيرها من التوقعات التي تنتشر بين الفلكيين في مثل هذا الوقت من كل عام، فيترافق حلول رأس السنة في كل عام مع سيل متدفق من التوقعات التي يتسابق علماء الفلك ليلقونها علينا عبر شاشات الفضائيات والمواقع الالكترونية وغيرها من وسائل الإعلام، ممتدين خارج الحدود الشخصية إلى مجالات أخرى كالسياسة والاقتصاد، فإحداهن مثلاً تتوقع لنا حدوث حرب في العام المقبل، بينما آخر ينفي متوقعاً السلام ومصالحات عربية… بعض الناس يصدقون ما يقوله لهم “علماء التنجيم” ويتبعون خرائطهم ويحرصون على استشارتهم في كل شؤون حياتهم، بينما يرفضهم آخرون ويتهمونهم بـ”الدجل” ويتعاملون معهم من باب التسلية.

إرضاء للنفس
اعتبرت إحدى الدراسات الحديثة أن قراءة الأبراج ظاهرة غير صحية على جميع فئات المجتمع الذين يتوقون لمعرفة مستقبلهم، واعتبرت أن ما يعانيه الشباب على الخصوص حالياً من أزمات في العمل وفي العاطفة وأيضاً في التواصل يسبب الإرهاق اليومي، ما دفعهم إلى الهروب لقراءة الأبراج بدافع التسلية، حسب تعبيرهم، وإنما هو إرضاء للنفس ويعقبه تأثير نفسي لاشعوري سلبي، وذلك سيجعله يعتمد فقط على ما يقال في الصحف والمجلات التي تتوقع الحظ لسنة بأكملها ويجعله يسير حياته اليومية انطلاقاً من برجه، واعتبرت الدراسة أن هؤلاء الأشخاص نفوسهم ضعيفة، وهذا الشخص يبقى مهيأ بشكل دائم وأرضية خصبة لتقبل ما يقرؤه، معتبراً ذلك أمراً سلبياً على عزيمة الشخص وقوة إرادته إلى أن يصبح إدماناً دون تعميم، واتهمت الدراسة وسائل الإعلام بالترويج لمثل هذه الأكاذيب، انطلاقاً من دوافعها التجارية بالدرجة الأولى.

موجات إيجابية وسلبية
وعن علاقة الفلك والكواكب بحظ الإنسان قسّم لنا الأستاذ نزار خليل “قسم الجغرافية” علم الفلك إلى قسمين رئيسيين الأول يختص بدراسة الظواهر الطبيعية كالخسوف والكسوف وغير ذلك، أما القسم الثاني فهو التنجيم وهو مستمد من القسم الأول ومدون بجداول، ويختص بحركة الكواكب حيث يأخذ المنجم هذه الجداول ويترجمها على أرض الواقع ويربط الأحداث الحالية والمستقبلية بالأحداث السابقة، وعلم الأبراج والتنجيم له علاقة بعلم آخر هو علم الرقم فعند تحليل شخصية إنسان نأخذ بتاريخ الميلاد اليوم الشهر السنة ونقلص هذه الأرقام إلى أعداد صحيحة ونطلق على كل رقم اسم كوكب ولكل برج كوكب معين، مثلاً كوكب الحمل هو المريخ ورقمه بين الأرقام الصحيحة 9 ، وعن مقدرة المنجم على التنبؤ بالمستقبل قال خليل “لا يطلق على قراءة الأبراج بالنبوءات بقدر ما هي توقعات حيث أن النبوءة لها أسس وقواعد روحانية كالوحي الذي كان ينزل على الرسل وهذا يدخل في باب المعجزات وهي ليست موجودة حالياً، لكن ما يقوم به المنجم هو توقعات كعمل الراصد الجوي تماماً، وقد تكون هذه التوقعات غير صائبة في بعض الأحيان”، وفي رده على كيفية تأثير الأبراج على حياة الإنسان، أوضح خليل أن “الكوكب هو مخلوق يحتوي على أبخرة وغازات وأتربة والكواكب تعكس موجات أو ذبذبات كهرومغناطيسية تنتشر بالفضاء وتؤثر على الإنسان فالقمر بحد ذاته يشكل موجة جذب إيجابية أو سلبية حول الأرض يقطع فيها المسافة بمدة 28 يوماً تقريباً، يمكث خلالها يومين وثماني ساعات في كل برج، وتؤثر ذبذبات القمر أول شيء على السوائل، ومن المعروف علمياً أن الأنهر والشلالات تتدفق بشدة وقت اكتمال القمر، وهناك أيضاً ظاهرة المد والجز التي يسببها القمر، والأرض تشكل 70% منها سوائل و30% يابسة، جسم الإنسان كذلك يتكون 70% منه سوائل تتأثر بالقمر مثل باطن الأرض، الأمر الذي يؤثر على سلوك الإنسان ومشاعره، فخلال اكتمال القمر تتدفق مشاعر الإنسان كما تتدفق المياه في الأنهر.

وهم الأبراج
إن المستقبل يشكل حالة ضبابية بالنسبة للإنسان، وحالة غير مضمونة بالتالي يبحث الإنسان أحياناً عن بعض المخارج لأزمات يعيشها من خلال تعلقه بما سيحدث في المستقبل، برأي الدكتورة رشا شعبان “علم اجتماع”، فكلما اشتدت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية كلما ازداد تعلق الإنسان بوهم الأبراج لأنه يعتقد واهماً أنها ستتنبأ بما سيحصل بالمستقبل حتى لو كان يعرف ضمنياً أنها كاذبة، ولكن يريد أن يأخذ جرعة من الأمان المزيف، لكن مسألة الأبراج تتعلق بحالة هامة، وهي هل الإنسان يصنع الحدث أم الحدث يصنعه، وبالتالي فإن الإنسان المؤمن أنه هو الذي يصنع المستقبل سيستطيع تحويل ما سمعه من أشياء إيجابية إلى أشياء واقعية، بالتالي تأثير البرج يكون بعدياً وليس قبلياً، وأوضحت شعبان أن الإنسان بعد أن يسمع أي شيء إيجابي سيساهم في صناعة مستقبل جيد، أما الإنسان المتشائم يعيش حالة النكوص للوراء وأسير الماضي، فإذا سمع أي شيء سلبي فإنه يعجز تماماً عن تغيير الحدث، والإنسان المتشائم هو غير المؤمن بقدرته على تغيير الأحداث، من هنا نقول إنه علينا أن نكون متفائلين، منطلقين من إيماننا بأننا نحن من نصنع الأحداث، والبرج لا يقدم لنا سوى بعض الشحنات الإيجابية، والشخص المدمن على سماع الأبراج هو ذو شخصية مهزومة لا تستطيع تقبل واقعها، وشخصية استسلامية، بالتالي فإن على الإنسان الوثوق بنفسه وبقدرته على تغيير مجريات الأمور وليس العكس.
ميس بركات