دور مؤسسات التدخل الإيجابي في الأزمة غير إيجابي ..أسعارها مرتفعة ومتفاوتة وبعض صالاتها مازال مؤجراً

دور مؤسسات التدخل الإيجابي في الأزمة غير إيجابي ..أسعارها مرتفعة ومتفاوتة وبعض صالاتها مازال مؤجراً

أخبار سورية

الأربعاء، ٢٨ ديسمبر ٢٠١٦

 يسرى ديب – ميليا إسبر
تحمّل المواطن عبء خسائرها وترهل أدائها في أيام السلم على أمل أن يجدوها عند الحاجة والضرورة فهل كانت مؤسسات التدخل الإيجابي اسم على مسمى خلال الحرب؟
ألم يكن سعرالسلع التي وصلت عن طريق الخط الائتماني الإيراني أرحم بمئات المرات من سياسة التسويق التي اتبعتها مؤسسات التدخل الإيجابي؟
للحقيقة دور مؤسسات التدخل الإيجابي لم يكن إيجابياً، فلكل مؤسسة آلية عمل تختلف عن الأخرى من حيث التسعيرة، رغم أن المستهلك يعتقد أنه يتعامل مع جهة واحدة، وإن كانت مؤسسة الخزن والتسويق تفوقت على القطاع الخاص في الكثير من أسعار سلعها.
طريقة عمل المؤسسات الثلاث (الاستهلاكية ، الخزن والتسويق ، سندس) سقف الطموح فيها التنافس مع القطاع الخاص، وغالباً ما يكون هذا غير متاح أيضاً،  ففي أغلب السلع تتساوى التسعيرة مع القطاع الخاص وأحياناً كثيرة تفوقه والأمثلة على ذلك كثيرة وهناك عشرات السلع التي سنذكر بعضها لاحقاً، بل إن المؤسسات تحدد أسعارها عن طريق سبر السوق ثم تضع التسعيرة الجديدة للسلع ذاتها القابعة على الرفوف.
ليس هذا كل شي، ولكن الطامة الكبرى أن تكتشف أن بعض مما اشتريته من سلع مغشوش وأنت تعتقد أنك تتسوق من جهة عامة يفترض أن  تكون حالات الغش فيها من الكبائر..
أبو يوسف يؤكد أنه دفع 40 ألف ليرة ثمن تصليح غسالته التي تعطلت بعد استخدام مسحوق مغشوش اشترى منه أكثر من عبوة من إحدى هذه المؤسسات.
ومن الاختراعات الأكثر رداءة أيضاً طريقة استثمار مؤسسة الخزن والتسويق مساحاتها لبيع القرطاسية بأسعار فاقت القطاع الخاص.
في المقابل يقول القائمون على هذه المؤسسات: كيف لنا أن نعمل بطريقة تساند المستهلك، ونكون ضابطة للسوق لا متأثرين به، وما زالت آلية  العمل والقيود ذاتها من جهة، والأهم أن الاستيراد غير متاح وهو ما يمكن أن يحقق فرقاً نوعياً في السعر.

في الصالات
منذ بداية الأزمة وواقع عمل مؤسسات التدخل الإيجابي يشبه الكثير غيرها من شركات القطاع العام التي همشتها سياسة اقتصاد السوق الاجتماعي ودفعتها للبحث عن بدائل، وما استمر منها كان دون المستوى في هذه الحرب. وكي لا يظل الكلام نظرياً فقد دققنا في أسعار السلع في جولات متعددة على الصالات وكانت كالتالي من حيث تفاوت السعر بينها وارتفاع التسعيرة عن القطاع الخاص:
مادة طون الدلتا 350 ليرة في الاستهلاكية، و420 ليرة في صالة29 أيار التابعة لسندس، العدس المجروش «معدنللي» 590 ليرة في الاستهلاكية و690 ليرة في الخزن.
وكما يفعل التاجر عندما يشتم رائحة رفع أسعار يرفع تسعيرته لأنه سيعيد شراء السلعة بسعر جديد كما يقولون، كذلك تدار السلع في مؤسسات التدخل الإيجابي، مثلاً سمنة كلارا ارتفع سعرها من 1750 ليرة إلى نحو 2250 ليرة في ظرف أسبوع تقريباً، في فترة كانت تباع فيها بسعر أقل بنحو 100 ليرة في القطاع الخاص!
يقول أبو باسل أحد المتسوقين من المؤسسات: إن ما تعلنه المؤسسات على الشريط الإخباري يتحدث عن فوارق سعرية عن السوق تصل إلى 50- 70%، كما في فترة رمضان الفائت، وأن بعض المواد تباع بسعر التكلفة، بينما في الواقع لم تكن الفروقات السعرية تتجاوز 2%، كعلبة الحلاوة التي انخفض سعرها من 700 ليرة قبل رمضان لتصبح  في مهرجان رمضان التسوقي، حيث شعار «الأسعار المحطمة» 683 ليرة، أما كيلو غرام الطحينية فقد انخفض من 1120 ليرة إلى 1090 ليرة!
لم يكن حال السلة الغذائية التي تم تسويقها في رمضان بأفضل حالاً يقول أبو باسل إن نصفها عصائر وتمر هندي غير معروفة المصدر، وجل الفائدة منها ليتران من الزيت.
ليست جمعية خيرية
لماذا لم تعمل المؤسسة الاستهلاكية بطريقة مختلفة خلال الحرب؟
مدير عام المؤسسة الاستهلاكية عمار محمد قال: إن مؤسسات التدخل الإيجابي ليست جمعية خيرية بل هي مؤسسة ذات طابع اقتصادي.. وتساءل: ماذا لو كانت هذه المؤسسات غير موجودة؟
فهو يرى أن وجودها هو من حمى الاقتصاد الوطني والمواطن، وأنه كان بالإمكان أن تقوم بدور أكبر لو كانت مؤهلة أكثر.
وعن المطلوب ليكون دورها مختلفاً ويفوق القروش  التي يتم الحديث عنها قال محمد:  تم رفع طلبات للحكومة يمكن أن تجعل دورها مختلفاً كإعفاء المؤسسات  من الرسوم المالية، حيث يتم تحويل نسبة  2% رسوماً للمالية عن كل مادة تباع في الاستهلاكية، الأمر الذي يدفعهم لرفع التسعيرة على المواد بنسبة 3-5% من أجل الاستمرار في منافسة القطاع الخاص كما أضاف!
ويرى أنه من المشكلات أيضاً  وجود الصالات المؤجرة التي يستغل المواطن من خلالها، علماً أن هذه الصالات موجودة في مواقع مهمة ومستباحة، لذلك هناك قرار بعودة جميع الصالات المؤجرة الأمر الذي يزيد من نشاط المؤسسات.
ولكن لكي تكون ذراع الدولة حقيقية في السوق لا بد من السماح بالاستيراد والتصدير ، والعمل على التسوق من المنتج حصرياً، وإعطاء المؤسسات صلاحيات العمل المعطاة لتاجر السوق سيعطي المزيد من المرونة لآلية العمل.


انعطافة
مؤسسة سندس كانت معنية بتسويق المنتجات النسيجية، ومع الأزمة حصلت انعطافة نقلتها من العمل بالنسيج إلى المواد الغذائية وملأت رفوفها بمواد غذائية ينطبق عليها ما ينطبق على زميلتيها الأخريين، وفي 2014 صنفت ضمن مؤسسات التدخل الإيجابي المطالبة  بتأمين المواد الغذائية بعد انعطافة سابقة عملت فيها في تجارة الكهربائيات والعصرونية والمواد الإلكترونية.
المدير العام لمؤسسة توزيع المنتجات النسيجية «سندس» محمد العمري يرى أن المؤسسة حافظت على السوق من الفلتان، ولكن لأنها مؤسسة عامة  تحاسب على الربح والخسارة، كانت نسبة أرباحها لا تتجاوز 5% ومع النفقات تصبح نسبة الربح لا تتجاوز 1%.
لسندس 67 صالة خرج منها 31 صالة ، صالتها الأبرز 29 أيار تعاني ما تعانيه مثيلاتها: سلع قليلة، أسعار تضاهي السوق، عدد موظفين قليل، كان بعض المتسوقين يشتكون غياب التسعيرة والموظف الذي يرد على التساؤل، بينما كانت أخرى تؤكد أن أسعار ما تراه من سلع يفوق ما تسوقته من السوق.
لا يخفي العمري مشكلة نقص العمالة حيث أكد أن الحرب تسببت في نقص نحو 250 عاملاً من أصل 600 عامل وهذا العدد لا يكفي لأن تشغيل مركز واحد يحتاج لنحو 4-5 عمال كحد أدنى أما حالياً فيشغل عاملين فقط .
ويرى العمري أنّ صعوبات عمل المؤسسات ستستمر ماداموا يتنافسون مع المنتج نفسه المعروض في السوق،فالمنتج تأخذه المؤسسات من السوق الداخلية وتالياً ننافس السوق الذي يطرح منتجاته ويسوقها بمرونة أعلى.
السعر الأعلى
دورها تسويق المنتجات الزراعية، ولكن طوال فترة الحرب يشتكي المنتج والمستهلك معاً من معادلة حلها يفترض أن يكون ممكناً بتدخل حقيقي لمؤسسة الخزن والتسويق  التي انتقلت من اختصاص تسويق الخضر والمنتجات الزراعية إلى تسويق المواد الغذائية وبتسعيرة نوعية خاصة بها، ليس هذا فقط بل كانت تسعيرة الدفاتر المدرسية التي خصصت لها مساحة أمام صالات الخزن والتسويق أعلى من مبيع القرطاسية في القطاع الخاص، مثلاً كان سعر دفتر « 200 ورقة»  550 ليرة، ومع توالي الأسئلة خفض إلى 450 ليرة حيث سعر السوق، وعند الاستفسار من الإدارة في الفرع تذرعوا الحديث بأن هؤلاء قطاع خاص، ثم تغير الكلام إلى أن هذه التسعيرة هي الرائجة!
مؤخراً تصدت الخزن والتسويق لمهمتها القديمة وقامت الدنيا ولم تقعد احتفالاً بإنجاز يقوم على فكرة تسويق الحمضيات التي يتركها الفلاحون على أشجارها لتدني أسعارها في أسواق الهال، وتم تسويق نحو 300 طن حمضيات تم شراؤها من الفلاحين بأسعار لم تتجاوز 50 ليرة، وطبعاً كمية كهذه من أصل إنتاج يفوق المليون طن لن تحدث أي تأثير في أسعار المنتج حتى لو تم شراء الكيلو بأكثر من 100 ليرة.
لماذا تتفاوت؟
معاون وزير التجارة الداخلية جمال شعيب يرى أن مؤسسات التدخل الإيجابي خلقت التوازن في السوق، ولكن هناك معاناة كثيرة نتيجة العقوبات الاقتصادية التي حالت دون الاستيراد، ليقتصر الأمر على  حصول المؤسسات من المنتج أو المستورد على ما نسبته 15% من نسبة مشترياته من السكر والرز بسعر الجملة، ليعاد طرحه في السوق بسعر يقل عن السوق بنحو 10- 15%. أضاف شعيب أنه ليس من المسموح بأن تبيع المؤسسات بسعر يقل عن 5% فقط عن سعر السوق! وهذه النسبة فرضت في الأزمة.
وعن سبب تفاوت التسعيرة بين صالات مؤسسة وأخرى قال إنها أصبحت تعمل بمضاربات مع بعضها الأمر الذي أظهر أسعاراً مختلفة، ومن هنا جاءت فكرة وضرورة عودة كل مؤسسة للعمل باختصاصها، وأن يتم استثمار الصالة تبعاً للشكل الأنسب والأمثل بالتزامن مع قرار الدمج الذي يتيح العمل تحت إدارة واحدة تساهم في توحيد أسعار مبيع المواد وشرائها.
وبحسب شعيب هناك مواد أساسية تعد خطاً أحمر يمنع التلاعب بسعرها كالزيت والسمنة والرز والبقوليات، وهذه المواد يجب أن تكون أسعارها أقل من أسعار السوق،ونحن نتساءل فهل هذا الخط الأحمر حقيقي ومطبق؟
وأحياناً كما يضيف شعيب توجد مواد بسعر السوق نفسه، لأن المستودعات تكون قد فرغت وتالياً عليهم الشراء من السوق، وأكد أن الحل الأمثل هو السماح للمؤسسات بالاستيراد مباشرة وهذا سيساهم في تخفيض التكاليف، وأكد أن هناك نية لمباشرة عمليات الاستيراد بعد الحصول على الموافقات  اللازمة للاستيراد من الدول الصديقة، وقد وجهت الحكومة بذلك في آخر اجتماع للجنة السورية الروسية، حيث طالب الجانب السوري باستيراد المواد الغذائية  الأمر الذي تجاوب معه الجانب الآخر، ويعتقد أن تطبيق الإجراء سيخفض الأسعار بنسبة تتراوح بين 10- 20%، تماماً كما ساهم الخط الائتماني بين سورية وإيران بتخفيض الأسعار، ولكنه توقف.
مساحة محدودة
يقدر شعيب النسبة التي تغطيها مؤسسات التدخل الإيجابي بنحو 30% من حجم السوق، في حين يرى مدير سندس العمري أن النسبة لا تتجاوز 5% من حجم السوق في كل القطر، ويرى العمري أنه إذا وصل دورها لنسبة 20% يمكن أن تحدث أثراً في السوق يعطيها الدور الإيجابي!
وكما ينتظر القائمون على إدارة  هذه المؤسسات قرارات الاستيراد المباشر، هناك قرارات صدرت ولكن لم تكن المرة الأولى التي يتم العمل بها كقرار إعادة كل مؤسسة للعمل في اختصاصها مع بداية العام القادم، وكذلك إعادة هيكلة هذه المؤسسات وجمعها ضمن مؤسسة واحدة أو جهة إشرافية واحدة. فهل ستتمكن هذه المؤسسات من تحقيق فرق نوعي بهذه الاجراءات؟ نأمل ذلك.
من الكبائر
هل مسموح للمؤسسات العامة أن تبيع سلعاً مغشوشة؟ أغلبية الناس اعتادت أن تتعامل مع كل ما تقدمه الجهات العامة بثقة مطلقة، لكن هل كان الحال هكذا ضمن هذه الصالات؟
يقول مدير الاستهلاكية: يمنع منعاً باتاً وضع أي مادة غذائية على الرفوف إلا بعد تحليلها في المخبر المركزي، وتؤخذ الكمية كلها وتوضع في مستودعات تابعة لهم كي لا يتم التلاعب بمواصفاتها، و هناك طرق جديدة في التعامل مع التحاليل، و في الفترة السابقة كان يتم أحياناً التعامل مع بضائع غير معروفة، في حين ينفي معاون الوزير شعيب وجود مواد مغشوشة، لأن المواد تحلل ويتم سحب المواد المخالفة عندما تكون نتائج التحليل غير مطابقة..وعن وجود حالات مؤكدة لمواد غير مطابقة كمواد التنظيف قال شعيب: من الممكن أن يحصل غش مصادفة، كأن يكون التاجر قد سلم دفعة جديدة تختلف مواصفاتها عن الأولى، وعندما يحصل غش وتتم معرفته تسحب العينة من الأسواق وتصادر البضاعة، ثم يحال صاحبها إلى المحكمة، كما حصل مع مادة زيت الزيتون الذي اشترته الاستهلاكية في سنوات الحرب.
مدير المخبر المركزي سليمان عيسى أكد أن أهم مشكلات التجار عند التحليل هي ارتفاع تكاليف مواد التحليل وتالياً قيمة التحاليل، إذ إن من يشتري بضاعة بقيمة مليون ليرة، قد تصل تكلفة تحاليلها إلى نصف مليون ليرة، وأكد أن نسبة المطابقة تتراوح عموماً بين 70- 80%.
وعن عدد التحاليل التي أجراها المخبر المركزي منذ بداية العام وحتى نهاية الشهر الماضي أكد أنها بلغت نحو 10 عينات من فرع دمشق للاستهلاكية كان نصفها مخالفاً، والنصف الآخر مطابق للمواصفة، ومن ريف دمشق 50 عينة 7 منها كانت مخالفة، أما المؤسسة العامة للخزن والتسويق فقد حللت 24 عينة ، اثنتان منها مخالفتان.
صوت المستهلك
كان لمجلس الشعب الكثير من المداخلات التي تتحدث عن الدور السلبي لهذه المؤسسات:
عضو مجلس الشعب مجيب الدندن رأى أنه لم يكن لهذه المؤسسات نصيب من اسمها، فهي لم  تلعب دورها الأساسي  خلال الحرب بتخفيض أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، وكان من المفترض أن تكون أسعارها أقل من السوق.
كما أن إعطاء إدارة هذه الصالات إلى متعهدي القطاع الخاص انعكس سلباً على المواطن وساهم في ارتفاع الأسعار أكثر من السوق.
فلا يوجد أي مادة بأي مؤسسة من مؤسسات التدخل الايجابي سعرها أقل باستثناء مادة السكر التي تباع بأقل من السوق وبنسبة لا تتجاوز 5%.
ورأى أنه قبل الأزمة كان توجه الاقتصاد نحو اقتصاد السوق الاجتماعي لذلك بدأت الدولة التخلي عن دعم بعض المواد باستثناء الخبز – المازوت – الكهرباء  وأعطت إدارتها  للقطاع الخاص، أما خلال الأزمة فالوضع اختلف ويجب أن تمارس هذه المؤسسات دورها في تخفيض الأسعار ومنافسة السوق، وطالب الدندن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بإعادة إدارة هذه المؤسسات إلى القطاع العام إضافة لضخ الكثير من المواد الأساسية والغذائية في الصالات بهدف تخفيض الأسعار.
أمين سر جمعية حماية المستهلك بدمشق الدكتور جمال السطل يرى أنّ فكرة تهميش القطاع العام كانت غير منصفة عند التوجه  إلى اقتصاد السوق الاجتماعي، وأضاف أن تنشيط الخاص لا يعني الاستغناء عن القطاع العام بل يجب أن يبقى إلى جانبه لحين الحاجة ، لكن ما حصل أنه في زمن الرفاهية لم يتم تطوير هذه المؤسسات ليكون دورها أفضل عند الحاجة كما في هذه الحرب.
في حين أكد رئيس جمعية حماية المستهلك عدنان دخاخني أنه كان يجب تحييد أسعار المؤسسات عن سعر الصرف، لكن المشكلة أن هذه المؤسسات لم تكن لها ميزات خاصة، لتقدم منتجاً بسعر خاص ولا ندري ما المشكلة خاصة أن الحكومة تتبع سياسة سحب الدعم التدريجية.
كيف يكون؟
الخبيرة الاقتصادية د. لمياء عاصي تقول:  تم إحداث هذه المؤسسات, لتلعب دوراً مساعداً للتدخل في السوق إيجابياً وتوفير السلع للمواطنين بأسعار مناسبة، والمنافسة في الأسواق  وإعادة التوازن للأسعار وتحقيق الريعية الاقتصادية وخصوصاً في مثل الأزمة التي نمربها…وترى د. عاصي أنه ليرتقي أداء تلك المؤسسات يجب أن تحقق  النقاط الرئيسة التالية:
*أن تتمتع المؤسسات  ببنية تنظيمية قوية متشابهة مع بنية الشركات الخاصة  المشابهة وتعتمد نظام عمليات حديث ومتطور.
* أن يتمتع  العاملون فيها  بالمؤهلات والتدريب اللازم, وأن تكون مختلفة عن بقية مؤسسات القطاع العام،  وأن تكون الرواتب متناسبة مع درجة التأهيل والخبرات المطلوبة.
*إعطاء هذه المؤسسات الاستقلالية اللازمة  لتعمل  كتاجر من دون العودة إلى الجهات الوصائية في العمليات الإجرائية  ومحاسبة تلك المؤسسات  وفقاً لأعمال المتاجرة  والنتائج النهائية  وبطريقة القطاع الخاص.
* إعطاء المؤسسات الحق في ممارسة الأعمال التجارية بكل أنواعها  متضمنة الاستيراد والتصدير  تماماً كما تقوم بذلك مؤسسات وشركات القطاع الخاص, وإخضاعها في تعاملاتها لقانون التجارة. وعن أهم الأخطاء التي ارتكبت وأثرت سلباً في عمل هذه المؤسسات  ذكرت د. عاصي  اللجوء إلى إعطاء  بعض المراكز التجارية التابعة لهذه المؤسسات  للاستثمار من قبل القطاع الخاص,  وفي هذه الحالة  تفقد المؤسسات سيطرتها على أسعار السلع ولا تستطيع أن تلعب دور التدخل الإيجابي في الأسواق .
كذلك البيروقراطية الشديدة في نظام  العمليات في هذه المؤسسات, ما يجعل ردود أفعالها تجاه السوق بطيئة وغير كفوءة، وأيضاً تدني  رواتب العاملين في تلك المؤسسات ومؤهلاتهم  وخبراتهم, وزيادة أعدادهم ما يجعلها متخمة بالبطالة المقنعة وما لها من تأثير سيئ في الأداء العام لتلك المؤسسات، وعدم تغطية فروع هذه المؤسسات للأرياف بالشكل الكافي.
أضافت د.عاصي أن كل المواطنين شعروا بأن  مؤسسات التدخل الإيجابي الثلاث  لم تستطع الارتقاء إلى المستوى الذي كان مأمولاً منها, كذراع للدولة للتدخل إيجابياً في السوق, حسب قانون إحداثها,  وهدفها المتمثل بتوفير السلع للمواطنين بأسعار معقولة ورخيصة نسبياً, بمعنى  آخر أن تكون منافسة وأرخص من القطاع الخاص, كما أنها  لم تستطع تقديم  الحماية للمستهلكين من  اضطرابات السوق  سواء لجهة الأسعار أو ندرة المواد, بل كانت مثل القطاع الخاص لا تتميز عنه بشي، رغم أنه  لا أحد يمكنه إنكار الدور الإيجابي ولو جزئياً لهذه المؤسسات.. ولكنها بقيت أضعف من أن تتصدى للمهام المطلوبة منها في ظل الأزمة التي تمر بها  بلدنا.