من جعبة الشتاء بحث دائم عن حلول بديلة في غياب المحروقات وأفكار لقهر البرد وإعادة الدفء ..

من جعبة الشتاء بحث دائم عن حلول بديلة في غياب المحروقات وأفكار لقهر البرد وإعادة الدفء ..

أخبار سورية

الجمعة، ٢٣ ديسمبر ٢٠١٦

لا تنضب الأفكار، ولا تفرغ الحلول من جعبة السوريين الذين صمدوا، وتحدّوا كل الظروف في أزمة، امتدت على مدار ست سنوات، عرفوا معها كل أشكال المعاناة، وسوء الأوضاع الاقتصادية، وانعدام الكثير من الخدمات الأساسية كالتدفئة والكهرباء، وفي شتاء قاسٍ هذا العام لم يكن من السهل فيه عند الكثيرين توفير مادة المازوت الضرورية للتدفئة، وغيرها من مواد المحروقات، كما تغيب الكهرباء، وتنقطع لفترات كثيرة، وتطول فترات تقنينها، لكن الملفت فعلاً هو ما تصادفه من حلول واختراعات فريدة في أماكن مختلفة للتغلب على هذه المشكلات، والتدفئة بطرق غير مسبوقة، أو مألوفة سابقاً بالاعتماد على أفكار بسيطة وأدوات متوفرة وموجودة، ولكن من النادر أن تجد من يستفيد منها.
مدفأة زيت
أحد هذه الحلول، هي مدفأة تعمل باحتراق مختلف أنواع الزيوت والمحروقات في داخلها، وبالتالي لا حاجة لمادة المازوت إطلاقاً، وهذا الاختراع الملفت يمكن أن تصادفه اليوم في الكثير من محلات صيانة السيارات عوضاً عن مدفأة المازوت، أو الحطب، أو حتى الكهرباء، ويشبه مبدأ احتراق الزيت في هذه المدافئ احتراق وقود التدفئة، لكن المختلف أن هذا الاختراع يعمل على أي نوع من أنواع الزيوت التي يمكن أن تتوفر في محلات الصيانة تلك كالزيوت المستهلكة والكاز، وحتى الفيول إن وجد، وكانت الفكرة بحسب بعض من شاهدنا لديهم هذه المدفأة من أصحاب المحلات، هي استثمار الزيوت المستهلكة للسيارات التي يقوم أصحابها بتبديل زيت محركها بشكل دوري، وبدل التخلص من هذا الزيت المنتهي الصلاحية، تتم التدفئة عليه، ويمكن أن يحظى صاحب المحل الذي تتوفر لديه هذه المدفأة بكأس شاي ساخن، وتدفئة فعالة، تنسيه قسوة برد شتاء آخر في ظل الأزمة.

نشارة خشب
فكرة قديمة، كان بعض أجدادنا القدامى، يستخدمونها، بدأت بالانتشار أيضاً، ويمكن أن تشاهدها اليوم في بعض محلات النجارة، وهي تعتمد على الاستفادة من نشارة الخشب، وتحويلها لموقد يمكن أن يعمل لمدة 3 أيام متواصلة أو أكثر، ويشرح أبو لؤي أحد من شاهدنا تطبيق هذه الفكرة لديهم طريقة صناعتها البسيطة جداً، فيقول: بعد جمع النشارة الخشبية نحضر حلة معدنية اسطوانية الشكل تثقب من الأسفل، ويمرر منها أفقياً أنبوب بلاستيكي (قسطل)، ويوصل به أنبوب آخر بشكل عمودي يخرج من منتصف الحلة المعدنية، ثم  تُملأ  بشكل كامل بنشارة الخشب، ويتم ضغط النشارة في الحلة (رصرصة) لاستيعاب أكبر كمية قبل أن تُغلق بالكامل من الأعلى باستخدام طينة عادية، ثم نسحب الأنابيب البلاستيكية من الأعلى والأسفل، ونشعل النار من الأسفل، فتخرج من أعلى الحلة في الوسط، ويصبح لدينا موقد بسيط، يمكن أن يستخدم في الطهي والتدفئة.

خيمة وأفكار أخرى
وإذا كانت هذه الأفكار البسيطة خاصة بأماكن تتوفر فيها المواد الأولية كالمحلات والمناطق الصناعية وغيرها، وتبدو صعبة التطبيق نسبياً في المنازل، فيبدو أن حلولاً أخرى، وجدت طريقها لمنازل السوريين التي باتت مادة المازوت فيها آخر ما يمكن أن يتوفر لديهم لارتفاع ثمنها، وتكرار انقطاعها، ورغم أن “أبو بتول”، قد ظفر هذا العام ببعض “بيدونات” المازوت إلّا أنه طبّق فكرة أخرى يلجأ إليها أفراد أسرته، وخاصة طفلتيه الصغيرتين حين تنخفض حرارة الطقس، ويقسو البرد على جسديهما، وفكرة الرجل تعتمد على تصميم خيمة صغيرة بالاعتماد على بعض الوسائد والبطانيات والحبال، تحقق هذه الخيمة، بحسب الرجل، مبدأ العزل الحراري، وتُحافظ على درجة حرارة مقبولة بالنسبة لمن يجلس بداخلها، يقول أبو بتول: بدأت الفكرة أولاً كنوع من التسلية والمزاح لأرفّه عن ابنتيّ ، وأحاول تسليتهما، لكن حين لاحظت أن هذه الخيمة تُحافظ على الحرارة، وتمنع دخول البرد، وتسرب الصقيع بشكل فعلي، قمت بتوسيع الفكرة، والاعتماد عليها كأحد الحلول في فصل الشتاء. أفكار أخرى كثيرة يمكن أن تصادفها في بحث السوريين الدؤوب عن بدائل التدفئة، فتجد أيضاً من يعتمد حلولاً أخرى مثل البسط، أو الحصائر الكهربائية التي تُمد تحت السجاد، وهي حل اقتصادي، وموفر للكهرباء لولا غيابها، وتجد أيضاً من يحوّل جرة الفخار لمدفأة صغيرة عبر وضعها بشكل مقلوب فوق بضعة شموع، ورفعها عن مستوى الأرض قليلاً، فتحبس الحرارة بداخلها وتحفظها، ورغم أن بعض هذه الحلول، قد تبدو طريفة، وأخرى غير عملية، إلّا أنها تبقى المتاح والبديل في ظل ارتفاع أسعار وقود التدفئة وندرته، وكلمة مألوفة بات معظم السوريين، يرددونها في فصل الشتاء “شو منعمل ما في مازوت”!؟.
محمد محمود