اغتيال السفير الروسي في تركيا ردٌّ على هزيمة الإرهاب في حلب

اغتيال السفير الروسي في تركيا ردٌّ على هزيمة الإرهاب في حلب

أخبار سورية

الخميس، ٢٢ ديسمبر ٢٠١٦

الفجور الغربي والتركي والخليجي في دعم العدوان والإرهاب على الدولة الوطنية السورية، بدأ يرتدّ بأشكال مختلفة على هذه الدول الراعية والمموِّلة للإرهاب، بحيث لا يكاد يمرّ أسبوع إلا ونقرأ أو نسمع عن خبر إطلاق نار في عواصم الغرب الكبرى، أو عن تهديد إرهابي، في وقت تكاد الرياض تطالعنا كل أسبوع عن اكتشاف خلية أو مجموعة لما تطلق عليه "الفئة الضالة" التي ضلت بفتاوى "الوهابية" التي تكفر الآخرين.

قادة الغرب ودول العدوان على الدولة الوطنية السورية؛ من أنقرة والدوحة والرياض، إلى تل ابيب وباريس ولندن وواشنطن، فحّوا كل فجورهم على حلب، وتناسوا مئات آلاف الإرهابيين الذين صدّروهم إلى سورية، وفبركوا الأفلام والأخبار الكاذبة عن حلب، وزعموا قتل أطفال ونساء، ووصل بهم الأمر حدّ استعمال صورة الطفل الشهيد محمد الدرة الذي قتله العدو الصهيوني وهو يحتمي بوالده في غزة، كما استعملوا التفجير الإرهابي الذي استهدف رئيسة وزراء الباكستان الراحلة بنازير بوتو على أنه نتيجة غارة طيران سورية أو روسية.

هذا الغرب والتركي والخليجي الذي لم يسمع الأهالي الحلبيّون الذي فرّوا من شرق المدينة، ماذا قالوا وكيف تحدثوا عن جماعات الإرهاب، ولم يتحدثوا ولا مرة عن حصار أهالي دير الزور ونُبُّل والزهراء والفوعة وكفريا وغيرها من المناطق المحاصرة في سورية.

ببساطة، ليس الهمّ الإنساني والاجتماعي والأخلاقي هو الذي يشغل بال وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي لكل حلف أعداء دمشق، إنما هو استمرار الحرب والعدوان على الدولة السورية وشعبها، والذي بدأ يضرب في كل الاتجاهات بعد أن تقدّم الجيش السوري وحلفاؤه في مواجهة هذا الإرهاب الذي لن تقتصر حدوده على سورية، وبدأ أمام الانتصارات النوعية، وآخرها في الميدان الحلبي، الذي زلزل ركاب كل حلف الإرهاب.

"السلطان" التركي رجب طيب اردوغان أطلق كل المناخ الذي دعم الإرهاب والتطرف والانحراف، فهو الذي سهّل مرور وإيواء وتدريب الإرهابيين، خصوصاً "داعش"، لأنه أشعل الحلم الإمبراطوري في مخيّلته، وظنّ أنه من سورية يمكنه قيادة جياد "خلافته"، فقدّم شتى أنواع المساعدات العسكرية واللوجستية لفصائل الإرهاب المختلفة والمتنوعة، بحيث وصل عدد الإرهابيين الأجانب الذين مارسوا إرهابهم إلى ما يفوق الـ400 ألف إرهابي، دخلوا في معظمهم إلى سورية والعراق عبر الأراضي التركية، كما وفّر لهم مع نجله بلال المساعدات المالية الكبرى، جراء تسويق النفط المنهوب عبر الموانئ التركية، وجنى منها مع نجله المليارات.

الجموح الإمبراطوري لدى أردوغان جعله يعادي كل آخر في الداخل والخارج، ففي الداخل التركي أغلق معظم وسائل الإعلام المعارضة لسلوكه ونهجه الديكتاتوري، ووصل به الأمر إلى حد ارتكاب الجرائم ليلصق التهمة بمموّله ومعلّمه السابق فتح الله غولن، وباختصار، فقد نسف أردوغان أبسط أشكال الديمقراطية في بلاده، كما عزّز وسيعزز الإرهاب أكثر فأكثر في "بلاد الانكشارية".

ومع الخارج، اعتاد على توتير علاقة أنقرة مع الجميع، حتى مع مصدر حمايته (الناتو)،فبدأ بشكل هستيري يصدّر إليه النازحين السوريين، كما لم يوفّر واشنطن، ووصل بعدائيته إلى موسكو، فكان أن أسقط في البداية المقاتلة الروسية، لكن أمام الغضب الروسي اضطر بعد طول مكابرة إلى الاعتذار.

بشكل عام، اعتاد "الديكتاتور" أردوغان على توجيه الرسائل في أكثر من اتجاه، في محاولة منه لأن يكون فاعلاً في كل التطورات الإقليمية، خصوصاً في سورية.

هذه المرة كانت الرسالة التركية لموسكو مدوّية، إذ بدم بارد اغتال شرطي تركي، وبلباسه الرسمي، السفير الروسي لدى أنقرة اندريه كارلوف، وهو مفروز من الحكومة التركية لمرافقة السفير، كما أنه أحد أفراد شرطة مكافحة الشغب.

الرسالة الطائشة والهوجاء التي وجّهها الديكتاتور أردوغان لموسكو هي محاولة يائسة بعد التطورات الميدانية في حلب، لكنه حينما اكتشف فداحة جريمته، استلحقها برسالة لواشنطن بإطلاق نار أمام مقر السفارة الأميركية في أنقرة، في محاولة منه لتصوير أن بلاده تتعرض للإرهاب، وفي نفس الحين حاول أن يُلصق تهماً إرهابية بحليفه السابق فتح الله غولين المقيم في واشنطن.

ببساطة، قاتل السفير الروسي ما كان له أن ينفرد بالوقوف خلف السفير وحيداً لولا أن أهليّته ومكانته الأمنية الرسمية تسمحان له بذلك، خصوصاً أن أجواء التعبئة في الإعلام الموالي لأردوغان والتيار "الإخواني"- التركي المدعوم قطرياً وسعودياً، والتحريض ضد موسكو وطهران،والذي يلقى صداه وتكامله مع الإعلام الخليجي والصهيوني، أوجدوا المناخ المعادي، ما يعني ببساطة متناهية أنه كان على السلطات التركية أن تضع إجراءات أمنية مشددة لحماية البعثات الدبلوماسية، وهو ما لم تفعله لغاية في "نفس يعقوب".

من الواضح أن موسكو تلقّت الرسالة وقررت الرد عليها بالشكل المناسب، حيث أعلن الرئيس فلاديمير بوتين بوضوح أن الحرب على الإرهاب ستتصاعد بعد مقتل السفير الروسي، والمجرمون سيشعرون بالفرق الكبير في ضرب واقتلاع الإرهاب.

واشنطن بدورها ردّت على استهداف سفارتها في أنقرة، فأعلنت الخارجية الأميركية عن إغلاق بعثاتها الدبلوماسية في أنقرة واسطنبول وأضنة، ودعت رعاياها للحيطة والحذر.

إذاً، تركيا تغرق في ظل "جنون العظمة" الأردوغانية أكثر فأكثر،وفي وحول الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والإرهابية، والحبل يقترب من عنق الديكتاتور، فهل سنرى قريباً مصطفى كمال آخر، ينهي مرحلة التهوّر الأردوغاني؟

في المحاولة الانقلابية السابقة، أنقذت موسكو وطهران رجب أردوغان، تُرى من سينقذه هذه المرة من المصير المحتوم، بعد أن وسّع دائرة أعدائه وخصومه في الداخل والخارج؟

أحمد زين الدين-الثبات