في السنوات “العجاف” الإقراض الزراعي.. بوابة للدعم والتمويل الإنتاجي.. والهدف مازال خارج التغطية!

في السنوات “العجاف” الإقراض الزراعي.. بوابة للدعم والتمويل الإنتاجي.. والهدف مازال خارج التغطية!

أخبار سورية

الأحد، ١٨ ديسمبر ٢٠١٦

كثيرة هي الخدمات الجليلة التي يقدمها المصرف الزراعي لدعم المزارعين، والقطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، وتأمين مستلزماته الأساسية، وخاصة أن الزراعة تحتل مساحات واسعة من وطننا، عدا عن اعتماد أسر بشكل أساسي في دخلها على تربية الحيوانات، وهذا بالطبع يضاعف مسؤولية المصرف الزراعي لتقديم التسهيلات، وتحسين الخدمات التي يقدمها للفلاحين لدعم القطاع الزراعي، خاصة في هذه الظروف الحساسة التي تمر بها زراعتنا، ووطننا، وكيف يجب أن يتعامل المصرف الزراعي مع الإقراض في الأزمة؟!.. سؤال طرحناه على بعض المزارعين، والخبراء الاقتصاديين والأكاديميين، وإدارة المصرف، لنعرف وجهة نظرهم في هذا الموضوع، فبماذا أفادوا، والبداية مع..
حراس الأرض
ببساطتهم وشفافيتهم التي تشبه الغيث، ورائحة الأرض، لسان حالهم الذي لا يكذب: الوضع أكثر من صعب، وأكثر من كارثي، والاستمرار بالزراعة أشبه بالمستحيل، الأسمدة تضاعفت أسعارها مرات، والوقود أيضاً، وكذلك الحراثة، ومثلها البذار، واليد العاملة، والأدوية، وأجور النقل، هذا إذا سلمت مواسمنا من الكوارث الطبيعية التي لا تبقي ولا تذر، بعضنا هجر الأرض وهاجر، وبعضنا مازال يقاوم، ولكن إلى متى الصبر، فإذا لم يكن هناك دعم من الجهات الوصائية، وإعطاء قروض ميسّرة، وإعادة جدولة المتعثر، لن تكون هناك زراعة في المدى القريب؟!.

محامي الفلاحين
من صراحة أهل الأرض وأوجاعهم التي ليست لها حدود، إلى توصيف تنظيمهم الفلاحي، حيث يرى عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحين المهندس محمود حسن أن التمويل بمفهومه الواسع هو توفير الأموال اللازمة لتنفيذ المشاريع الزراعية، سواء للقطاع التعاوني، أو الخاص، أو العام، وفي سبيل تحقيق التنمية المستدامة، وتفعيل دور المصرف الرائد في التنمية الريفية، وتطوير ذاته، وقد استمر المصرف الزراعي التعاوني بتمويل كافة الغايات، بما فيها مستلزمات الإنتاج الزراعي حتى عام 2011، إلا أنه وبسبب الأزمة الراهنة تم الاقتصار على تمويل الغايات  الأساسية المتعلقة باحتياجات الفلاحين الأكثر إلحاحاً وفقاً للمرحلة الحالية، واستمر المصرف بتمويل مستلزمات الإنتاج الزراعي من الأسمدة والبذار للمحاصيل الاستراتيجية، بالإضافة إلى تمويل الدجاج “الفروج”، والمؤسسات المعنية بشراء المحاصيل الزراعية.

إعفاء القروض
وفي إطار معالجة الديون المتعثرة والمترتبة على الإخوة الفلاحين، والكلام لحسن، صدر القانون رقم /11/ لعام 2014 المتضمن إعفاء قروض الإخوة الفلاحين، وقروض مكافحة البطالة من كامل الفوائد العقدية، وفوائد غرامات التأخير، وجدولة رأس مال هذه القروض لمدة عشر سنوات، وبلغ حجم الديون المشمولة بأحكامه /71,5/ مليار ليرة سورية، وحجم الفوائد المعفاة /15,6/ مليار ليرة سورية، واستفاد منها حوالي 600 ألف فلاح، وكذلك القانون رقم /5/ لعام 2014 الذي تم بموجبه تمديد فترة دفع حسن النية لنهاية عام 2015، وكذلك القانون رقم /26/ لعام 2015 الذي تتم بموجبه تسوية دين الفلاح المدين للمصرف، ولايزال يعمل به حتى تاريخه، ونتيجة الأزمة خرج عدد كبير من فروع المصرف عن الخدمة في المناطق الساخنة، وتضررت مبانيها وممتلكاتها، كما يعاني المصرف من نقص السيولة بسبب انخفاض نسبة التحصيل من متعاملي المصرف، وقلة كمية المحاصيل المسلّمة للمؤسسات المعنية في كل موسم خلال الفترة الماضية، وأثرها البالغ في تراجع نسب التحصيل لدى المصرف.

مقترحات
ولتجاوز هذه الصعوبات والمعوقات يقترح حسن تأمين القروض اللازمة، والإسراع في استيراد الأبقار للمكتتبين من أجل تجديد قطعان الثروة الحيوانية، وتمويل الإخوة الفلاحين بمستلزمات الإنتاج: “بذار، أسمدة.. إلخ”، بغض النظر عن مديونية الإخوة الفلاحين تجاه المصرف الزراعي، وإعادة تأهيل مزارع المصرف الزراعي التي تضررت بفعل الإرهاب لتقوم بتقديم خدماتها المطلوبة للفلاحين، ودراسة إمكانية استلام محاصيل زراعية أخرى إضافة للمحاصيل المعتمدة للاستلام من قبل مؤسسات  التدخل الإيجابي، وكذلك مؤسسات القطاع الخاص والمشترك تشجيعاً لزراعتها مثل: “التفاح– زيت زيتون– حمص– عدس”، وزيادة الاهتمام بتطوير أساليب تقانات إنتاج الطاقة البديلة والمتجددة، والعمل على نشرها على أوسع نطاق من خلال تقديم الدعم الطاقي، وإحداث صندوق خاص لتمويلها.

مبررات الزراعي
نعلم جيداً أن النقاط لا توضع على الحروف إلا بدفاع إدارة الزراعي وتقبل مبرراته على مضض، وأن حبكة تحقيقنا لا تكتمل إلا بالإجابة عن هواجس المزارعين والفلاحين، لذا وضعنا أسئلتنا على طاولة البحث مع إدارة الزراعي متسائلين: ما قيمة القروض المقدمة من المصرف للإخوة  الفلاحين؟ وما قيمة القروض غير المحصّلة؟ وما هي الإجراءات المتخذة؟ وما جدوى إعطاء قروض زراعية في هذه الظروف الحساسة؟ وهل هناك تهرب من تسديد القروض المستحقة؟ وهل أدت القروض الزراعية الجدوى والهدف والغاية منها؟.. ويشكك بعض خبراء الاقتصاد الزراعي وبعض الأكاديميين بجدوى القروض، فيقولون: لو صرفت هذه القروض الممنوحة لجعلت من صحراء تدمر واحة خضراء؟! هل هناك نية لإيجاد شروط جديدة لم تكن موجودة تضمن حق الدولة، وتساعد المزارعين الذين يودون استصلاح أرضهم، وحفر آبار ارتوازية، أو الري بالتنقيط؟ وما الخطة المستقبلية لإدارة المصرف الزراعي؟.. يجيب مدير عام المصرف الزراعي إبراهيم زيدان بكل دبلوماسية: يقوم المصرف الزراعي بجميع الأعمال المصرفية لخدمة النشاط الزراعي، والمهن، والحرف، والخدمات المرتبطة به، وقد أجيز للمصرف أن يقوم بعمليات شراء، وبيع، وتوزيع مستلزمات الإنتاج الزراعي بنفسه، أو بالمشاركة مع غيره، أو بالوساطة نقداً أو إقراضاً، والقروض هي قروض قصيرة الأجل، حيث يُقدّم هذه القروض التي لا يتجاوز استحقاقها سنة واحدة لتمويل نفقات الزراعة، والقروض متوسطة الأجل، وهي القروض التي تزيد مدتها عن سنة، ولا تتجاوز خمس سنوات، وتمنح لتمويل شراء الآلات، والآليات، والأدوات اللازمة للاستثمار الزراعي، والحيواني، والقروض طويلة الأجل، وهي التي تزيد مدتها عن خمس سنوات، ولا تتجاوز عشر سنوات، وتمنح عادة لإنشاء المستودعات اللازمة لحفظ الآلات، والآليات، والحاصلات الزراعية، والأعلاف، ولإنشاء الحظائر، وتمويل مختلف المشاريع الزراعية، وكان الزراعي قد بدأ بتوسيع تشكيلة قروضه لينتقل إلى خارج الإطار الزراعي من خلال بوابة القروض الشخصية، حيث منح العديد من هذه القروض قبل أن تتوقف.

أرقام
وجملة إقراضات المصرف، حسب زيدان، /56,5/ مليار ل.س، مستحق منها  وغير محصّل /26,5/ مليار ل.س، كما تم منح القطاع العام سلفاً بمقدار /173/ مليار ل.س، وذلك للمؤسسات العامة للتجارة وتصنيع الحبوب وحلج وتسويق الأقطان وإكثار البذار والأعلاف، أما عن الإجراءات المتخذة فقال: تتابع فروع المصرف اتخاذ الاجراءات اللازمة وفق نظام التحصيل وأعمال الجباية المعمول به لدى المصرف، وإعداد الأضابير التنفيذية للحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة لتحصيل الديون مستحقة الأداء  بالكامل بغية الوصول إلى أعلى نسبة تحصيل ممكنة، وذلك في المناطق الآمنة حصراً، كما يتم توجيه الفروع لضرورة التواصل مع المقترضين وكفلائهم بكافة الوسائل، ودعوتهم هاتفياً للحضور إلى المصرف لتسوية ديونهم مستحقة الأداء وفق قانون التسويات رقم /26/ تاريخ 29/12/2015.

تمويل
التخفيف من الأعباء المادية على الإخوة الفلاحين، وفق زيدان، جاء عبر تمويلهم بمستلزمات الإنتاج، والمساهمة في تخفيض تكاليف الإنتاج، وتأمين احتياجات الإخوة المواطنين من المنتجات الزراعية والأساسية كالحبوب، والخضار والفواكه، وخاصة في ظل الظروف التي يمر بها قطرنا الحبيب.

اعتراف
غير أن زيدان يعترف بتأخر البعض في تسديد القروض المستحقة الأداء بتواريخ استحقاقها، وهذا الأمر نسبي يختلف باختلاف المناطق لجهة الأمن والأمان والظروف الاجتماعية التي يعيشها الإخوة الفلاحون، في ظل الأزمنة الراهنة، وخروج عدد كبير من الفروع عن الخدمة نتيجة الأوضاع الأمنية الراهنة وتضررها، كما أن هناك صعوبة في التواصل مع العملاء المقيمين في المناطق الساخنة التي تشهد أعمالاً مسلحة وعدم تسهيل الضمانات المقدمة، وتطبيق نظام التحصيل وأعمال الجباية المعمول به لدى المصرف، وخروج نسبة كبيرة من المشاريع العائدة لعملاء المصرف من العملية الإنتاجية بفعل المجموعات المسلحة وصعوبة تأمين مستلزمات الإنتاج إليها ومقومات العملية الإنتاجية، وعدم وجود مورد بديل لدى هؤلاء العمال.
ويؤكد زيدان بكل ثقة على أن القروض الزراعية التي منحها المصرف كانت ذات جدوى، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي، وأدت الأهداف المنشودة منها .

دفاع
ويرد زيدان على المشككين برسالة المصرف النبيلة، معتبراً أن هذه التصريحات لا تعبر عن الواقع بشيء، فالتمويل الزراعي ذهب في الغايات المخصصة له، كون المصرف الزراعي مصرفاً تنموياً ريفياً شاملاً يساهم في تنفيذ الخطة الزراعية ويدعم المشاريع الإنمائية والأساليب المتطورة في تقنيات الزراعة والتصنيع الزراعي والمهن والحرف المرتبطة بالإنتاج الزراعي، والمصرف لا يمنح أي قرض مهما يكن إلا اذا كان متوافقاً مع قانونه ونظام عملياته وتعليماته التطبيقية وجدول الاحتياج، والمصرف مستمر بتعديل هذه الأنظمة والتعليمات كلما دعت الحاجة لذلك، في سبيل تحقيق التنمية المستدامة وتفعيل دور المصرف الرائد في التنمية الريفية وتطوير أداء عمل هذه المؤسسة، وفي سبيل استقطاب الشريحة الأكبر والأوسع انتشاراً، وبهدف الوصول إلى الفئات الأقل حظاً، وتحسين وضعهم المالي، فقد انتهج المصرف الزراعي، حسب تعبير زيدان، آفاقاً جديدة في تمويل غايات وأنشطة وفعاليات جديدة تلبي جميع احتياجات سكان الريف السوري، بالإضافة إلى الخدمات المصرفية الأخرى بمختلف أنواعها وأشكالها، كما انتهج المصرف سياسة التحديث والتطوير في مجال الأنظمة الداخلية ونظام عملياته وتعليماته التطبيقية وجدول الاحتياج كلما دعت الحاجة لذلك، واستمر المصرف الزراعي التعاوني بتمويل كافة الغايات بما فيها مستلزمات الإنتاج الزراعي من الأسمدة والبذار ودفعات نقدية لكافة المحاصيل الزراعية خلال عامي 2010 / 2011 .

الكرة في ملعب الحكومة
وسدد زيدان ضربة جزاء بمرمى الحكومة عندما همس في ظل ظروف الأزمة الراهنة التي يمر بها القطر، فقد طلبت الحكومة من المصارف العامة في أوائل عام 2012 إيقاف نشاطاتها التمويلية والاقتصار على تمويل الغايات الأساسية التي تلامس حاجات الإخوة المواطنين والتي تتطلبها ضرورات المرحلة، واستمر المصرف بتمويل الإخوة الفلاحين والمزارعين بمستلزمات الإنتاج الزراعي من الأسمدة والبذار للمحاصيل الاستراتيجية (قمح – شعير – قطن – شوندر سكري) بالإضافة لتمويل خدمات دجاج الفروج وخدمات الأشجار المثمرة وخدمات تسمين الحيوانات، وكذلك تمويل المؤسسات العامة التي تعني بشراء المحاصيل الزراعية، بالإضافة إلى تمويل استيراد القمح الخبزي، ومازال العمل بهذه الاستراتيجية قائماً لتاريخه.

كلام حق
غير أن مبررات إدارة المصرف المنطقية لم ترق للخبير الاقتصادي الدكتور أيمن العودة “كلية زراعة دمشق” الذي رأى أنه في حالة الأزمة ترتفع درجة المخاطر المصرفية بكل أنواعها، سواء المخاطر التشغيلية أو المخاطر الائتمانية، وتظهر المخاطر الائتمانية بشكل أشد وضوحاً، إضافة إلى مخاطر تقلب أسعار الصرف والفائدة، لكن العامل الأكثر خطورة لا يتحدد بشكل عام، أو هو غير متجانس بشكل عام فيما بين الدول أو الأسواق المالية والنقدية والمصرفية، فلكل بلد خصوصية، وفي سورية تجتمع كل هذه العناصر مع بعضها البعض وتتداخل، ومع ذلك تبقى ظاهرة تراجع حجم الأقراض المقدمة للأفراد أو المؤسسات أو الشركات الأكثر شيوعاً، وذلك بدليل التراجع الكبير والذي وصل إلى حد التوقف عن منح القروض من قبل المصرف الزراعي، لأن الأقراض تتأثر بمعدل التضخم وفي حالات التضخم فإن المقرض يخسر والمقترض يربح، ويضاف إلى ذلك مخاطر ارتفاع سعر الفائدة الذي يقابل بفائدة دائنة أقل، وحسب أجل القروض قد يؤدي ذلك إلى تحقيق خسارة مؤكدة، لذلك عمد المصرف إلى تقييد الأقراض في فترة الأزمة، وهذا ينعكس بتراجع معدلات الاستثمار وتراجع النمو وزيادة البطالة وانخفاض الدخل والذي يترافق وقت الأزمة مع ارتفاع في سعر صرف العملة الأجنبية، ما يحفز من جديد ارتفاع الأسعار وتراجع الطلب الناجم عن تراجع الدخل، وبالتالي تعميق الأزمة، ويضاف إلى ذلك مخاطر سعر الصرف الأجنبي، حيث يتقلب سعر الصرف بنسبة كبيرة وقت الأزمة، وقد يلحق ذلك موجودات المصرف بخسائر مؤكدة، حسب حالة السوق، ويضاف إلى كل ذلك ضعف كفاءة الإدارة المصرفية وضعف كفاءاتها في إدارة الأزمة كون المصارف السورية سواء العامة أو الخاصة، ومنها الزراعي، لم يسبق لها أن تعرضت إلى أزمة مماثلة، وبالتالي لم تتوفر لها الخبرات التي كان من الممكن أن تساعدها على تجاوز المخاطر المحتملة والطارئة والتي سوف تطرأ.‏

تنشيط سياسات القروض
من جهته الخبير والباحث الاقتصادي، الدكتورعابد فضلية، هو الآخر لم يقتنع بمبررات إدارة الزراعي، وتقاطع مع الدكتور العودة في كثير من الهواجس والرغبات، وزاد عليها، منوهاً عند الحديث عن السياسة المصرفية في ظل الأزمات، علينا أن نعرف نوع الأزمة، سواء كانت اقتصادية أم سياسية أم أمنية وعسكرية، من حيث المبدأ يفترض أن تنشط سياسات الاقراض النشاط الاقتصادي، سواء لناحية القروض الاستثمارية أو الاستهلاكية، لأن الإحجام عن الإقراض أو الحد منه سيؤدي إلى تفاقم الأزمة أياً كانت، ومن حق المصارف في ظل الأزمات أن تطلب ضمانات أكثر، وهذا أمر طبيعي في ظل الأزمة، وهنا يجب أن تدقق المصارف بشكل جيد في طبيعة المشاريع التي ستمولها بالقروض، وتتأكد من جدواها الاقتصادية، وعلى جميع الأحوال الإقراض أفضل من بقاء الأموال في أقبية المصارف هذا بشكل عام، وإذا أخذنا الموضوع وأسقطناه على الحالة السورية بشكل خاص، يجب أن تكون للمصرف الزراعي سياسة إقراض خاصة في ظل الأزمة تقوم على توجيه القروض باتجاه قطاعات معنية ومشاريع تكون مضمونة من ناحية ضمان استرداد أموال المصرف، ومن ناحية عوائد هذه المشاريع، فوقف منح القروض عملياً لا يخدم الاقتصاد، ويفاقم أزمة السياسية الاقتصادية، لأن وقف القروض يعني تجميد الأموال المتوفرة لدى المصارف.‏
وإن كان ولابد، فيفترض أن تكون هناك شروط للاقراض تتناسب مع ظروف الأزمة، حسب فضلية، وطبيعي أن يقوم المصرف بوضع شروط خاصة في ظل الأزمة، ووقف القروض في الفترة السابقة لا يخدم الاقتصاد السوري، ولا يساهم في التخفيف من حدة الأزمة، بل العكس، القرض المدروس بشكل جيد، وفق الدكتور فضلية، يمكن أن يكون له دور في خلق مزيد من فرص العمل، وخاصة بالنسبة للمشاريع التي لها فرص تصدير إلى الأسواق التي فتحت أمام المصدرين السوريين، كالسوقين الإيرانية والعراقية.‏

تحدي الحرب
كانت سورية تنتج قبل الحرب كل غذائها، وتصدر كميات متفاوتة إلى الخارج. لقد تغيّر الوضع الآن على مستوى الأرقام، إلا أن الفكرة بقيت واحدة وتحقق الاكتفاء الذاتي قدر المستطاع، وحافظت على استقلالية قرارها السيادي واستيراد مايلزم، ما يُمكن قوله، إن الزراعة السورية قد تمكنت من تحدي الحرب وواصلت دورها في تحقيق الأمن الغذائي للسوريين ورفد اقتصادهم الوطني بمقومات النهوض، إلا أن دورها الأوسع سوف يبدأ اعتباراً من اليوم الذي تنتهي فيه الحرب، ويعود لسورية سابق أمنها واستقرارها.
عارف العلي