إلى حسني محلي.. «حُسن حلب»

إلى حسني محلي.. «حُسن حلب»

أخبار سورية

الخميس، ١٥ ديسمبر ٢٠١٦

أعرفُ، يا صديقي، أن هذه الكلمات هي أضعفُ الإيمان في التضامن معك. وتعرفُ أنني لستُ بحاجة لإظهار أضعف الإيمان هذا. لكن ما أعرفُه انك دخلت إلى نظارة التحقيق مرفوع الرأس، أبيض الجبين، رافعاً قبضتك الصلبة والشريفة. أنت الذي تُستجوَب وتُعتقَل وتُحاكَم لسببٍ بسيط، وهو أنك تحب تركيا فعلاً، وتُحبُ كل هذه المنطقة العربية ـ الفارسية ـ الكردية ـ الأرمنية ـ التركية.
أعرفُ أنهم لن يوفروا أحداً ممن أراد لتركيا أن تكون جزءاً من استقرار وتقدم كل هذه المنطقة. ولن يوفروا أحداً ممن يريد لتركيا أن تكون فعلاً ديموقراطية وحرّة ومحترِمة لحقوق الانسان وحرية التعبير. وأعرفُ أنك واحدٌ، بل من أبرز من يريدون الخير والمحبة والسلام لهذه المنطقة. ولكنهم خفافيش الليل، الذين لن ينالوا منك مهما تعرَّضت للضغوط. وأعرف أن مشكلاتك الصحية لن تتفاقم، بل ستُبرأ منها في ظل تلمسك باليد واليقين انك تناضل من أجل الحق وضد الظلم.
وأعرف أنك لن تتأسف على ما قمت به، وما قام به آخرون ونحن منهم، من تجسير الهوة بين انقرة ودمشق في سنوات «صفر مشكلات» التي تحولت إلى حقبة ظلماء وملعونة. وأعرف أنك واجهت على امتداد سنوات الأزمة كل الضغوط والانحرافات في خيارات تركيا الخارجية، كما النزعة إلى الاستبداد في الداخل. وحين نظروا ورأوا بأمّ العين انهيار هذه الخيارات «فشّوا خلقهم» فيك، كما فشّوا حقدهم بكل الصحافيين والأصوات المعارِضة والتي جعلت تركيا، وفقا لـ «مراسلون بلا حدود»، أكبر سجن في العالم للصحافيين.
اعتقلوك بتهمة تحقير الدولة والزعماء، وما هم بذلك إلا أنفسهم يحتقرون. واعتقلوك بالذات يوم تحرير حلب من رجس إرهابهم ومرتزقتهم وأويغورهم وشيشانييهم وتركمانييهم، أنت التركماني الأصيل. اعتقلوك لتكون قرباناً لحلب المنتصرة على كل الإعلام المزوّر والمزيف في تركيا وفي المنطقة العربية وفي الغرب.
لتكن يا صديقي وعزيزي وشريكي، ضوءنا في ليلهم، ولتكن، يا حسني، «حُسن حلب» المنتصرة والتي ستحتضنك أقرب مما يتصورون.
(يذكر أن السلطات التركية أوقفت امس الاول حسني محلي، مراسل وكالة الانباء السورية الرسمية «سانا»، في مدينة اسطنبول، بتهمة «نشره كتابات عبر تويتر يسيء فيها إلى كبار مسؤولي الدولة»)