قصة حلب التي انتصرت على محاولات استغلالها وأحرقت أحلام الكثيرين

قصة حلب التي انتصرت على محاولات استغلالها وأحرقت أحلام الكثيرين

أخبار سورية

السبت، ٣ ديسمبر ٢٠١٦

منذ بداية الأزمة السورية والجانب الإنساني يُستخدم كسلاحٍ لدى الأطراف "المُنافقة" على الصعيدين الإقليمي والدولي. ليس لأسبابٍ كثيرة، بل لسببٍ واحدٍ بات واضحاً، وهو الفشل في الرهانات بإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، الى جانب سقوط مشروع الإرهابيين في سوريا. واليوم، مع اصطفاف العالم للعودة لنسج العلاقات مع الدولة السورية، بدأت أصواتٌ تخرج لتُنادي بمظلومية أهالي حلب وظلمهم من قِبل النظام. في حين باتت هذه السيمفونية، واضحة التوقيت والهدف، دون أن تصل لأي نتيجة. فماذا في بعض المساعي والمواقف التي استغلت الجانب الإنساني في حلب؟ وكيف نجحت حلب، في إسقاط مشاريع الإستغلال وأحرقت أحلام الكثيرين؟

مساعٍ دولية وتصريحات تستغلُّ الجانب الإنساني

عدة مساعٍ ومواقف حصلت، تُثبت حجم استغلال البعض للمنحى الإنساني من أجل تحقيق مآرب باتت معروفة، لا تنطلي على الشعب السوري أو شعوب المنطقة. نُشير لبعضها في التالي:

أولاً: المساعي الفرنسية البريطانية أو الغربية عموماً، لإصدار قرار الهدنة، وذلك لأسبابٍ باتت معروفة، رغم الإدعاءات الإنسانية الكاذبة. فيما سقط مشروع ديمستورا الجديد، بعد رفضه من قِبل النظام، مع وضوح نكهة التقسيم التي اعتلت تفاصيله.

ثانياً: مزاعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي صرَّح منذ يومين بأن الهدف التركي من التدخل في سوريا هو إحلال العدالة ووضع حد لحكم "الطاغية بشار الأسد" بحسب تعبيره، وليس الإستيلاء على الأرض السورية. الأمر الذي أوضح أهداف تركيا الحقيقية من التدخل، وبيَّن الى جانب أطماع الرئيس التركي حجم الخسارة التي مُنيَ بها المشروع التركي في سوريا.

ثالثاً: محاولات استثمار الوضع الإنساني في حلب من قِبَل البعض والترويج له كنموذجٍ للمنطقة المنكوبة والمظلومة من قبل النظام الحاكم! حيث خرج الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والذي يرأسه الشيخ يوسف القرضاوي، ليُندِّد بالجرائم التي يتم ارتكابها في مدينة حلب السورية، موجهاً دعوة للعالم الإسلامي للوقوف ضد هذه الجرائم البشعة ضد الشعب السوري! وهو الأمر الذي بات كسيمفونيةٍ تَبرُز كلما حقَّق الجيش السوري تقدماً ضد الإرهاب في حلب!

كيف أسقطت حلب أحلام الكثيرين؟

لا شك أن الكلام يطول في هذا المجال، لكن لا بد من الإشارة الى بعض المسائل:

أولاً: إن الجانب الإنساني كان دوماً يدخل في الأدبيات السياسية على الصعيد الدولي والإقليمي، خصوصاً في محاولات الترويج للهدنة أو ايصال المساعدات. وهو الأمر الذي يُعتبر استغلالاً واضحاً لمظلومية الشعب السوري ومعاناته، والتي تعود أسبابها لسلوك الجماعات الإرهابية في سوريا. وهو الأمر الذي نجحت حلب في إسقاطه، لا سيما بعد انتصارها ووقوفها الى جانب الدولة والنظام الشرعي.

ثانياً: إن محاولات البعض على الصعيد الإقليمي، حشد التأييد ضد الدولة السورية فيما يخص الظلم الذي يتعرض له الشعب السوري، هو محاولة لإستغلال الموقع الديني الى جانب مشاعر الشعب. وهو الأمر الذي يجب قراءته كالتالي:

-      لا تُعبِّر هذه المواقف من قِبَل بعض الجهات الدينية عن موقف الشعوب الإسلامية، خصوصاً أنها تظهر في توقيت مُلتبِس وتُعبِّر عن مسائل مُفبركة. فيما لا نجدها تتناول معاناة الشعب الفلسطيني أو الشعب اليمني المظلوم.

-      لم تعد هذه الجهات محطَّ آمال الشعوب الإسلامية، لأسباب تتعلق بكونها مُسيَّسة المواقف، وتحت عباءة معروفة سقطت من موقعها القيادي منذ فترة طويلة تعود لما قبل الأزمتين السورية واليمنية.

ثالثاً: أسقطت حلب أحلام الرئيس التركي أردوغان. فهو الرجل الذي حلم منذ خمس سنوات بالصلاة في المسجد الأموي، وما زال يحلم. فيما أسقطت حُلمه حلب كنموذجٍ من الشمال السوري الذي ينتظر أردوغان ومجموعاته الإرهابية في حال قرَّر أن يقوم بأي حماقةٍ معهودة. كما جاء تصريحه الأخير ليضع العديد من علامات الإستفهام حول سلوكه المُرتبِك، لا سيما بعد أن طالب الكرملين بتوضيحات، حول التصريحات التي تعارض الإتفاق الروسي التركي، وهو ما قابله ارتباكٌ واضحٌ من قِبل الجانب التركي في الرد!

رابعاً: في ظل هذا الضجيج الواهم، قام الكيان الإسرائيلي بالتعبير عن سخطه من نتائج الميدان السوري لا سيما تعاظم حزب الله، عبر إقدام سلاح الجو الإسرائيلي فجر أمس الأربعاء على إطلاق صاروخين على ريف دمشق الغربي. كلُّ ذلك لا يمكن أن يكون بعيداً عن نتائج حلب.

إذن، لم يستطع أردوغان أن يُخفي حقده على الدولة السورية فعبَّر عن ذلك بكلامٍ فضح خفايا نواياه. فيما لم تستطع بعض الأطراف المُفلسة إلا التعبير عن فشل رهاناتها عبر خروج أصواتٍ تنادي تحت عناوين إسلامية بالدفاع عن المظلومين في سوريا، دون حديثها عن المظلومين في فلسطين واليمن. ولم يستطع الكيان الإسرائيلي إخفاء سخطه من مجريات الميدان السوري، فاختار ضربة جوية ظنَّ أنها ستُعكِّر مزاج الإنتصارات في سوريا، ففشل وفشلت معه الضربة. كل ذلك لا يعود لأي سببٍ سوى أن حلب التي كانت معركة المصير السوري، أسقطت أحلام الحاقدين وانتصرت على مشاريع استغلالها، وأعادت الإعتبار بشكل أكبر للدولة السورية برئاسة الأسد، حيث سيبدأ الغرب بحجز مقاعد عودتهم نحو نسج العلاقات من جديد. هذه قصة حلب التي انتصرت على محاولات استغلالها وأحرقت أحلام الكثيرين.

الوقت