ماذا يريد الأتراك من الشمال السوري؟ وما الذي ينتظرهم؟

ماذا يريد الأتراك من الشمال السوري؟ وما الذي ينتظرهم؟

أخبار سورية

الأربعاء، ٣٠ نوفمبر ٢٠١٦

لا شك أنه يوماً بعد يوم تتعقّد الأمور في الشمال السوري؛ ميدانياً ودبلوماسياً، وتتداخل الأمور وتتعدد الفرضيات المرتقبة؛ من المواجهة الشاملة بين قوى كبرى، إلى المواجهة الواسعة بين قوى إقليمية، مع احتمال أن يبقى الصراع محصوراً كما هو حالياً بين مجموعات مختلفة تدعمها القوى المذكورة والجيش السوري مدعوماً من حلفائه، والذي لا شك ينتظره الكثير لتحقيق أهدافه لإعادة التوازن واسترجاع سيطرته على كامل الجغرافيا السورية.

ففي ضوء تناقُض المصالح وتعدد "السيناريوهات" لدى الأطراف المحلية والدولية اللاعبة في الشمال السوري، من الصعب جداً فهم ما ستؤول إليه الأوضاع في المدى المنظور، لاسيما معوجود خطط ورؤى متعددة، فكل فريق على حدى،وغير منسَّق في ما بينهم، ما يؤدي حتماً إلى التصادم، برأي مصادر سياسية سورية.

فالطرف التركي يبدو جلياً أنه يستغل علاقته الجيدة مع الروس، ويسعى إلىتنفيذ مخططه الرامي إلى إقامة منطقة تخضع لنفوذه في الشمال - الشرقي بأمرة المجموعات المسلحة التابعة له،لمنع نشوء "كونتون" كردي هناك، خصوصاً بعد ورود معلومات على لسان مسؤولين روس عن وجود تنسيق استخباري بين موسكو وأنقرة بخصوص عملية "درع الفرات" التي تقودها تركيا في الشمال السوري.

وما يوحي بتفاهم بين الطرفين المذكورين، غضّ روسيا طرفها عن التوغُّل التركي في شمال حلب لتحقيق حلم أنقرة بإقامة "منطقة نفوذ"، في المقابل التزمت الأخيرة الصمت إزاء العملية العسكرية التي يقوم بها الجيش السوري مدعوماً بالطائرات الروسية في أحياء حلب الشرقية.

ورغم إمكان حصول هذا "التفاهم الضمني"، غير أن مجريات الأوضاع لا تبشّر بالخير، وتتوقع المصادر تصدّي الجيش السوري لأي تقدُّم تركي باتجاه مدينة الباب، وتأكيداً على ذلك بدت أولى المؤشراتمن خلال التهديد الذي أطلقه أحد القياديين الميدانيين لقوة حليفة للجيش السوري، معتبراً أي تقدُّم تركي تجاوُزاً للخطوط الحمر.

وعن إمكانية عقد تحالف بين هذين الطرفين لمواجهة التوغُّل التركي، تستبعد المصادر هذه الفرضية، لأن هذا الأمر يجلب غضب الإرادة الأميركية، وبالتالي يُسقط "مشروع الكوريدور الكردي" الذي بدأ بالأكراد بتفيذه، خصوصاً في مدينة القامشلي، حيث يجبون الضرائب وما شاكل من أعمال الإدارة الذاتية.

بالانتقال إلى الوضع الميداني في الأحياء الحلبية الشرقية، تعمل القوات السورية على تحصين مواقعها في محيط المناطق الشرقية، كذلك تستمر في إحكام الطوق على المجموعات المسلحة، لدفعها على المزيد من الاستسلام والخروج، حسب ما تؤكد مصادر ميدانية تتوقع أن يبقى الحال على ما هو عليه، أي أن يستمر الجيش السوري في تعزيز مواقعه وتشديد الحصار على المسلحين، وتقدُّم القوات المسلحة نحو حلب القديمة.

أما بالنسبة للأهداف التركية التي أعلنها الرئيس رجب الطيب أردوغان؛أن قواته ستتجه نحو الرقة بعد منبج والباب، فتعتبر مصادر المعارضة السورية أن من المبكّر الحديث عن الرقة، وأن عزلها يتطلّب تفاهماً أميركياً مع القوات الروسية الموجودة في تدمر المجاورة قبل كل شيء.

في المحصلة، ومع التحسّب لأغلب الاحتمالات والفرضيات، ولما ستؤول إليه الامور لناحية تضارب أو تقاطع المصالح، يبقى الصمود في الميدان الذي يظهره الجيش السوري حالياً،وبدعم متزايد من حلفائه؛ العنصر الأساس في مواجهة كافة السيناريوهات الخارجية، والتي أثبت حتى الآن هذا الجيش قدرة استثنائية في مواجهتها.

حسان الحسن