اللغة الثانية.. واقع يحتاج رؤى وحلولاً الطلاب يتعلمون اللغة لينجحوا

اللغة الثانية.. واقع يحتاج رؤى وحلولاً الطلاب يتعلمون اللغة لينجحوا

أخبار سورية

السبت، ٨ أكتوبر ٢٠١٦

    إلهام العطار

أغلبية طلابنا وفي مختلف المراحل الدراسية، كانوا ولا يزالون يتعاملون معها على أنها مادة للنجاح فقط، بل إنهم لا يطلبون فيها سوى الحد الأدنى للعلامة، كما أكدت ذلك الدكتورة رشا شعبان من قسم الفلسفة والمجتمع- جامعة دمشق، التي رأت أن اللغة هي معرفة باتجاه الآخر، وتعلم لغة بلد ما أو أمة ما يعني التعرف إلى ثقافة تلك الأمة وعاداتها وتقاليدها، وعلى مستوى المجتمعات فإن ذلك يؤدي إلى تقبل الآخر والتعامل معه.
أسباب تلك النظرة التي تجعل أبناءنا يتجاهلون الفوائد الجمة التي تعددت لتشمل كل نواحي الحياة، حسبما أوضح الخبراء والمختصون، الحلول والرؤى، وهل هناك أسرار تمكن الاستفادة منها عند تعلم لغة أجنبية؟ تساؤلات لابد من أن تطرح نفسها عند التفكير في خوض غمار هذه القضية !!
يطلبونها للنجاح فقط
أمل فتاة جامعية، منذ تخرجها من الجامعة وهي تحاول حجز وظيفة لها في سوق العمل، لم تترك باباً إلا طرقته، لكن من دون جدوى، فأبواب القطاع العام مغلقة حالياً، أما أبواب القطاع الخاص ففي أيامنا هذه لم تعد تفتح إلا بامتلاك مهارات اللغة الأجنبية، حتى لو كانت الوظيفة جليسة أطفال، هذا الشرط هو ما وقف عائقاً في وجهها منذ سنتين وحتى الآن، تقول أمل: عندما كنا طلاباً لم نكن نشعر بأهمية هذه المادة، فهناك من كان يؤجلها حتى السنة الأخيرة، ليبدأ عندها رحلة البحث عن السبل التي تكفل له النجاح والتخرج.
كلام أمل عارضته فريال عامر مدرسة اللغة الإنكليزية، التي رأت أن تعلم لغة ثانية أصبح ضرورة، لهذا نجد أن أنظار التربويين و الإداريين و صانعي السياسات والاستراتيجيات، إضافة إلى أولياء الأمور، اتجهت إلى التأكيد بل التشديد على ضرورة تعلم اللغات وجعلها مادة أساسية في المنهاج، ولكن للأسف رغم كل ذلك التشدد فإن طالبنا يكاد يتخرج في الجامعة وهو لا يعرف سوى مفردات بسيطة، وهذا ما يدعونا لإعادة النظر في طرائق تدريس اللغة، وفي اختراع وسائل تحببه بهذه المادة، كالاعتماد على تقنية الاستماع لأنها تلعب دوراً كبيراً في تطوير مهارة الحوار عند الطالب.
بدورها صفاء  مدرسة لغة إنكليزية في مرحلة التعليم الأساسي رأت أن قرار إدراج اللغة الثانية من مرحلة الروضة قرار ناجح ، فالبدء بتعلمها مبكراً يعطي نتائج أفضل، فقد أثبتت التجارب أن تعلم لغة أجنبية منذ الصغر، و بالتحديد في العمر ما بين 4 – 5 سنوات، يفيد الطفل في القراءة والكتابة بلغته الأصلية، ويساهم على نحو فعال في تطور نسبة ذكائه و زيادة استيعابه وهو الأمر الذي ينعكس إيجاباً على مستوى تحصيله الدراسي.
توسيع لآفاق الطالب
الدكتورة رنا قوشحة كلية التربية بينت أن تعلّم اللغة الأجنبية يؤثر تأثيراً إيجابياً في مهارات التواصل للطالب، ويعمقها، ومن خلالها يستطيع التعرف على العديد من المصادر العلمية، التي توسع أفقه العلمي وتساعده في التعمق في وظائفه وأبحاثه، والدراسة بأكثر من لغة، فالدراسات والأبحاث والاكتشافات والاختراعات وتبادل المعلومات بين المؤسسات والأفراد والشركات والجامعات تكون مكتوبة باللغة الأجنبية، مشيرة إلى أن لغة العلم اليوم هي اللغة الأجنبية وخصوصا الإنكليزية، فقد أصبح العالم «قرية كونية صغيرة» ، وانفتحت أسواق جميع البلدان وثقافاتهم على بعضها، وخاصة الشبكة الدولية للمعلومات (الإنترنت)، التي ترتبط بها دول العالم، والتي تستعمل اللغة الإنكليزية في حوالي 85٪ من وثائقها ومواقعها والتي يسّرت «البريد الإلكتروني» و«التجارة الإلكترونية»، وأن 98% من محتوى الإنترنت مكتوب باللغة الإنكليزية، ويبقى 2% تتقاسمها بقية لغات العالم.
وفي الحياة المهنية
لا تقتصر فوائد تعلم اللغات على الجانب الدراسي فحسب، ففي الحياة المهنية نحن بحاجة لها، كما أوضحت مها عمران خبيرة مهارات التواصل الاجتماعي، فالخبراء والمختصون وصفوا اللغة بأنها مفتاح التواصل مع الآخرين، وهي السبيل لتبادل الأفكار والمشاعر معهم، وقد زاد نيلسون مانديلا على ذلك حينما قال: «إذا تحدثت إلى رجل بلغة يفهمها فإنها تسري إلى رأسه، أما إذا تحدثت إليه بلغته فإنها تسري إلى قلبه».
أين المشكلة؟
ليست  القضية  في نظرة الطلاب إلى اللغة أو عدم القدرة على التعلم، فالمشكلة كما شخصتها الدكتورة شعبان  تتمثل في أن الطالب لا يتعلم من أجل زيادة معارفه وتوسيع مداركه ، فهو يتعلم كي ينجح، والدليل على ذلك أن السؤال الأول الذي يتبادر إلى ذهنه منذ بدء العام الدراسي: ما هي الأسئلة، وكيف سنحفظ؟..أضف إلى ذلك أن طرائق التدريس لا تزال حتى الآن تقليدية ولم تتحول إلى محاكاة حقيقية للواقع.
الدكتورة قوشحة وفي السياق نفسه قدمت اقتراحات تساعد الطلاب على التمكن من إتقان اللغة الأجنبية، وقد ضمّنتها أسباب الضعف الذي تشهده اللغات الأجنبية التي انقسمت إلى نفسية وفيها نقص الدافعية لدى أي طرف من أطراف العملية التعليمية، الطالب أو المدرس على وجه الخصوص، فالطالب عندما يعي أهمية تعلم اللغة وفوائدها له، ستزيد دافعيته لتعلمها، والمعلم المتمكن الذي يحب المادة ويعرف كيف يدرسها بشكل ملائم، سيحبب الطلاب بالمادة، وسيزيد دافعيتهم نحو تعلمها واتقانها، و قد يكون أيضاً توهم صعوبة تعلم اللغة مما يقف حائلاً بين المتعلم إتقانه اللغة الأجنبية.. وهناك أسباب تعليمية: كضعف إعداد مدرس اللغة الإنكليزية، فيما يخص تمكنه منها علماً ومحادثة ونطقاً صحيحاً، أضف إلى ذلك عدم توفر أو كفاية المخابر اللغوية في المدارس، وعدد الطلبة الكبير في كل صف.. أما السبب التدريبي فيتمثل في ضعف الممارسة والتدريب، وقلة الوقت الذي يخصصه المتعلم لتعلم اللغة الأجنبية من خلال التدريبات العملية.