أهداف التدخُّل العسكري "الإسرائيلي" في الجنوب السوري

أهداف التدخُّل العسكري "الإسرائيلي" في الجنوب السوري

أخبار سورية

الجمعة، ٢٣ سبتمبر ٢٠١٦

بعد سيطرة الجيش السوري على حلب ومحاصرة "النصرة" و"أحرار الشام" والمعارضة المسلحة، وعزلهم عن إدلب، اتّجهت أميركا بالمعركة باتجاه الجنوب السوري في منطقتي درعا والقنيطرة، تحت إشراف غرفة عمليات "الموك" الموجودة في الأردن، وخاضتها كل من "النصرة" و"الجيش السوري الحر" ومجموعات أخرى تحت عنوان "معركة قادسية الجنوب"،ؤبالهجوم على مواقع الجيش السوري من أربع جهات، وهي مثلث الموت كفرناسخ وجبا ومدينة البعث والسرايا شمال القنيطرة،ؤللسيطرة على نقاطهم في القنيطرة المحاذية لخط الفصل مع الجولان المحتل، وللوصول إلى مثلث درعا القنيطرة "الريف الدمشقي"، وقطع طريق درعا، لكن هذه المعركة باءت بالفشل، وتكبّدت المجموعات المسلَّحة خلالها خسائر كبيرة، وتجاوز عدد القتلى المئة، والجرحى الأربعمئة جريح، وتمّ تدمير وإحراق عدد كبير من الآليات والدبابات.

الجيش "الإسرائيلي" شارك في هذه المعركة بشكل مباشر؛ كمجموعة إسناد للمجموعات المسلحة، من خلال قصف المواقع السورية والإغارة عليها بالطيران، فأعلنت القيادة العامة للجيش السوري والقوات المسلحة أن دفاعاته أسقطت طائرة حربية جنوب غرب القنيطرة، وطائرة استطلاع غرب سعسع، لكن "إسرائيل" نفت إسقاط الطائرتين.

هذا المشهد في الجنوب السوري يشير إلى عدة أمور، أبرزها:

1-    المشاركة "الإسرائيلية" المباشرة في المعركة ضد الجيش السوري، على قاعدة إيجاد منطقة آمنة في منطقة القنيطرة، ومحاذية للجولان السوري المحتل، فـ"إسرائيل" لديها مصلحة كبيرة في هذه المنطقة الآمنة كما عبّر وزير الحرب السابق موشيه يعلون، ولا مانع لديها من أن تكون "جبهة النصرة" من ضمن هذه المعارضة المعنية بحماية هذه المنطقة، وفي هذا السياق كشفت مجلة «ميكور ريشون» العبرية عن خطة جديدة تتعلق بإمكان استخدام اللاجئين السوريين لإقامة حزام أمني في جنوب سورية، بصورة معدّلة في الشكل عن صورة الحزام الأمني السابق في جنوب لبنان، لتكون بديلاً عن اتفاقية فك الاشتباك بين سورية و"إسرائيل" الموقَّعة في 31 أيار 1974 بين سورية والعدو بجنيف في "منطقة الفصل" المنزوعة السلاح، والتي تركها الاندوف، وهي الآن تحت سلطة التكفيريين، وقد جاء ذلك بعد التغيير الحاصل في الوضع الميداني السوري على أثر دخول حزب الله على خط المواجهة ضد المجموعات المسلحة المعارضة والتكفيرية الإرهابية، وتمدده باتجاه الجنوب، وخوف "إسرائيل" من تأسيس مقاومة لمواجهتها من الجنوب السوري، ونقل تجربة المقاومة من لبنان إلى سورية، ونجاحها في تهديد أمن "إسرائيل".

2-    الرد العسكري السوري المباشر على طائرات العدو، وإسقاط طائرة حربية وأخرى للاستطلاع، وهذا ما لمتكن تتوقعه "إسرائيل"، هو رسالة سورية واضحة لـ"إسرائيل" وأميركا بأن الاعتداء وخرق السيادة ممنوع.

3-    نجاح الجيش السوري في إفشال الهجمات المقرَّرة على الجنوب السوري، وكذلك نجاحه في السيطرة على الشمال السوري، وفي الوقت نفسه مواجهته لـ"إسرائيل"، وفي ذلك دلالة واضحة على أن الجيش السوري لديه الجهوزية التامة لمواجهة التكفيريين في الداخل، والتصدي لأي اعتداء "إسرائيلي"، ولو تطوّرت الأمور إلى حرب مفتوحة معها، وإن كانت المصادر المطلعة تفيد بأن "إسرائيل" ليس في حساباتها خوض الحرب مع سورية ولبنان في هذه المرحلة.

أمام هذا المشهد والتقدُّم الميداني للجيش السوري في مناطق الشمال والوسط والجنوب، واهتمام كل من روسيا وأميركا لتثبيت وقف إطلاق النار، نجد أن روسيا مهتمة بأن تحصل التسوية، لأنها لم تأتِ إلى سورية من أجل الحرب، بل أتت لاستثمارها وإيقافها، وأميركا تسعى أيضاً للتوصُّل ولو إلى اتفاق اطار، لتوظيفه في انتخابات الرئاسة الأميركية في الثامن من تشرين الثاني من هذا لعام، لكن الجميع يعلم أن الظروف المؤاتية للتسوية لمتحن بعد.

هاني قاسم