الناس في العيد.. استذكار لمن غاب .. وتكافل لعلاج أوجاع الحرب ورسم الابتسامة

الناس في العيد.. استذكار لمن غاب .. وتكافل لعلاج أوجاع الحرب ورسم الابتسامة

أخبار سورية

الثلاثاء، ١٣ سبتمبر ٢٠١٦

على الرغم من أنه جاء مرتدياً وشاح الحزن الذي لم يفارقه منذ ست سنوات، وعلى الرغم من جراح الوطن النازفة يوماً بعد يوم، إلّا أنّه بقي مصرّاً على المجيء وفرش ثوب الفرح على السوريين، ورسم البهجة والبسمة على وجوههم، هو العيد الذي يجد فيه السوريون اليوم الفرصة لزيارة الأقارب والأصدقاء بعيداً عن هموم الحياة التي أثقلتهم وأبعدتهم عن هذه الطقوس، ففي العيد تتجلى أسمى صور التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع والأقارب والأهل ويتبادلون التهاني بحلول هذه المناسبة عليهم، وترتسم البسمة والعفوية على جباه الصغار والكبار والأغنياء والفقراء بعيداً عن أوجاع الحرب القاسية.

زيارة الأضرحة
تتجلى أواصر المحبة والعرفان في صباح اليوم الأول من العيد، عندما يتجّه من فقد أعزاء عليه إلى المقابر للصلاة على أرواحهم، فمنهم الأهل ومنهم الأقرباء ومنهم الأصدقاء ممن خطفهم الموت من حياتنا، وغيّبهم القدر عن وجودهم معنا في الفرح والترح، ليأتي العيد وأجسادهم غائبة، وذكراهم حاضرة في قلوبنا، لا حول ولا قوّة لنا في العيد إلّا بالترحم على أرواحهم، وهذا ما جرت عليه العادة في مجتمعنا، ففي صبيحة أول أيام العيد اعتاد السوريون على شراء أغصان الآس لوضعها على قبور موتاهم أثناء زيارتهم لها كتقليد قديم وجد فيه البعض إحياءً لذكرى موتاهم وإيصال شعور بأنهم يتذكرونهم في كل فرحة، في حين يجد فيه البعض الآخر أنه بداية مباركة للعيد، واليوم وبعد سنوات طويلة من الحرب الآثمة على بلدنا، لا يكاد يخلو منزل إلّا وفقد عزيزاً، وبقيت الأمهات الثكالى وحيدات يتجرعن مرارة الحزن على أفلاذ أكبادهن وعلى من فقدن خلال الحرب من الأهل والأقارب، ليكون العزاء الوحيد لهن في زيارة قبور موتاهم كي تشعر أرواحهم بالراحة.

غسل للنفوس
لا شك أن الأزمة أبعدت الناس عن بعضهم البعض بسبب ازدياد الهموم التي أثقلت كل بيت من بيوت السوريين ليكون المتنفس الوحيد لإعادة أواصر المحبة بينهم هو مناسبات العيد التي تأتي كضيف خفيف يحمل في جعبته الود والألفة والرحمة، فالعيد، برأي الدكتورة هيام ونوس، “علم اجتماع”، هو فرصة يقوم بها الإنسان بمراجعة أعماله وسلوكياته وتجاوزها قدر المستطاع من خلال المبادرة لإنهاء النزاعات العائلية، وهو وسيلة لغسل النفس من الكراهية والأحقاد وفرصة لتنقية النفوس، وحافز لحل الخلافات العائلية من خلال التواصل الاجتماعي تحقيقاً لتوطيد الألفة والمحبة بين الجميع، فالعيد ليس مظاهر مادية تنتهي بانتهاء العيد، بل هو مشاعر إنسانية وسلوكيات صادقة معبرة عن قيم التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع.

صلة الرحم
أبواب الخير والبر في العيد كثيرة لا تعد ولا تحصى فمن أوجه البر والخير في الأيام المباركة الإنفاق على الأهل والأبناء والاقارب ومساعدة المحتاجين والفقراء في هذه الأيام ليشعر الجميع بفرح العيد، برأي الدكتور عبد الرزاق المؤنس، “معاون وزير الأوقاف سابقاً”، واستشهد المؤنس بقوله تعالى” يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون”، ودعا المؤنس الناس إلى زيادة صلة الرحم خلال أيام العيد لتأليف القلوب وزيادة المحبة، وتمتين الروابط الأسرية التي أصابها الكثير من التفكك بسبب وتيرة الحياة، والأزمة التي نمر بها.
ميس بركات