هكذا نساعد الأطفال الفاقدين اختصاصي طب نفسي: منح الطفل الحب والأمان ومسـاعـدته علــى التعبير عن عواطفه

هكذا نساعد الأطفال الفاقدين اختصاصي طب نفسي: منح الطفل الحب والأمان ومسـاعـدته علــى التعبير عن عواطفه

أخبار سورية

الأربعاء، ٧ سبتمبر ٢٠١٦

لم يكن لديها متسع من الوقت لتعيش الحزن على فراق زوجها الذي غادر باكراً كما آلاف الحالات، رحل سمير تاركاً خلفه ثلاث بنات أكبرهن لم تصل عمر العشر سنوات بعد، على الأم رنا أن تجد يومياً طريقة تتمكن فيها من تخفيف نوبة البكاء الهستيرية للابنة الصغرى، وأن تجد إجابات عن أسئلة تعتصر قلب الأم لمدى الألم الذي تعيشه الابنة الكبرى بسبب غياب الأب من حياتهن…
ففي عيد ميلادها قالت سارة لأمها أنها لا تريد سوى أمر واحد سألتها أمها ما هو؟ أجابت أن أسمع صوت أبي على الهاتف. أما مريم فهي تريد أن تعرف كيف يمكنها أن ترى ليلة القدر، لأن المدرسة أخبرتهم أنه في ليلة القدر يستجيب الله لمن يطلب منه، وهي تريد أن تطلب من الله أن يعيد «البابا» إليهم.
هل يمكن للأمهات المفجوعات بفقد الزوج والحبيب العيش مع كل هذا الضغط النفسي وحدهن من دون تقديم الخدمة والمساعدة النفسية كحد أدنى لكيفية التعامل مع حالات كهذه؟

اختصاصي الطب النفسي د. تيسير حسون يتحدث عن كيفية مساعدة الأطفال الفاقدين، فالبالغون يشعرون بالقلق حيال كيفية مساعدتهم لطفل يعاني من حالة فقد عميق، وهنا لا بد من عرض بعض المرشدات الهامة التي يمكن أخذها بالحسبان: كضرورة إخبار الطفل مباشرة عند موت شخص في عائلته، لكي لا يسمع ذلك من مصدر آخر، وعند قيامنا بذلك علينا أن نستخدم صوتنا بشكل طبيعي لا همساً مكبوتاً، فالهمس قد يسبب للطفل شعوراً بالشبحية.
ينبغي أن يتولى ذلك شخص مقرب من الطفل، ضمن بيئة مألوفة تمنحه الأمان، وأن يقدم له تفسيراً صريحا قدر الإمكان ضمن حدود فهمه، وأن نتجنب لطف التعبير كالقول (إنه نائم …) فالأطفال الصغار يفهمون الأشياء حرفياً.
يضيف د. حسون: علينا أن ندرك أن الأسئلة المتكررة، عند إخبار الطفل أو بعد أسابيع أو أشهر من ذلك، ليست من أجل معلومات حقيقية عن الموت، بمقدار ما هي أسئلة لإعادة التأكيد أن الرواية لم تتغير.
وعن كيفية التعامل مع حزن الطفل يضيف د. حسون: علينا أن نتوقع أن يشعر الطفل بالحزن أو حتى مشاعر غريبة أو مختلفة لفترة من الزمن، فيجب أن نخبره عن مسائل الجنازة و الأسى بشكل عام، وينبغي السماح للطفل بحضور الجنازة إذا أراد ذلك، لكن من دون إجباره، كما علينا عدم إجباره على القيام بأشياء مثل تقبيل وجه الميت… ومن أساليب التخفيف عنه  منحه الحب والأمان والتأكيد له أنه جزء من الأسرة، وأننا سنعبر الأمر معاً، وأن نبحث عن طرق لمساعدته على التعبير عن عواطفه لفظياً وبشكل غير لفظي من خلال الفن واللعب.
ويرى د. حسون أن هذا لا ينطبق على كل الأطفال،  فلكل طفل ردة فعل تختلف عن ردة فعل  طفل آخر، فقد لا يكون الطفل قادراً على تذكر فقيده العزيز عند غيابه، هنا الصور تساعده وهذا أمر هام جداً، وقد يعبر الطفل عن مشاعر تخص ليس فقط الموت الحقيقي بحد ذاته، بل أيضا التغيرات في أفراد الأسرة بعد الموت، إن إعادة قص الذكريات الجيدة أمر هام جدا.
قد ينشأ لدينا مخاوف عما إذا كان حداد الطفل يتطور بشكل طبيعي، وما إذا كان الطفل يحتاج إلى مساعدة اختصاصية، وهنا بعض العلامات التي ينبغي البحث عنها:طلب الطفل بشكل متكرر مساعدته في أمور كان قادراً على القيام بها سابقا، كالبكاء الزائد، تراجع الأداء لديه وعدم عودته ثانيةً، ظهــوره منشغلاً وقلقـــاً وعصبيــــاً، حدوث مخاوف غير منطقية لديه، عدم قدرته على التركيز في وظائفه المدرسية، تركز لعبه على تحطيم الأسرة والعودة إلى الوضع السابق، وعلى المرض والموت، والضرب، وفقد الاهتمام باللعب، ولا يعود يبدو كطفل، ينعزل، ينقص تقديره لذاته، وثقته بنفسه، مشاكل في النوم وتبليل الفراش.
في الخلاصة يختم د. حسون أنه لدى الطفل الذي يتعامل مع الفقد العديد من المشاعر والاحتياجات التي لدينا، ولكن لأن موارد الطفل وقدراته أقل في التكيف مع مشاعره، فإن علينا كبالغين أن نساعده فيها.